صور الشعراء.. أستوديوهات شارع التحلية الأهم و"الفوتوشوب" وزن وقافية

صور الشعراء.. أستوديوهات شارع التحلية الأهم و"الفوتوشوب" وزن وقافية

ماذا تعني لك الصورة مع قصيدتك المنشورة؟ هل تحرص على وضعية معينة في الصورة؟ ولماذا؟ هل تحاول أن تعطي للقارئ تركيبة ذهنية لشخصيتك من خلال الصورة؟ هل يمكن أن تؤثر هذه التركيبة الذهنية في النص؟ لم تصور أكثر من صورة؟ ولم تهتم بأن تصور في الأستوديوهات الفاخرة ذات التقنيات العالية رغم أنك شاعر (تتكلم ويسمعونك، تكتب ويقرأون لك) لا علاقة لبهاء "وجهك" بقصيدتك؟
ثمة أسئلة تتحرك في اتجاه معين، للوصول إلى إجابات متآلفة مع نفسها، وهو ما لم نصل إليه عندما طرحنا أسئلة مثل التي قرأناها أعلاه، فقد كان التناقض يلف الأجوبة، رغم حيادية بعضها وانحياز الآخر، شعراء ومصورون حاولوا أن يفيدونا، ونحن نقلنا ذلك إليكم لتحكموا.

في البداية كان السؤال لشعراء لهم باع طويل في النشر ضمن صحافة الشعر العامي، وكان لزايد الرويس رأي استحق أن يكون استهلالا لموضوعنا، إذ يقول: "الصورة لا تضيف للنص شيئا أبدا، فهي بمثابة بطاقة تعريف بالشاعر، وهي تشابه إلى حد ما بطاقة الأحوال المدنية، وإلا ما جدوى نشر اسم الشاعر مع قصيدته، أما على الصعيد الشخصي، فلم أطلب في حياتي نشر صورة محددة لي مع قصيدة أو مقال، ولم أرسل صورة معينة لمطبوعة، لأني لست وسيما مهما حاولت ذلك".
وعن كثرة صور الشعراء الوسيمين في المطبوعات، قال الرويس: "المطبوعات تروج لنفسها وليس للشاعر الوسيم، والدليل أن هذا الشاعر الوسيم يصبح من سقط المتاع إذا ظهر من هو أكثر منه وسامة، والحديث هنا عن هؤلاء الذين يهتمون بصورهم على حساب قصائدهم، وما ينطبق على الشعراء ينطبق على الشاعرات أيضا"، وعندما سألناه عن بعض الصور التي نلحظ فيها وجود مستحضرات تجميل، تساءل زايد ساخرا "هل تسأل عن الشعراء أو الشاعرات؟"، وقبل أن نودعه سألنا ضاحكا عن مدى رغبتنا في الحصول على صورة جديدة منه لنشرها في "بالمحكي" مع التحقيق!
الشاعر غالب الذيابي وهو من أقل الشعراء حضورا "صوريا"، يقول: "أنا حريص على مشاهدة صورتي في عيون أصحابي الذين يحبونني وأحبهم لأعرف عيوبي، ولا أقصد هنا الصورة بمعناها المادي وإنما الصورة المعنوية، أما الصورة التي تقصدونها فأنا أحرص على تجميل قصيدتي وليس صورتي، بينما بعض المستعرضين، نجدهم يهتمون بجمال صورتهم ليشغلوا السطحيين عن عيوب قصائدهم، ولو استعرضنا الشعراء القدامى كابن لعبون، لوجدنا أننا نحفظ لهم صورا جميلة ورائعة في قلوبنا وعقولنا، دون أن نعرف وجوههم لأننا لم نشاهدها". وعن حرصه على مشاهدة صور الشعراء، قال الذيابي: "أنا أحرص على مشاهدة صورة الشاعر لأعرف صورة هذا الرجل الذي دخل قلبي بقصيدته، وبالتالي أحرص على متابعته".
أما الشاعر هادي الجنفاوي فأجاب عن تساؤلاتنا وقال: "أنا منذ ثمانية أعوام لم أدخل أستوديو، وأغلب الصور الموجودة لي هي صور متحركة التقطت لي في اجتماعات حبية مع بعض الأصدقاء في الساحة، أما حرصي على نشر صورتي فهذا مهم بالنسبة لي بلا شك، ولكني أقوم بنشرها ليعرفني المحترمون والمحترمات، لا حرصا على الحصول على ردات فعل ناعمة من جهات مشبوهة، لأن زوجتي هي حبيبتي الوحيدة واحتراما لها أتحاشى هذه الأمور، علما أن أحد المحررين رفض يوما ما نشر إحدى الصور الخاصة بي لأنه كما وصفها مبهذلة"، وتمنى الجنفاوي في ختام كلماته أن يصاب هؤلاء "المترززون" بعدوى احترام الشعر، لأنه يتضايق حسبما قال إذا شاهدت صورة شاعر يبتسم وهو يضع "روج"، بينما قصيدته حزينة وتتحدث عن الفراق أو الشهامة والمرجلة!
على الجانب الآخر هناك المصورون أنفسهم، فهؤلاء أكثر قدرة من الشعراء أنفسهم على الإجابة عن أسئلتنا، لذلك كانت البداية مع "محمد علي عباد"، والذي يعمل مشرفا على أحد محلات التصوير في شارع التحلية في العليا (كل حبايبنا الشعراء الذين يقرأون هذا الموضوع يعرفون شارع التحلية بالتأكيد)، يقول محمد: "نحن نهتم بجميع الزبائن دون شك، ولكن فئة المشاهير هي الشريحة الأكثر ربحية لنا دون شك، وذلك لأن بعضهم يتردد على المحل بشكل شهري ومنتظم، والبعض الآخر يحضر كل عشرة أيام للحصول على صور فنية للمجلات والصحف، علما أنهم يدفعون بسخاء للصور التي تعجبهم". وعن أوضاع التصوير التي يحرصون عليها أكد محمد أن الأوضاع مختلفة كثيرا ومميزة دون شك، ولكن بعضهم يقول لي إنه يريد وضعيات توحي بأنه يلقي قصيدة، أو وضعيات أخرى تظهره وكأنه في لقاء صحافي يجرى معه. وعن تدخل برنامج الفوتوشوب وغيره في تجميل الصور، قال عباد: "بلا شك نحن نزيل العيوب البسيطة في البشرة من خلال تبييضها، أو إزالة حب الشباب للمشاهير الأصغر سنا، وقد طلب مني أحدهم يوما ما إزالة أثر لإصابة قديمة في وجهه، ولكنها إصابة قديمة وكبيرة كانت من أثر مضاربة قديمة"!
وفي المنطقة ذاتها "العليا" وفي الشارع الأكثر شهرة ذاته "التحلية" التقينا "السيد غالب" موظف الاستقبال في أحد محال التصوير الفخمة التي يشتهر بها ذلك الشارع، الذي أكد زيارة الشعراء والكتاب له بشكل مستمر، وللإجابة عن أسئلتنا أحالنا على زميله في المحل نفسه المصور "سليم"، الذي يعمل مصورا فنيا منذ 13 عاما. يقول سليم: "أنا أحترم الشاعر الذي يحضر إلي ويقول أنا سمعت عن سمعة المحل وأريدك أن تصورني، ويكون متواضعا بشكل يدفعني إلى الإبداع والتفاني في العمل، بينما غيره يحضر متكبرا ويتدخل في عملي بشكل مزعج، ويكثر من الملاحظات غير المفيدة"، وعن المفارقات المضحكة قال سليم: "كان هناك أحد الشعراء يحضر بشكل أسبوعي إلى المحل الذي أعمل به لأصوره، وقد كنت أستغرب من كثرة تصويره رغم أن في ذلك فائدة لي، وعندما سألته عن سر الصور التي يلتقطها كل أسبوع، أكد أنه يبحث عن التميز، ولهذا فإنه لا يكرر الصورة التي يرسلها لنشرها مع قصائده"، وبمعنى آخر كان هذا الشاعر يتبع مبدأ "لكل قصيدة صورة"!

الأكثر قراءة