"كلية" مواطن للبيع!

كثيراً ما كنا نشاهد في الأفلام والمسلسلات العربية قصصاً تحاكي الواقع عن حالات بيع أعضاء بشرية في بعض الدول العربية المجاورة, وكثيراً ما قرأنا وسمعنا عن مافيا تجارة الأعضاء البشرية حول العالم, وأتذكر أن وكالة الأنباء الألمانية ذكرت في خبر لها نهاية العام الماضي، أنه تم دهم مستشفى معروف في إحدى العواصم العربية من قبل الجهات الأمنية والقبض على عدد من مسؤوليه بعد العثور على ثلاث ضحايا جدد كان يتم تجهيزهم لإجراء عمليات نقل أعضاء بشرية, وصدّرت وقتها إحدى الصحف في تلك الدولة صفحتها الأولى بصورتين كبيرتين لجروح بارزة بجسد اثنين من ضحايا مافيا تجارة الأعضاء وأوردت في الصفحة نفسها شهادات تفصيلية لهما اعترفا فيها ببيع كل منهما إحدى كليتيه مقابل مبلغ مالي لم يتجاوز ألفي دولار, وقد حصل السماسرة على ما يقارب 400 دولار عن كل حالة!
وبحسب مصادر إعلامية معروفة، فإن دراسات عالمية أكدت أن 17 أمريكيا يموتون يومياً بسبب فشل في وظائف الأعضاء، ويبلغ معدل الانتظار في إسرائيل لعملية زرع كلية أربع سنوات، وهذا ما أدى إلى ازدهار تجارة الأعضاء حول العالم حتى برزت ظاهرة (سياحة زراعة الأعضاء) لدرجة أنه في دولة كالهند يتم التوفيق بين البائعين الفقراء والمشترين من المرضى الأغنياء من تايوان!
باختصار هذا ما يحدث حول العالم.. الفقراء يبيعون أعضاءهم من أجل سداد ديونهم وتوفير لقمة العيش لأطفالهم, والأغنياء يعيشون فترات أطول بسبب تلك الأعضاء التي اشتروها بدولاراتهم.. لكن دعونا نتساءل عن إمكانية وصول مثل هذه التجارة غير المشروعة إلى المملكة؟
طبعاً هذا ما لا نتمناه ولدينا الثقة التامة بأن مواطني هذا البلد محصنون بالدين والوعي, كما أن الأنظمة المعمول بها لا بد أن تمنع وجود مثل هذه الظاهرة الغريبة, لكن هذا لايمنع أن أخبركم بما تسبب في كتابتي هذا المقال.. فأثناء تجولي أخيراً في الموقع الإلكتروني الخاص بإحدى صحفنا المحلية وبينما كنت أتنقل بين الإعلانات المبوبة المنشورة فيه التي تعرض كما تعلمون العقارات والسيارات وأرقام الهواتف المميزة وغيرها فوجئت بإعلان لا أعلم كيف تمت إجازته، فقد كان صاحبه يعرض كليته من خلاله.. نعم يا سادة يا كرام "كليته" وأرجو ألا يصدمكم هذا!
إنكم تعلمون كما أعلم أن الطبعة الورقية لأي صحيفة محلية لا يمكن أن تجيز نشر إعلان كهذا بشكل يحولها إلى وسيط لتجارة الأعضاء البشرية, فما الذي حدث في الموقع الإلكتروني؟
طبعاً لا بد أن أخبركم بأن الإعلان المذكور تمت إزالته من موقع الصحيفة حالياً لكنني أملك صورته وأرقام هواتف صاحبه وعلى استعداد لتوفيرها لأي جهة تطلبها ولست هنا في موقع المدعي على الصحيفة، لكنني أقف موقف المندهش والمتسائل عن إمكانية تحول بعض المواقع الإلكترونية إلى وسيط لتجارة الأعضاء، وفي مقدمتها المواقع الإعلامية المعروفة.. فمن يملك الإجابة؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي