تراتيل دافئة
.. وما تريد الحسناء بشعر ٍ لا يُلهم؟، هكذا يقول الشاعر الذي أعشب الجدب في حضور قصائده، وهكذا نقول من ورائه عندما نقدم لقصيدة وارفة المعاني والمفردات، وسعود الصاعدي أحد هؤلاء الذين يغرقون الشعر بأسئلة لا تعترف كثيرا بالإجابات التقليدية أو تبريرات عادية لا ترقى لأن تكون "شغلا شاغلا" لقارئها..
حزن هذا المسا موحش، بلا دمع، وبضيقة بال
حزن ناره جفا ما هي دفا حتّى تدفّيني
أحسّ البرد فـ كفوفي: أصابيعٍ بعشر أقفال
صداها يلغي العالم من العالم ويلغيني
ظلام وبرد وشعورٍ بلا نبض وبلا يا مال
وأشيا ما تضخّ الدمّ 00 وتجمّد شراييني
وحزنٍ في يباسه باس يطفي كلّ دمعٍ سال
كأنَّه كلّما حاولت أشبّ اقصاي يطفيني
جفافه يحفر بوجهي تجاعيد الزمن تمثال
بكفٍ تنحت من البرد في صلصالي الطيني
ولوّ الحزن مثل الصاحب اللي ما يسرّ الحال
زمان أمديه لا منّي شكيته طاح من عيني!
تعبت أسأل عناويني: أنا ويني؟ وأمدّ حبال
ويجلب لي صدى صوتي: عنا فأوّل عناويني
وأحسّ التيه في تالي عناويني صدى محتال
سؤالٍ تايهٍ مثلي يجاوبني: أنا ويني؟!
وأنا لولا شعوري ما عجنت الشعر بالصلصال
ولا شبّيت ناري فالطريق اللي يعنّيني
قريت البسملة وأشرقت شمس في عيون الضال
ومدّيت الجسور الخضر بين أضدادي وبيني
وشفت الحزن في عيني معلّق بالرموش خلال
ليا فتّحت طاح الدمع وإن غمّضت يدميني
خيالي هو خيال الطفل لا شاف الظلام ازوال
يدلّي لي طرف كبريت لجل أشبّ فـ يدَيني
وأنا شاعر أعرف أن الشعر حلم وخيال أطفال
يموت ان عشت به وإن متّ به يحيا ويحييني!
وأبيه إن ضقت يشعلني على جمر الدّفا: موَّال
ويملا بي فضا الدنيا تراتيل ويغنّيني!