كيف نترجم مستقبل الاستثمار المشرق إلى واقع؟

[email protected]

تأكيد الملك عبد الله خلال احتفال أهالي منطقة عسير الأسبوع الماضي ضرورة التطلع إلى المستقبل المشرق وعدم التوقف عند مرحلة دون أخرى يحمل دلالات كبيرة. فالمتوقع أن تبلغ الإيرادات في ميزانية المملكة هذا العام 700 مليار ريال مقارنة بـ 500 مليار ريال العام الماضي، مما يعني ارتفاعا كبيرا في فائض الميزانية وعدم تأثرها بانخفاض أسعار النفط. إلا أن المستقبل المشرق بالنسبة إلى وضع مناخ الاستثمار في المملكة لن يتحقق دون تعاون كل الجهات المعنية, الحكومية والقطاع الخاص. النمو المتصاعد في الميزانية وإيجابية المؤشرات الاقتصادية لا يعنيات بالضرورة أننا قضينا على عوائق فرص التنمية والاستثمار في المملكة.
المستقبل المشرق للاستثمار يتطلب خفض أجور الأراضي الاستثمارية وتسهيل إجراءات توصيل المرافق والخدمات الضرورية وتوفير البنية الأساسية للمشاريع الاستثمارية بجودة عالية لا تفسدها مياه الأمطار أو المحسوبية. المستثمر الأجنبي لن يأتي إلى ديرتنا إلا إذا تم تعجيل إجراءات منح التراخيص وتوفير الأراضي المطورة في مدن المناطق الرئيسية والبعيدة وتبني المزيد من الإصلاحات لتهيئة المناخ الملائم للتدفقات الاستثمارية. كذلك لا بد من إعادة توطين رؤوس الأموال الوطنية المهاجرة لتشجيع ودعم المشاريع الناشئة وتحسين مناخ الاستثمار. لا يزال اقتصادنا يعاني من بطء عملية التخصيص، وكبر حجم الوزارات الحكومية، والفساد الإداري، وضعف دور المرأة في التنمية.
المستقبل المشرق هو تعزيز القدرات التنافسية لمنتجات الصناعة السعودية ليس فقط للمحافظة على حصص الأسواق المحلية والخارجية بل لتعزيزها وتطويرها إضافة إلى تحقيق الربحية. ولكن لا بد من رفع معدلات وجودة الإنتاجية لبناء قاعدة تقنية صناعية صلبة والنفاذ إلى أسواق جديدة. لكل جهة مطالبات معينة، فرجال الأعمال يطالبون بدعم منشآت القطاع الصناعي ومنحها فترات إعفاء جمركي أطول وإنشاء مناطق حرة، والمستثمرون الأجانب يحلمون بالحصول على تأشيرات دخول السعودية عبر سفاراتنا مباشرة. إذا أردنا فعلاً تطوير الاستثمار فلا بد من بناء ركائز المستقبل الصناعي بكل أمانة ومصداقية والتعاون مع المؤسسات الصناعية والجامعات ومراكز البحث العلمي والغرف التجارية.
المستقبل المشرق يعني تطبيق الأنظمة التجارية بكل شفافية ومرونة ومراجعة وتطوير نظم الاستثمار بصفة مستمرة، وخاصة الإجراءات المطولة للحصول على التراخيص وتأخر صرف المستحقات لدى الجهات الحكومية. لقد أحسنت الهيئة العامة للاستثمار بإنشاء مكاتب خاصة للهيئة في عدد من سفارات السعودية في الخارج تختص بإنهاء معاملات رجال الأعمال وتقديم التسهيلات والمعلومات للمستثمرين الأجانب من خلال مشاركة مستثمرين سعوديين أو من خلال إقامة مشاريع خاصة بهم. ولكن هذا لا يكفي، نريد تطوير إجراءات البيئة القضائية ودعم أجهزة القضاء وفض المنازعات، ومتابعة إنشاء المحاكم التجارية، وتحديد جهة واحدة مختصة لمعالجة التعدد في أجهزة السلطة القضائية لكي يشعر المستثمر بالاطمئنان والأمان وأن حقه مصان.
إن سلسلة المشاريع الاستثمارية العملاقة التي تقدر قيمتها بما يقارب التريليون دولار خلال السنوات الـ 15 المقبلة قد تمثل فرصة أخيرة للحفاظ على وتيرة النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل وخلق فرص وظيفية. إلا أن المستقبل المشرق يعني العمل بجد ونشاط على تطوير البيئة الاستثمارية وتخطي التحديات والاستفادة من الموارد الحالية في خلق قاعدة إنتاجية متنوعة ومتطورة. إن تحقيق هدف الازدهار الاقتصادي يتطلب اتخاذ إجراءات جادة لتحسين المناخ الاستثماري وإزالة العقبات التي تواجه المستثمرين. لتحقيق حلم أبي متعب، لا يمكننا الاعتماد على النفط فقط – وقطعاً لا يجب الاعتماد على السوق المالية - بل يجب التحرك لإيجاد مصادر اقتصادية بديلة، واستثمار فرص التنمية الشاملة من أجل ذلك المستقبل المشرق.

اقت...صاد أسهم
في الوقت الذي خسرت فيه الأسهم في الأيام القليلة الماضية نحو 200 مليار ريال من قيمتها الاسمية، تؤكد هيئة السوق المالية أنه لا توجد مبررات جوهرية للانخفاض في أسعار الأسهم. يذكرني هذا التصريح الشهم بتصريح آخر شجاع لمؤسسة النقد أثناء تدهور السوق في شباط (فبراير) الماضي بما معناه أنه على الرغم من انهيار السوق فإن أوضاع البنوك السعودية بخير. طبعاً مصلحة المواطن المتداول لم تُذكر من قريب أو من بعيد في أي من هذين التصريحين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي