الشركات والبنوك السعودية ما زالت بعيدة عن الالتزامات الاجتماعية
رأس المال الجريء محرك الاقتصاد وحاضن الإبداعات والمبادرات، أسهم بنسبة تتجاوز 40 في المائة في بعض الاقتصادات المتقدمة، بدأ به المسلمون الأوائل وأهمله المعاصرون، تبنته دول متطورة لأهميته في خلق فرص وظيفية ومجالات جديدة من الأعمال، نشأت به شركات تعد الآن في مقدمة شركات العالم برأسمالها وإجمالي أصولها وحجم مبيعاتها. في مجتمع الأعمال السعودي مازال هذا النوع من الاستثمار دون المأمول تواجه المبدع وصاحب الفكرة في السعودية عشرات المعوقات و البنوك لا تمول إلا بعد ضمانها استرداد أموالها بأصول لا يملكها المبدع وصاحب الفكرة الخلاقة، والحل في قيام صناديق حكومية تدعمها شركات خاصة وعامة، ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله خطوة واحدة في هذا الاتجاه، وحاجة المملكة أكبر بكثير من قدرة هذه المؤسسة لكثرة المبادرات التي لم تر النور من أجل ذلك جمعت "الاقتصادية" نخبة من الإخصائيين في رأس المال الجريء والمستثمرين ورجال الأعمال فكانت هذه الندوة:
ما رأس المال الجريء؟
العمر: التعريف العلمي لرأس المال الجريء هو عبارة عن رؤوس أموال تعطى لمختصين لاستثمارها في شركات مبتدئة لها قابلية كبيرة للنمو، بحيث يكون لها تأثير اقتصادي وقيمة مضافة على الاقتصاد ككل.
الرخيص: رأس المال الجريء هو المال الذي يسهم في الاستثمارات حيث يعتمد على فترات زمنية قصيرة جدا حيث يتم استثمار فكرة إبداعية في شركة صغيرة أو متوسطة ومن ثم يتسع نطاق الملكية في هذه الشركة إلى مستثمرين آخرين، وهكذا تتكرر جولات الاستثمار في هذه الشركة حتى تصل إلى الحجم الكبير وقد تطرح في الاكتتاب العام ومن ثم يعود رأس المال الجريء نفسه مرة أخرى في بناء استثمارات صغيرة لمستثمرين بدرجات أقل مخاطر في دورة شبه مستمرة وبالطريقة نفسها. ويعيش اقتصادنا السعودي حاليا فرصا مناسبة لنمو وتطور رأس المال الجريء بسبب الحاجة إلى هذا النوع من أدوات التمويل الذي يستثمر في الشركات حتى تصبح مؤهلة للاقتراض من البنوك، وهذا يسهم في بناء جيل جديد من أصحاب المبادرات الذين لم يجدوا التمويل الكافي لتطبيق مبادراتهم. الصبياني: رأس المال الجريء هو رأس المال المستثمر في المشاريع التي لها الجرأة في الريادة في أسبقية المشروع والجدوى الاقتصادية، مثل براءات الاختراع وما يشابهها.
السري: رأس المال الجريء هو فرع من مجال أعم وهو الاستثمار في شركات خاصة إذا نظرنا في منطقتنا نجد آلاف الملايين في هذه الأيام تستثمر في شركات خاصة وكلما زاد عمر الشركة وقاربت النجاح تطرح في مساهمة عامة تزيد كمية الاستثمار فيها، ورأس المال الجريء هو البدء مع الشركة من مبدئها، وبالتالي درجة المجازفة تكون أكبر.
المجاهد: رأس المال الجريء هو نوع من الاستثمار بأموال يخصصها مستثمرون محترفون لهم رؤية ثاقبة فيما يقدمون عليه من استثمارات، هذا المستثمر لديه رؤية في نوع الاستثمار الذي حدده، وفي الوقت نفسه ليس المال الاستثمار الوحيد بل يستثمر معرفة يمتلكها وخبرة سابقة ووقتا يقضيه في الإدارة والمتابعة مع هذا الاستثمار.
المنصور: في جميع أنحاء العالم الاقتصاد يعتمد على الشركات الصغيرة والناشئة في غير عالمنا العربي والإسلامي هناك عدد قليل جدا من الشركات الواعدة والناشئة لعدم وجود مثل تلك الاستثمارات وفي الولايات المتحدة الأمريكية تصل المنشآت الصغيرة والناشئة التي تحتاج إلى دعم جريء نسبة تزيد على 40في المائة من حجم الاقتصاد, وهذه نسبة ليست بسيطة، وفي أوروبا تصل إلى 20في المائة من حجم الاقتصاد، وفي عالمنا العربي أقل من 4 في المائة للأسف لعدم وجود مثل هذه الاستثمارات أو عدم وجود المستثمرين من هذا النوع الذي هو الاستثمار الجريء الذي يعطي عائدا فوق المعدل ولكنه غير ظاهر في بداية المشروع، فيحتاج إلى من يدعمه ماليا ويقف معه حتى تتضح جدوى المشروع، أتمنى بعد هذه الندوة أن يتم تسليط الضوء على هذا المصطلح الجديد وندعم مثل هذه الاستثمارات الصغيرة لأنها في المحصلة هي التي يعتمد عليها الاقتصاد في المستقبل.
