مصانع لإنتاج ماء اللقاح .. والطلع سر توالد العرب

ينظر العديد من مزارعي الأحساء والمستثمرين في المجال الزراعي إلى ندوة النخيل الرابعة التي ينظمها مركز أبحاث النخيل والتمور في جامعة الملك فيصل بتفاؤل كبير، حيث ينتظر أن يطرح في تلك الندوة العديد من البحوث والدراسات الخاصة بمكافحة الآفات الزراعية التي تعد من الكوارث التي تهدد أكثر من 26 مليون نخلة في المملكة، بالإضافة إلى إيجاد منافذ جديدة لتسويق الفائض من التمور لدى المزارعين وتجار التمور.
يأتي ذلك في الوقت الذي انتهى فيه العديد من مزارعي الأحساء أخيرا من عملية تأبير (تلقيح ) أكثر من 3.5 مليون نخلة في مزارع المنطقة، ويحرص العديد من المزارعين على تلقيح نخيلهم خلال الفترة بين منتصف شباط (فبراير) حتى منتصف نيسان (أبريل) وهي الفترة التي تظهر وتتفتح فيها الأكماء الأنثوية للنخيل، وذلك عن طريق نقل حبوب اللقاح الذكرية إلى الأزهار الأنثوية.
وتشهد الأسواق المتخصصة في الأحساء نشاطا ملحوظا خلال هذه الفترة من كل عام نظرا للإقبال الكبير على شراء حبوب اللقاح التي يتم عن طريقها تلقيح النخيل، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعارها حيث يبلغ سعر الطلع الذكري الواحد (السف) كمـا يسميـه المزارعون في الأحساء بين 100 و150 ريـالا.
ويتم التلقيح عادة عن طريق تسلق النخلة من قبل المزارع ووضع كمية من الحبوب في وسط الطلع الأنثوي وربطه بخوصة (جزء من سعف النخيل) لتتم عملية الإخصاب، وتسمى تلك الطريقة باليدوية، كما توجد هناك طرق أخرى تستخدم في عملية تلقيح النخيل منهـا طرق طبيعية وذلك عن طريق الرياح أو الحشرات التي تقوم بنقل حبوب اللقاح من الأكماء الذكرية إلى الأنثوية أو طرق صناعية كاستخدام المنفاخ المطاطي وذلك بتوصيل فوهة المنفاخ إلى الطلع الأنثوي في أعلى النخلة ونفخ الحبوب لتصل إلى الطلع وتقوم بتلقيحه، أو طرق ميكانيكية وذلك باستخدام الطائرات التي تقوم برش حبوب اللقاح على الأكماء الأنثوية. وبعد التلقيح تمر النخلة بعدة أطوار حتى تبدأ إنتاجها هي:

الحبابوك
وهو الطور الأول ويستمر حتى حزيران (يونيو) حيث تتكون حبات في حجم الذرة لونها أبيض مصفر ثم تميل إلى اللون الأخضر.

البلح
وهو الطور الثاني ويطلق عليه البعض الخلال ويستمر حتى آب (أغسطس) ويغلب عليه اللون الأخضر.

البسر
وهو الطور الثالث ويغلب على الثمرة اللون الأصفر أو الأحمر ويستمر هذا الطور بين ثلاثة وخمسة أسابيع.

الرطب
حيث تبدأ الثمرة في النضج منتصف أيلول (سبتمبر) وتستمر حتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) حيث يكون نصف الثمرة السفلي تمرا ونصفها العلوي بسرا ذو لون أصفر أو أحمر، ويعد رطب الطيار أول الأنواع نزولا إلى الأسواق يأتي بعده المجناز، الغر، الخلاص، الشيشي، الخنيزي، الشهل، التناجيب، أم ارحيم، المرزبان، البرحي، والهلالي، وقد ظهر أخيرا عدد من الوسائل لحفظ وتخزين الرطب للاستفادة منه بعد نهاية المحصول خصوصا في شهر رمضان وذلك بحفظه في ثلاجات خاصة.

