216 مليار ريال استثمارات لقطاع الإسكان في مدينة الرياض حتى عام 1445هـ

216 مليار ريال استثمارات لقطاع الإسكان في مدينة الرياض حتى عام 1445هـ

درجت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض على تنظيم سلسلة من ندوات الإسكان بهدف النهوض بقطاع الإسكان في مدينة الرياض وإيجاد حياة سكنية تفاعلية إيجابية بين سكانها، حيث تنظم الهيئة برعاية الأمير سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض يوم الأحد المقبل في مركز الملك فهد الثقافي، ندوة الإسكان الثالثة تحت شعار (الحي السكني .. أكثر من مجرد مساكن)، وتناقش مختلف قضايا الأحياء السكنية بمشاركة خبراء ومتخصصين من مختلف دول العالم.
"الاقتصادية" عقدت ندوة صحافية في مقر هيئة تطوير الرياض، ناقشت فيها جهود الهيئة في معالجة قضايا الإسكان في المدينة، ونتائج الدراسات التي أجرتها الهيئة فيما يتعلق بقضيتي الإسكان والسكان، ونواتج المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض الذي وضعته الهيئة في مجال الإسكان، إضافة إلى الجوانب العلمية والتنظيمية لمسابقة "الحي السكني.. سكن وحياة" العالمية، التي تنظمها الهيئة بالتزامن مع ندوة الإسكان الثالثة.

ما هو الهدف من اختيار موضوع الحي السكني، عنواناً لندوة الإسكان الثالثة؟

م. إبراهيم السلطان:
أود أولاً تأكيد أهمية هذا القطاع لتوفير حياة كريمة للسكان، كما أن هذا القطاع يعد محركاً اقتصادياً لكثير من القطاعات المرتبطة به، لذا فإن لهذا القطاع أهميته الاجتماعية والاقتصادية. ومن هذا المنطلق عنيت الهيئة ضمن مهامها ومسؤولياتها الشاملة بقطاع الإسكان وبذلت الجهود المختلفة للمساهمة في تحقيق متطلبات سكان المدينة من الإسكان في الحاضر والمستقبل. وفي هذا السياق تنظم الهيئة ندوة دورية لمناقشة الجوانب المختلفة لهذا القطاع، حيث ركزت الندوة الأولى على مستقبل الإسكان في مدينة الرياض من جانب العرض والطلب وكذلك جانب التمويل. وفي الندوة الثانية تم تناول جانب المسكن الميسر الذي يتيح للأسرة تملك مسكنها الخاص بأقل التكاليف الممكنة مع تقوية الجانب الوظيفي للمسكن، وجعله أكثر استدامة من خلال تخفيض تكاليف الصيانة والتشغيل.
أما موضوع هذه الندوة التي نحن بصددها فيتناول الحي السكني الذي يمثل الحاضن للمساكن التي تحتاج خارج نطاقها إلى الكثير من الخدمات المكملة لوظيفتها من أجل حياة أفضل للسكان. لذا فإن ندوة الإسكان الثالثة ستناقش العوامل المساهمة في تحسين الأحياء السكنية وجعلها أكثر حيوية، والعمل على تطوير الأحياء القائمة، أو إيجاد أحياء جديدة من منظور عمراني واجتماعي وأمني وبيئي وجمالي، والتعريف بنماذج لأحياء سكنية تلبِّي احتياجات السكان وتتفاعل مع المؤثرات البيئية والاقتصادية.

كيف يمكن تحقيق جودة البيئة السكنية في أحياء مدينة الرياض، على اعتبار هذا المطلب أحد محاور ندوة الإسكان الثالثة؟
أ. عبد العزيز آل الشيخ:
كما هو معلوم أن الأحياء السكنية تشكل غالبية النسيج العمراني في المدن، لذا فإن خصائصها الإيجابية أو السلبية تؤثر بشكل واضح في هوية المدن، لذا تعد جودة البيئة السكنية في الأحياء مؤشرا على مستوى جودة الحياة.
وتنمية البيئة السكنية في الأحياء وتحسين مستواها، لها متطلبات ليس أقلها العناية بجودة الأحياء السكنية، ودعم الإحساس بروح المجموعة بين السكان، وتمكينهم من المشاركة في إدارة الحي والعناية به.
فالبيئة الجيدة تتحقق من خلال توافق التشكيل العمراني للأحياء مع الخصائص البيئية والمناخية، وتفاعله مع الاحتياجات الاجتماعية.
ومن هذا المنطلق جاء اهتمام ندوة الإسكان الثالثة بعنصر تحقيق جودة البيئة السكنية وتحسين مستوى الأحياء، فجلسات الندوة ستطرح هذا المحور على بساط البحث، من خلال مجموعة من العناصر تشمل بحث آليات التطوير العمراني والاجتماعي والاقتصادي للأحياء السكنية المتدهورة، ووضع القواعد الإرشادية لتحسين أداء الأحياء السكنية من النواحي الأمنية والصحية والجمالية، ومناقشة المعالجات والحلول اللازمة للحد من هجر السكان الأحياء وتغيير استخدامها، إضافة إلى استعراض أساليب الرفع من كفاءة خدمات البنية التحتية في الأحياء القائمة والاستفادة القصوى منها، وتحديد العوامل المساهمة في الحد من بقاء الأراضي بيضاء داخل الأحياء.

يتناول المحور الثاني للندوة موضوع تحسين بيئة الأحياء السكنية، كيف تعاملت الهيئة مع هذه القضية؟
م. أحمد السبيل:
مدينة الرياض بحاجة ماسة إلى الرفع من بيئة أحيائها السكنية بجميع عناصرها المختلفة كما وكيفا، كالخدمات العامة (من مدارس، خدمات صحية، حدائق أماكن مفتوحة .. إلخ)، وكذلك شبكات الطرق داخل تلك الأحياء التي يجب أن تشجع على الحركة والتنقل داخل الأحياء دون عناء أو حتى استخدام العربة، وغير ذلك من عناصر البيئة السكنية التي يتطلع إليها الفرد والمجتمع بجميع فئاته، وهذا ما نبهت إليه الهيئة من خلال سياسات استراتيجية الإسكان في المخطط الاستراتيجي الشامل، ومخطط استعمالات الأراضي، حيث أكدت أهمية وجود بيئة سكنية إنسانية ملائمة في الأحياء، تعطي الأولوية بتوفير بيئة سكنية تلائم جميع فئات ساكني تلك الأحياء، وذلك من خلال إعادة تصميم مواقع وعدد الخدمات العامة، وإعادة تصميم الطرق وإيجاد ممرات مشاة مدعومة بالتشجير والإنارة الملائمة لبيئة مدينة الرياض وغير ذلك، وهذا ما بدأنا نشاهده في بعض المخططات السكنية الجديدة، ونأمل أن تتم معالجة الأحياء القائمة بمثل ذلك.

ما أهم النتائج التي تحققت في ندوتي الإسكان السابقتين؟
د. عبد الرحمن السري:
ربما تكون أهم النتائج المتمخضة عن ندوتي الإسكان السابقتين اللتين نظمتهما الهيئة في السابق، تتمثل في لفت النظر إلى أهمية البحوث المطلوبة في مسألة الإسكان بشكل عام، وجمع المختصين من دول العالم العربي وغيرهم، وإطلاع المختصين على تجارب متعددة في مجالات موضوعات الندوة.
ولا شك أن كل ندوة تخرج بتوصيات، هي قطعاً توصيات نظرية، إلا أننا ننظر بتفاؤل إلى ما يمكن أن تحققه هذه التوصيات من فائدة تكمن في أخذ الجهات المسؤولة هذه التوصيات وتطويرها تمهيداً لتطبيقها.
وفي مدينة الرياض تعاني بعض أحيائها السكنية ضعف مكوناتها، فالعديد من الأحياء تركز على جانبي التنقل بالسيارة وتصميم الوحدة السكنية، ومن النادر أن تجد أحياء سكنية يسهل على القاطنين فيها التواصل فيما بينهم، أو أن يتواصلوا في أجواء خارج مساكنهم.

م. إبراهيم السلطان:
لعلي أضيف إلى ما ذكره الدكتور عبد الرحمن بشأن التوصيات أن مثل هذه الندوات بقدر ما يطمح من خلالها إلى الخروج بتوصيات تطبق على أرض الواقع، فهي أيضاً تهدف إلى نشر الجوانب العلمية، والتثقيف بمشكلات معينة، وإتاحة الفرصة للخبراء لتبادل الآراء.
وشخصياً أعتقد أن الهيئة استفادت من تنظيم مثل هذه الندوات، بأنها اختبرت الكثير من نتائج بحوثها، والاطلاع على تجارب عديدة من الداخل والخارج، ولا شك أن كثيرا من نتائجها طبقت في أعمال الهيئة، وبشكل خاص في المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض الذي أعدته الهيئة.