ما تاريخ رأس المال الجريء؟
العمر: بدأ رأس المال الجريء في أمريكا" في منتصف القرن الماضي في عام 1950, وكانت بدايته عن طريق شركات عائلية تستثمر في الأفراد أصحاب المبادرات وبعد رؤية الشركات ربحية هذا المجال بدأت تدخل فيه كاستثمار جانبي وليس نشاط رئيس محترف وتبلورت هذه إلى نشوء شركات استثمار جريء و كثير من هذه الشركات وصل رأسمالها إلى المليارات.
الرخيص: أعتقد أن البداية الفعلية لرأس المال الجريء خاصة في الولايات المتحدة في بداية الستينيات وتطور كمفهوم وكقناة استثمارية، ونما بشكل كبير في أوائل السبعينيات، وفي الثلاثين سنة الماضية أسهم نمو هذا القطاع حتى أصبح من القنوات المهمة جدا حتى وصل عدد الشركات من هذا النوع على 3500شركة بدأت صغيرة حتى وصلت إلى شركات مساهمة وهذه الشركات وفرت ما يزيد على عشرة ملايين وظيفة خلال مرحلة ربع قرن وبرؤوس أموال ربما تزيد على 200مليار دولار.
الصبياني: مر رأس المال الجريء بثلاث مراحل، مكتشف أمريكا هو أول مستثمر يستقطب أموالا من ملكة إسبانيا التي شاركته في الأرباح بنسبة 50 في المائة ودعمته ماديا و"لوجستيا"، المرحلة الثانية بدأت في بداية القرن العشرين من العائلات الغنية في أمريكا وفي بعض الشركات الكبرى باستثمار مباشر من دون محافظ استثمارية، وكانت هذه البدايات، والمرحلة الثالثة التي نعيشها وهي إنشاء المحافظ الاستثمارية المعروفة الآن مستثمر ومديرو محافظ ، والقرارات تكون بيد مديري المحافظ وليست في يد المستثمرين هذه البداية الفعلية المتعارف عليها الآن وهذا عجل وأكثر من استقطاب الاستثمارات وحل مشكلات المبدعين والمبتكرين في أمريكا في ذلك الوقت الآن أصبحت هناك محافظ تتم بطرق قانونية, والمستثمرون حقوقهم محفوظة وبعيدون عن المشكلات القانونية ونحن نعيش هذه الفترة وبمشيئة الله ستكون لدينا في المنطقة هنا محافظ استثمارية متخصصة بأيد خبيرة من أبناء المنطقة، رأس المال الجريء لعب دورا كبيرا في نمو الاقتصاد الأمريكي وتطوره التقني من أول هذا القرن وكل التقنيات التي نراها الآن أغلبها استثمار رأس المال الجريء وهذا درس كبير لنا بتطوير هذا النوع من الاستثمار واستغلاله ، ووفرت شركات الاستثمار الجريء خلال ثلاثين عاما 27 مليون وظيفة عمل في أمريكا وحدها،وشركات رأس المال الجريء قدرتها التصديرية ثلاثة أضعاف الشركات التقليدية لأنها شيء جديد ومصدر تركيز أموال بحث وتطوير في نهاية المطاف لأنها تستقطبها، و"سمنز" و"جنرال إلكتريك" "ومايكروسوفت" وكثير من الشركات العملاقة الآن بداياتها من نوع استثمار رأس المال الجريء وأصحاب المبادرات المبدعون لم يستطيعوا مع الإدارة التقليدية في الاستثمار السائدة قبل عام 1946 وبعد هذا التاريخ خرجت المحافظ الاستثمارية لتستقطب أموالا وخبرات وهي الأصل والأساس وليس رأس المال الموضوع هنا يتعلق بخبرات إدارة المحافظ.
السري: أعتقد تطور صناعة رأس المال الجريء مرتبط السياسات الحكومية لرعاية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأربعينيات في أمريكا شهدت تطور السياسات الحكومية الأمريكية في هذا المجال، وبتطوير القانون الراعي للمؤسسات الصغيرة والأجهزة التنفيذية لها، وأعطت الحكومة الأمريكية البنوك التي تتأهل لتمويل رأس المال الجريء لكل دولار يتم تسليفه للمؤسسات الصغيرة تدعم الحكومة هذه البنوك بنسب وشروط ميسرة تماما وليس المال هو العامل الوحيد في نجاح المؤسسات الصغيرة سواء تقنية أو غيرها ولكن هو جزء من منظومة, وسياسات الحكومة لها دور كبير في هذا الجانب خصوصا في الأربعينيات.
المجاهد: تطور آلية رأس المال الجريء بدأ بمبادرات فردية من أناس لديهم رؤية ومعرفه بالمجالات التي يستهدفونها في الاستثمار تطورت مع الزمن إلى إنشاء شركات مساهمة مغلقة هذه بدورها تنشئ محفظة تجمع المساهمين ثم يدخل جزء من المساهمين في الإدارة، ثم تطورت في مراحل لاحقة إلى إنشاء مؤسسات مالية حتى وصول الفكرة لمراحلها النهائية على شركات عالمية تستثمر في البلد نفسه وفي خارج حدوده الإقليمية، في أمريكا وصلت الاستثمارات في رأس المال الجريء نحو 100 مليار دولار وكندا إلى 20 مليار دولار وفي أوروبا 25 مليار يورو.
مداخلة الصبياني: تاريخ رأس المال الجريء في العالم الإسلامي كان موجودا لكن للأسف قلة يعرفون ذلك، في الدول الإسلامية مثل الأموية والعباسية وبطرق كانت تناسب وسائل ذلك الوقت.
ما الشركات العالمية التي قامت على رأس المال الجريء؟
العمر: واحدة من أشهر شركات رأس المال الجريء باسم k k r تعمل في أمريكا وخارجها قائمة وتعمل على رأس المال الجريء وأغلب الشركات الكبيرة لديها أقسام تعمل بطريقة رأس المال الجريء تستكشف الفرص وتستقطب الأفكار الخلاقة التي قد تنافسها في مجال عملها ومنها شركة شل ومنها شركة "أنتل" وشركة نستله وكل منها تركز على مجال رأس المال الجريء وتستثمره في مجالها الآن كل الشركات الكبيرة تخصص جزءا من رأسمالها في مجال رأس المال الجريء في مجال عملها حتى تضمن عدم المنافسة وتكون على اطلاع على المبادرات الجديدة فيه.
الرخيص: من الشركات التي نشأت كمشاريع استثمار رأس مال جريء شركة ما يكروسوفت شركة إنتل و سيسكو سيستمز وشركة فيدكس و"فيدرالك برس", كل هذه الشركات كانت مشاريع رأس مال جريء ثم تطورت حتى أصبحت شركات عملاقة، هذه الشركات من دون شك مرت بدورات مختلفة ودورة رأس المال الجريء غالبا تمر بأربع مراحل رئيسة المرحلة الأولية تتراوح بين سنتين إلى ثلاث سنوات، المرحلة الثانية المرحلة المبكرة وهذه بين ثلاث إلى سبع سنوات ثم مرحلة التوسع وهي المرحلة الثالثة غير محددة المدة حسب ظروف الشركة ونجاحها، والمرحلة الرابعة قد تصل إلى عشر سنوات هذه الشركات العالمية معظمها مرت بهذه المراحل وهناك مرحلتان أخريان مرحلة تسمى الطرح المتكرر ثم تأتي مرحلة خروج الشركة عن دائرة رأس المال الجريء حيث تتسع دائرة مالكيها ويتسع حجم أعمالها ويكبر رأسمالها، هناك مرحلة سادسة وهي مرحلة التوسع والدمج هذه المراحل معظم الشركات العالمية مرت بها.
مداخلة العمر: من الشركات التي قامت على رأس المال الجريء في المجال الصحي أو مجال علوم الإنسان بشكل عام لعلي أذكر منها شركة "جننتك" وهي أنشأت أول منتج خدم الناس وأحياهم وهو الأنسولين وهو من قبل يستخرج من الحيوانات ثم أتت هذه الشركة وطورت الأنسولين البشري من البكتيريا وكان رأس المال المستثمر نحو 20 مليون دولار فقط لعلنا ننظر كم إنسان استفاد من الأنسولين، والتقنيات الحيوية الأخرى مثل الشركة التي أنشأت مقياس الأوكسجين عن طريق الإصبع دون أخذ عينة من الدم هذه التقنية الآن لا تجرى أي عملية جراحية في العالم كله بدون معرفة مستوى الأوكسجين ومتابعته على مدار العملية، وأي غرفة عناية مركزة لا يخلو منها هذه الأجهزة بل يتوافر في كل جناح، وهذه الأجهزة تم تطويرها عن طريق رأس المال الجريء، والقسطرة القلبية ووضع دعامات داخل القسطرة وتوسعة الشرايين هي تقنيات تم تطويرها برأس المال الجريء والأدوية الكثيرة جدا أدوية مكافحة السرطان، وأدوية مساعدة مرضى الكلى برفع الدم عن طريق منتج وهرمون معين هذه التقنيات خدمت البشرية والتخفيف من معاناة الناس.
الصبياني: الشركات العالمية التي قامت على رأس المال الجريء من الأربعينيات إلى الآن أغلب الشركات والخدمات التي نراها في حياتنا اليومية الآن أغلبها ناتج عن دعم رأس المال الجريء, يحضرني الآن "شامبرجي" أكبر شركة نفط في العالم هذه عبارة عن براءة اختراع فرنسية ذهبت إلى هيوستن عام 1912 والآن شركة عملاقة جدا في مجال النفط والغاز و"جنرال إلكتريك" وشركة مايكروسوفت, هذه الشركات العملاقة الآن نتلقى خدماتها ليست مباشرة منها بل عن طريق شركات صغيرة جدا مثل شركتي نوكيا و سمنز وفي العالم العربي شركة أرامكس خدمات شحن الطرود البريدية من مبدع عربي أنشأ شركة واحتاج في بداياته إلى دعم مادي وحصل عليه والآن دخل مرحلة متقدمة من تقديم الخدمات العالمية وهي أول شركة عربية تسجل في سوق الأسهم الأمريكية.
السري: نجاح رأس المال الجريء هو جزء من منظومة متكاملة، ونمو رأس المال الجريء كان نتيجة المردود المتحسن على مدى السنين الذي راقبه المستثمرون في هذا المجال والمردود هذا كان مرتبطا أيضا بتطور سوق السهم في البلدان، وسوق السهم أصبح مخرجا لرأس المال الجريء الناس تستثمر أموالها في صناديق رأس المال الجريء وبالتالي تحصل على المردود من تضاعف قيمة المساهمات، إذا طرحت أسهم الشركات المستثمر فيها في سوق المال العام بالتالي سوق المال العام وتطوره كان له دور كبير بتطور رأس المال الجريء.
هل لدينا شركات نستطيع تسميتها شركات رأس المال الجريء؟
السري: لا أعتقد أن هناك شركات مساهمة موجودة في سوق الأسهم السعودي نشأت على أكتاف رأس المال الجريء إلى الآن.
مداخلة المنصور: كلنا يعلم الثورة العلمية في مجال الإنترنت والمعلومات وكل الناس يستخدمها ولكن القليل يعلم متى بدأت هذه الأفكار أغلبها مبادرات من رأس المال الجريء، وإذا فقد المبدعون الصغار الدعم لما نشأ ما يسمى وادي السليكون ولم تنشأ شركة عملاقة مثل شركة جوجل أو مايكروسوفت أو سمنز وبقية الشركات، لا أحد ينسى فضل هذا النوع من الاستثمار في دعم الأفكار البسيطة المعقولة قد لا يكون هناك مردود في الرؤية السابقة لبداية المشروع, وفي النهاية قد يكون فوق المعدل وفي بعض المشاريع العائد لها قوي جدا وقد يماثل الشركات الأخرى أو يفوقها وأنشئت بنوع آخر من الاستثمار غير رأس المال الجريء وذلك كون الأفكار جديدة ومتنوعة وتخدم شرائح كثيرة من المجتمع وقد لا تتركز في ناحية معينة من الاقتصاد.
مداخلة السري: من المستحيل أن تخلو سوق المال السعودية من شركات بنيت على أساس رأس المال الجريء، وشركة جرير أقرب الأمثلة على ذلك حيث بدأت هذه الشركة من مكتبة قرطاسية في شارع جرير وهي الآن إحدى الشركات المساهمة ولا أعتقد أنها اعتمدت على قروض البنوك في نموها, خصوصا في مراحلها الأولى بالتأكيد أن هناك نوعا من التمويل الذي نستطيع تسميته رأس المال الجريء الذي ساعدها على انطلاقتها.
مداخلة المجاهد: الشركات العالمية القائمة على رأس المال الجريء مثل "أبل "و"ياهو" و"مايكروسوفت" وعدد لا يحصى من الشركات كانت مبادرات من طلاب ونشأت برأسمال جريء وبسيط في الوقت نفسه ومجال الاتصالات والحاسبات والطاقة وأيضا التقنيات الحيوية مجالات خصبة لاستثمار رأس المال الجريء، وثقافة المجتمع مهمة للغاية في دعم المبادرات الفردية أو قتلها في المهد، في أمريكا توجد ثقافة عالية في مجال دعم المبادرات الفردية الخلاقة.
ما نطاق عمل شركات الاستثمار الداخلية والخارجية رأس المال الجريء؟
العمر: الشركات القائمة على رأس المال الجريء إما أن تكون شركات عامة تستثمر في عدة تقنيات و صناعات في الوقت نفسه أو شركات متخصصة تستثمر في مجال معين, مثلا الشركة المتخصصة في التقنية الحيوية وشركات تستثمر في تقنية المعلومات، والطاقة وخلافه فهذه الشركات المتخصصة تقارنها بالشركات العامة بعض الشركات تجمع بين الاثنين لكن هذا عادة قليل، أغلب الشركات ذات الأسواق المتطورة والكبيرة مثل أمريكا يكون تركيزها على أسواقها الداخلية وهناك شركات متخصصة تعمل على نطاق العالم في بعض البيئات التي تساعد على وجود تقنيات ومبادرات من المجتمع وللأسف الاستثمارات في منطقتنا في مجال رأس المال الجريء كانت بداياتهم خارج المنطقة تماما، لكن بدأنا نلمس أن بعض الشركات بدأت تستثمر داخل المنطقة ولو بشكل محدود.
الرخيص: شركات رأس المال الجريء غالبا تعمل في خمسة مجالات الرئيس منها وهو الذي يعطي ميزة نسبية عن غيره من الشركات في قنوات الاستثمار الأخرى قدرته عالية على استقطاب الأفكار أو الأشخاص الذين لديهم أفكار قابلة للتطبيق, فيمكن واحدة من هذه المجالات تحويل المشروع من فكرة إلى خطة عمل مدروسة واختيار خطط العمل القابلة للنجاح، الأمر الآخر تقديم الخبرة خاصة في دعم الفكرة من بدايتها الصغيرة إلى أن يتم دعمها من خلال الفرص الموجودة لدى منظمة أو شركة رأس المال الجريء خاصة من خلال العلاقات, خبرة الاستثمارات البنكية, ربطها بمنتجات ذات علاقة خبرة تسويقها وتقديم المشورة والخبرة خاصة في الاستشارات المالية ومن مئات الأفكار عادة يتم اختيار عدد محدود منها ليتم استثماره. ويتم تحويلها إلى مشروع منتج قابل للتطور أو يكون امتداد لشركة قائمة، ويملك المرونة للدمج والاحتواء من قبل جهة أخرى.
مداخلة الصبياني:
أغلب شركات رأس المال الجريء داخلية لكونها قريبة من المبدع المحلي صاحب المبادرة، وفي السنوات الثلاث الماضية ظهرت محافظ عالمية مهمة بدأت تنظر على مستوى العالم لكي تستثمر الإبداع حول العالم، وبدأت بعض الشركات العالمية تنظر للمبدع العربي واستثمار إبداعاته التي لم تستثمر، ويجب أن ننتبه أن الاستثمار في رأس المال الجريء أصبح الآن عالميا ويتطلب منا المبادرة في البحث عن أصحاب الأفكار الإبداعية التي أغلب علمائها هاجرو من المنطقة.
السري: أعتقد أن رأس المال الجريء في السنوات الأخيرة ارتبط بشركات التقنية, وأعتقد أن الذي أدى إلى ذلك هو المردود الجيد المتوقع، الأمثلة الرائعة تبدأ دائما من أمريكا، والأسباب أن أمريكا سوق كبيرة وقابلة للتوسع.
المجاهد: الاستثمار سواء داخليا أو خارجيا يحسب داخل نطاق البلد، وإذا نظرنا لتجارب واقعية مثل الموجود في أمريكا وأوروبا وغيرها من البلدان الشركات المالية عادة التي تدخل في مثل هذه المشاريع تنشئ محافظ استثمارية وهذه المحفظة توجه إلى استثمار معين, إحدى الشركات الأمريكية أنشأت محفظة استثمارية بقيمة ملياري دولار لاستثمارها في الهند في السنوات الأخيرة "مايكروسوفت" أنشأت مركز أبحاث كلف نحو ملياري دولار، ولا ننسى جانب العولمة ومنظمة التجارة العالمية, هذه الحقيقة شجعت على الاستثمارات الخارجية وشجعت على إنشاء فروع للشركات العالمية، ومن باب أولى إنشاء المحافظ الاستثمارية، إذا رأت شركة من الشركات أن هناك فرصا وخاصة في الهند والصين, وهما أكبر مستقطب للاستثمارات الأجنبية في هذا المجال، ومن استثمارات المال الجريء في المملكة لدينا استثمار جيد بنسبة 50 في المائة للمستثمرين السعوديين مع شركة شفرون فلبس, وهم 47 مستثمرا ورجل أعمال سعوديا، استثمار في مجال العطريات وهي أحد المنتجات المستخدمة في البتروكيماويات وهذا مشروع قائم بدأ في نيسان (أبريل) عام 1999 وهذا أحد الاستثمارات الجيدة لدينا. المنصور: في مجال الاستثمار الداخلي والخارجي للأسف هناك الكثير من الأفكار ذات القيمة، ونضع الثقافة شماعة لتأخرنا في مجال الاستثمار في رأس المال الجريء، الشركات التي تمول الأبحاث دائما تبحث عن المردود المباشر الواضح مع دراسة الجدوى الاقتصادية، تريد أن ترى شيئا ملموسا يقنعها بالدخول في شراكة ودعم هذا المشروع، ماعدا ذلك لن تدخل في التزامات مجتمعية كما هو موجود في الغرب، وللأسف هذا نفتقده سواء في شركة صغيرة أو الشركات الكبيرة ولا أدري قد ينقصنا التشريع، ولكن هناك تجربة يجب أن نشيد بها وهي تجربة صندوق عبد للطيف جميل وهي تجربة رائدة جدا وأنا من الناس الذين لمسوا أثرها عن قرب, واستفاد منها الكثير من المبدعين السعوديين ذوي الأفكار المعقولة وهم الآن في مرحلة الإنتاج، ولكن على نطاق ضيق ونتمنى أن تتكرر هذه التجربة، وهناك أفكار ووعود لتكرار ذلك, ونحن في هيئة الاستثمار نشجع وبشكل كبير مثل هذا الاستثمارات ولكن الوعود حتى الآن لم تتحقق هناك فرص بسيطة جدا وأتمنى أن ترى النور، بالنسبة للمجال الخارجي في أمريكا وأوروبا دول سبقتنا في الكثير من المجالات، والمبدع في تلك الأقطار لا يحتاج إلى أي ضمانات مجرد أن يأتي بفكرته ويجد ألف من يتلقف هذه الفكرة، بل أحيانا تتنافس أكثر من جهة لاستقطاب مبدع واحد، والسبب أنهم لا يفكرون بالربح فقط بقدر أنهم يسهمون في الالتزام المجتمعي، وكل بنك وكل شركة تنشأ تضع في حسبانها أن جزءا من أرباحها يذهب إلى الخدمات الاجتماعية سواء له عائد أم لا ولا يوجد لدينا مثل هذا الدعم، من المؤسف أن أصف البعض منا بالجشعين أكثر من اللازم قد يكون السبب ضعف في الثقافة، ثقافة المجتمع ثقافة الشركات أيضا ممكن أن تكون سببا في ذلك.
ما سبب قوة الالتزام المجتمعي في الغرب وضعفه لدينا؟
المنصور: نرجع إلى ثقافة المجتمع والشركات، وقد يكون السبب عدم وجود التشريعات التي تجبر تلك الشركات والبنوك على المساهمات الاجتماعية، أعرف أنه لا يوجد بنك في أمريكا أو بريطانيا يريد أن يفتح له فرعا في بقعة بسيطة جدا في قرية نائية إلا ويكون له التزام مجتمعي كأن يبني حديقة أو ملعب أطفال.
