شركات تشترط في عقود الموظفات عدم المطالبة بأجور العمل الإضافي

شركات تشترط في عقود الموظفات عدم المطالبة بأجور العمل الإضافي

تزدهر إنتاجية الأفراد في أسواق العمل العالمية مع ارتفاع مستوى نيلهم حقوقهم العمالية، إذ تستخدم هذه المعادلة كورقة يعتمد عليها أرباب العمل كلما رغبوا في الحصول على المزيد من جهد الموظفين ومحبتهم لعملهم، ورغم قدم مثل تلك المعادلات، إلا أن شركات القطاع الخاص في السوق السعودية، والموظفة منها للشريحة النسائية خصوصا، لا تزال تخطئ في حل هذه المعادلة، وتفكيك رموزها على الوجه المطلوب.
وهنا تؤكد لـ"المرأة العاملة" موظفات في شركات متنوعة، أن من أهم الحقوق المتعلقة بعملهم، هي أجور ساعات العمل الإضافية، التي تعتبر المطالبة بها نوعا من الترف ـ على حد قولهن ـ رغم أهميتها في تحقيق العدالة والراحة المهنية في مواقع العمل.
وتزيد الموظفات" بل إن الأمر تجاوز ذلك عندما لجأ الكثير من الشركات إلى إلزام موظفاتهن بالتوقيع على عقود تنص على أنه لا يحق للموظفة المطالبة بأجر لساعات العمل الإضافية، الأوفر تايم"، فأصبح من الطبيعي أن تعمل الموظفة لفترة تزيد على الثمان ساعات، دون أي يكون هناك أي أجر إضافي".
ورغم ما في ذلك من انتهاك لقوانين العمل والعمال، التي تنص على أن ساعات العمل النظامية هي ثماني ساعات، وأن عدد ساعات العمل الإضافية لا تزيد على ساعتين، على أن يحتسب اجر الساعة بساعة ونصف، وأن يكون المطالبة بساعات العمل الإضافية بتكليف ورقي ورسمي من المسؤول، إلا أن عدم المراقبة والصرامة في متابعة مثل تلك القوانين سهل تجاوزها ـ على حد قول المشاركين في هذا التقرير..وهنا البقية:

مكتب العمل: هذا الشرط جائر ولا يعترف به

يقول محمد مقحم المقحم مدير قضايا العمل في منطقة الرياض، إن قضايا المطالبة بساعات العمل الإضافية، تعد من قضايا المرتبة الثانية، التي ترفعها الموظفات، بعد القضايا الخاصة بالمطالبة بالرواتب المقطوعة ومكافأة نهاية الخدمة.
ونوه إلى أن أغلب القضايا المرفوعة في هذا الشأن هي من الموظفات العاملات في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مثل المشاغل النسائية، التي يعمل بعضهن لأكثر من ثماني ساعات يوميا، وزاد" تعتبر صاحبة العمل في تلك المشاغل زيادة ساعات العمل أمرا طبيعيا".
وأكد المقحم أن السيدات العاملات هن الأكثر رفعا لمثل هذا النوع من الشكاوى، لأنه في الغالب تعمل الفتاة وهي غير ملمة بقوانين العمل، كما تكون المديرة نفسها غير ملمة بقوانين العمل، واصفا بعض صاحبات الأعمال والموظفات بأنهن لم يرين لوائح العمل في حياتهن.
وحول مدى قانونية إمضاء الموظفة على عقد يحرمها من حقها في الأجر الإضافي، أشار المقحم إلى أن هذا الشرط يعتبر ملغى، لأنه مناف لنظام العمل والعمال، في الوقت الذي يعتبر فيه العقد ساريا مع بطلان ذلك الشرط.
وقال" يحق للموظفة، المطالبة بساعات العمل الإضافية ففي هذه الحالة يحال الأمر للهيئات العمالية التي قد تحكم لها بحقها إذا ثبت أن ساعات العمل الإضافية كانت بطلب من الرئيس المباشر".

قانون الأجر الإضافي
من جهته يشرح صفوق مردوح العنزي، مدير التدريب والتوظيف في مجموعة العبيكان، بأنه من المتعارف عليه أن الوظائف الإدارية العليا لا تحصل على أجر ساعات عمل إضافي، ولكن العمل الإضافي يجب أن يحتسب للموظفين دون مرتبة المديرين، إذا زادت ساعات العمل عن ثمان.
وأضاف" المشكلة أن قوانين العمل غير صارمة وتحتاج إلى تقنين، فبعض الشركات تحتسب خارج دوام بأجر جيد وبعضها بأجر قليل".
ونوه العنزي إلى أن أي عمل طبيعي إذا كان عدد الموظفين فيه متناسبا مع حجم العمل، فلا يمكن أن يزيد عدد ساعات الدوام عن ثمان ساعات، مشيرا إلى أن احتياج الشركة لساعات عمل إضافية يؤديها الموظف، ينبئ بخطأ باستراتيجية وخطط الشركة.
وأوضح العنزي أنه من غير الطبيعي أن تعمل الموظفات لساعات عمل إضافية دون الحصول على أجر، لأن الشركات علميا تشتري من الموظف وقته الذي يقضيه في العمل، والمتعارف عليه بثمان ساعات عمل يوميا، مؤكدا أن الاحتراف في العمل ومعرفة الحقوق والواجبات، هي من أهم الشروط التي تمكن الموظفات من أداء عملهن على الوجه الأكمل، كما أنه يزيد من احترام الشركة لقدرات الموظفة ومهاراتها.

مسؤول توظيف: الأمر راجع للشركة ولا يوجد قانون يحكمه
من ناحيته يشير أشرف اليحيي، مسؤول توظيف في إحدى الشركات، إلى أنه بات من الطبيعي عمل الموظفين والموظفات لساعات عمل إضافية دون الحصول على أجر، فمثلا موظفو البنوك، من الطبيعي أن يمضوا وقتا لحين انتهاء العملاء، وهو ما يزيد على دوامهم الرسمي بساعتين على الأقل، ودون أن يكون هناك أجر إضافي.
وأوضح اليحيى أن الأمر يرجع للشركة نفسها ولا يتحكم أحد فيه على غرار صرف الانتدابات وتذاكر الطيران للموظفين التابعين لها، وزاد" لا يمكن تحديد وتقنين أجر العمل الإضافي، لأنه في الأصل تعتمد بعض الشركات على المرونة في ساعات العمل أو العمل خارج المكتب، وفي هذه الحالة يكون بقاء الموظف في الخارج وأثناء ساعات العمل المفترضة لإنجاز بعض التقارير أو المهام الخاصة به، أمورا خارجة عن التحكم وتخضع لاتفاق الطرفين.
وقال" الأمر الوحيد الذي يجب أن تتنبه إليه الفتيات، هو عدم التوقيع على عقد ينص على جعل ساعات العمل الإضافية عادة يومية، تتم دون تكليف رسمي من المدير أو المديرة، لكي تتمكن من المطالبة بساعات العمل الإضافي لو لم تحصل على حقوقها".
ترى ماجدة الحربي أستاذة في معهد الإدارة العامة أن هذا الإجراء الذي تتبعه بعض الشركات فيه هضم واضح لحق الموظفة، قائلة إن الموظفات بحاجة إلى تحذير ووعي لكيلا يقعن في تلك الأخطاء.
ونوهت الحربي إلى أن تلك العقود باتت منتشرة إلى شكل كبير على غرار حرمان الموظفة من إجازة الأمومة التي تستحقها، وهذا فيه استغلال كبير لجهل الموظفة، أو لحاجتها الماسة للعمل، ما يجعلها تقبل بتأدية عمل أكثر من موظفة دون أن تنال أي أجر جراء ذلك.
وأوضحت أن هذا يضر بالموظفة التي تتعب لساعات عمل طويلة دون مقابل كما أنه يؤثر على غيرها من الفتيات اللاتي لا يجدن عملا، وهنا يكون الرابح الوحيد هو صاحب العمل.
وطالبت الحربي بتشكيل لجان متابعة تحت مظلة وزارة العمل لمراجعة عقود العمل النسائية، تعمل على التأكد من مطابقتها للقوانين، ومتابعة وضع الموظفات في دوائر العمل المختلفة، وتابعت" في بعض الأحيان تكون العقود سليمة 100 في المائة، ومتفقة مع قوانين العمل، إلا أن الخلل يكمن في التطبيق، ومنها أن تجبر بعض الشركات موظفيها على العمل لساعات إضافية دون أجر".

ويؤكد بعض الموظفات لـ" المرأة العاملة" أنهن وقعن على تلك العقود مشيرات بأنهن يعملن عدد ساعات أكثر دون أي مقابل مالي خاصة في أوقات المناسبات والاحتفالات.
فتقول نوف السابك، "كنت أعمل سابقا في شركة علاقات عامة ومن المفترض أن العمل هو ثماني ساعات فقط، ولكن العقد الذي وقعته كان ينص على أنه لا أحقية لي في أي أجر إضافي، إذ توقعت حينها أن عدد ساعات الدوام معروفة وأن التأخير في أيام محدودة وقليلة لا يعتبر ذا شأن".
وتتابع" إلا أن المفاجأة كانت أنه ومنذ اليوم الأول للدوام، اكتشفت أنني مطالبة بالعمل لما يقل عن 12 ساعة يوميا بين مكالمات ومقابلة عميلات وأعداد تقارير وتنظيم ملفات، وزاد الأمر سوءا أنه في حين تنظيم للمناسبات فأنا مطالبة بالعمل طول اليوم تقريبا، والنتيجة أنني لا أحصل سوى على الراتب المتفق عليه".
وتبين السابك أنها لم تستحمل الوضع القائم وتقدمت باستقالتها، نتيجة للضغط البدني والنفسي الذي يتسبب فيه أن يعمل الإنسان لسعات عمل طويلة دون أن يكون لذلك أي تقدير مادي أو حتى معنوي.
وتضيف أمل المطيري، موظفة، أن خارج الدوام أصلا غير معترف فيه لدى الشركات فهي تشعر أنه مجرد حبر على ورق، وأنه لا يطبق على أرض الواقع، قائلة بأسلوب ساخر، إنني لو أحصل على أجر إضافي لأصبحت من ذوات الثروة لأن عملي يستحيل أن ينتهي في موعده الرسمي فحتى لو أغلقنا الباب نستمر في إعداد التقارير، وخدمة العميلات الموجودات.
وقالت" لم أفكر يوما في المطالبة بأجر دوام إضافي لأنني أعرف أن العمل الإضافي أصبح عرفا دون مقابل".

الأكثر قراءة