في عالم الإنترنت...الأثرياء يحسدون الأكثر ثراء
يقول جيمس هونج، مؤسس موقع Hotornot.com للتعارف، إن نجاح الموقع بالنسبة لي يعني "المال الحر، والتبديل بين السيارات، من بورش بوكستر إلى تويوتا بريوس".
في أي مكان آخر تقريبا، سيُعتبر ريد هوفمان نموذجا رائعا للنجاح. وباعتباره من أوائل الرؤساء التنفيذيين في شركة PayPal، فقد كان ثريا جدا عندما بيعت الشركة إلى eBay في عام 2002 مقابل 1.5 مليار دولار. ويُدير هوفمان حاليا شركة ناشئة هي LinkedIn، وهذه الشركة عبارة عن موقع إلكتروني ذي توجه تجاري لتحقيق التواصل الاجتماعي وعمرها في السوق قرابة أربعة أعوام، بينما يقوم باستثمار أمواله الخاصة في شركات أخرى.
ويصرح هوفمان أنه لا يستطيع أن يتجنب الشعور بالحسد عندما يحقق البعض ثروات أكبر، وذلك كما حدث أخيراً مع ثلاثة من زملائه السابقين في PayPal عندما قامت شركة جوجل Google بشراء شركتهم YouTube مقابل 1.65 مليار دولار.
يضيف هوفمان، البالغ من العمر 39 عاما، "إنه لأمر محير بالنسبة لي. فقد سبقتهم في هذا العمل بعام أو اثنين، وعلى الرغم من أنهم بدأوا بعدك، ترى عملهم يتقدم بسرعة مذهلة بحيث يتجاوزونك ويحققون أفضل النتائج".
وربما يكون الحسد خطيئة في بعض الكتب السماوية، إلا أنه يمثل قوة دفع هائلة في إقليم وادي السيليكون، وبينما تحظى الإنجازات الفنية بالإعجاب والاستحسان، فإن الرواتب والمسائل المادية هي الشكل المطلق للتقدير والعرفان. وقد أدى شراء شركة YouTube في الوقت الحالي إلى زيادة الحديث عن ازدهار شركات الدوت كوم التي تعتمد على الإنترنت في عملها. ويراجع العديد من رجال الأعمال الذين يستثمرون في المجال التكنولوجي – سواء الناجحين منهم أو غير الناجحين تماما – حياتهم مقارنة بالأثرياء الجدد الذين تضخمت ثرواتهم بشكل هائل. ويقول هوفمان، الذي صنع ثروة كافية من شركة PayPal تمكنه من الانتقال بسلاسة إلى أسلوب حياة الطبقة المتوسطة العليا المريح إنه "لا يشعر بأي حقد على أقرانه الذين حصلوا على ثروات أكبر". ويزيد هذا الحسد وتقلبات الموجة الأخيرة من الثراء المفاجئ، التي تؤدي إلى ظهور أموال طائلة ولكنها تذهب إلى مجموعة صغيرة جدا من الفائزين. ويعكس ذلك جزئيا استثمارا أكثر تعقلا لرأس مال مشترك في الشركات الجديدة؛ ولقد ارتفع المبلغ المستثمر بصورة طفيفة خلال العام الماضي ولكنه أقل بنسبة 70في المائة عن الذروة التي بلغت 40 مليار دولار عام 2000.
وقال ستيفن ليفي، مدير مركز متابعة دراسات اقتصاد كاليفورنيا، الواقعة في بالو ألتو إن YouTube أمامها فرصة لكي تكون مثلا واقعيا لما يمكن تحقيقه، فقط على نطاق أكثر انتقائية".
ومنذ سبع أو ثماني سنوات، عندما بدا الوضع وكأن صاحب أي عمل يمكنه تحقيق الثراء، كانت يد الحظ سخية؛ بل ديمقراطية أيضا. وبمرور الوقت انتشرت مشاعر الحسد بين الناس، وبدا الأمر وكأنهم أيضا أغنياء – أقلُّه على الورق. وعلى الرغم من ذلك، ففي وادي السيليكون دخلت عبارة "متلازمة الثراء المفاجئ" قاموس المفردات الإكلينيكية.
وفي نهاية المطاف، كانت كثير من الثروات الموجودة على الورق بلا قيمة. ولكن الآن، وفي أعقاب ظهور الشركات الناجحة مثل YouTube وMySpace التي بيعت في العام الماضي إلى News Corporation مقابل 580 مليون دولار، يعتقد بعض الناس أن أسس تحقيق نجاح ثابت أكبر متوافرة الآن في المكان المناسب. فمن ناحية، أصبحت قابلية نجاح الإعلان عبر إلإنترنت مؤكدة، كما هو الحال بالنسبة لجوجل وغيرها ممن أثبتوا صحة ذلك.
ويمكن أن يؤدي نجاح YouTube ليس فقط إلى الحسد؛ بل إلى إثارة نوع من الحافز الجاد في وادي السليكون وما حوله من مناطق. ويقول بارت سيلمان، أستاذ علوم الحاسب في كورنيل، إنه يعتقد بوجه عام أن "أشياء مثل صفقة YouTube تدفع الناس إلى إعادة النظر في الإمكانات". وفي عام 1999 في آواخر ازدهار شركات الإنترنت، امتلك سليمان شركة ناشئة تدعى Expertology، التي استخدمت نظاما على شبكة الإنترنت يستفيد من الخبرة الجماعية في عمل الإحالات القانونية. وفشلت هذه الشركة. وقال "بعد سقوط الشركة، كان الناس يعتقدون أن "كل الشركات من هذه النوعية ما هي إلا دعاية مبالغ فيها". ولكن البروفيسور سيلمان يقول إنه رأى عدة شركات صغيرة ناشئة، مثل Hoovers.com وlinkedIn، تقدم أفكارها بنجاح على غرار المهمة التي أُنشِئت Expertology من أجلها. وأضاف "بالطبع، اختيار الوقت المناسب هو العامل الأساسي في نجاح كل شيء".
وبينما يعتقد سيلمان أن صفقة YouTube "بها قليل من الاندفاع"، فإنه يفكر في إحياء شركته السابقة Expertologyمع إضافة المزيد من التنويعات في الفكر وأسلوب العمل بعد أن شاهد الثراء الشديد الذي حققه العديد من زملائه إثر انضمامهم إلى Google. ويتابع بقوله "لعل النموذج الاقتصادي الحالي يحمل في طياته الكثير مما يختلف عما عرفناه منذ خمسة أعوام. وربما تكون الموجة الجديدة أكثر ثباتا واستقرارا".
وذكر سيلمان، البالغ من العمر 47 عاما، أنه بينما كان حريصا على عدم "المبالغة في الترويج" للموجة الجديدة، فإنه كان يخبر طلابه بصورة روتينية أن لديهم فرصة جيدة لبدء شركات جديدة مثل Google أو YouTube. وقال أيضا "إنني أؤمن أنه لا يزال هناك العديد من الفرص التي لا نستطيع حتى أن نفهمها أو نستوعبها في الوقت الحاضر".
ومع وجود مكافآت بهذا الحجم في الأفق، تزيد الضغوط الملحة على الناس لتكوين الثروات، ويتماشى الناس معها بصور مختلفة. ويستمد البعض إلهامه وحافزه لتحقيق النجاح من نجاح الآخرين، بينما يضيع البعض كما هائلا من طاقته النفسية هباء في إحصاء مدى ثراء أصدقائهم. وبوسع الحسد أن يؤثر حتى في العلاقات الشخصية بين الأقارب والأصدقاء.
أخبر بيتر بيزاريس أصدقاءه وأسرته أنه حينما كان يعيش في مقاطعة وينشستر في ماساتشوستس، كان يخطط أن يصبح مليونيرا عند بلوغ الثلاثين ومليارديرا عند الأربعين من عمره. وقال الأخ الأكبر لبيزاريس ويدعى جون وهو عالم أعصاب في جامعة هارفارد "نعم، أتذكر طريقة تفكيره بالتأكيد". وصدق بيتر في كلامه، ففي عام 1999 باع بيزاريس شركته Commissioner.com التي استمر فيها عامين إلى CBS SportsLine مقابل 46 مليون دولار، بعد ثلاثة أيام فقط من عيد ميلاده الثلاثين. وقسمت الأرباح على خمسة شركاء لم يكن أخوه جون من بينهم. وقال بيتر بيزاريس، البالغ من العمر 37 عاما والمقيم حاليا في بوكا راتون في فلوريدا، أنه لا يزال يعتقد أن "لديه الكثير من الوقت" كي يصبح مليارديرا بحلول العقد الرابع من عمره مع شركته الجديدة Multiply.com، وهو موقع لتحقيق التواصل الاجتماعي.
والآن يحاول أخوه جون الاهتمام بالعمل. فقد أسهم جون بيزاريس بشكل غير رسمي في نجاح الشركة الأولى؛ وفي الوقت الحالي، يضع البرامج الخاصة بأنشطة Multiply في وقت فراغه ويحصل بذلك على حصة ثابتة في الأرباح.
وقال جون بيزاريس، البالغ من العمر 43 عاما " لقد أردت ترتيب الأعمال في المشروع الثاني. لذا توصلنا إلى خطة لتنفيذ ذلك".
ويعد تحقيق النجاح للمرة الثانية فرضية غير مؤكدة في أي عمل؛ بل ويصبح أمرا لا يمكن التنبؤ به ولا سيما في عالم التكنولوجيا العالية. ولا يزال هوفمان، الرئيس التنفيذي السابق لشركة PayPal يشعر بالقلق الشديد إزاء إضاعته فرصة الاستثمار في YouTube. وعندما تأسست YouTube، كان هوفمان يستعد للاستثمار فيها، كما يقول، غير أن إحدى شركات رأس المال المشترك، وهي Sequoia Capital، تفوقت عليه وأخرجته من السباق بتقديم عطاء أفضل. واستطاعت شركة Sequoia أن تحقق ربحا وصل إلى 500 مليون دولار تقريبا من الصفقة التي عقدتها مع شركة جووجل.