فيروز تسرق الوالي في بيروت وتساعد الشعب!
كسر كل من فيروز وزياد الرحباني النحس الذي رافق مسرحية "صح النوم" على مدى 36 عاما، بعدما واجهت في أول عرض لها في 1970 تأجيلا بسبب رحيل الزعيم جمال عبد الناصر، ثم تأجلت بعد إعلان إعادة عرضها هذا العام بسبب الحرب الأخيرة على لبنان، لتعرض في أول ديسمبر الجاري في ظل توتر واضح في الشارع اللبناني، لكن إصرار زياد الرحباني على العرض دفعه للتصريح قائلا: سنعرض المسرحية حتى لو حصل إنزال إسرائيلي!
ورغم الظروف التي يعيشها لبنان، توافد اللبنانيون إلى مسرح "بيال" وسط بيروت واختلط الجمهور بمختلف طوائفهم وطبقاتهم وأعمارهم يوحّدهم حب"فيروز"سفيرتهم إلى النجوم، منهم من جاء لاستعادة ألق الفن الرحباني، ومنهم من جاء ليرى فيروز للمرة الأولى، ولم يتوقف الجمهور عند تفاصيل العرض الذي يُقدم في صيغة جديدة أشرف عليها زياد الرحباني فقط، بل كانوا يصفقون بحرارة للمطربة ولـ "الوالي" أنطوان كرباج عندما يطلق بعض "القفشات" و"الشعارات"، التي تحمل إسقاطات سياسية تميزت بها الأعمال الرحبانية.
أطلّت فيروز سامقة كعادتها في شخصية "قرنفل" فتاة تقود "ثورة" عفوية ضد أنانية الوالي ومستشاره ولا مبالاتهما بهموم الناس، فالوالي ينام شهرا كاملا ويستيقظ يوماً واحداً يوقع خلاله ثلاث معاملات فقط.
في المسرحية تغني "قرنفل" كي ينام، وتسرق الختم وتوقّّع معاملات الناس ما عدا معاملة "الاسكافي" الذي لم يصلح لها حذاءها، ثم ترمي "الختم" في البئر، وعندما تعترف بما فعلت ينزلها الناس إلى البئر لتعيد الختم إلى الوالي الذي يهبها إياه لتقوم محلّه بمهمة توقيع المعاملات.
القصة التي تتأرجح بين الواقع والخيال، تحوي الحوارات الملحنة والحية وجملاً بديعة هي أقرب إلى القصائد والحكم. ووحده النص الرحباني بموسيقاه وحواراته الشعرية قد يكون قادرا على إرضاء رغبة الجمهور ونقله إلى عالم ملتبس بين الحلم والنوم واليقظة والسحر.
أما المقدمتان الموسيقيتان للمسرحية فقد جسدتا روح زياد الرحباني في التوزيع والشفافية، وبدتا مختلفتين عن الصيغة السابقة، أما أغنية "البير" فأحاطها زياد بجو موسيقي ساحر، مضيفا إلى جماليتها الكثير من الرقة والعذوبة والعمق، العمق الوجداني، وعرف كيف يتعامل مع صوت فيروز الجديد أو "الراهن" الذي يختلف عن صوتها الفتي قبل 36 سنة.