تضمن أحد محاور الندوة موضوع تفعيل مشاركة السكان في الأحياء السكنية، هل جرى أخذ ذلك في الحسبان في أعمال الهيئة التخطيطية؟
أ. عبد العزيز آل الشيخ:
فيما يتعلق بمشاركة المجتمع في أعمال الهيئة التخطيطية، أود الإشارة هنا إلى أن الهيئة وضعت هذا الأمر نصب عينيها منذ بداية أعمالها التخطيطية، فقد تبنت الهيئة، منهجية عمل مبتكرة في إعدادها المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض، وكذلك في المخطط الإقليمي لمنطقة الرياض الذي تعمل على إعداده حالياً، جعلت من المناقشة والتشاور مع جميع الجهات ذات العلاقة ومختلف فئات المجتمع، أحد المبادئ الأساسية في منهجيتها في العمل.
وقد جعلت الهيئة من النتائج التي تتوصل إليها عبر هذه المنهجية، أحد المكونات الأساسية لقواعد المعلومات الحديثة والمتنوعة التي تنشئها لجميع القطاعات في المدينة والمنطقة.
كما كان للمشاركة المجتمعية في أعمال الهيئة صيغ وأشكال مختلفة، فأحيانا تكون على شكل عقد لقاءات وحلقات للنقاش، وأحيانا تكون على شكل ورش عمل، وأحياناً تكون على شكل التواصل عبر وسائل الإعلام المختلفة، وأحيانا أخرى تكون على شكل استطلاعات للرأي مباشرة أو إلكترونية عبر موقع الهيئة على الإنترنت www.arryiadh.com.
وعلى سبيل المثال عقدت الهيئة خلال مراحل إعدادها للمخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض، ورش عمل عديدة لمناقشة ومراجعة وتقويم كل مرحلة من مراحل العمل في المخطط، شارك فيها عدد كبير من المختصين في المجالات المهنية المختلفة من الجهات الحكومية والقطاع الخاص وفئات المجتمع المختلفة.

م. أحمد السبيل:
كما ذكر زميلي عبد العزيز فإن مشاركة السكان تم الأخذ بها في الحسبان في بدايات وضع المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض، حيث بدأت الهيئة عند إعداد المخطط بوضع تقرير تحت عنوان (الإنسان والعمران) عني بجمع آراء وتطلعات سكان مدينة الرياض بجميع فئاتهم، حول تطلعاتهم نحو مستقبل مدينتهم، وشارك في طرح الآراء كل من الشباب وكبار السن من الجنسين، من جميع المستويات التعليمية والاجتماعية، وأبدوا آراء متباينة حول مدينتهم ابتداء من المساكن فالخدمات والأحياء والطرق وغيرها من الجوانب، وخرج التقرير بآراء سديدة أسهمت في وضع الرؤية المستقبلية للمدينة، وروعيت في وضع السياسات المتعلقة بالإسكان في المخطط الاستراتيجي الشامل.
وهذا ما تم كذلك عند البدء في العمل على إعداد المخطط الإقليمي لمنطقة الرياض، حيث عقدت الهيئة ضمن إعدادها للمرحلة الأولى من هذا المخطط، عدة ورش عمل وحلقات نقاش ولقاءات في المقار الرئيسية للوزارات المعنية وفي فروعها في مدينة الرياض، وفي المحافظات والمراكز في المنطقة، جرى خلالها استعراض لبرنامج العمل على المخطط وقضاياه الرئيسية، وتبودلت خلالها الأفكار والآراء حول قضايا المنطقة الملحة وأولويات المخطط الإقليمي، وسط مشاركة واسعة من المختصين في المجالات المهنية المختلفة من الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وأعضاء مجلس المنطقة والمجالس المحلية والبلدية، والأكاديميين والمهنيين المختصين من داخل المملكة وخارجها وجمع من فئات المجتمع، وكان لهذه المنهج أثر إيجابي ومردود‘ بفضل من الله، في سير العمل على هذا المشروع المهم والأول لمنطقة الرياض.

ما مغزى شعار الندوة: الحي السكني أكثر من مجرد مساكن؟
د. عبد الرحمن السري:
فكرة شعار الندوة وهو (الحي السكني أكثر من مجرد مساكن) تتمثل في لفت النظر إلى أن الحي السكني يقوم على البيئة التي يمكن أن تحيط به، سواء كانت بيئة جغرافية، أو بيئة معنوية، أو بيئة اجتماعية.
فالحي السكني بسكانه، يؤثر ويتأثر بالتصميم العمراني والمعماري المحيط به، فإذا استطعنا أن نوجد أحياء سكنية يعيش فيها المرء هو وجاره في بيئة جيدة بعلاقات متميزة، وسط خدمات متاحة، فلا شك أن هذا يتعدى مجرد تصميم المسكن في الحي السكني.

معالجة الهيئة قضايا الإسكان

كيف تقيمون تجربة الهيئة في معالجة قضية الإسكان في مدينة الرياض؟
م. إبراهيم السلطان:
كما ذكرت في جواب سابق، عنيت الهيئة بهذا القطاع الحيوي حيث عمدت إلى وضع استراتيجية خاصة بالإسكان ضمن المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض، الذي يتناول بشمولية قطاعات التنمية كافة، كما أنجزت الهيئة، وتنجز عدداً من الدراسات المتخصصة في هذا المجال لتحديد اتجاهات العرض والطلب على الإسكان والاتجاهات المستقبلية لهذين العاملين. وكذلك فيما يتعلق باقتصاديات الإسكان من مقدرة السكان المالية ومعدل الإنفاق على المسكن في مدينة الرياض، وتقوم كذلك بنشر هذه المعلومات على نطاق واسع، وفي جانب آخر فإن الهيئة تصدر المطبوعات المتخصصة والمراجع المهنية وتقوم بتوزيعها على المختصين والمهنيين والمهتمين بهذا الجانب.
وتأتي سلسلة ندوات تنظمها الهيئة بشكل دوري على رأس هذه الجهود، وبمشيئة الله ستنظم الهيئة الأحد المقبل برعاية الأمير سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ندوة الإسكان الثالثة "الحي السكني أكثر من مجرد مساكن" في مركز الملك فهد الثقافي في الرياض، بمشاركة أكثر من 200 خبير من 27 دولة. ويعقد بالتزامن مع الندوة، مسابقة "الحي السكني.. سكن وحياة" العالمية، التي تنظمها الهيئة وشارك فيها متخصصون من المهنيين والطلاب من 68 دولة بتصاميم عمرانية عملية ومبتكرة لمجاورات سكنية. وسيتشرف الفائزون بتسلم جوائزهم من يد رئيس الهيئة.

هل تمخضت جهود الهيئة في العناية بقضايا الإسكان عن إنشاء قاعدة معلومات واسعة عن القطاع؟
أ. عبد العزيز آل الشيخ:
قيام الهيئة بإجراء سلسلة من الدراسات السكانية والإسكانية خلال الثماني عشرة سنة الماضية، يعبر عن قناعتها بأهمية بناء قواعد البيانات وتحديثها باستمرار، بالنظر إلى ما يطرأ على مدينة الرياض من تغير سريع من حيث حجم السكان وخصائصهم والزيادة المستمرة في مساحة المدينة الحضرية.
فقواعد البيانات تمثل أحد المدخلات الأساسية لبناء الأهداف الكمية في عملية التخطيط، وكذلك أحد المعايير والمؤشرات الأساسية في عمليات التقويم لعمليات التخطيط الاستراتيجي في المجالات كافة.
وبطبيعة الحال فإن من أهم البيانات في هذه القواعد، ما يتعلق بجوانب السكان والإسكان إذ تعد الأساس لجميع الخطط والبرامج.

ما جوانب عناية الهيئة بتخطيط الأحياء السكنية؟
م. أحمد السبيل:
الهيئة بحكم مسؤولياتها وعنايتها بقضية التخطيط لمدينة الرياض بمفهومه الشامل، اعتنت بتخطيط الإسكان بصفة عامة والأحياء السكنية بشكل خاص، فقد عنيت الهيئة بهذا الجانب منذ زمن، فهناك العديد من الدراسات والمسوحات الميدانية للمساكن وأعدادها وأنواعها ومستوياتها، وكذلك الطلب على الإسكان والاحتياجات المستقبلية في مدينة الرياض والتي بدورها تنعكس على تخطيط الأحياء السكنية وتعد متطلبات رئيسية لأي مصمم ومخطط .
كما عني المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض الذي وضعته الهيئة بتطوير الإسكان في المدينة ومعالجة قضاياه المختلفة، بما في ذلك توفير القدر المناسب من مساحات الأراضي المخصصة للاستعمالات السكنية، وأحجام هذه الأراضي، وأنظمة البناء وغيرها من العناصر التخطيطية التي تدخل في تخطيط الأحياء. وكان من ضمن نواتج المخطط الاستراتيجي، مخططات هيكلية محلية تبرز بشكل مكاني الأسس التي يبنى عليها تخطيط الأحياء السكنية بشكل سليم وتستجيب لمتطلبات المجتمع في وضع تلك الأحياء.

