"خضر الفنايل"

[email protected]

يبشرنا الدكتور زهير الحارثي المتحدث الرسمي باسم هيئة حقوق الإنسان السعودية هذا الأسبوع بأن "المحاربين" السعوديين المحتجزين في لبنان هم من صغار السن ولم تتجاوز أعمارهم الـ 20. كما يبشرنا بأن هؤلاء "الصغار" تم استدراجهم من قبل جماعات في سورية والعراق، للاستفادة منهم في معارك نهر البارد، وأنهم وقعوا ضحية (بزنس) الجماعات الإرهابية وجماعات التهريب، وأنه تم (بيعهم) لجماعة لبنانية، بواقع ثلاثة آلاف دولار للشخص الواحد.
كذلك تزف إلينا صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" خبراً الأسبوع الماضي – أعتقد أنه مبالغ فيه - أن 45 في المائة من المقاتلين الأجانب في العراق أتوا من السعودية. ثم يهنئنا المستشار الأمني في العراق موفق الربيعي هذا الأسبوع بأن هناك 160 سعودياً تم الحكم عليهم وأن هناك مئات غيرهم في السجون. وها هي الشرطة البريطانية (سكتلنديارد) تعلن بملء فمها مصيبة أو مخطئة أنها أخلت سبيل رجلين يعتقد أنهما سعوديان اعتقلا في الثاني من تموز (يوليو) الجاري على ذمة التحقيق في قضية محاولات الاعتداء التي وقعت في لندن وجلاسجو نهاية حزيران (يونيو) الماضي.
"بشرى" أخرى من مدير المعهد الوطني في وزارة الداخلية العراقية اللواء عبد الكريم خلف يؤكد فيها اعتقال قرابة 70 مواطناً سعودياً دخلوا إلى العراق بفعل تأثرهم بفتاوى تدعو إلى الجهاد. للمعلومية هناك أيضاً 73 سجيناً سعودياً في سجون سواقة وجويدة في الأردن و 60 في سجون سورية في قضايا جنائية وتسلل. مازلنا نعاني تبعات إرهاب أحد أبناء هذا الوطن المدعو عبد العزيز المقرن الذي سافر إلى باكستان وأفغانستان ثم تسلل إلى اليمن في طريقه إلى الصومال وترأس بعد ذلك تفجيرات تشرين الثاني (نوفمبر) 2003م. نريد معرفة من يغذي هذا الفكر الضال فيقوم "بابتعاث" هؤلاء "الصغار" إلى معسكرات التدريب في مثلثات برمودا السوداء في الخارج ويحولهم إلى قنابل لقتل المدنيين الأبرياء.
أتفق تماماً مع الدكتور الحارثي على أن ظروفا اجتماعية ونفسية وأسرية دفعت هؤلاء "الصغار" لترك منازلهم والذهاب إلى المناطق الملتهبة ليكونوا عرضة للاستغلال من قبل الجماعات المتطرفة. الأجدر بنا نحن أن نحتضن هؤلاء المواطنين "الصغار" قبل رحيلهم "للجهاد" في أفغانستان والصومال والعراق ولبنان وأن نهيئ لهم الظروف الاجتماعية المناسبة قبل أن يعبث الآخرون بعقولهم ويستغلوهم كأدوات تفخيخية لأعمالهم الإجرامية. نريد تصحيح فكر "صغارنا" وخاصة فيما يتعلق بأمور التكفير وضوابطه، الجهاد وأحكامه، الولاء والبراء، الإمامة والجماعة، مكانة العلم والعلماء، موقف المسلم من الفتن، والدماء المعصومة وأحكامها. لا بد من مراقبة من ينشرون الثقافة الدينية المتشددة ومن يبثون أبجديات التشدد الديني من خلال فتاوى تزرع بذور الكراهية ليس فقط ضد غير المسلمين بل أيضاً تلك التي تطول الفرق والمذاهب المسلمة الأخرى.
عندما نثر فنان العرب محمد عبده لعروسه مدينة جدة باقة من أجمل روائع أغانيه يوم الخميس الماضي في مهرجان جدة السياحي ومن ضمنها أغنيته القديمة "خضر الفنايل" أحسست بالفخر والأسى في آن واحد. الفخر لما وصل إليه السعودي الذي يشارك حاليا في بطولة أمم آسيا، والأسى لما يُذاع ويُشاع عن السعودي الذي يشارك بمزاجه أو بمزاج غيره في الأنشطة الإرهابية حول العالم. أقترح أن يقوم فريقنا الوطني "خضر الفنايل" برفقة الفنانين السعوديين بجولات دورية على المدارس والجامعات في جميع مدن وقرى الوطن...نريد أن نكون جميعاً يداً واحدة قوية لضرب الإرهاب، فرأس الثعبان يستطيع أن يلدغ حتى بعد مرور بعض الوقت على بتره.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي