"إنزح وراك"
هي جملة هجومية توحي باقتراب الاصطدام بين اثنين لم يكن أحدهما جبانا، أما إن كان كذلك فهي جملة تعني "ابتعد عن طريقي يا جبان"!، وما بعد ياء النداء مفردة مستترة، واستتارها عائد إلى أننا نحن العرب لبيبون أريبون "نفهمها وهي طايرة" - حتى الجبناء منا - ولأن تربيتنا تمنعنا من التصريح بـ "قلة الأدب" – حتى مع الجبناء منا - فإن "انزح وراك" تؤدي غرض النزاع والانصياع في آن!
"بالمحكي" عندما طرحت نفسها كصفحة أسبوعية تهتم بالشعر المحكي بشكل غير مكرر، لم تكن تقصد أن تنافس أحدا أو تغرق في مقارنات ساذجة مع صفحات أخرى تؤدي الغرض نفسه مع فارق "الاستراتيجيات"، كان هدفنا سهلا وواضح المعالم وهو: تقديم طبق أسبوعي من المادة الخاصة بتوجه الصفحات، للقراء الذين يهوون قراءة الشعر وتفاعلاته ولا يجدون هذا الأمر في "الاقتصادية" سابقا، مادة صحافية محترمة تجذب القارئ وتستهدف استمرارية قراءته للصفحات، فقط لا غير.
الأسبوع الماضي وصلتني رسالة من شاعر عزيز يعتب على عدم تواصل الصفحات مع نتاجه، ويلمح إلى أن "بالمحكي" تتعنصر إلى بعض الأسماء وتهمل أخرى، وهو ما رددت عليه في وقته، ليس لأن ما قاله مهم أو غيره، بل لأن "البني آدم" ضعيف وغير قادر على الابتعاد عن حب نفسه، فيوسوس له شيطانه بأمور لم تحصل ليتوجب إيضاح الآخر الذي يحب نفسه أيضا!
ما دعاني إلى التطرق إلى هذا الموضوع هو سؤال جال في خاطري كثيرا بعد حادثة صاحبي هذه: ماذا لو كان كثيرون يحسون هذا الإحساس ولا يريدون التصريح لعدم وجود الأدلة؟ ما الذي يجعل الأمر مستبعدا وحب الذات طبيعة بشرية أنا أول من يقترفها؟ لذلك وجب التفكير بجملة يتم تعميمها على كل من يحاول التقليل من "تعنصر" هذه الصفحات إلى الجمال الشعري والفكري قبل تعنصرها إلى أي شيء آخر، مع كل جُهد يُبذل لظهور الصفحات بالشكل الأفضل، فكان حريا أن يُستحدث لهم جملة لا علاقة لها باللباقة: "انزح وراك"!