ما أبرز الفوائد التي جنتها الهيئة من إجرائها سلسلة الدراسات عن قضايا الإسكان في المدينة؟
أ. عبد العزيز آل الشيخ:
الدراسات التي تجريها الهيئة في مجال السكان والإسكان، لها فوائد عديدة، فهي على سبيل المثال تستخدم لتقدير الاحتياجات المختلفة من الخدمات الناتجة عن الزيادة السكانية، ومن ذلك أنها تساعد المخططين في تقدير أعداد الوحدات السكنية بأنواعها، وكذلك أعداد الوظائف الجديدة المطلوب توافرها مستقبلياً، وأعداد المدارس والمدرسين المطلوب توفيرهم لمقابلة الزيادة السكانية، وأيضاً أعداد الأطباء وطاقم التمريض والاحتياجات الإسكانية، إلخ.
وفي الحقيقة، للدراسات فوائد في جوانب أخرى لا تقل أهمية عما سبق، فهي تساعد مخططي البرامج ومتخذي القرارات على تحديد المشكلات وأماكن وجودها أثناء وضع خطط التنمية السكانية والإسكانية، وتعكس أيضاً المؤشرات التي يتم حسابها وفقاً للاحتياجات المستقبلية من الاحتياجات المختلفة المطلوب توفيرها لمقابلة الزيادة السكانية، لذا أعتقد أن وجود هذه الدراسات أساسي فيما يتعلق بتقدير حجم الخدمات التي سوف تكون مطلوبة للحلول المقترحة وتحقيق التحسن في المؤشرات المترتبة على ذلك.
ومن هذا المنطلق بادرت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، بإجراء سلسلة من الدراسات السكانية للرياض، مثلت ـ بفضل الله ـ إحدى الركائز الأساسية لبناء قواعد البيانات، وأحد المدخلات الأساسية لبناء الأهداف الكمية في عملية التخطيط لدى الهيئة، وكانت كذلك أحد المعايير والمؤشرات الأساسية في عمليات التقويم لعمليات التخطيط الاستراتيجي في المجالات كافة ومنها ما يتعلق بجوانب السكان والإسكان.

وما أبرز سياسات الإسكان التي وضعها المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض؟
م. أحمد السبيل:
لقد عُكست سياسات الإسكان ضمن عدد من التقارير كالمخطط الهيكلي العام لمدينة الرياض، ومخطط استعمالات الأراضي، وأنظمة تطوير استعمالات الأراضي، كما أفرد تقرير خاص عن استراتيجية الإسكان في مدينة الرياض، وتضمنت هذه التقارير العديد من الخطط والسياسات والإجراءات الداعمة لقضية الإسكان وما يتبعها من متطلبات واحتياجات لكل القطاعات.
ومن أهم الأمثلة على بعض السياسات المباشرة في هذا الجانب والواردة ضمن هذه التقارير، التوجه نحو تقليص مساحات الأراضي السكنية بما يتلاءم مع المتغيرات التي طرأت في المجتمع، فقد شجعت السياسات على تصغير مساحات قطع الأراضي السكنية بما ينسجم مع حجم الأسر التي انحسرت أعداد أفرادها في الأعوام الأخيرة، ومن المتوقع أن تتجه نحو المزيد من الانحسار نتيجة للتحولات الاجتماعية التي تعيشها البلاد، ففي السابق كانت الرغبة في قطع الأراضي السكنية الكبيرة بما يتلاءم مع أحجام الأسر الكبيرة والدخل، غير أن معظم الأسر الآن تتجه للاستقلالية في السكن، لذا بدأ الانحسار في الطلب على القطع السكنية الكبيرة، ولم تعد السمة المطلوبة في المدينة، إضافة إلى أن هذا العنصر ينسجم مع المقدرة المالية للأسر لامتلاك الأراضي السكنية ومن ثم بناؤها، كما أتاحت السياسات لأصحاب الأراضي الكبيرة إمكانية تجزئة أراضيهم إلى مساحات أصغر تتناسب مع متطلبات السوق.

الوضع الراهن للإسكان في مدينة الرياض

ما المتغيرات التي يشهدها الوضع الراهن للسكان في مدينة الرياض؟

م. إبراهيم السلطان:
كما أشرت، أنجزت الهيئة أخيراً دراسة عن واقع الإسكان في مدينة الرياض ومستقبله، تناولت الوضع الراهن للإسكان في المدينة من ناحية توافر الأراضي السكنية والأسعار السائدة فيها، وكذلك تكلفة إيجار الوحدات السكنية في مدينة الرياض والتغير الحاصل خلال السنة الماضية، ومقدرة الإنفاق على المسكن، وقضايا التمويل السائدة، وجانب العرض والطلب في المستقبل.
فكما هو معلوم أن عدد سكان مدينة الرياض لم يكن يتجاوز في عام 1374هـ 100 ألف نسمة، إلا أنه نتيجة للنمو الهائل الذي شهدته المدينة تزايدت الهجرة الداخلية والخارجية إلى مدينة الرياض، وهذا أدى إلى تسارع النمو السكاني فيها ليصل إلى معدلات عالية، وصلت في فترات سابقة إلى 8 في المائة سنوياً، قبل أن تنخفض إلى 4.2 في المائة سنوياً، مسجلة بذلك واحداً من أعلى معدلات النمو في العالم.
وهذا الأمر أدى إلى تضاعف أعداد السكان في مدينة الرياض، حيث بلغ عدد السكان في عام 1407هـ 1.4 مليون نسمة، ثم وصل هذا العام 1428هـ إلى أكثر من 4.5 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يصل في عام 1445هـ إلى نحو 7.2 مليون نسمة على الرغم من انخفاض معدلات الهجرة الداخلية إلى المدينة.

هل لنا أن نضع أمام القارئ الكريم أهم ملامح الخصائص السكانية لمدينة الرياض؟
أ. عبد العزيز آل الشيخ:
فيما يتعلق بالوضع الراهن للسكان والإسكان في مدينة الرياض، فكما أشار المهندس إبراهيم السلطان، فإن عدد السكان في مدينة الرياض يبلغ حالياً 4.5 مليون نسمة وفقاً لأحدث دراسات الهيئة التي أجريت خلال العام الحالي 1428هـ.
ومن المعلوم أن العوامل المسببة للنمو السكاني ثلاثة: أولها النمو السكاني الطبيعي، والمعني به معدل الولادات مطروحاً منه معدل الوفيات، والثاني معدلات الهجرة الداخلية إلى المدينة من القرى والمدن الأخرى، والثالث الهجرة الخارجية والمقصود بها الذين يأتون من خارج البلاد.
أما فيما يخص عدد الوحدات السكنية في مدينة الرياض حالياً، فقد قدرتها الدراسة المشار إليها بنحو 780 ألف وحدة سكنية، كان لنوع الفلل الحصة الأكبر منها بواقع 57 في المائة، مقابل 38 في المائة عبارة عن شقق سكنية.
كما أن من أهم الخصائص الإسكانية التي استخلصتها الدراسة، أن 56 في المائة من الأسر السعودية تمتلك مساكنها الخاصة، أما نسبة المستأجرين لمساكنهم فتبلغ 40 في المائة، ويتم توفير السكن للنسبة المتبقية البالغة 4 في المائة من قبل أرباب العمل.
كما سلـطت الدراسة الضوء على التغير الملحوظ الذي طرأ على نمط الأسرة السعودية خلال العقدين الماضيين، حيث أشارت إلى أن نسبة الأسر المفردة من السكان في مدينة الرياض بلغت 68 في المائة بعد أن كانت في عام 1407هـ تشكل 64 في المائة (ونعني بالأسرة المفردة أي المكونة من أب وأم وأولادهما، أما الأسرة الممتدة فهي المكونة من الأب والأم والأولاد والأحفاد).
ومن المتوقع أن يستمر نمو الأسر المفردة على حساب الأسر الممتدة، وهذا يعني توفير المساكن التي تلبي الطلب المتزايد للأسر المفردة، وهي المساكن التي بالضرورة سوف تكون أصغر حجماً.

مستقبل الإسكان في مدينة الرياض

ما أبرز النتائج التي تمخضت عنها دراسة تقديرات السكان المستقبلية التي أجرتها هيئة تطوير الرياض؟

أ. عبد العزيز آل الشيخ:
كما أسلفت، أعدت الهيئة دراسة لتحديد الأعداد المتوقعة للسكان في مستقبل مدينة الرياض حتى عام 1445هـ بناء على المعطيات الجديدة لنسب النمو السكاني، وذلك امتداد لجهود الهيئة البحثية المتواصلة للنهوض بقطاع الإسكان في المدينة.
وخلصت هذه الدراسة إلى أن عدد سكان مدينة الرياض، سيصل بحلول عام 1445هـ بمشيئة الله إلى 7.2 مليون نسمة، أي 1.2 مليون أسرة، وهذا الرقم يعني نشوء 450 ألف أسرة جديدة، بمتوسط 28 ألف أسرة جديدة كل عام.
وبطبيعة الحال سينعكس ذلك على حجم الطلب الإسكاني في الرياض مستقبلاً، حيث يتطلب مواكبة النمو الإسكاني لنظيره السكاني الذي أشرت إليه، فقد قدرت الدراسة تختم احتياجات المدينة من المساكن حتى عام 1445هـ بنحو نصف مليون وحدة سكنية، بواقع 30 ألف وحدة سكنية في العام، وهو ما تقدر الاستثمارات اللازمة لتمويله بنحو 216 مليار ريال، أي بمعدل 12 مليار ريال سنوياً.

ما مدى تأثير الزيادة المستمرة والكبيرة في أعداد السكان في الطلب على الإسكان في الرياض؟

م. إبراهيم السلطان:
بطبيعة الحال، أسهمت الزيادة المستمرة والكبيرة في أعداد السكان في استمرار الطلب الكبير على الإسكان في مدينة الرياض. فعلى سبيل المثال كان مطلوباً خلال السنوات العشر الماضية توفير ما معدله 25 ألف وحدة سكنية سنوياً، من أجل المحافظة على نسبة معقولة للشاغر من الوحدات السكنية التي تمثل المخزون الذي يحافظ على توازن الأسعار، ويسد الفجوة بين العرض والطلب في سوق الإسكان، حيث إن توافرها يتيح الفرصة للأسر الجديدة في الحصول على المسكن في الوقت الملائم، كما يسمح للسكان بالانتقال من مسكن إلى آخر، ويسمح بتحسين الوحدات القائمة. وتشير دراسات الهيئة إلى أن نسبة الشاغر من الوحدات السكنية في مدينة الرياض، تبلغ حالياً نحو 5 في المائة.

المسابقات العمرانية والمعمارية

تنظم الهيئة مسابقة (الحي السكني.. سكن وحياة) العالمية بالتزامن مع ندوة الإسكان الثالثة، ما أهداف تنظيم المسابقات العمرانية والمعمارية؟
م. إبراهيم السلطان:
الهدف من تنظيم مثل هذه المسابقات التشجيع على الابتكار والإبداع للوصول إلى حلول تفي بمتطلبات المسابقة، فالمسابقات عنصر مهم جداً في تطوير الفكر المعماري والفكر العمراني.
وتهدف مسابقة (الحي السكني.. سكن وحياة) العالمية، بشكل خاص إلى دعوة متخصصين محليين وعالميين من فئتي المهنيين والطلاب، لتقديم أفكار عملية ومبتكرة لتلافي السلبيات في التصميم العمراني التي يعيشها بعض أحياء الرياض، وتحقيق بيئة عمرانية متميزة للأحياء السكنية في المدينة.

د. عبد الرحمن السري:
أود أن أضيف هنا أن الهيئة دأبت بشكل عام في مشاريعها المعتادة التي تصممها للتنفيذ، على أن تختار المصمم بناء على مسابقة معمارية أو عمرانية. كما أن الهدف من تنظيم مسابقة (الحي السكني.. سكن وحياة) العالمية التي تعقد مع ندوة الإسكان الثالثة، ليس أن تصل إلى تنفيذ التصاميم الفائزة فقط، ولكن لحث المشاركين في المسابقة من فئتي الطلاب والمحترفين على ابتكار حلول للمشكلات المطروحة في طبيعة موضوع المسابقة وهو (الحي السكني)، لذا اختارت الهيئة تحديد مضمون المسابقة بتصميم حي سكني مبتكر على أرض واقعية في مدينة الرياض، فجاءت المشاركة في المسابقة بشكل متميز من 30 دولة مختلفة، بـ 60 تصميما مختلفاً، وفي النهاية فاز بالمسابقة ثلاثة متسابقين من كل فئة، وعدة متسابقين بجوائز تقديرية.
لكن المكسب الحقيقي للمتسابقين ليس في الجوائز فقط، إنما هو في الحصول على 60 حلا مختلفا لمنطقة واحدة في المدينة، يمكن أن يطور كل حل منها إلى أن يصبح حياً متميزاً متفرداً باختلافه عن بقية الأحياء السكنية، وفي الوقت نفسه مجاوراً لها. وهذا التنوع والاختلاف هو الذي نفتقده في مدننا.

كيف تقيمون النتائج التي تمخضت عنها مسابقة المسكن الميسر الماضية؟
م. إبراهيم السلطان:
كانت أهم نتائج مسابقة المسكن الميسر في نظري، إثبات ما وصلت إليه الهيئة من دراسات في حجم المسكن المناسب للفئة الأغلب في المدينة، فقد أفادت دراسات الهيئة أن المسكن المناسب في المدينة يجب أن تتوافر فيه شروط تجعله قابلاً للتنفيذ من قبل الفئات الأغلب في المجتمع، وأن يكون في مقدور سكانه تحمل تكاليف إنشائه وصيانته واستخدامه.
وقد أخذت المسابقة السابقة نتائج هذه البحوث التي حددت حجم المسكن الذي يمكن أن يكون مناسباً للفئة الأغلب في المدينة وهي الشباب أو الأسر الصغيرة، وعقدت المسابقة بناء على هذه المعايير، فكان من أهم نتائج المسابقة، أنها أثبتت الحاجة الملحة والضرورية إلى تصغير قطع الأراضي لكي تكون قطعا ملائمة لمقدرة السكان المادية.

ما صيغ الاستفادة من التصاميم المشاركة في المسابقة العالمية؟
د. عبد الرحمن السري:
من بين المستفيدين من الأفكار المشاركة في المسابقة، المطورون الذين يأخذون قطع الأراضي ثم يقسمونها ثم تباع على أفراد المجتمع، فلديهم فرصة كبيرة للاستفادة من هذه المشاريع بالاطلاع عليها لتطوير مخططاتهم.
ثم إن المصممين تتيح لهم المسابقة أيضاً الاطلاع على قدر واسع من الأعمال في مجال تصميم الأحياء السكنية. وكذلك المسؤولون عن تقسيمات الأراضي وتخطيطها، حيث تتيح لهم المسابقة الاطلاع على المزيد من الأفكار والتثقيف للاستفادة من الحلول المبتكرة في معالجات تصميم الأحياء السكنية.

كيف تقيمون مستوى الأعمال المقدمة في مسابقة (الحي السكني.. سكن وحياة)؟
م. أحمد السبيل:
كان للجنة التحكيم رأيها في الأعمال المشاركة في المسابقة، وخرجت بنتائج محددة سبق الإعلان عنها، لكن بشكل عام أستطيع أن أقول إن كثيرا من الأفكار المشاركة في المسابقة، كانت تستحق الفوز بجوائز المسابقة، وكانت تتضمن أفكارا خلاقة ومبدعة، غير أنه في النهاية لا بد من تحديد عدد معين من الفائزين وفقاً للمعايير التي حددها المرجع التصميمي للمسابق. فقد حاول معظم المشاركين معالجة مشكلة الأحياء بتوفير بيئة سكنية ملائمة بخدماتها ومتطلباتها وجميعها اشتركت في رفع فرص حركة المشاة في الأحياء. وبشكل عام كانت أغلب الحلول المطروحة واقعية وليست نظرية.

هل هناك فرص لتطبيق أعمال المسابقات على أرض الواقع، وما الضمانات للحقوق الفكرية للمتسابقين؟
د. عبد الرحمن السري:
الفرص كبيرة جداً سواء كانت في المسابقة السابقة، أو المسابقة الحالية، لكنها تعتمد بالدرجة الأولى على اهتمام المطورين والراغبين في البناء سواء على مستوى الوحدة السكنية، أو الحي السكني، الجانب الذي تتولاه الهيئة، يتمثل في نشر نتائج المسابقة وتعميمها على الجمهور، وإعطاء الفرصة للمهتمين للاطلاع عليها، وليس هناك ما يمنع من الاقتباس والتطوير والتفكير بناء على هذه النتائج.
أما الحقوق الفكرية للمتسابقين فهي نقطة مهمة جداً في المسابقة، وهي تبقى دائماً من حق المؤلف، لكن يحق للهيئة وفقاً لشروط المسابقة أن تستخدم الأفكار والنتائج المشاركة في المسابقة، في مجالات النشر والجوانب التعليمية، أو المعارض، لكن سيبقى انتماء الفكرة لمصممها، فليس هناك تعارض بين المشاركة في المسابقة والمحافظة على الحقوق الفكرية للمصممين.

........................................................

المشاركون في الندوة:
ـ المهندس إبراهيم بن محمد السلطان نائب رئيس مركز المشاريع والتخطيط في الهيئة.
ـ الأستاذ عبد العزيز بن عبد الملك آل الشيخ مدير إدارة البحوث والدراسات في الهيئة.
ـ المهندس أحمد بن محمد السبيل مدير إدارة التخطيط الحضري الاستراتيجي في الهيئة.
ـ الدكتور عبد الرحمن بن محمد السري مدير إدارة التطوير العمراني والثقافي في الهيئة.

الأكثر قراءة