السبت, 17 مايو 2025 | 19 ذو القَعْدةِ 1446


مدينة الملك عبد الله الاقتصادية تستعين بالشركات العالمية لإدخال الأفكار الذكية في مرافقها

توقع خبراء في مجال تقنية المعلوماتية أن تشهد المنطقة خلال السنوات القليلة المقبلة طفرة في انتشار ما يعرف بالمباني الذكية بعدما تبنتها المدن الاقتصادية الجديدة في السعودية، ومشاريع عملاقة أخرى في الخليج في صدارتها برج دبي التابع لشركة إعمار العقارية. ودعا خبراء التقنية في مؤتمر "مباني ذكية في مدن ذكية"، الذي يختتم أعماله اليوم في دبي وينتقل إلى الرياض وتنظمه شركة كلاسما الأمريكية لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط، المعماريين إلى إدخال ما يعرف بالمصممين التكنولوجيين ضمن فريق العمل عند وضع تصاميم المباني، بهدف وضع الأسس والمعايير الضرورية التي تجعل المبني يأخذ صفة "المبني الذكي" وأكدوا أن المباني الذكية تقلل من استخدام الطاقة وترشد من تكاليف الصيانة التي تسجل أرقاما مرتفعة بالنسبة للمباني التقليدية، وأجمعوا على أن المدن الاقتصادية الجديدة في المملكة وبالأخص مدينة الملك عبد الله في رابغ ومدينة المعرفة في حائل ستكون نماذج مثالية للمدن الذكية، وستشجع المطورين العقاريين في المنطقة على الأخذ بمفهوم المباني الذكية, نافين في الوقت ذاته أن تكون حلول التقنية المستخدمة في المباني الذكية مرتفعة التكاليف. ويشارك في المؤتمر والمعرض المصاحب عدد من أبرز شركات التقنية السعودية، التي قامت بعرض حلولها في المباني وأبرزها شركة نور للتقنية ودار الدراسات العمرانية و"سيسكو سيستمز" إلى جانب مشاركة متميزة من مدينة الملك عبد الله الاقتصادية. وقال لـ "الاقتصادية" هاني طلال بكر، المدير التنفيذي لشركة نور للتقنية إن ثورة العمران التي تشهدها المنطقة وبالتحديد في الخليج أوجدت بيئة ملائمة لما يعرف بالمباني الذكية, وأسهم في ذلك ازدياد الوعي لدى أصحاب العقارات والمكاتب الهندسية بأهمية إدخال هذا المفهوم الجديد الذي يحقق فوائد عدة أهمها: ترشيد التكاليف من خلال خفض استهلاك الكهرباء سواء في الإضاءة أو في عمل التكييف، حيث تتحكم شبكة الحلول المستخدمة في ذلك من خلال شبكة الإنترنت التي تضم الأجهزة والاتصالات كافة في المبني. وأكد أهمية توعية المكاتب المعمارية بالاستعانة بشركات تقديم حلول المباني الذكية عند وضع تصاميم المبنى، بحيث يتم تجنب الكثير من العقبات التي تواجه التقنيين عند التفكير في إدخال حلول التقنية بعد الانتهاء من بناء المبني، وقال إن شركته قدمت بالفعل حلولا للعديد من المباني التجارية في المملكة، حيث يتوقع خلال العامين المقبلين أن يرتفع الطلب على هذه الحلول في ضوء النمو الذي تشهده, خصوصا أن هناك توجها لجعل مدينة الرياض مدينة ذكية, إلى جانب إدخال المفهوم في كافة المدن الاقتصادية الجديدة في المملكة. ووفقا لمدير قطاع العقارات في شركة سيسكو سيستمز عمرو سالم فإن التقنية تساهم في خفض حجم الاستثمارات في إنشاء المباني من خلال جمع أنظمة الإضاءة والتكييف والأمن والكاميرات كافة في شبكة واحدة، وهو ما يسهم في خفض استهلاك الطاقة, وهذا ما يميز المباني الذكية عن غيرها من المباني التقليدية، مضيفا أن المطورين العقاريين على وعي تام بأهمية التقنية في المباني, غير أن الصعوبة تكمن في التعامل مع المعماريين الذين لا