ما مجالات تطبيق رأس المال الجريء وآلياته؟
العمر: مجالات تطبيق استثمار رأس المال الجريء هي مجالات متعددة وواعدة، لكن أغلبها في التقنيات العالية سواء في مجال التقنية الحيوية بمختلف أنواعها مجالات الأجهزة الطبية واكتشاف الأدوية الجديدة، وتقنية المعلومات، وفي مجال العائد على رأس المال المستثمر في أمريكا في مجالات التقنية الحيوية خلال الـ 15 عاما الماضية لكل دولار واحد 750 دولارا هذا من واقع إحصائيات رسمية موجودة، بعض الأدوية بالإضافة للمردود المالي الكبير لها أنقذت حياة أناس كثيرون، وساعدت في تخفيف آلامهم في أشياء كان لا يمكن أن تتم لولا مساهمة رأس المال الجريء، أضيف مثالا رائعا في مجال التشخيص من باب تخفيف آلام الناس إذا أردت تعويض إحدى الأسنان كان في السابق تأخذ مجسما للأسنان عن طريق قالب طبع يوضح قاعدة الأسنان لعمل حجم السن المناسب، الآن طورت تقنية عن طريق أشعة فوق الصوتية على الأبعاد الثلاثة هذه التقنية طورت في بوسطن في أمريكا، وكانت إحدى الشركات الفائزة بجائزة الـ 100ألف دولار من أحد المعاهد المتخصصة، الشركة صاحبة هذا الابتكار وخلال سنة ونصف تقريبا باعت التقنية لشركة 3m" " بـ 95 مليون دولار هذا دليل على التطبيق الرائع للتقنيات واستثمار رأس المال الجريء فيها، ولدينا ميزات تنافسية عالية جدا وخاصة في مجال البتروكيماويات ولدينا في المقابل مشكلات مستعصية تخصنا كمجتمع ليست موجودة لدى الغرب, ولا بد أن نستغل رأس المال الجريء في تطبيق التقنيات العالية واحتضانها.
الرخيص: مجالات تطبيق رأس المال الجريء كثيرة وغير محدودة، في أي مجال اقتصادي يوجد له سوق يمكن أن يكون هناك تطبيق لآليات التمويل والاستثمار عن طريق قنوات رأس المال الجريء، فيما يتعلق بالآليات وأهمية السياسات الحكومية على وجه التحديد بتوجيه مثل هذه القناة الاستثمارية وأعتقد أن هذا أمر مهم، و يعتمد بالدرجة الأولى على قناعتنا في المجتمع السعودي والمنطقة بشكل عام وهناك صناديق استثمار رأس المال الجريء بنحو 120 مليار دولار أقل بـ 3 في المائة من إجمالي الدخل, وهذا ناتج عن عدم وجود قناعة بهذا النوع من الاستثمار وتخلفنا بعدم إيجاد الأدوات والآليات اللازمة للاستثمار من خلال رأس المال الجريء، وهناك أربعة أمور مهمة تسهم في هذه الآليات, الأمر الأول وجود المبادرة الحقيقية من قبل القطاع العام والخاص، وفي تاريخنا الإسلامي تجارب ناجحة باستخدام صيغة من صيغ رأس المال الجريء، ونحتاج في هذه المرحلة بالذات إلى آليات محددة تسهم وتساعد أصحاب الأفكار أصحاب المبادرات القابلة للتطبيق عمليا وللبيع تجاريا وأيضا قوى السوق, أشير إلى أن مثل هذه المبادرات الأعمال التي يتم تمويلها عن طريق رأس المال الجريء يجب أن تجد أرضا خصبة وقنوات تمويل جيدة بالكم والكيف المناسبين، والسياسات المنظمة الحكومية حيث من واجبات الحكومة على سبيل المثال توفير فرص العمل، في استثمارات الأعمال المتوسطة والصغيرة كل مليون ريال ينتج 28 وظيفة بينما في العمال الكبيرة ينتج هذا المليون وظيفة واحدة، أمر آخر يتعلق بتوزيع الثروة أيضا في المجتمع سواء بين طلاب الجامعات أو الشباب الذين لديهم أفكار قابلة لتحويلها إلى استثمارات ومن ثم الى شركات، الأمر المهم أيضا يتعلق بالتقنية هذا الاستثمار أصبح حاليا أحد الفنون البنكية المعاصرة ويدار بأساليب وأدوات حديثة وتدرس أساليبه في الجامعات والأمر الجدير بتسليط عليه الضوء وهو تركيز استثماراتنا في المملكة في قطاعات اقتصادية ذات قيمة مضافة وخاصة في المجالات التي تصمد في المنافسة داخليا أو خارجيا، مثلا الطاقة لدينا بأسعار مناسبة والموارد الطبيعية إذا لم نستثمر في هذه القطاعات التي تتوجه الحكومة والقطاع الخاص بشكل عام للاستثمار فيها يمكن أن تنجح المبادرات التي يتم تمويلها عن طريق رأس المال الجريء أكثر من نجاحها في قطاعات اقتصادية غير منافسة.
