"الصحافة الشعبية" أصيلة.. قديمة ٌ.. قِدم قدم ِ(ريفالينو)!

"الصحافة الشعبية" أصيلة.. قديمة ٌ.. قِدم قدم ِ(ريفالينو)!

من المعتاد المستساغ..أن تسمع اليوم.. بمناسبة وبدونها.. صحافياً مغموراً عابراً.. يردد في تعليقٍ مبتورٍ عابرِ.. مصطلح (صحافة شعبية).. حاشراً هذا (المصطلح) في سياق انتقاصه من وضع الصحافة السعودية أو الخليجية !..
ومن المؤكد حتماً، أن هذا (الصحافي) العابر لا يقصد (الصحافة الشعبية) بمفهومها الأصلي والواسع، كتصنيف ثالث، يعقب (المحافظة)، و(المعتدلة).. قطعاً هو لا يقصد هذا.. لأنه ببساطة لا يعرفه! فهو لا يعرف سوى أمرين:
الأول: أن هناك صحافة (كويسة) - هو غالباً من محرريها - تقوم على خبر (بايت) تعاد صياغته (تسخينه)، بواسطة (مايكروويف مستورد) ديسك الصحيفة!.. ليقوم هو أخيراً بتقديم هذه الطبخة (الفاست فودية).. في مينيو الجريدة.. واضعاً اسمه عليها.. مطالباً القراء بالتهامها!
الثاني: الصحافة (المش كويسة).. وهي الصحافة التي يستهجنها..لإقبال الناس عليها.. كإقبالهم على المطاعم (الشعبية).. تلك التي تقدم لمرتاديها: المندي الطازج (الحوار المثير).. والمثلوثة الشهية (القضية الساخنة، المستوفاة جوانبها بتقرير وتحقيق وحوار).. مروراً بالكبسة (الخبطة).. وانتهاء بالحلويات (القصائد، الصور، اللوحات.. إلى ما لا ينتهي من أعمال إبداعية).
ولهذا كله.. لا يُعتد أبداً برأي هذا العابر.. وهو بالمناسبة ليس برأيه.. وإنما رأي أساتذته (المقيمين)!.. ورأيهم هذا في (الصحافة الشعبية) جدير - حقيقة- بالوقوف والتأمل..لا لوجاهته.. فهو لا يبتعد من حيث المضمون عن رأي التلاميذ!.. وإنما هو جدير بذلك من حيث الشكل.. إذ سيعيدنا - تأمل شكله - إلى نشأة الصحافة السعودية.. وبداية تشكل ملامحها.. إذ لن يجد القارئ المتأمل لنشأة الصحافة السعودية.. ما يستحق الوقوف عنده..سوى (الصحافة الرياضية)..
فالصحافيون الرياضيون لم يكن حالهم وقتها.. بأفضل من (الشعبيين) اليوم!.. فهم الهواة.. الذين اعتبرهم سواهم (من زملائهم!) في ذلك الوقت من الدخيلين على الصحافة.. فهم صحافيو المدرجات.. الجاهلون بأبجديات الصحافة.. البعيدون عن أسس الصحافة وقواعدها!
وبنظرة سريعة، اليوم، على واقع أولئك (المنتقدين).. وهؤلاء (الرياضيين)، سنجد الزمان قد أنصف (الصحافي الحقيقي).. ليصح الصحيح.. فيصبح السواد الأعظم من رؤساء تحرير صحفنا السعودية بمجلاتها وجرائدها.. هم من الصحافيين الرياضيين.. في حين أن (منتقديهم) السابقين .. قد طوى النسيان صفحاتهم وصحافتهم!
أما الرابط بين ( شعبية ) اليوم.. و( رياضية) الأمس.. فهو (الصحافة).. لا بجسدها.. بل بروحها.. وبعيداً عن (الهفوات المهنية) التي وقع أو يقع فيها أي من المنتمين لهذه أو تلك (إذ هم بالأساس هواة).. إلا أنهم يمتلكون الأهم في الصحافة.. وهو (الموهبة)، وملامسة اهتمامات قرائهم.. وهما سر نجاحهم.. ففي الوقت الذي يمتهن سواهم الصحافة بحثاً عن (لقمة العيش) لا أقل ولا أكثر.. يمارس (الشعبيون) الصحافة، بحثاً عن المتعة وتحقيق الذات..لا أقل ولكن أكثر!.
وكما أنصف الزمان (الرياضيين) في السابق.. هاهو ينصف-على استحياء - الشعبيين!.. فالصحافي الشعبي أصبح اليوم – ولا ضير مبدئياً في ذلك - (كالشعير مأكول مذموم).. إذ تلوكه ألسن منتقدي (مهنيته) في العلن.. لتعود الألسن ذاتها.. إلى مغازلة (موهبته) في الخفاء.. ومرد هذه الازدواجية بالطبع.. هو إيمان أصحابها بجدوى وجود الصحافي الشعبي ضمن طاقم أية صحيفة تنشد صحافة حقيقية.

الأكثر قراءة