الجمعة, 2 مايو 2025 | 4 ذو القَعْدةِ 1446


صلاح القلب

حينما تتحدث عن حقائق الكلمات التي يذكر أصحابها منهج الإصلاح فإن أصدق كلمات الناس هي كلمات الأنبياء عليهم السلام الذين شرفهم الله بالوحي، وجاء في كلام سيدهم محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته عن النعمان بن بشير: (....ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ألا وهي القلب).
إن القلب مَثَلٌ من البصر وكلمات صاحب الرسالة مَثَلٌ من النور، فعن اجتماع قوة الإبصار والنور يحصل التمام، وعن هذا جاء في كلام الله المنزل: فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور . فوصفت بالعمى على هذا المعنى من المثل، وترى ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم سُمي نورا في قول الله تعالى: فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون. وتحت قراءة نصوص الشريعة ترى رسم النصوص لمفهوم الإصلاح الأول المتمثل في إصلاح القلب، الذي يعبر مضمونه عن جملة من الأسماء (إصلاح الذات، إصلاح النفس) إلى غير ذلك.
إن أحدا لا يستطيع أن يرسم نظام توازن في ضبط النفس البشرية إلا أن يصدر عن وحي الرسل؛ لأن تلك النفس حقيقة مفتوحة الحركة لكنها محاطة بمعانٍ من التكوين والخلق الإلهي لا يدرك الإنسان أسرار علائقها وضبطها، وإنما يرسم لها مسار الإبصار نور الإسلام، الذي جعله الله هدى للناس، وتقرأ في قوله سبحانه: واتبعوا النور الذي أنزل معه القدر الذي تحملة حكمة الأنبياء إلى الناس ونقلهم من محيط الظلمات إلى النور.
إننا بحاجة إلى قراءة صادقة للنفس التي تتحرك في داخلنا وأخذها في مسار الإيمان والخير، وتلك صناعة راقية وعناية فائقة أولى عتباتها الصدق، وحينما يحاط الإنسان بفضل الله وتوفيقه فإن حركته تكون سداداً، ولا تستطيع حركة بشرية أن تجتره إلى الجهل في القول أو الفعل، وقد كان في وصية إمام المرسلين لعلي بن أبي طالب: (قل: اللهم اهدني وسددني). وتلك العناية في حفظ مقام الوصية حيث جاء تأكيده بهذا التذكر والمثل تشير إلى درجتها من الأثر في الخير، ولا غرو فهي وصية نبي عليه الصلاة والسلام. والله الهادي.

الأكثر قراءة