التمر
وهو الطور الأخير من أطوار ثمار النخلة حيث يتحول الجزء العلوي من ثمرة النخلة إلى تمر فيتم جنيه بطريقة تسمى (الصرام) حيث تنتـج الأحساء أكثر من 250 ألف طن من التمور المنتجة في السعودية من أهمها خمسة أنواع رئيسية هي الخلاص ويشكل 50 في المائة من إنتاج الأحساء، الرزيز، الشيشي، االخنيزي والشبيبي.
ويتم تسويق التمور في الأحساء عن طريق سوق التمور الواقعة في مخطط عين نجم، حيث يقوم المزارعون بحمل إنتاج مزارعهم من تلك التمور في وعاء كبير مصنوع من سعف النخيل يعرف باسم (المرحلــة) يتسع لـ 60 كيلـو جرام، في حين يقوم بعض مندوبي المصانع أو المستهلكين بعقد صفقات مباشرة مع المزارعين في مزارعهم بغرض شراء إنتاجهم من التمر، فيما يتم تجهيز التمور في الأحساء بواسطـة مصنع التمور التابع لهيئة الري والصرف والذي تصل طاقته الإنتاجية إلى عشرة آلاف طـن، بالإضافة إلى مصنع الشركة الوطنية للتنمية الزراعية (نادك)، مجمع الصناعات التحويلية للتمور، مصنع البراك، ومصنـع الجزيرة، إلا أن العديد من المستهلكين يفضلون تعبئـة التمور يدويا، حيث تعبأ في أكياس تراوح أوزانها بين 1 و5 كيلو جرامات حيث تكبس وتخزن حتى حلول فصل الشتـاء، ويطالب العديد من منتجي التمور بالبحث عن وسائل جديدة لتصريف الفائض من إنتاج مزارع المنطقة من التمور سواء بفتح منافذ تسويق جديدة محليا وخارجيا أو افتتاح مصانع جديدة للاستفادة من التمور في تصنيع بعض المنتجات كالحلويات والبسكويت والأيسكريم والخل.

فرص وظيفية للسعوديين

تعد هذه الفترة التي يتم فيها تلقيح النخيل فرصة جيدة لبعض الشباب السعودي الذين يجيدون تسلق النخلة بحيث يتفقون مع بعض أصحاب المزارع على القيام بعملية تلقيح نخيل مزارعهم نظير أجر معين يتراوح بين 5 و10 ريالات للنخلة الواحدة، وذلك حسب عدد النخيل وارتفاعها في المزرعة.
وعلى الرغم من دخول العديد من العـاملين من بعض الجنسيات الآسيوية في هذه المهنة وتقديمهم الخدمة بأسعـار أقل من السعوديين إلا أن العديد من أصحاب المزارع يفضلون الشباب السعودي لمهارتهم وإتقانهم هذه المهمة التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم.

التلقيح وأمراض الصدر

تعد الفترة التي يتم خلالها تلقيح النخيل من الأوقات غير المحببة بالنسبة للمصابين بأمراض الجهاز التنفسي كمرضى الربو وحساسية الصدر والأنف بسبب الرائحة القوية لحبوب اللقاح وزيادة نسبة الأتربة والغبار خلال هذه الفترة، حيث يتسبب ذلك في تهييج الحالات لديهم وحدوث أزمات ربو وضيق تنفس شديدة قد تؤدي لدى البعض إلى الوفاة، لذا يحرص العديد منهم على الابتعاد عن أماكن وجود النخيل واستخدام العلاجات المناسبة للتخفيف من تلك الأزمات.

طلع النخيل علاج ومقو

أكد العديد من الدراسات والأبحاث التي تم إجراؤها على طلع النخيل أن له فوائد صحية وعلاجية عديدة، حيث يحتوي على العديد من العناصر الغذائية كالسكريات والبروتينات والأملاح والكالسيوم، بالإضافة إلى فيتاميني ب، ج، وقد أشارت إحدى الدراسات إلى أن طلع النخيل يعتبر مقوي للجسم ويعالج الأعصاب والكلى والمثانة كما أن له دورا كبيرا في علاج التهاب المرارة وأوجاع الصدر وتقوية القلب والمعدة والقضاء على العقم وتنظيم الطمث، وهو أحد أسرار كثرة توالد العرب.

