وزارة الثقافة والإعلام تبدأ مرحلة جديدة لتفعيل شعبية الشعر المحكي
البداية الناجحة التي حظي بها ملتقى الشعراء الشباب في نسخته الثانية جعلت الجميع يعبرون عن سعادتهم بهذه الخطوة المهمة في اتجاه تعميق الشعر المحكي وربطه بالمشهد الثقافي المحلي، حيث بدأ تحت رعاية مباشرة من وزارة الثقافة والإعلام ووكالة الوزارة للشؤون الثقافية فيما يمكن اعتباره بداية مرحلة جديدة في دعم حركة الشعر المحكي وتقديمه كفعالية أدبية جديرة بالاهتمام، وقد شهدت الأمسيات حضورا جماهيريا وإعلاميا يعكس ما حققه الملتقى من نجاح استأثر بقلوب الناس وقبولهم.
سعادة غامرة وانتشاء بنكهة الشعر الجميل وأسئلة كثيرة كانت تطرح نفسها بحجم الحدث وتميزه، فبداية كهذه جديرة بأن تستمر وتزداد تألقاً، ونجاح كهذا أولى بأن تتبعه نجاحات أخرى فالانطلاقة مشجعة وتعد بالجديد في ظل وجود المواهب وتوفر الدعم الرسمي، ومن هنا يمكن لهذا الملتقى أن يتطور ما أمكنه ذلك.
الدكتور عبد العزيز السبيل وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية أبدى ارتياحه لنجاح هذا الملتقى من خلال الأمسية الأولى وتوقع المزيد من التألق له في الفترة المقبلة، حيث قال: "سعدنا خلال فترة زمنية جميلة جداً، بصور شعرية مبدعة وأسلوب شعري متميز من حيث الإبداع أو الحضور، وأشعر أن هناك أيضا مستوى عالٍ من التذوق ألمسه من خلال التعبير عن هذه الصور الشعرية المتميزة التي أبدعها هؤلاء الشعراء، وأجزم أننا سنستمتع خلال هذا الملتقى بمزيد من العطاء الشعري الجميل"
وعندما سألناه عن نظرته لحضور الشعر المحكي في ذاكرة الثقافة ومشهدها الحالي أجاب السبيل "الشعر المحكي موجود أصلا ويجب أن يكون موجوداً دائماً، مثله مثل الفصيح أو الفنون المحكية أو المسرح وله حضوره في المشهد الأدبي فهو يظل منتجاً ثقافيا وإبداعياً يجب أن تتم رعايته ودعمه". وحول الفعاليات المتواصلة التي تقيمها وكالة الوزارة في الفترة الحالية وما سيتبعها أكد السبيل أنهم معنيون بالعمل أكثر من تقديم الوعود بما سيتم لاحقاً وختم قائلا "نحن نقدم ولا نعد، و سيكون القادم أجمل إن شاء الله".
الشاعر الأستاذ فهد عافت من جانبه عبر عن سعادته برعاية هذا الملتقى ، وإعجابه بالشعراء المشاركين وقال: "ما رأيناه كان شيئاً مفرحاً جاء ليتوافق ويتناسب مع الأمطار والحالة الثقافية التي تعيشها المملكة حاليا ، كان الملتقى أكثر من رائع من حيث الترتيب والتهيئة ، كان اللطف غامراً من المسؤولين والمنظمين ، أبدع الشعراء بشكل واضح وكان كل واحد منهم يسبح بنا في جو خاص وكأنها سبحة من الغيم يتجاذبون خيوطها واحداً تلو الآخر، لم نشعر بالملل أبدا بل استمتعنا بالوقت وقد أضفت تداخلات الدكتور الصويان وحضور سعادة الوكيل الدكتور عبد العزيز السبيل طعماً ورونقاً خاصاً لهذا الملتقى".
وفي تعليقه على ما تردد في الأمسية حول نجاح الشعر المحكي في تقديم الحداثة قال عافت: "الحداثة مسألة ملتبسة كمصطلح سواء في الشعر المحكي أو الفصيح ويمكنني القول إنها ملتبسة بالنسبة لي على الأقل إن لم يكن ذلك على الجميع ، ما يمكنني قوله هو إن ما سمعناه كان شعراً جديداً وليس حديثاً ، لكي نخرج من المصطلح الذي جاءنا من الغرب وفيه بعض التشويه ، هذا الملتقى قدم لنا نماذج شعرية جيدة ومتميزة ، ونطمح إلى تفعيل الحركة الثقافية بشكل مستمر بحيث تصبح أرضاً خصبة لهذه المواهب وتدعمها بالشكل المطلوب"
وقد أبدى الشاعر الكبير فهد عافت حماسه وثقته بنجاح فكرة هذا الملتقى وإمكانية تطويرها لتكون عملاً ثقافياً متواصلاً وختم بقوله "كلنا نحلم بذلك، ولم يعد تحقيق الأحلام مستبعداً في هذه الأيام".
