غياب الشركة العالمية المتخصصة قد يبعد المعرض من المملكة .. الحلول بيد الشركة المنظمة
كعادته كل عام، لا يزال العديد من المختصين والمهتمين بتقنية المعلومات، يشتكون من قصر فترة معرض جيتكس، حيث لم يكتفوا من زيارته للاطلاع على ما جلبته شركات التقنية لعرضه في هذا الحدث.
وبالرغم من أن معظم المعارض العالمية تستمر فعاليتها لمدة لا تتجاوز الستة أيام، وأحيانا أقل من ذلك، إلا أن المهتمين بجوانب التقنية التي تمثل فئة الشباب نسبة عالية منها في السعودية، يتطلعون إلى استمرار فعالياته لفترة أطول بكثير، ويطالبون بإلغاء الفترة الخاصة بزيارة السيدات، على أنه لا يستفيد منها سوى نسبة ضئيلة جدا.
وكما هو معلوم أن التقنيات تستبدل بجيل جديد كل ثلاثة أشهر، وأن المعارض التي تسعى إلى عرض أحدث ما طورته صناعة التقنيات، تأتي كل ستة أشهر فقط كان التنسيق موفقا بين معارض المنطقة هذا العام، إذ يأتي "جيتكس السعودية" في فترة تبادلية مناسبة مع "جيتكس دبي" الذي يعد الأكبر على مستوى المنطقة والذي يزوره نسبة عالية قد تصل إلى أكثر من 35 في المائة من السعوديين.
وعندما نتمعن في فئات مستخدمي التقنية في السعودية، نجد أن نسبة المستخدمين الهواة غير المتخصصة تغلب عليها، إضافة إلى نسبتهم الأعلى ضمن زوار المعرض، وبالتالي نجد من البديهي تذمرهم من المعارض التي تفتقد عمليتي التسويق والبيع، أو تلك التي تخصص جزئية بسيطة لهما، ومطالبتهم بتوفير مساحة أكبر لهذا الجزء من المعرض بالذات، بحكم الاسم العالمي لسلسلة معارض (جيتكس) الذي أعطى قبولا وموثوقية لمعارضه التي تجلب كل جديد إليه.
في معرض جيتكس في دورته الحالية، فإننا نجده قد تحسن عن دوراته السابقة في العديد من المجالات، البعض منها كان بإرادة الشركة المنظمة للمعرض، والبعض الآخر كان من جانب الشركات العارضة. فيما تبقى بعض الملاحظات التي ما زالت تؤخذ على المعرض والجهة المنظمة، والتي لها الأثر السلبي في العارضين والزوار ما ينتج عنه بالتالي أثر سلبي في نجاح المعرض، كاسم تجاري عالمي.
فعندما يسترسل كتاب التقنية في الكتابة عن الجوانب السلبية للمعرض، ويشاركهم الرأي الشركات العارضة والزوار المتخصصين في تقنية المعلومات والاتصالات، فإن الدواعي والأهداف تصبوا إلى الأخذ بآراء هذه الفئات لتحسين التنظيم في الدورات القادمة للمعرض، لأن نجاحه يعد نجاحا للمملكة، ويستفيد منها الزوار بحضور مشاركات دولية على مستوى أقوى وأبرز، وتستفيد القطاعات الحكومية والخاصة من هذا النجاح مما تعرضه تلك الشركات العالمية.
لقد خصصت بعض الشركات المشاركة في المعرض هذا العام نماذج تسويقية وتجارب حية وعرض لخدمات تفاعلية لمنتجاتها كانت قد فقدت في فترات المعرض السابقة. فعلى سبيل المثال خصصت شركة الاتصالات السعودية موقعا ضمن منصتها كنموذج لمنزل المستقبل الذي سيعتمد على الاتصال اللاسلكي عبر شاشات الكريستال السائلة، لتعرض الخدمات التفاعلية للتلفزيون والإنترنت والاتصال الهاتفي. تبعتها في هذا السياق شركة توشيبا وبعض الشركات المتخصصة في التصوير المرئي والطباعة.
وتسيدت شاشات الكريستال السائلة الطلب أمام الجمهور، حيث طغت على طلب أجهزة الكمبيوتر المحمول غير المتوقع. فيما استعدت الشركات العارضة عن طريق تواجد متخصصين يتولون الإجابة عن استفسارات الزوار، وشرح ما تقدمه التقنيات الحديثة التي تعرض في هذا المعرض، من خدمات في جميع المجالات بهدف تسهيل الحياة وإضفاء الرفاهية والتسلية والترفيه عليها. كما تواجد وسائل ترويج ملفتة للأنظار، حيث يقوم أشخاص بتسويق منتجات شركاتهم من خلال التجول في المعرض حاملين اللوحات الإعلانية والمجسمات.
وبالرغم من شمولية معرض جيتكس في دورته الحالية، في جميع مجالات التقنية، كعروض الحلول البرمجية والأجهزة التقنية المتطورة، وأنظمة المراقبة والاتصالات اللاسلكية بين الأجهزة وعبر الأقمار الصناعية، وأجهزة تحديد المواقع، وحلول الطباعة، وأنظمة وسائل الإعلام، إلا أن المعرض افتقد جانب التعليم الإلكتروني، الذي بدأت الحكومة السعودية التركيز عليه بشكل فاعل.
حيث طغت مشاركة شركتي الاتصالات (السعودية وموبايلي) على المعرض بأكبر مساحة للمشاركات في تاريخ المعرض، لتفوق الألفي متر مربع، ما أفقد المعرض طابع التخصص التقني، ليبدو كأنه معرض متخصص في قطاع الاتصالات فقط، مستغلين بذلك الفراغ الذي أحدثته عروض الشركات المشاركة.
وإذا أحببنا أن نجعل معرضنا (جيتكس السعودية) ناجحا، فلا بد أن تدرك الشركة المنظمة للمعرض أهمية تحقيق رغبة الجمهور، متخصصين ومستخدمين للتقنية على حد سواء، والشركات العارضة، بتوفير العديد من المزايا والخدمات التي ستعمل على نجاحه ورقيه، فحتى الآن لا يوجد معرض تقني ناجح في السعودية، رغم أن حجم إنفاق السوق السعودةي على التقنية يشكل 40 في المائة من إجمالي حصة المنطقة، فما الذي يمنعنا من النجاح، هل سوء إدارة المعارض وسوء تسويقها، أم ماذا؟
فلا يزال يؤخذ على مركز إقامة المعارض ضيق المساحة التي لا تتجاوز 15 ألف متر، والتي قد لا تمثل سوى 10 في المائة من مساحة المعارض الإقليمية، وقد يكون هذا أحد أهم أسباب امتناع معظم الشركات عن الحضور.
إضافة إلى ذلك المرونة في تسهيل تأشيرات الزيارة، فمعظم الشركات تمتنع عن الحضور لتمثيل اسمها والاكتفاء بحضور من يمثلها في السعودية، والذي قد يمثل العديد من الشركات، ما يفقد الخصوصية في تمثيل حضوره.
كما لا يخفى على جميع الزوار، وكما هي العادة في كل عام، لا تجد نسبة عالية جدا، قد تشكل 90 في المائة من زوار المعرض، مواقف كافية للسيارات. فنسبة عالية تبحث عن مكان لإيقاف سياراتها في شوارع الأحياء المجاورة، وبين المباني السكنية القريبة، ما يضايق السكان وأيضا الزوار، ما يدعو نسبة منهم إلى عدم زيارة المعرض بحجة عدم توافر المواقف.
ورغم أن الشركة المنظمة للمعرض، تتحجج بوجود موقع جديد لمركز المعارض، إلا أننا نعتقد انه بعيد المنال. فالمطالبة الفعلية هي إيجاد خدمات أكثر من مواقف سيارات لتتعداها إلى توفير الخدمات الفندقية بجوار تلك المراكز.
ونعود إلى سابق حديثنا عن الفئات المستخدمة للتقنية (الهواة) الذين يشكلون الفئة الأعلى لزوار المعرض، والذين يبحثون عن التسوق في معارض التقنية، والتي خصصت لها الشركة المنظمة للمعرض جزئية قد لا تمثل 10 في المائة من مساحة المعرض، تحت مسمى (جيتكس التسوق)، وعندما تتجول في هذا المعرض الذي يكتظ بأعداد ضخمة، قد لا تستطيع الوقوف لسؤال العارضين، كما قد يجرفك تيار المارة بين ممرات المنصات إلى وجهة لا ترغب في الوصول إليها.
إن هذه الجزئية من المعرض يجب أن يعاد النظر فيها مراعاة لرغبات مرتادي المعرض وطموحهم، وليس إلزاما أن يكون هذا المعرض محاذيا من ناحية الموقع إلى جوار المعرض (الأم) جيتكس، وإنما يفضل أن يكون بعيدا عنه لأهداف عديدة من أهمها إيجاد مساحة أكبر لمعرض التسوق، ما يتيح عددا أكبر من العارضين، وبالتالي تخفيف التزاحم بين منصاته، وأيضا تقليل الطلب على مواقف السيارات.
ولا يخفى علينا افتقاد الزوار المحاضرات التي تعودوا عليها في مثل هذه المناسبات، إضافة إلى قلة المواقع المخصصة لها، رغم تكرار المطالبة بإيجادها للفائدة المرجوة من المحاضرات واللقاءات، عوضا عن مواقع للمؤتمرات الصحافية لتدشين منتجات الشركات العارضة ودعوة الإعلاميين، ما تضطر الشركات العارضة إلى اللجوء إلى الفنادق خارج نطاق المعرض لإطلاق منتجاتها وخدماتها الجديدة.
وحيث إننا نتحدث عن مجال الإعلام، فهذا يقودنا إلى غياب المركز الإعلامي الفاعل، وأيضا وجود الفراغ الذي يحدثه غياب شركات العلاقات العامة الفاعلة الخاصة بشركات التقنية المشاركة في المعرض.
فهل سنرى (جيتكس السعودية 2008) بحلة أفضل؟.. نتمنى ذلك!
ففي كل عام نلاحظ تحسن عن العام الذي قبله، ونرغم في سرعة تلبية هذا النقص قبل أن يفقد المعرض العارضين والزوار ليعود إلى مسقط رأسه (جيتكس دبي) بلا عودة.