الاقتصادية تدخل عالم المطوفات وتلتقي بنات أشهر بيوت الطوافة في مكة

الاقتصادية تدخل عالم المطوفات وتلتقي بنات أشهر بيوت الطوافة في مكة

تشكل مهنة الطوافة واحدة من المهن الشريفة لخدمة الحجاج، وقد عرفت مكة المكرمة الطوافة للرجال منذ قديم الزمن، إلا أنه مع اتساع دائرة العمل في الحج وكثرة الحجاج وزيادة النساء الحاجات بين الرجال، وانتشار الوعي الديني، وسعي الحكومة السعودية لتثقيف وتوعية الحاجات، أدركت أهمية مشاركة المرأة في توعية الحاجيات بأمورهن الدينية والشخصية التي من شأنها أن تساعد في استكمال نسكها بكل يسر وسهولة.
وتضم مكة المكرمة 793 مطوفة حيث تتولى المطوفة استقبال نسوة الحجيج واستضافتهن خلال أيام الحج، ويعملن على توعيتهن وإرشادهن للواجبات والفرائض والنسك المتعلقة بالحج، ولا سيما تلك التي تخص المرأة، وتفقد أحوالهن والوقوف على صحة ومتابعة أحوالهن وعلاجهن داخل المستشفيات. ومرافقتهن في جولاتهن الدائمة داخل المشعر الحرام والأماكن والأسواق.
الزميلة عائشة خان زارت عددا من المطوفات في مكة المكرمة، وكانت البداية مع المطوفة لطيفة حسن جمل الليل رئيسة اللجنة النسائية في مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا:
* كيف كانت بدايتكم مع هذا العمل؟
- بدأت العمل في هذه المهنة منذ نعومة أظفاري، فقد تربيت في بيت يحترم الحاج ويجله، حيث كان والدي قديما يسافر إلى دول جنوب آسيا، ولذلك تعرف على أبناء تلك البلاد وأنشأ مكاتب له هناك، بهدف التعرف على أبناء تلك البلاد والاحتكاك بهم عن قرب، وكان يترتب على تلك المعرفة والثقة والود والصداقة وأحياناً المصاهرة.
لذا كان الحاج فور وصوله إلى البلاد المقدسة يتجه مباشرة إلى مكاتب استقبال الحجيج ويطلبون من الوكيل (الموظف المختص) المطوف الذي قد عرفوه في بلادهم، أما أعدادهم فقد كانت تتفاوت بين القلة والكثرة، بناء على اجتهاد المطوف وسفره وعدد مكاتبه المقامة في تلك الدول، وكلما كانت معاملة المطوف وأهل بيته جيدة، ذاع صيته بين الحجيج وكان مقصد حجاج آخرين في السنوات المقبلة.
*ما مراسم استقبال الحاج آنذاك؟
- كان المطوف يستقبل الحجيج ويحضرهم إلى بيته (الذي تم تهيئته للسكن، حيث يتجه أهل البيت للأدوار العلوية للمنزل المبيت، ليتم سكن الحجيج بالأسفل)، فيجلس هو وأبناؤه معهم، ليقدم لهم حق الضيافة من ماء وطعام.
وكان الطعام عادة يعد من قبل زوجة المطوف وبناته، أما إذا كبر عدد الحجاج فكان يتم إعداد الطعام من قبل طباخين يتم التنسيق معهم عن طريق المطوف، وقد تتعلم زوجة المطوف أصناف الطعام المرغوبة لدى الحجيج الخاصة ببلدانهم زيادة في إكرامهم.
أما الشعائر الدينية فقد كان المطوف يتجه هو وزوجته وأبناؤه وبناته إلى بيت الله الحرام للبدء في شعائرهم الدينية، لتقوم النسوة بمساعدة الحاجات، وتلقينهن الأدعية والأذكار وتوجيههن لأداء الشعائر، وملازمتهن إلى نهاية مناسكهن والعودة إلى الديار.
أما الآن فقد أصبحت ابنة الأمس هي من يتولى مهام العمل للحاجات النسوة، معتمدة على ما اكتنزته في ذاكرتها من خبرة ودراية خلال سنوات الصبا، وإن لم تستطع مواصلة العمل كالسابق، فهي تعمل على تعيين وكيل لها (يكون من الطائفة نفسها) من زوج أو أخ أو ابن يقوم بعملها.

* من هي المطوفة؟
- المطوفة هي السيدة التي زاولت مهمة خدمة حجاج بيت الله الحرام، خلال شهر الحج من كل عام، ولا يقتصر أداؤها على الأعمال البسيطة كالمأكل والمشرب، بل يتعداها للإشراف على المساكن للاطمئنان على أحوال الحاجات الصحية والنفسية، ومرافقتهن إلى الأسواق لقضاء حاجاتهن، وتأمين ما يحتجن إليه.