يهتمون بالاستعانة بالمصمم التكنولوجي عند وضع تصميم المبني، ومن هنا يتعين على المعماري تغيير نظام عمله. وأوضح أن شركة سيسكو أنشأت إدارة جديدة تسمي إدارة العقارات تستهدف إدخال التكنولوجيا في المباني تتخذ من منطقة الشرق الأوسط مركزا رئيسيا لعملها, وتقوم بتصدير حلول التقنية إلى الخارج خصوصا الهند، الصين، وأمريكا الجنوبية, ومن أبرز المشاريع التي نفذتها الإدارة مشروع مدينة الطاقة في قطر، إضافة إلى التعاون مع هيئة الاستثمار السعودية بشأن إدخال التقنية في المدن الاقتصادية الجديدة في المملكة. وأضاف أن الطلب من الأفراد على إدخال مفهوم المباني الذكية في عقاراتهم الخاصة مثل الفلل السكنية منخفض بسبب ارتفاع التكلفة مقارنة بالأبراج والمدن الكبيرة التي تكون فيها التكلفة منخفضة إلى حد كبير، وعلى الرغم من أن سالم اعتبر عدم تأهيل المكاتب المعمارية وشركات المقاولات في المنطقة خصوصا فيما يتعلق بطرق البناء أكبر عائق يواجه حلول المباني الذكية، إلا أنه توقع انتشار المفهوم بشكل واسع خلال سنوات قليلة, وضرب مثالا بالانتشار الواسع للهاتف الجوال والإنترنت بعد سنوات قليلة من استخدامهما بعد أن واجها صعوبات جمة لاستيعابهما من الأفراد في البداية. وقال أحمد سليمان الشرقاوي، مدير العمليات بإدارة تقنية المعلومات في "إعمار المدينة الاقتصادية" في رابغ، أن خطة الشركة أن تصبح مدينة الملك عبد الله الاقتصادية بأكملها مدينة ذكية، حيث سيتم إدخال التقنية في الوحدات والمنشآت داخل المدينة كافة، بل سيتم فتح مكتب متخصص لتلقي طلبات الراغبين في فتح أعمال داخل المدينة, بحيث يتم توفير الأماكن لهم مجهزة بكافة التقنية والحلول, الأمر الذي سيخفض الكثير من التكاليف عليهم عند بدء العمل، وأوضح أن مباني المدينة الاقتصادية ستكون مجهزة بالخدمات كافة من إضاءة، تكييف، هواتف، وأمن ويجري التحكم فيها من خلال شبكة واحدة, وهو ما سيسهم إلى حد كبير في خفض تكاليف الطاقة، لأن التقنية ستدخل في صلب المبنى وهو ما سيوفر الجهد والوقت. ووفقا للشرقاوي فإن المدينة دخلت في شراكات مع شركات عالمية تعمل في مجال تطوير الأفكار الخاصة بالمباني الذكية، حيث تحصل منها على استشارات وأفكار يمكن إدخالها في المدينة منها: شركة سيسكو سيستمز إلى جانب التعرف على تجارب متميزة، مثل تجربة مبني الملك عبد العزيز في مكة المكرمة, وهي من المنشآت التي صممت بطريقة ذكية. وأكد أنتو بيداردجو، الرئيس التنفيذي لشركة كلاسما الأمريكية المنظمة للمؤتمر أن اختيار كل من دبي والرياض لإقامة المؤتمر لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط بعد خمس سنوات من عقده في الولايات المتحدة، يأتي على خلفية الطفرة العقارية التي تشهدها منطقة الخليج بالتحديد خصوصا فيما يتعلق في بناء مدن اقتصادية وعمرانية ضخمة تتكلف مليارات الدولارات، ويتطلع أصحابها سواء كانوا حكومات أو شركات إلى إدخال التكنولوجيا فيها، مضيفا أن المشروعات التي قام بزيارتها في دبي تستحق بالفعل أن تكون مباني ذكية. وتوقع أنتو ازدياد عدد المباني الذكية في المنطقة خلال السنوات المقبلة في ضوء حجم الاستثمارات الضخمة، التي يجري ضخها في القطاع العقاري, معتبرا أن المدن الاقتصادية التي تجري إقامتها في السعودية ستشجع المطورين العقاريين على الأخذ بمفهوم المباني الذكية.

الأكثر قراءة