الحجاج يرجمون الشيطان بمليار ونصف المليار حصاة في مشعر منى
التقط ضيوف الرحمن في مكة المكرمة نحو مليار ونصف مليار حصاة تمثل أكثر من 600 طن لرمي جمرة العقبة وأيام التشريق ضمن شعائر الحج. ويبدأ رمي الجمرات عقب فجر اليوم العاشر من ذي الحجة برمية العقبة بحصوات سبع ويتواصل خلال ثلاثة أيام ويتمثل في إلقاء كل حاج سبع حصوات على ثلاثة نصب يبلغ طول كل منها 18 مترا وتمتد على طول 272 مترا.
وحتى لا يتكبد الحاج مشقة البحث عن الحصى والتقاطها بدأت بعض المخيمات التي درجت على أن تقدم خدمات من فئة السبعة نجوم لحجاجها بتخصيص عمال لجمع الحصى وغسلها ووضعها داخل أكياس من الحرير، أو القطيفة بحسب درجة الضيافة التي تقدمها لضيوفها، وتبلغ كمية الحصى المنقولة من بداية رمي جمرة العقبة وحتى نهاية أيام التشريق، ما يقارب مليارا ونصف مليار حصاة تمثل أكثر من 600 طن من الحصى، واستحدث جسر الجمرات الجديد نظاما آليا حديثا لتفريغ أحواض الرمي، حيث تنقل هذه الأطنان من الحجارة إلى مرمى خاص قريب من منطقة الجمرات إلى ما بعد الحج ثم تنقل إلى المرامي العمومية.
وفى السابق كان يتم تفريغ أحواض الجمرات بمعدل مرتين يومياً، الأولى بعد صلاة المغرب والثانية بعد منتصف الليل، وكان المسؤولون عن النقل يعانون الكثير من جراء ذلك لضيق الموقع والكثافة المتدافعة من الحجاج. لكن الآن وبعد الجسر الجديد وتعديل شكل الحوض وجعله بيضاوياً وبطول لا يقل عن 22 متراً من الجهتين الشمالية والجنوبية، وتعميق حوض الرجم ليستوعب كميات أكبر، أصبحت عملية الرجم تتم بطريقة سلسة، فيقوم الحاج برمي الجمرات وهو يمشي بدون توقف وبذلك يتم إفراغ الأحواض بعد منتصف الليل مرة واحدة لعدم وجود حجاج يقومون بالرمي في هذا الوقت.
ولم تفلح التوجيهات والإرشادات في توعية بعض الحجاج بضرورة الانتظار حتى النفرة إلى مزدلفة للحصول على الجمرات، وتسابق العشرات أمس إلى الجبال في حي العزيزية لجمع الحصى ووضعه في أكياس خاصة استعداداً لرمي الجمرات في اليوم العاشر من ذي الحجة. كما احضر بعض الحجاج الحصى من بلادهم للهدف نفسه ويتخوف حجاج بعض الدول الإسلامية من عدم قدرتهم على الحصول على الحصى من مزدلفة خلال أيام الحج، مؤكدين أن الأعداد الكبيرة من الحجاج ستقضي على جمع الحصى في منى والمشاعر المقدسة على حد قول العديد منهم. ولم يكن التخوف من ندرة وجود الحصى هو السبب الأهم فالبعض منهم لا يرى بداً من جلب الحصى معه من المكان الذي يسكن فيه، حتى أن بعض النساء من دول إسلامية جلبن الحصى معهن من بلادهن، كما يؤكد أزواجهن لعدم قدرتهن على مزاحمة الحجاج في مزدلفة. ويشير عدد من الحجاج إلى أن الكثير من النساء جلبن الحصى معهن من القرى والمناطق المقيمات فيها في بلادهن، كما أن الكثير منهم توجهوا في اليوم السادس إلى الجبال القريبة من سكنهم في العزيزية، لجمع الحصى واختيار المناسب منها لرمي الشيطان الذي يرى أن رميه أمنية يتمناها جميع الحجاج على حد قولهم. وقد شكا الشيوخ وكبار السن الغالبية من الحجاج، الذين يجمعون الحصى في أكياس خاصة يحتفظون بها إلى يوم النحر، وعند سؤالهم عن علمهم بجواز هذا الأمر من عدمه لم يروا أن هناك من يمنعه من المشايخ والأئمة، ما يعني أن جمع الحصى ليس شرطاً من مزدلفة أو منى كما يقولون وهو ما يدل على وجود أزمة تثقيفية وإرشادية كبيرة يعاني منها حجاج بعض الدول الإسلامية. ومن الأمور العجيبة والغريبة أن بعض الحجاج يعمد إلى رمي الجمرات بالحذاء والشباشب والشماسي والخشب مصحوبا بالسب واللعان اعتقادا منهم أنهم يرمون الشيطان.
وتتوافر الحصى بكميات كبيرة في مزدلفة التي غالبا ما يلتقط الحجاج منها الحصى، شريطة أن تكون مثل حصى "الخذف"، وقد حددها بعض الفقهاء بأنها أكبر من الحمص وأصغر من البندق، ومنطقة مزدلفة تعتبر منطقة عبور جهزت بالكامل لتكون على شكل مواقف سيارات، وحولها توجد المناطق الترابية التي يلتقط منها الحصى، ولا صحة لما يتردد من قلة كمية الحصى في مزدلفة، نظرا لقيام بعض المقاولين باستغلالها لأغراض البناء، فحصى الجمرات حجمه صغير لا يزيد عن حبة الحمص، ولا يمكن استغلالها لأغراض البناء والتعمير من قبل المقاولين.