* من تحصل على شرف هذه المهنة المشرفة؟ وهل هناك أساسيات لها؟
- عادة تحصل على شرف هذه المهنة بنات المطوفين أو المطوفات أو الاثنين معاً. أما الدور الأساسي للمطوفة فهو خدمة حجاج بيت الله الحرام، وهو الشيء الأساسي في عملنا، وقد تشربناه من والدينا الذين كان لهم اليد الطولى في تعليمنا كيفية مزاولته.

*هل لهن رابطة أو هيئة يتم الرجوع إليها ؟
- نحن مرتبطون بالقسم الرجالي، الذي يمد لنا يد العون دائما لكل ما نحتاج إليه من التوجيه والإرشاد، وأخص هنا بالذكر عدنان بن محمد أمين كاتب رئيس مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا.

* هل هناك اجتماعات بين المطوفات، وما يترتب عليها إن وجدت؟
- نعم هناك اجتماعات دورية بين فريق العمل، ويتكون عادة من "مشرفات، مترجمات، ورئيسة الفرق"، ويترتب على ذلك بحث سبل العمل، وإمكانية تطور الأداء في القسم.

* ما الصعوبات التي تواجهكن في العمل؟ وكيف تقيمون الأداء؟
- من أهم الصعوبات التي تواجهنا اللغة، فالمرتادات لنا يتحدثن العديد من اللغات كالهندية والأوردية والإنجليزية، وقد استطعنا بفضل من الله التغلب على هذه المشكلة بإتقان العديد من مطوفاتنا في المؤسسة هذه اللغات، إما عن طريق الاحتكاك المباشر مع الحاجات على مر الأعوام، وإما عن طريق التعليم الأكاديمي، ولا سيما أن أكثرهن سيدات عاملات إما في مجال الطب وإما التدريس أو غير ذلك.
كما نواجه صعوبة في الاختلاط، وعادة يكون بين الحجيج والحاجات، مما يؤدي إلى صعوبة تأمين الخدمة الأفضل لحاجات بيت الله، وخدمتهن بطريقة أسلم وأفضل، إضافة إلى الجهل بالأمور الدينية، إذ يرد إلينا من الحاجات اللائي يجهلن تماما الأمور المتعلقة بزيارة المشعر الحرام وما يُرغب وما يُمنع عمله في الحج، مما يسبب عائقا كبيرا في عملنا، لنعمل جاهدين للتأكيد على الجوانب الدينية لهن.
هناك صعوبات تواجهنا أيضا في الظروف الصحية التي يعانيها الحجاج عامة والحاجات خاصة، بتعرضهن إلى بعض الأمراض خلال مواسم الحج، ولعل الأمر يرجع في ذلك إلى ازدحام المشاعر وضعف بنية السيدة، الأمر الذي يستوجب المتابعة الدائمة للحالة الصحية للحاجات. كذلك الجهل بالدور الحيوي للمطوفة، وهو أمر لا شك أنه يتعارض مع تسهيل عملها ودعمها، لذا فنحن نتمنى أن تكون هناك تسهيلات كبيرة للعاملات في مجال الطوافة.

* ما طبيعة عمل المطوفة في المؤسسة؟
- في السابق كان لنا العديد من التجارب النامية، أما الآن وبمرور الوقت أصبحنا أكثر خبرة ودراية بمتطلبات الحاجيات، وتوفير الدعم والمساندة لهن، لقضاء شعائرهن الدينية بكل يسر وسهولة. ولعل ذلك ليس بالأمر اليسير، فالتفاهم والتحاور مع شرائح مختلفة من الحاجات اللائي يتفاوتن في التفكير والتعليم والتعبير ليس بالأمر السهل، لذا أخذنا على عاتقنا مهمة التطوير في طرق التواصل والتجاذب معهن، من خلال فتح قنوات اتصال دائمة معهن عن طريق إقامة المحاضرات الدينية، إقامة اللقاءات الحوارية، تقديم الهدايا التذكارية، وذلك لمد جسور من التواصل بين المطوفات والحاجات، ووضع الخطط والبرامج المدروسة وآلية تفعيلها.
وعادة ما يتكون فريق العمل للمطوفات من فريق عمل متكامل يعمل على الاهتمام بجوانب مختلفة، مثل الاهتمام بالجانب الصحي، إذ نعمل في اللجنة النسائية في مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا على تفعيل دور المرأة في المجال الصحي، وهو أهم الجوانب في عملها، ونعمل فيه جاهدين على تفقد أحوال الحاجات والاطمئنان على صحتهن، مع العمل على الإشراف الدائم والمتابعة لهن في حال حدوث أي مكروه لهن لا سمح الله، وذلك بإقامة فرق عمل منظمة تعمل على مدار اليوم، ويتم تقسيم تلك الفرق إلى أربع مجموعات وترأس كل مجموعة مشرفة، ويقمن بزيارة المستشفيات الصحية الموجودة في المشاعر المقدسة البالغ عددها ستة مستشفيات، التي يمكن أن توجد فيهن الحاجات عادة.
وفي حال حدوث أي مكروه لهن فلا خوف على الحاجة، لأنها في حال متابعة دائمة من المطوفة، وتفقد مستمر لشؤونها، بهدف الوقوف على أوضاعهن الصحية، والاطمئنان على صحتهن، وإطلاع المؤسسة على أحوال حجاجها، بإرسال تقارير مفصلة عن حالة المريضة، وعدم شعور حاجات بيت الله الحرام، بأنهن وحيدات في هذا البلد المعطاء.
إلى جانب ذلك يتم الاهتمام بالجانب التثقيفي، وهو أمر لا بد منه، فالوافدون لأداء المناسك تختلف درجة وعيهم لأمور الدين ومناسك الحج، لذا كان واجبا علينا أن نقيم الأمسيات واللقاءات الدينية التي تشرح طرق أداء المناسك وأحكامها، وما يجوز فيها وما يمنع.
أما الجانب التوعوي فإننا نعمل دائما على خلق جو من التفكير والإبداع في بيئة العمل، وذلك بتثقيف كوادرنا من المطوفات للإلمام بشؤون الحاجات، مع العمل على التأكيد على الجانب الديني الروحاني لهذه المهنة الشريفة، بإقامة سلسلة من المحاضرات التوعوية للمطوفات، ولعل محاضرة الدكتورة آمنة القثامي التي أقيمت الإثنين 11/12/2006م، بهدف استشعار الواجب الديني والعملي لهذه المهنة لخير مثال على ذلك.

* كم عدد فريق العمل النسائي في مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا؟
- يبلغ عدد فريق العمل النسائي لدينا 40 سيدة، ما بين مطوفة أو بنت مطوف أو بنت مطوفة. وعند انتهاء كل موسم يتم الاحتفاء بالمتميزين في العمل من المطوفات في المؤسسة والمتعاونات معها.

* المطوفة الأخرى التي التقيناها سعاد سالم، وهي عضوة في مؤسسة مطوفي حجاج جنوب شرق آسيا.. بادرناها بالسؤال عن المؤهلات التي تتطلبها هذه المهنة، أم أن الخبرة هي الأساس في العمل؟
- يتطلب العمل في هذا المجال الصبر والاجتهاد والعمل الدؤوب، مع الأخذ بمقومات العلم الحديث، وضرورة الانتفاع من التقدم العلمي الجديد والاستفادة من تقنيات العلم الحديث كعلوم الحاسب الآلي لتيسير أداء العمل وسرعته.

* هل لهن رابطة أو هيئة يتم الرجوع إليها؟
- نعم عادة تكن لنا مرجعية نرجع إليها في حال طلبنا يد العون والمساندة، وهي المؤسسة العامة لمطوفي حجاج جنوب شرق آسيا، الذين لا يألون جهداً في تقديم النصح والمشورة لنا.

* هل هناك لقاءات بين المطوفات، وما يترتب على تلك اللقاءات؟
- نعم هناك اجتماعات دائمة بين فريق العمل لدينا في مؤسسة مطوفي حجاج جنوب شرق آسيا، بغية الوقوف على آخر الاستعدادات اللازمة لاستقبال حاجاتنا. مع العمل على عرض المشاكل والسلبيات التي واجهتنا في بيئة العمل التي أثرت سلباً علينا. أما بالنسبة للدورات فالمؤسسة حريصة لدينا على رفع كفاءة العاملات فيها من المطوفات فقامت بعقد العديد من الدورات الرامية لرفع كفاءة المطوفة وجعلها أدق عملاً وأكثر مرونة.

* ما الخدمات التي تقدمها المطوفة للحجيج؟
- يبدأ عمل المطوفة باستقبال الحاجات من المطار ثم التوجه بهن إلى مكة المكرمة أو المدينة المنورة للسكن وتزويدهن بكل احتياجاتهن، وتقديم كل ما يحتجن إليه من إرشادات ونصائح، كما تقوم المطوفة بمتابعتهن لإتمام شعائر الحج في مزدلفة وعرفة ومبيتهن في منى ورمي الجمرات وأداء الطواف، إلى أن يكملن جميع نسكهن بيسر وسهولة، ومن ثم يتم ترحيلهن إلى بلدانهن سالمات.

* ما الصعوبات التي تواجهكن في العمل؟ وكيف تقيمين أداء المطوفات؟
- مع مرور الوقت وتتابع الأعوام زاد عدد الحجيج أكثر من السابق، وزادت مسؤولياته، الأمر الذي أصبح يشكل عملا شاقا لنا، فمهنة الطوافة ليست بالعمل اليسير الذي يمكن إنجازه خلال ساعات النهار، ولكنه جهد وعمل متواصل أثناء الليل والنهار، يتطلب من المطوفة أن تكون أكثر يقظة وحنكة، حتى تستطيع أن توجهه الأزمات الطارئة، وتتصرف في المواقف المفاجئة.

* المطوفة ليلى حبيب عبيد حافظ عضوة في مؤسسة مطوفي حجاج جنوب شرف آسيا، سألناها عن طبيعة عملها في المؤسسة؟
- طبيعة العمل في المؤسسة تحتم علينا الاهتمام بالجوانب العامة للحاجات، ولا سيما تلك التي تتعلق بالجانب الصحي لهن، فأنا أعمل مشرفة على إحدى مجموعات المطوفات، للزيارات الميدانية للمستشفيات بغرض الوقوف على أوضاعهن الصحية ومتابعة حالتهن.

* من التي تستطيع الحصول على شرف الالتحاق بهذه المهنة المشرفة؟ وهل هناك أساسيات لها ؟
- تلك التي تتشرف بخدمة الحاجيات وتوطيد أواصر المحبة والود والعطف والكلمة الطيبة والمقابلة الحسنة وإثلاج صدور ضيفات الرحمن، أما عن أساسيات هذه المهنة فهناك خطة مدروسة ومعدة من قبل القائمين على العمل في المؤسسات، وبالأخص رئيس القسم النسائي، وعادة ما نقوم بمناقشة الأمور المهمة المتعلقة بمصلحة العمل.

* هل هناك مؤهلات تتطلبها هذه المهنة، أم الخبرة ؟
- أولاً المؤهلات راجعة إلى شخصية المطوفة وما وصلت إليه من علم ودراية في وقتنا الحالي، ولا نستطيع أن ننكر الدور البارز لأمهاتنا وجداتنا في خدمة حاجات بيت الله الحرام، وهن لا يعرفن من التعليم إلا اليسير، لذا فالتفاني في العمل والجد والاجتهاد والصبر على ضغوط العمل، أهم المؤهلات الرئيسة لهذه المهنة، مع العمل على الاهتمام بالجانب العلمي، ولا سيما في الوقت الحديث.

* سألنا المطوفة هيـام محمـد أحمـد حافـظ عضو مؤسسة مطوفي حجاج جنوب شرق آسيا عن طبيعة عملها في المؤسسة؟
- طبيعة عملي في المؤسسة الاهتمام بالجانب الصحي للحاجات والوقوف على متطلباتهن واحتياجاتهن، وذلك بعمل الزيارات الميدانية للمستشفيات الحكومية في مكة المكرمة، وعمل تقارير اللازمة عن حالتهن وإشعار المؤسسة بذلك.

* ما الخدمات التي تقدمها المطوفـة للحجيج؟
- قديماً كنا نتولى مساعدة آبائنا وأمهاتنا لخدمة الحجيج والاستعداد لهذا الشهر التفضيل بتأمين المساكن والاحتياجات الضرورية، حتى إذا قرب موعد وصولهم تم إبلاغنا بالعدد القادم إلينا، حتى يتسنى لنا تجهيز المأكل والمشرب، ومن ثم يتم الذهاب بهم إلى المنازل المعدة لهم سلفا،  ليرتاحوا من عناء الطريق، وليتم بعد ذلك الذهاب للحرم والطواف بالبيت العتيق. وعادة كان للمرأة دور في ذلك فهي ترافق الحاجات في حال استفسرن عن أمر ما أو أردن شيئا، وأذكر حينذاك أننا كنا لا نتوانى عن مساعدتهن في أي شيء، فهن أناس قد ربطتنا بهن صلة تعارف وثقة. والآن ما زلنا نقدم للحاجات الدعم والمؤازرة مع التركيز على الجانب الصحي لهن
والتنسيق مع المستشفيات في مكة المكرمة، وذلك لمعرفة مدى الوضع الصحي لهن.

* ما الصعوبات التي تواجهكن في العمل؟
- لا توجد صعوبات ولله الحمد، ولعل ذلك يرجع إلى الخبرة في مجال العمل، الأمر الذي جعلنا نتجاوز كل العقبات والصعاب التي كنا نمر بها قديما.

* من أبرز المطوفات العاملات في هذا المجال؟
- المطوفة لطفية شيخ جمل الليل، التي ترأس القسم النسائي لمؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا، وهناك المطوفة فاطمة ملا والمطوفة صباح ملا والمطوفة فوزية ملا.

الأكثر قراءة