الخسائر مزدوجة: الكتلة النقدية فقدت ربعها.. والإمارات ضيقت خيارات سياستها النقدية

الخسائر مزدوجة: الكتلة النقدية فقدت ربعها.. والإمارات ضيقت خيارات سياستها النقدية

وصف مصدر خليجي رفيع المستوى انسحاب الإمارات من الوحدة النقدية بأنه قرار "غير موفق" إذا كان ردة فعل على عدم اختيارها مقرا للبنك المركزي الخليجي، لكنه اعتبر القرار حقا سياديا في كل الأحوال، وسيكون مبررا في حال استندت أبو ظبي فيه إلى معطيات اقتصادية، كما هو الأمر مع عمان التي كان لديها وجهة نظر في المشروع منذ بدايته وطلبت عدم دخوله.
المصدر قال إن قرار الانسحاب يشكل خسارة للجانبين (الإماراتي والاتحاد النقدي الخليجي)، فالكتلة النقدية التي يفترض أن يبلغ حجمها تريليوني دولار مع البدء في تطبيقها، فقدت بالقرار الإماراتي ربع هذا الحجم (استنادا إلى حجم الاقتصاد الإماراتي). وفي المقابل فإن الاقتصاد الإماراتي– والحديث للمصدر – سيتحمل خسائر تتعلق بالجوانب المالية والسياسات النقدية جراء هذا الانسحاب، لأنه سيكون مجاورا لكتلة نقدية كبيرة، من الطبيعي أن تكون قوتها التفاوضية والتنافسية أقوى من الاقتصادات المنفردة.
وفسر المصدر إشارته إلى خسائر الاقتصاد الإماراتي بأن الإمارات ستكون منافسا منفردا للكتلة النقدية لجهة استقطاب الاستثمارات وتحديدا الأجنبية، لكن قدرتها التنافسية ستكون ضعيفة أمام الكتلة النقدية التي تضم السعودية والكويت وقطر والبحرين، فالمستثمر الأجنبي سيفضل لا شك أن يتعامل مع كتلة نقدية تتيح له سعر صرف مستقر في حال تنقل أمواله واستثماراته داخل هذه الدول، وهي أيضا تتيح له إجراءات أقل في تحرك أمواله.
وأيضا سيخسر الاقتصاد الإماراتي لجهة ضعف تنافسيتها العالمية وقوتها التفاوضية مع الكتل الاقتصادية في الخارج. ويضاف إلى ذلك أن الخيارات المتاحة للاقتصاد الإماراتي ستكون محدودة بالنسبة للسياسة النقدية وسعر الصرف.
المصدر أبدى استغرابه من الخطوة الإماراتية، استنادا إلى أن أبو ظبي كانت تلعب دورا أساسيا في جميع مقومات الوحدة الخليجية (الاقتصادية والنقدية)، فلم يكن دورها هامشيا ولم تظهر في أي مرحلة بأنها عائق أمام استكمال متطلبات التقارب الخليجي، مضيفا أنه "لا شك خسارة حتى على المستوى النفسي لدى سكان دول مجلس التعاون".
"الاقتصادية" سألت المصدر عما يمكن عمله خليجيا خلال الأيام المقبلة، فقال "إذا بررت الإمارات انسحابها بحسابات اقتصادية فإن الأمر في حكم المنتهي وقد يكون الإخوة الإماراتيون محقين، وإذا كان الأمر يمثل احتجاجا على اختيار مقر البنك المركزي فقد يكون هناك تحركات خليجية لإعادة أبو ظبي إلى موقعها الطبيعي الذي يرغبه الخليجيون لها".
وكان مسؤولون خليجيون قد أكدوا أن الوحدة النقدية ‏الخليجية ‏‏ستشكل كتلة ‏اقتصادية قوية يقدر حجمها بتريليوني دولار عام ‏‏2020، ‏كما أن ‏دول ‏مجلس التعاون ستتحول ‏في حال اكتمال مشروع ‏الوحدة النقدية ‏إلى ثاني ‏‏أهم ‏تجمع نقدي في العالم بعد الاتحاد الأوروبي من ‏حيث ‏الناتج ‏‏المحلي ‏الإجمالي، إلى جانب ‏تعزيز حضورها الاقتصادي ‏الدولي.‏ كما أكدوا أيضا ‏أن البنك ‏المركزي الخليجي ‏سيصبح "صوت اتحاد ‏دول ‏مجلس التعاون" ‏أمام ‏المؤسسات المالية ‏العالمية كصندوق ‏‏النقد الدولي ‏‏والبنك الدولي، وأن ‏يقلل من مخاطر تعرض ‏دول المنطقة لتقلبات ‏الاقتصاد ‏‏‏‏العالمي ومواجهة ما ‏قد يطرأ من أزمات مالية، إلى جانب أن إنشاء ‏‏المجلس ‏النقدي الخليجي ‏من ‏شأنه أن يوفر ‏دفعة قوية لمشروع العملة ‏‏الخليجية الموحدة.‏

الأكثر قراءة