حزبان متناقضان أسهما في كارثة المتلقي الغبي والقادم أشعر!!

حزبان متناقضان أسهما في كارثة المتلقي الغبي والقادم أشعر!!

جمع العديد من الأفكار المترابطة لكتابة مدخل يخص الشعر وأحواله في القرن الواحد وعشرين، أمر صعب، إنما واجب الطرح لبناء مثاقفة جديدة تنطلق من مشاهدة ومتابعة يسهل بثها، دون ترابط ، كما هو حال الشعر المحكي.
قد لا يغيب عن المتابع أن الشعر بدأ يتشكل كعنصر يتفاعل مع رغبات خارجة عن مدينته، لذا كان في كل مرة يحتاج إلى جواز عبور، من الخطأ أن لا نقر في وقت من الأوقات أن جودته كانت هي أساس استيطانه في الحدود المترامية، مما أغرى الكثيرين لخوضه وتناوله والدخول فيه، وقد استلزم ذلك إنشاء أماكن تتلقاه كنتاج مكتوب فكانت فكرة إنشاء المطبوعات المهتمة بالأدب المحكي ابتداء من الغدير إلى المختلف وفواصل وقطوف.
وقد أسهم وجود خبرات وشعراء جيدين في طرح نتاج جيد في البداية على الأقل، إن استثنينا تجربة عافت في قطوف طيلة فترة صدورها.
وغياب الصفحات المحلية وتغليف نتاجها بكلاسيكية باتت غير مقبولة أكسب تلك المطبوعات كعامل آخر متابعة كبيرة.
وبعد أن ترنح جسد الشعر واتزنت الفوضى من خلال غياب رقابة الذائقة العامة التي سمحت بمرور تجارب لم ترقى لمستوى الشعر الذي بدأ بفعالية عالية يشكل نهجا أدبيا شعبيا في الخليج العربي، فوجئ المتابع في لحظة تنبه أن الشعر أصبح كلام أرصفة وجسر عبور لكسب مادي وواسطة إنهاء صفقة تجارية، وكسب ثقة القبيلة ، وغيرها من المهام التي لن يستطيع الشعر نفضها عن كاهله إلا بإحداث ثورة يقودها من هم أهل للشعر.
من سيقود الفوضى؟
الحقيقة أن مشكلة الشعر الرديء أنه مدعوم، وينتمي إليه أشخاص قادرون على فرض سطوة جهلهم بترتيب عجيب، من خلال برامج وصحف ووسائل انتشار تقنية وعقل لا يطيق التفكير، وعلى العكس نجد أن شعراء التجديد والصحوة أرهقتهم الفوضى وعدم الالتقاء إضافة إلى عدم وجود أجندة واضحة تحوي مخطط تسريب رؤاهم، لذا لا غرابة أن يظهر ألف شاعر رديء بمعية جمهور أردى!
ولن تكون المهمة صعبة متى ما حاولت هذه الثلة مجاراة الوضع من باب "الحرب خدعة" لمعرفة أدوات النجاح، وتربية ذائقة الجمهور من خلال حضور منظم ومتصاعد، والنجاح مرتبط بفشل وجود متلق جيد!
وقد يخلط البعض هنا، حين يظن أن أي حركة تجديدية هي بالضرورة ضد النهج الكلاسيكي والتقليدي، في حين أن المسألة تختص بشعر جيد، ولكن ليس من الصعب أن نفرق بين الرديء والجيد في الشعر الكلاسيكي الذي مسك زمام الشعر وفشل في المحافظة عليه، لذا كان الارتباط من حيث المسمى وثيقا بينه وبين الرداءة وتراجع قيمته، أو على الأقل الأسماء التي أهانت الشعر كانت من هذا "الحزب"!
كما أنه ليس بالضرورة أن يكون نتاج أصحاب "الحزب الآخر" جيدا على الإطلاق، بل أسهمت أفكار "نخبو يتهم" في بناء عزلة لم تستفد من أساس الشعر الجيد وبدأت "هرطقة" " وحكي فاضي" تواكب نصوصهم.
وهنا إعلان ضياع متلق، تخبط مع كل هذه التخبطات، وانسلخت ذائقته لتصبح عارية أمام أي نتاج، وبدأ يبحث عن الأسهل، الواضح، المباشر، أو ما يسمه بشكل صرف!، كرداء لجهل وكسل عقله!
ورغم ما أحيته برامج الشعر الأخيرة من متابعة وجمهرة إلا أنها لم تستطع إعادة الهيبة للشعر، وقريبا سيخمد نار تلك البرامج، وسيعم الهدوء حتى ظهور شاعر جديد يشعل الحماس ويعيد هيبة الشعر ومن وراءه سيبدأ الكثيرون في التقليد ومن ثم بناء شخصيات مستقلة.
حينها سيكون للشعر حضور أجمل، فمتى يحضر هذا الشاعر؟!

الأكثر قراءة