بصفتكم مطورين لإحدى المدن الاقتصادية, ما طرق استثمار رأس المال الجريء داخل المدن الاقتصادية؟
يستثمر في مشاريع مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في منطقة حائل في المرحلة الأولية نحو 30مليار ريال وهذه الاستثمارات في البنية التحتية، وعادة الاستثمارات فيها تحتاج إلى قنوات استثمار أخرى غير رأس المال المخاطر ولكن هناك أمرين أحب أن أشير إليهما الأول يتعلق بالتوجه إلى تحفيز الشباب في المنطقة الشمالية للاستثمار، من خلال الفرص وهناك برنامج أطلق من قبل الهيئة العامة للاستثمار ومدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية وهو برنامج 360درجة من الفرص منها 118 فرصة صغيرة ومتوسطة وبعض الفرص المخصصة للنساء وهناك أيضا برنامج مواز سمي الآن "مركز تطوير روح المبادرة"، وهو برنامج تعاوني مع جامعة TIMT وتحديدا مع مركز تطوير روح المبادرة فيها، ومن حسن الحظ أن أثناء تسجيل هذه الندوة هناك سبعون طالبا سعوديا معظمهم من المنطقة الشمالية تدربوا في برامج جامعة TIMT في المملكة وانتخب مجموعة منهم لقابليتهم لتطوير أنفسهم للعمل وتم إرسالهم في بعثة إلى أمريكا، وأعتقد من خلال برنامج 360 درجة من الفرص يمكن استقطاب الكثير من مبادرات الشباب،ونحن في المراحل الأخيرة لإطلاق هذه المسابقة وبدأنا نستقطب خطط عمل بما يزيد على 600خطة عمل من دون أن نصل إلى الإعلان الرسمي، نعتقد إن شاء الله مثل هذه التوجهات ستسهم بنوع من التطبيقات قد تكون البداية البسيطة لرأس المال الجريء.
ما مجالات تطبيق رأس المال الجريء؟ الصبياني:المنطقة أو السعودية تحديدا في خلال 70 عاما الماضية دخلت في صناعات مختلفة من نفط وهيدروكربونات ومعادن, في هذه الفترة نتج خبراء في هذه الصناعة منهم تقاعد هؤلاء الأشخاص هم معقل لأفكار ريادية يمكن أن تستثمر فيجب أن يركز رأس المال الجريء في المملكة على الاستثمار في هذه الصناعات الأساسية في الوطن لتحفيز قيام تقنيات جديدة في المنطقة أو تقنيات نساهم في صناعتها خارج المنطقة لكن تتعلق بالصناعات الاستراتيجية مثل صناعات الطاقة والهيدروكربونات والبلاستيك والمعادن هذه فرصة أمامنا يمكن أن ننافس فيها بقوة، الأمر الآخر التحديات التي أمامنا خاصة في مجال الطاقة النظيفة لا بد ونحن دولة مصدرة للطاقة أن نقيم استثمارات كبيرة وعالية التقنية في هذا المجال، وفي أي مكان في العالم، ولا نحصر أنفسنا فقط في المواد الأولية التي لنا قدرة تنافسية فيها، أي معرفة يمكن أن نضع عليها أيدينا في أي مكان في العالم وتساهم في إنشاء صناعة جديدة يجب أن نستثمرها عن طريق رأس المال الجريء، خصوصا في الخدمات و الاتصالات يجب أن لا نشعر بالخجل أننا نمتلك تقنية ونستثمر فيها ونحقق عوائد كبيرة منها، سواء تطبيقها في الوطن أو في أي مكان، ولا بد أن تتسع لدينا دائرة الرؤية وعدم التقوقع في تفكيرنا التقليدي أن ننافس فقط في الأشياء التي لنا فيها ميز نسبية وقدرة تنافسية مثل المواد الهيدروكربونية والمعادن و رأس المال الجريء هو عنصر قوي يحقق لنا التنافسية والمستقبلية.
السري: عندما نتحدث عن مجالات تطبيق رأس المال الجريء أرى بعدين اقتصاديا وتقنيا, بعد اقتصادي أي رائد عمل أو مبادرا يرى في مردود جيد ويمكن أن يؤدي إلى كيان اقتصادي قابل للبقاء هو يستحق الدعم من قبل رأس المال الجريء، وهنا نأتي إلى أهمية تشريعات وسياسات الدولة، قبل عامين قمت بزيارة إلى ماليزيا وشاهدت عدة شركات تتعامل في مجال استثمار رأس المال الجريء وكلهم في القطاع الخاص، ولكن اكتشفت أن معظم رأس المال يأتي من الدولة ينساب إليهم من خلال مؤسسات الدولة لأنها رأت أهمية تطوير هذه الصناعة.
هل المال إذا أتى من الدولة يصنف كرأسمال جريء؟
السري: نعم ، لأنه يتعامل معه كرأس مال جريء، الدولة لها دور هنا في دعم المبادرات مثل صندوق المئوية وهو مشروع قائم لا يسعى للربح ويدعمه الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز والآن بدأ يحصل على الأموال من عدة جهات, "سابك" تبرعت له بـ 80 مليونا ومهمته دعم المشاريع الصغيرة من الشباب أو الشابات على نمط مشروع قام به ولي عهد بريطانيا وانتشر عالميا الآن لدعم الشباب والشابات في المناطق الفقيرة في بريطانيا، دور الحكومة يأتي أيضا من ناحية توفير المال ودعم المبادرات أيضا وبالأهمية نفسها دعم النشاطات مثل الجمعية الخليجية لرأس المال الجريء مثل هذه الجمعية لها دور كبير في تطوير صناعة رأس المال الجريء، ولكن تحتاج إلى دعم من الدول في المنطقة.
هل لدينا صندوق حكومي في السعودية يدعم رأس المال الجريء؟
السري: لا أرى أي صندوق حكومي في الوقت الحاضر يقترب من هذا الوصف كداعم لرأس المال الجريء.
مداخلة العمر: عدا صندوق المئوية.
السري: صندوق المئوية ليس صندوقا حكوميا وهو صندوق خيري لا يسعى للربح، في النطاق التقني ذهب وقت الاختراعات الأساسية مثل اختراعات أديسون وغيره الاختراعات الآن تراكمية المهندس أو العالم يعمل في بيئة ويبني على الأفكار والتقنيات الموجودة وبالتالي يجب أن ننظر إلى الميزات التنافسية الموجودة لدينا، إذا ذهبنا إلى "أرامكو" مثلا نجد أن هنالك الكثير من التطويرات التي تتم داخل الشركة وربما الفائدة كاملة تعود لها إذا وجدت آلية لإخراج هذه التطويرات إلى حيز تجاري، و"سابك" لديها مصانع ودور أبحاث ومختبرات تفيد في هذا الجانب، وإحدى الصناعات التي أرى فيها مجالا للبحث والتطوير والإنتاج لتقنيات جديدة هي تحلية مياه البحر ونحن من أكبر المستهلكين للمياه المحلاة في العالم وهذا بحد ذاته يعطينا بيئة جيدة للإبداع وإنتاج تقنيات جديدة في هذا المجال: الزراعة مثلا لدينا زراعة لا بأس بها خاصة في مجال البيوت المحمية و"الهيدروبونك" الزراعة من دون تربة لنستثمر في هذا المجال، الري بالتنقيط انتشر الآن في العالم وبدأ بمبادرات وتجارب بسيطة.
المجاهد: في نطاق عمل شركات الاستثمار في رأس المال الجريء ممكن أن تعمل في جميع المجالات إنما هناك ما نسميه الميزة النسبية لكل منطقة هنا يحضرني مثال في "سبوكين" واشنطن هناك تنمو صناعة التقنيات الحيوية بشكل كبير جدا نظرا لتوافر مراكز الأبحاث الطبية والمستشفيات التي تدعم هذا المجال، فيما يخص الاستثمار بشكل عام يقوم مثل الطائر على جناحين وهما المستثمر والمبدع صاحب الفكرة ولا يمكن أن يقوم هذا الاستثمار إلا بتضافر هذين العنصرين المهمين، الفكرة يجب أن تكون واعدة و أن يتوافر المفكر المبدع الذي خرج من بيئة مناسبة ومشجعة للابتكار مثل الجامعات ومراكز الأبحاث وثقافة مجتمعية مساعدة، والعمل المؤسسي مهم جدا في مسألة الإبداع، لو سألنا مؤسسة الملك عبد العزيز لوجدنا قائمة طويلة من المخترعات، لكن بودنا أن تبنى هذه الأعمال على أساس مؤسسي أفضل من كونها مبادرات فردية بمعنى أن يعتمد على البحث والتطوير وهنا لدينا معضلة كبيرة جدا في قضية التعليم، في مجلة "mit" يتحدثون فيها عن تجربة في غاية الإبداع حيث يعطون مقررا للطلاب في كلية الهندسة ويقسمون الفصل إلى مجموعات وكل منها تكلف بحل مشكلة معينة ويكون عليهم مشرف من أحد الطلاب القدامى، الطلاب لا يعرفون طبيعة المشكلة والأستاذ يعرف أن المشكلة لا حل لها، وتحاول هذه المجموعة من الطلاب حل المشكلة في اجتماعات وفي تفكير جماعي حتى يصلوا في الأخير إلى طريق مسدود، وفي النهاية يكتب التقرير وتستعرض كل التجارب وكل المحاولات وكل الطرق والآليات التي استخدمت هذا الشيء يخلق لدى الطالب فكرة الإبداع والتفكير والعمل الجماعي ويعلم الصبر على البحث بحيث إذا واجهته مشكلة علمية وعملية يحاول حلها من كل الأوجه، إذن العمل المؤسسي مهم جدا في قضية الإبداع.
أغلب الشركات العملاقة نشأت بمبادرات فردية كيف تطالب أن يكون البحث عملا مؤسسيا وتحجم المبادرات الفردية؟
المجاهد: هي لا تحجم أريد بيئة تعليمية مناسبة تشجع على الإبداع لا على الحفظ نريد من طالب الثانوية أن يكون قادرا على البحث العلمي في مستوى تحصيله ، ووجدت في أوروبا وأمريكا بعض الطلاب في المرحلة الثانوية يؤدون أعمالا غاية في الإبداع وهذا غير موجود لدينا في بيئاتنا العلمية.
ما السبب؟
نرجعها للثقافة, ثقافة المجتمع حيث الثقافة التراكمية للمجتمعات الغربية أفضل من مجتمعاتنا العربية، مع وجود قدرات فردية لدينا عالية جدا في المستوى درسوا في الغرب وتفوقوا على زملائهم الغربيين، ولا توجد آليات عندنا لمعرفة الأفكار المبدعة، مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله مشكورون يقومون ببعض النشاطات،لكن ليست كافية ووزارة التربية والتعليم يجب أن يكون لها جهد كبير جدا في هذا المجال ومازال هذا الدور غير ملموس منها، نحن كمجتمع لم نر هذا الدور المنتظر.