من جانبه تحدث مدير عام إدارة التراث والفنون المحكية والمشرف العام الأستاذ عبد الله الجار الله وتناول فكرة الملتقى وآفاقه المستقبلية، وقال: "نسعى إلى أن يستمر هذا الملتقى ونعمل على تطويره أكثر، ولكن يجب أن تكون البدايات متأنية، وعلى ضوء التجربة يمكن اتخاذ قرارات تتعلق بتوسعة المجال من حيث عدد المشاركين أو مد الفترة التي يقام فيها، هناك أكثر من اقتراح بأن يكون برنامجاً يقام على فترات خلال السنة، وهذا سيدرس من الوكالة ويخضع للبحث".
وفي رأيه عن الأمسية الأولى قال الجار الله: أعرف الشعراء المشاركين من خلال قراءتي لهم عبر الإنترنت ومجلات الشعر المحكي، ولكن عندما سمعتهم تفاعلت معهم أكثر فالوضع يختلف عن القراءة، وكما قلت في كلمتي إنهم شعراء حقيقيون وليسوا مواهب فقط وجميعنا استمتع بما قدموا من شعر جميل ومفردات وخيال وطرح جديد وهذا هو المطلوب"، ورفض الجار الله التمييز بين الشعر الفصيح والمحكي معتبراً أنهما لا يختلفان عن بعضهما فجيدهما جيد ورديؤهما رديء – كما قال- مؤكدا أن الشعر يبقى شعراً في النهاية مهما تعددت الأساليب في قوله أو اختلفت الآراء حوله، وأكد أنه يبحث عن الجمال حيثما كان، وختم بقوله "أعطني شعراً جميلاً، ولا تقل لي لمن".
الأمسية الأولى
كانت ليلة الإثنين الماضي ليلة مميزة للشعر المحكي، إذ تم افتتاح أولى أمسيات ملتقى الشعراء الشباب الثاني، والتي كانت بمشاركة الشعراء حيدر الجنيد، ياسر الكنعان، ماجد العثمان، وأدارها سامي الجارالله.
وكأنما أراد فرسان الأمسية أن يكونوا على طبيعتهم فكانوا شعراء حقيقيين، كان لكل منهم نسق خاص في إبحاره الشعري رغم الانسجام الكبير الذي بدا بينهم، بالسهولة نفسها التي كانت يتناقلون بها دفة القصائد تباعاً، وكان من الصعب على ذائقة الجمهور أن تلمس تشابها فيما بينهم، أو تطرح أسئلة مشروعة على نحو "من كان الأفضل؟"
الأمسية الثانية
ليلة الثلاثاء، ثاني ليالي الملتقى الحافلة بالشعر، بمشاركة الشعراء عبد الله مدعج، عيضة السفياني، وعادل عسيري، وأدارها الإعلامي علي الخضير.
كان الجمهور في نشوة شعرية متواصلة نجح الشعراء في إثرائها بكلماتهم وحضورهم المتميز. فالشاعر عبد الله مدعج نجح من منبر هدوئه في نثر عواصف من القصائد التي ترحل به فيرحل بها إلى حيث مشاعر الناس وقلوبهم، أما عيضة السفياني فهام في وادي وج ليعود بقصائد تحاكي الطائف سحراً وجمالاً، تجربة شعرية ناضجة تملك مفاتيح الأفكار، كشفت عن ملامح إبداعية لشاعر حجازي حقيقي. أما الشاعر الثالث عادل عسيري فتألق بقصائد مختلفة في كل شيء، حكايات ومشاعر جاءت بأسلوب لا يشبه أحدا، شعر درامي لا يعرف حدودا للتصورات.
الأمسية الثالثة
شارك فيها الشعراء محمد علي العمري، طلال بجاد، عبد العزيز الودعاني، وأدارها الشاعر عبد الله الملحم.
محمد علي العمري، المزارع الذي حصد مع سنينه أجود المعاني ، الشاعر الذي يغني للحدائق وللشوارع وبيوت الطين ، كان مبدعاً وهو يفتح للأذهان عوالم من التخيلات، أما عبد العزيز الودعاني فقال بمنتهى الثقة، واستطاع أن يفرض شاعرية راقية، بين البحر والحبر والسهل الذي تخيله، وكان شاعرنا عميقا وسهلاً ممتنعاً وهو يعبر بنا على قوارب المعاني من أقصى الريح إلى أقصاها، فيما أطل طلال بجاد من شرفة شاعرية عبر النظرات التي عاش منها وفيها، عبر شعر راق وجميل.
الأمسية الرابعة
فرسان الأمسية الرابعة هم عاطف الحربي، هاني الفرحان، وخليل الشهري، وأدارها فيصل بن محفوظ المالكي. تفنن فيها الشعراء الثلاثة بتقديم ما لذ وطاب من معان وأغراض ومفردات، وأوعزوا إلى جمهور "المحكي" أن هذا الشعر ظلم كثيرا في المشهد الثقافي الخليجي، بسبب أن مثل هذا الوعي الشعري الذي يملكه هؤلاء لم يظهر.
أما الأمسية الخامسة والأخيرة فموعد محبي الشعر المحكي معها الليلة في مركز الملك فهد الثقافي، بمشاركة الشعراء زايد الرويس، خلف الكريع، وبركات الشمري، وسيديرها الشاعر عارف سرور.