الزراعة والفصول الأربعة
الظروف الجوية في المملكة من العوامل المحددة للإنتاج الزراعي، وتختلف المنتجات الزراعية في كل فصل من فصول السنة، وتتجلى صور الميزات النسبية مع تغيرات الفصول في مناطق المملكة المتميزة بإنتاج منتجات زراعية محددة، والقطاع الزراعي ينفرد عن غيره من الأنشطة الاقتصادية الأخرى بعدد من السمات المتمثلة في تذبذب أسعار المدخلات والمخرجات للإنتاج الزراعي نتيجة لأسباب محلية أو تغيرات عالمية: الموسمية في الإنتاج، الظروف المناخية غير الملائمة، تعرض المزروعات والثروة الحيوانية للآفات والأوبئة، إضافة إلى التغير المستمر في الطرق والأساليب الحديثة المتبعة للاستثمار. وتبرز هذه السمات في فصول السنة ويتحقق أثرها في الإنتاج في القطاع الزراعي، كما أن مفهوم الموسمية يتعزز في تلك الفصول، واحتياج النباتات من العناصر الغذائية وفي مقدمتها المياه تختلف من فصل لآخر، ويبرز فصل الصيف كأحد أهم هذه الفصول بالنسبة للمزارع لتعدد منتجاته في هذا الفصل، ومن أهمها الفواكه بأنواعها المختلفة في المناطق الباردة أو الاستوائية، كالتمور، البطيخ، الزيتون، والورود، وكان المزارعون على وجه الخصوص إلى وقت ما قبل السبعينيات الميلادية (لعدم توافر أجهزة التخزين المبردة) ترتبط موائدهم اليومية بأنواع الفواكه والخضار المرتبطة بالفصل من السنة (ما عدا الطرق البدائية للتخزين للتمور واللحوم)، بل يتعداه إلى ارتباط دخل المزارع وتدفقاته النقدية في فصل الصيف كونه موسم حصاد ويجدول ديونه ومتطلباته المعيشية على هذا الفصل. إلا أن الأوضاع الاقتصادية تغيرت وتحول القطاع الزراعي من قطاع تقليدي إلى قطاع استثماري شأنه شأن القطاعات الإنتاجية المختلفة، واستقطب بعض المستثمرين للدخول والاستثمار باستخدام التقانات الحديثة في ظل تعدد الفرص الاستثمارية البديلة الأخرى، مما شجع القطاع الخاص على الدخول والاستثمار باستخدام التقانات الحديثة، فكان من نتاج ذلك أن حقق القطاع الزراعي منجزات تنموية متطورة صاحبتها نقلة نوعية في استخدام التقنية التي توطنت في هذا القطاع بجانب توطين الخبرات الوطنية وأصبحت علامة مميزة في القطاع الزراعي، إلا أنه مع ذلك بقيت فئة صغار المزارعين ممتهنة الزراعة كمهنة لارتباطها بواقعها الاجتماعي والجغرافي. والقطاع الزراعي كباقي الأنشطة الأخرى يوجد له تقنيات أسهمت في التغلب على تلك السمات، إلا أن استخدام تلك التقنية يتطلب اتخاذ القرار وهذا يتوافر في حال وجود الإدارة المزرعية الناجحة القادرة على التعامل مع تلك الظروف والاستفادة المثلى من موارد المشروع وطاقاته المتاحة بشكل اقتصادي وتوظيف رأس ماله المحدود لتحقيق أفضل عائد ربحي وخفض تكاليفه الإنتاجية والتسويقية. ومن أهم القرارات التي يتخذها مدير المزرعة الناجح التحكم في توقيت الإنتاج مثل الزراعة في البيوت المحمية لإنتاج الخضار، وتنوع مصادر الدخل من المزرعة مثل تربية الحيوانات، وإنتاج العسل والدخول في تكتلات مع أقرانه من المزارعين لإقامة تصنيع زراعي لاستيعاب الفائض من منتجاته الزراعية. وتلك العوامل مجتمعة أو منفردة ستسهم في إذابة فوارق الظروف الجوية المرتبطة بفصول السنة، وستسهم بدورها في التغلب على الموسمية.