مفهوم "مكاتب بدون ورق" أوصل هيئة السياحة للجوائز العالمية
أكد المهندس عبد الله الموسى مدير إدارة المعلومات والتقنية في الهيئة العليا للسياحة أن فوز الهيئة أخيرا بجائزة أوراكل العالمية للتميز في التطبيقات الإلكترونية يأتي تتويجا للرؤية التي تبناها الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز الأمين العام للهيئة (رجل التقنية لعام 2003) بتطبيق مفهوم مكاتب بدون ورق, مشيرا إلى أن فوز الهيئة بهذه الجائزة العالمية يأتي امتدادا لحصولها على عدد من الجوائز وشهادات التقدير لنجاحها في تطبيق مفهوم الإدارة الإلكترونية في تعاملاتها الإدارية داخل الهيئة وخارجها.
وأوضح المهندس الموسى في حديثه لـ"الاقتصادية" أن مستقبل الإدارة الإلكترونية في الجهات الحكومية سيكون مشرقا بإذن الله رغم ما يواجهها من عقبات يتمثل أهمها في أن عمل القطاعات الحكومية بالشكل التقليدي أسهم في صعوبة انتقالها للإدارة الإلكترونية, إضافة إلى رفض بعض المسؤولين في بعض الجهات الحكومية هذا النمط الجديد.
نود في البداية أن نتعرف على تجربة الهيئة في مجال الإدارة الإلكترونية, وهل تعتبر الهيئة الجهة الأولى أو الوحيدة في مجال تطبيق المعاملات الإلكترونية؟
تعلم أن الهيئة العليا للسياحة تأسست في مطلع عام 2000, وهذا يعني أنها بدأت في عصر الثورة التقنية في الشرق الأوسط, ومثل هذا التوقيت كان تحدياً كبيرا للهيئة حيث كان لا بد لها أن تواكب الثورة التقنية رغم أننا في المملكة العربية السعودية مازلنا في البدايات في ذلك الوقت, بل إن الاتصال بالإنترنت لم يكن متاحا بالشكل الذي نراه الآن. لذا كان التحدي كبيرا إما الاستمرار مع هذا الإيقاع العصري وإما العودة إلى الوراء وتبني المفهوم الإداري القديم وكان القرار الصائب من سمو الأمين العام الأمير سلطان بن سلمان هو تطبيق مفهوم مكاتب بدون ورق, ومن هناك كانت البداية. ولعل ما ساعد على التقدم في هذا المجال هو أن الأمين العام وضع نصب عينيه منذ تأسيس الهيئة أن تكون نموذجا للمنشأة الحكومية التي تتبنى مفهوم الإدارة الإلكترونية، وكانت رؤية الأمير سلطان أن تتبوأ الهيئة إداريا مركز الصدارة بين المنشآت الحكومية، وهذا ما تحقق بفضل الله بعد خمس سنوات من العمل الجاد والرؤية الواضحة. وهذا لا يعتبر مستغربا من الأمير سلطان بن سلمان فهو رجل مقتنع تماما بدور التقنية فهو الرئيس الفخري لجمعية الحاسبات السعودية في فترة سابقة ورجل التقنية الأول في المملكة لعام 2003م, فكان دعمه وحرصه دافعا للنجاح وهو أحد الداعمين الرئيسيين لنشر التقنية والوعي الإلكتروني مما انعكس إيجابا على الهيئة خصوصا أن الأمير سلطان من مستخدمي التقنية المتقدمين و المتميزين هذا يجعلنا دائما تحت المجهر والسعي نحو الأفضل لتحقيق الأهداف.
حقيقة لا تعتبر الهيئة هي الوحيدة في تطبيق المعاملات الإلكترونية, بل هناك الآن العديد من الجهات الحكومية التي بدأت في تفعيل التقنية في المجالات الإدارية، وقدمت خدمات متميزة، ولكن الكثير ينظر إلى الهيئة العليا للسياحة كنموذج مميز, ولعل السبب في ذلك يعود لكون الهيئة تعتبر منشأة حديثة التأسيس مما ساعدها كثيراً في الإبداع في رسم توجه واضح منذ البداية, وهذا بلا شك يسهل كثيرا من مهمة أي منشأة ترغب في تطبيق مفهوم الإدارة الإلكترونية، لذا تجد أن المنشآت التي مر على تأسيسها سنوات طوال تتعب كثيرا ويكون الأمر مكلفا أكثر من كون المنشأة تأسست بمفهوم ورؤية واضحين منذ البداية.
حصلت الهيئة أخيرا على جائزة أوراكل للتميز في التطبيقات الإلكترونية, فماذا تعني هذه الجائزة ؟
تأتي الجائزة ضمن سلسلة من الجوائز التي قدمتها جهات متعددة للهيئة على نجاحها في تطبيق التعاملات الإلكترونية, وهذه ليست المرة الأولى التي تحصل فيها الهيئة على شهادات تقدير وتميز من جهات ربحية وغير ربحية، أما حصول الهيئة على هذه الجائزة تحديداً فقد جاء حيث إن الهيئة أنجزت بنجاح خلال العام الماضي تطبيق مجموعة من التطبيقات والأنظمة المعتمدة على نظام أوراكل, منها مشروع تخطيط موارد المنشأة الحكومية الذي يحتوي على نظام الخدمات الذاتية، نظام الموارد البشرية، نظام المالية، نظام المشتريات وتدريب منسوبيها على إتقان استخدام هذه الأنظمة بشكل متقدم وذلك محاولة من الهيئة للاستغناء عن التعامل بالمعاملات الورقية بأكبر نسبة ممكنة والوصول إلى أقصى سرعة لإنجاز المعاملات والقضاء على الروتين والتأخير الذي تسببه دورة المعاملات الورقية والاستعاضة عنها بالأنظمة الآلية. ولعل التقدير الذي حصلت عليه الهيئة من "أوراكل" كان بسبب تفهم شركة أوراكل العالمية صعوبة تطبيق بعض الأنظمة في المنشآت الحكومية, لذا كانت الهيئة نموذج تفتخر شركة أوراكل بتقديمه كشاهد على النجاح.
مكاتب بدون ورق
ما الرؤية التي تبنتها الهيئة لتطوير مفهوم الإدارة الإلكترونية؟ وما البرامج التي تطبقها في هذا الشأن؟
الهيئة تتبنى رؤية واضحة حيث نعمل في الهيئة لتحقيق من الورق وخارجة عن المعاملات والخطابات والتعاميم الورقية التقليدية. ومن هذا المنطلق وضعت الهيئة البنية التحتية الأساسية لأنظمة حاسوبية متطورة يعتمد عليها, حيث إن أحد أهم أهداف مشاريع الهيئة التقنية هي (مكاتب بدون ورق) وهذا ما تحقق بفضل الله من خلال تطبيق أنظمة سير العمل الإلكتروني والبريد الإلكتروني وكذلك الفاكس الإلكتروني والسجلات الإلكترونية والأرشفة الإلكترونية وأنظمة المعلومات الجغرافية، وكذلك تطبيقات تخطيط موارد المنشأة من شركة أوراكل، التي أشرت إليها والتي تشمل أنظمة المشتريات والمالية والموارد البشرية والرقابة المالية. كذلك قامت الهيئة بتطبيق أنظمة إدارة المشاريع الإلكترونية, فالبنية التحتية للمعاملات الإلكترونية الحكومية في الهيئة كاملة وجاهزة من بناء الشبكات الحديثة والتطبيقات المتقدمة التي يمكن أن نرى تأثيرها من خلال التواصل عبر شبكات الفيديو أو ما يسمى بـ (مؤتمرات الفيديو المرئية) مما يغني عن الحل والترحال وهو ما يوفر المال والجهد والوقت معاً .
التأشيرة السياحية الإلكترونية
كذلك من أبرز الأنظمة في الهيئة نظام سير العمل الإداري Workflow الذي يعد إحدى مبادرات الهيئة في مجال تطبيقات الإدارة الإلكترونية التي حرصت على أن يتم التنفيذ بناءً على استراتيجية تضمن تقبل المستخدمين النهائيين للتغيير في إجراءات العمل الأمر الذي أدى إلى زيادة الكفاءة والإنتاجية للاستخدام في أقل وقت، كما تم إعداد برنامج تدريبي مكثف يشمل بناء فريقي عمل قادرين على قيادة المشروعين وتقديم التدريب وخلاصة التجربة إلى المستخدمين النهائيين حيث يعمل النظام على تعزيز الإنتاجية في العمليات الرئيسية لقطاع المساندة وتكامل معلومات القطاع، مما يجنب الهيئة تكرار إدخال المعلومات والأخطاء المصاحبة لها، وقد أدى تطبيق النظام إلى تطوير إجراءات وسياسات العمل ورفع كفاءة الأداء وفقا لما توفره التقنيات الحديثة، وكذا تنسيق أساليب جمع المعلومات والمحافظة عليها مع تسهيل الحصول على المعلومات للمساندة في دورة اتخاذ القرار, إضافة إلى تقليل الاعتماد على المعاملات الورقية وحفظ الوثائق والمعلومات بشكل إلكتروني مما يساعد في سرعة الاسترجاع والسرية.
كذلك يعد نظام التأشيرة السياحية الإلكترونية من أبرز الأنظمة, حيث يعد من أحدث الأنظمة التي أنجزتها الهيئة بعد أن وقعت اتفاقية مع شركة "العلم" التابعة لوزارة الداخلية المتخصصة في أمن المعلومات والأعمال الإلكترونية, وذلك لتقديم خدمات الدعم الفني لإنشاء وتشغيل نظام التأشيرة السياحية الإلكتروني ويتم بموجب هذا النظام إصدار التأشيرات السياحية عبر نظام إلكتروني يقوم بتنفيذ عملية إصدار التأشيرات السياحية ويرتبط النظام بقواعد بيانات مركز المعلومات الوطني في وزارة الداخلية، وزارة الخارجية، وزارة الحج والهيئة العليا للسياحة. ويشمل النظام التبليغ عند المغادرة وتقديم خدمة الإحصائيات المستمدة من المعلومات المتوافرة لدى مركز المعلومات الوطني حول دخول السياح وخروجهم. كما يشتمل ربط الشركات السياحية بالنظام لتسهيل إجراءات طلب هذه الشركات التأشيرات السياحية إلكترونياً بين الجهات المعنية الأخرى.
الخريطة الأثرية الإلكترونية
ومن أحدث الأنظمة التي أنهت الهيئة تطويرها نظام الخريطة الأثرية الإلكترونية حيث يتيح النظام إمكانية تعبئة استمارة بيانات أي موقع سواء كان أثريا أو تاريخيا أو تراثا شعبيا أو تراثا عمرانيا أو تراثا أدبيا بشكل آلي كما تشمل الأنظمة مشروع تفتيش مساكن الإيواء إذ يقدم النظام إمكانية تعبئة استمارة البيانات الأساسية للمنشأة سواء كانت فندقا أو شقة مفروشة، تسجيل الملاحظات على المنشأة يتيح عملية البحث عن أي منشأة سواء باسم المنشأة أو درجتها أو رقم السجل التجاري وإمكانية تحديث نموذج بيانات المنشأة الأساسية ونموذج الاشتراطات والملاحظات, إضافة إلى العديد من الخدمات المعلوماتية المتعددة, حيث إن الهيئة لديها عددا من الموقع على الإنترنت التي تهدف من خلالها إلى التواصل مع المهتمين بصناعة السياحة حيث يقدم موقع www.sct.gov.sa الذي تشرف عليه إدارة الإعلام في الهيئة لزائريه باقة منوعة من أخبار الأمانة العامة، أبرز الأنشطة اليومية التي يتم تنظيمها وأبرز المشاريع والمبادرات التي تقدمها الهيئة لتنمية السياحة الوطنية.
كذلك طورنا موقع ماس ( مركز الأبحاث والمعلومات السياحية ) على الإنترنت mas.gov.sa بإتاحة الإصدارات والدراسات المتخصصة والإحصاءات السياحية السنوية.
وقد قام مركز (ماس) التابع للهيئة بحصر جميع إصدارات الهيئة منذ إنشائها التي تغطي جوانب عدة في صناعة السياحة والسفر، توجهات الهيئة في تحفيز الاستثمار السياحي، تنمية الموارد البشرية السياحية، الحفاظ على التراث العمراني والآثار وتنميتهما سياحياً ودعم الفعاليات السياحية. كذلك يعد موقع www.sauditourism.gov.sa بمثابة بوابة إلكترونية لسياح الداخل والخارج يزودهم بالمعلومات التي يعرضها حول المملكة ومكانتها في العالمين العربي والإسلامي. كما يقدم نبذة عن أماكن الجذب السياحي، مقتطفات عن المناخ، المناطق، الوضع الاقتصادي, و فعاليات المهرجانات السياحية, إلى جانب معلومات عن مناسك الحج والعمرة باللغات العربية, البنغالية، الفرنسية، الإندونيسية، التاميلية، التركية والإنجليزية. كما تقوم إدارة الإعلام في الهيئة بتقديم خدمة الملف الصحافي اليومي الإلكتروني لجميع منسوبي الهيئة ومجلة "تواصل" الإلكترونية التي تربط مجتمع الهيئة الداخلي وتتيح تحميل صفحات نشرة سياحة سعودية على الموقع الإلكتروني، وكذلك المطبوعات والأدلة التي يوفرها مركز ماس.
ما خططكم ومشاريعكم المستقبلية في هذا المجال؟
الحقيقة أن الطموح لا ينتهي عند حد معين, لذا نعمل دائما على متابعة كل جديد في عالم تقنية المعلومات ونحاول أن نستقي من خبرات الآخرين وتجاربهم ما يمكننا مع تفعيل هذه التقنيات بما يعود على الهيئة بالنفع. خصوصا أننا نعمل في مجال حيوي ومتغير بشكل متسارع, لذا كان من أهم الخطط لدينا العمل على تطوير آليات متقدمة تمكننا من متابعة التقدم العلمي في هذا المجال والعمل على دراسة جدوى العديد من الحلول المتاحة في سوق تقنية المعلومات والنظر لمدى ملاءمتها للهيئة.
الإدارة الإلكترونية تزيد الإنتاجية
كيف ترون أهمية الحكومة والإدارة الإلكترونية كعامل محوري لرفع الأداء وكفاءة العمل والمهنية؟
الإدارة الإلكترونية لا تعمل فقط على رفع مستوى الأداء والمهنية، بل هي الطريقة الأنسب لخفض التكاليف وزيادة الإنتاجية. لذا إذا شاهدنا تجارب القطاعات الربحية نجد أنها تستثمر مبالغ كبيرة جدا في مجال التقنية من أجل تطور أنظمة تخدم المنشأة، وهذا يعود لإيمان الجهات الربحية أنه في حال توافر النظام الملائم والشامل سيكون هناك عائد ربحي أكبر, وهذا بالطبع يعود لخفض التكاليف في المدى الطويل, إضافة إلى استغلال إنتاجية العاملين بشكل فاعل. وإذا أردنا تطبيق هذا المفهوم على القطاع الحكومي نجد أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين في تفعيل مفهوم الإدارة الإلكترونية كانت مبادرة رائعة أتمنى أن تتكلل بالنجاح وهذا هو المتوقع إن شاء الله، خصوصا في ظل متابعة خادم الحرمين الشخصية وكذلك دعمه المالي المعلن لميزانية الإدارة الإلكترونية بمبلغ ثلاثة مليارات ريال. وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن القيادة الرشيدة تدرك تماماً أن الإدارة الإلكترونية هي الطريق للقضاء على الروتين وزيادة الإنتاجية في القطاعات الحكومية.
ما رؤيتكم في مستوى تطبيق الجهات الحكومية للإدارة الإلكترونية, وما معوقات ذلك؟
من دون مجاملة الكثير من الجهات الحكومية في السنوات الماضية بدأت تتلمس الحاجة الملحة لتطبيق الإدارة الإلكترونية وهذا ما نلمسه حاليا من الخدمات الإلكترونية التي تقدمها القطاعات الحكومية الأخرى. وأعتقد أن مستقبل الإدارة الإلكترونية سيكون مشرقا, بإذن الله, مع زيادة الدعم والتوجيه من القيادة الرشيدة. أما على مستوى المعوقات, فكما ذكرت في البداية أن العديد من القطاعات الحكومية بدأت عملها بالشكل التقليدي منذ سنوات طويلة وهذا بلا شك يصعب من عملية الانتقال للإدارة الإلكترونية بشكل سريع, فالبناء أسهل بكثير من إعادة البناء. والتغيير لا بد أن سيواجه العديد من العقبات فالتغيير وتبني مفهوم الإدارة الإلكترونية عادة ما يواجه ببعض الصعوبات والرفض في البداية, خصوصا ممن اعتاد العمل الروتيني السابق.