الطلع وماء اللقاح

يحرص العديد من سكان الأحساء على الاحتفاظ بالغلاف الخارجي لطلع النخيل، حيث يستفاد منه في إنتاج ماء اللقاح وذلك من خلال غليها واستخراج الماء منها عن طريق التقطير، وتتم الاستفادة من المنتج الجديد بعدة طرق حيث يضاف إلى الماء أو الشاي لتغيير نكهته، كما يستخدم علاجا لبعض الأمراض التي تصيب المعدة أو الصدر، وقد أسهم إقبال سكان المنطقة على ماء اللقاح في إنشاء مصانع صغيرة داخل بعض المزارع في المنطقة.

الرش للوقاية من الآفات

يحرص العديد من المزارعين على رش ثمار النخيل في طورها الثاني (البلح) ببعض المبيدات الحشرية للوقاية من الآفات التي تصيب أشجار النخيل من بينها سوسة النخيل الحمراء، حلم الغبار، الوجام، خياس طلع النخيل وغيرها من الآفات التي تهدد المحصول السنوي للتمور في المملكة والأحساء على وجه الخصوص ويبذل عدد من الجهات المختصة في الأحساء كوزارة الزراعة والهيئة العامة للري والصرف وكلية العلوم الزراعية والأغذية في جامعة الملك فيصل جهدا كبيرا في سبيل مكافحة تلك الآفات والقضاء عليها لحماية الرقعة الزراعية في المنطقة.

لجنة وجمعية جديدتان للتمور في الأحساء

تم الإعلان أخيرا عن تأسيس لجنة للتمور في الغرفة التجارية الصناعية في الأحساء بناء على توجيهات الأمير بدر بن محمد بن جلوي آل سعود محافظ الأحساء تستهدف الاهتمام بكل ما يخص التمور من حيث إقامة الندوات والمحاضرات واللقاءات، كما تم إطلاق جائزة للإنتاج المتميز للتمور والمزرعة المثالية باسم الأمير بدر، أيضا ينتظر أن يتم خلال الفترة المقبلة الإعلان عن تأسيس جمعية النخلة التعاونية الزراعية في الأحساء، يأتي ذلك بعد أن اتفق المؤسسون في اللقاء الذي عقد منتصف كانون الأول (ديسمبر) الماضي في قاعة المناسبات في هيئة الري والصرف بحضور الدكتور فهد بن عبد الرحمن بالغنيم وزير الزراعة السعودي على البنود الأساسية لتأسيس الجمعية وإشهارها.
وتهدف الجمعية الجديدة إلى المحافظة على أسعار التمور والجودة النوعية والمساعدة في تحقيق التوازن فيما يصب في مصلحة المزارعين في المنطقة بحيث تكون هي الشخصية الاعتبارية لمزارعي الأحساء، وأن يكون لها الحق في التحدث باسمهم, وأن تكون لها القدرة على مطالبة الدولة بزيادة دعمها المزارعين بالإضافة إلى موازنة العرض والطلب في سوق التمور من أجل الحفاظ على أسعار متوازنة وإيقاف عملية إغراق السوق بالتمور وقت جني الثمار, توفير العمالة الموسمية المدربة لمساعدة المزارعين في أوقات الحاجة, تخفيض تكاليف الإنتاج وذلك عن طريق القوة التفاوضية للجمعية مقارنة بأي مزارع آخر, عمل وتفعيل نظام لتصنيف التمور إلى عدة درجات وجعل هذا النظام هو الأساس في وضع سعر التمر مع صدور شهادات الجودة على حسب نوعية التمور, فتح آفاق وقنوات تسويقية من خلال القوة التفاوضية مع الجهات المشترية للتمور, تحسين الإنتاج من خلال تشجيع المزارعين على استخدام أحدث الوسائل المساعدة في تحسين وزيادة إنتاج التمور, توعية المزارعين بالآفات الزراعية ومحاولة محاربة هذه الآفات, توعية المزارعين بأهمية العضوية ومساعدتهم من أجل تحقيقها, استثمار الأوقاف المهمة لدى وزارة الأوقاف وبيت المال, وعمل البحوث والإرشادات الزراعية التي تعمل على مكافحة سوسة النخيل الحمراء والآفات التي تصيب التمور.