"شكرا" أكاديمية
في فترات مضت، لم يكن الشعر المحكي مستساغا كأدب لدى الكثير ممن ينتمون إلى شرائح المجتمع الخليجي "النخبوية"، وكان "محاكيكم" أيام الدراسة الجامعية يكتب ويتناول ويتحدث عن الشعر خفية، خوفا من وصول "خبر" إلى أساتذته، الذين لا يتورعون بين "المحاضرة" والأخرى من الإفصاح عن كرههم للشعر "العامي" وخطورته على اللغة الأم!
طبعا لم يكن هذا هو السبب الوحيد لمقت الأدب العامي من قبل بعض الأكاديميين، إلا أن ذلك كان كافيا لي ولغيري من محبي هذا الأدب وممارسيه، لنكتفي "بأضعف الإيمان" ونعترض على أقوالهم بقلوبنا فقط! فالشعر كما أراه "وسيلة تواصل"، هناك من يحب أن يتواصل مع الآخرين باللغة الإنجليزية، وآخرون يحبذون التواصل باللغة العربية الفصحى، وأنا "حر" وأريد أن أتواصل بلهجتي المحكية... هل في هذا تخلف؟
اليوم تغير الحال، وأصبح الفضاء رحبا للشعر والشعراء بدعم من الأكاديميين أنفسهم، وهذا الدكتور صالح الشادي يحاضر في جامعة الملك سعود لطلاب قسم علم النفس، بدعوة من الجامعة نفسها، ليتحدث عن علاقة الشعر بالماورائيات، وهذا الدكتور سعد الصويان الأكاديمي الآخر يدعم الشبان بحضوره لأمسياتهم، ويثريها بمداخلاته الراقية لنتعلم بـ"بلاش"، وهذا الدكتور سلطان العويضة يشارك ككاتب ثابت في صفحة تُعنى بالأدب المحكي ليقدم طروحاته النفسية عن ما وراء الشعر، ويقدم نوعا جديدا من الفكر المتآلف مع الآخرين.
لم يكن الجيل السابق ممن يتعاطون هذا النوع من الشعر محظوظا مثلنا، رغم أنهم أكثر فرحا بما يحصل لمسيرة الشعر بوجود هذا الدعم الكبير من أساتذة لهم ثقلهم الأكاديمي في المملكة، فشكرا "كبيرة" محملة بالامتنان لهؤلاء، وشكرا أكبر لمن لم يحتكر الوعي على نوع "وسيلة التواصل".