ساعدوهم ليساعدوا أنفسهم وأسرهم!
تعمل عشرات الجهات الحكومية والخاصة على دعم شباب هذا الوطن في سبيل تأسيس مشاريعهم التجارية الصغيرة ليتمكنوا من مساعدة أنفسهم وأسرهم ومن ثم خدمة الحركة الاقتصادية الوطنية بشكل عام.
وغالب تلك الجهات بما فيها صندوق المئوية وبنك التسليف والبنوك المحلية تساعدهم عن طريق تمويل مشاريعهم ومتابعتها ومدهم بالتوجيهات والارشادات لضمان نجاحها, لكنهم بحاجة إلى مساعدة أخرى تتمثل في تسهيل معاملاتهم من قبل الجهات المختصة وهدم سدود البيروقراطية التي تعطل الكثير من المشاريع الناجحة (على الورق) قبل أن تصطدم بعشرات المعوقات على أرض الواقع.
كما أننا لو ألقينا نظرة على غالبية المشاريع المذكورة سنصل إلى قناعة بأن أمام أصحابها طريقين لا ثالث لهما.. إما الثراء أو الخسارة والوقوع في براثن الدين, ذلك لأن المشاريع المصنفة كصغيرة هي في حقيقة الأمر كبيرة بالنسبة لهؤلاء الشباب بإمكاناتهم المادية المتواضعة وهو ما يدعونا للتساؤل عما إذا كانت غالبية تلك المشاريع هي ما يحتاجون إليه في بداية طريقهم لمساعدة أنفسهم؟
إن ما أود توضيحه هنا هو أن هؤلاء الشباب بحاجة إلى نساعدهم للبدء بالمشروعات المتناهية الصغر التي إن خسرت لن تتسبب في وقوعهم في مشاكل كبيرة بسبب المبالغ التي اقترضوها أو حتى ما ترتب على مشاريعهم تجاه الغير , ولنأخذ على سبيل المثال مقاهي السيارات أو الأكشاك وهي مشاريع مربحة وغير مكلفة لو حصل الشباب على تسهيلات حكومية من الجهات المختصة كأن يتم منحهم المساحة التي لا تتجاوز في الغالب تسعة أمتار مربعة مجاناً أو برسم رمزي, إضافة إلى عدم تعقيد معاملاتهم للحصول على التصاريح اللازمة لمثل هذه المشاريع .
فلو نظر أحدنا اليوم إلى مساحات الأرصفة الشاسعة على جانبي الطرق الرئيسية والمزدحمة في الرياض كمثال وقارنها بأرصفة أي عاصمة عربية أخرى لفهم ما أرمي إليه..
إن الرياض وغالب مدن المملكة برأيي بحاجة إلى الأكشاك الخدمية المشابهة لتلك الموجودة في غالب عواصم دول العالم سواء كانت لبيع القهوة والشاي, أو توفير خدمات الأعمال كالهاتف والنت والفاكس, أو حتى التصوير الفوتوغرافي أو بيع الصحف والمجلات وغير ذلك من الخدمات البسيطة التي لا تحتاج إلى مساحات كبيرة لتقديمها وهنا يأتي دور الجهات المختصة في تنظيم هذه العملية سواء ببناء تلك الأكشاك بطراز واحد للمحافظة على الشكل الجمالي للمدينة أو باعتماد تصميم هندسي واحد غير مكلف يلتزم به كل من يرغب في ممارسة هذا النشاط على أن تمنح هذه المساحات برسم رمزي للشباب العاطلين عن العمل والراغبين في تأمين مستقبلهم دون غيرهم.
بهذه الطريقة يمكننا مساعدة آلاف الشبان من أبناء هذا الوطن في الاعتماد على أنفسهم وتوفير لقمة العيش لهم ولأسرهم, دون أن نثقل كواهلهم بالديون التي ربما بقوا أسرى لها لسنوات طويلة من حياتهم, وبدلاً من أن تكون مبالغ تمويلهم بمئات الآلاف ولا يحصل عليها إلا فئة قليلة منهم قدموا دراسات جدوى (ما تخرش المية) للجهات الممولة , ستصبح مبالغ صغيرة لا يتجاوز أحدها العشرين ألفاً لكن بأعداد كبيرة بشكل يعود عليهم وعلى مموليهم بفائدة أكبر.