في حبّ القهوة

يستهلك سكّان المعمورة ما مجمله 500 بليون كوب من القهوة سنوياً وتقوم على المشروبات المصنوعة منها تجارة 25 مليون جهة، وهذا بالطبع يجعلها من أهم المشروبات على الإطلاق!
ومحصولها يتميز بقدرته على تحريك أوضاع بلدٍ ما اقتصادياً وسياسياً بصورة عجائبية، على سبيل المثال الأزمات التي مرّت بها دول أمريكا الجنوبية وبعض دول إفريقيا عندما استوردت الولايات المتحدة (المستهلك الأول عالمياً) القهوة من مزارعها الحديثة في فيتنام.
ونشرت تجارة القهوة سريعة التحضير أيضاً نوعا من الثقافة الجديدة، فهي سريعة التحضير وسهلة التحكّم في المذاق والكثافة. لكنّها تبقى أقل مرتبة من تلك التي تحمّص وتطحن وتعدّ من العلبة بالتبخير وبالطرق الأخرى على الرغم من أنها حققت في حضورها القويّ غلبة جعلت الكثير من الأشخاص يتحولون إلى تسمية فنجان القهوة باسم الشركة المنتجة له!
اليوم نحنُ مجبرون على مواكبة هذا التغيّر وعليه فإننا نخضع دون أن نشعر في أحيان كثيرة لتجربة وشراء أنواع من القهوة ليس لها من القهوة سوى رائحتها.
ومحاصرون بمقاه تجارية تتسابق في عرض الأسماء الرنّانة لجذب المستهلك، يكفي أن يختار التاجر لمقهاه اسماً مركّباً من القهوة وكلمة أخرى توقظ فضولك للتجربة.
إما أن تكون متذوقا جيّدا لن تعود لشربها مرّة أخرى ويكون قد كسب من فنجان واحد ما يكفيه لإعداد عشرة فناجين أخرى، أو أن تكون جاهلاً بالطعم الأزلي الذي تحمله حبة البنّ في قلبها منذ زراعتها للمرة الأولى وتعود لشربها مرات ومرات.
وكغيرها من الصناعات يسيطر على تجارة القهوة وتقديمها كمنتج استهلاكي عدة شركات ضخمة، تمتد فروعها في كلّ مكان لكنّها ليست متبّعة لأسس الجودة في بلدها الأمّ!
تحوّل القهوة من منتج أساسي إلى منتج رفاهية وترفيه يجعله عرضة للتحكّم من قبل التاجر لا المستهلك، وسبب في ضياع حقوق الكثير من المزارعين في دول العالم الثالث.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي