المسجد على امتداد تاريخ المسلمين مؤسسة تعليمية للصغار والكبار

المسجد على امتداد تاريخ المسلمين مؤسسة تعليمية للصغار والكبار
المسجد على امتداد تاريخ المسلمين مؤسسة تعليمية للصغار والكبار

أوضح الشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان أستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة في الرياض, أن المسجد أول المؤسسات التي انطلق منها شعاع العلم والمعرفة في الإسلام، ويحمل خاصية أساسية بالنسبة للمجتمع المسلم، وهو مصدر الانطلاقة الأولى لدعوة الإسلام ونبع الهداية الربانية، فعلى سمائه ترتفع الدعوة إلى الإيمان والعمل الصالح، وعلى منبره يعلّم الإيمان والعمل الصالح، وعلى أرضه الطاهرة يؤدى العمل الصالح، وهو المرتكز الذي تدور حوله قاعدة الجهاد الكبرى، والمحور الذي تلتف حوله الأفكار والعواطف، والمحضن الذي يربي الصفوة والرواد الذين يحملون مشاعل النور والهداية ويطوفون البلاد يحملون صفة المسجد ورائحته وطهره.
وقال فضيلته: لقد ظل المسجد على امتداد تاريخ المسلمين مؤسسة تعليمية للصغار والكبار، وأول الأمكنة التي تحقق الأهداف العملية لتربية الناس بعامة والناشئة والشباب بخاصة، وكان الرجال الأوائل الذين حملوا اللواء ولبوا النداء إلى المجد هم أشبال المسجد وعمار بيوت الله تعالى، وكان العلماء والفقهاء والبلغاء والنبلاء من أفضل خريجيها.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله: " وكانت المساجد مجامع الأمة ومواضع الأئمة. وقد أسس ـ صلى الله عليه وسلم ـ مسجده المبارك على التقوى، فكانت فيه الصلاة والقراءة والذكر وتعليم العلم والخطب، وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون كلما حزبهم أمر من أمر دينهم ودنياهم".
وأشار إلى أن مكانة المسجد في المجتمع الإسلامي تجعله مصدر التوجيه الروحي والمادي، فهو ساحة للعبادة ومدرسة للعلم وندوة للأدب، وهو- أيضا- بوتقة تنصهر فيها النفوس وتتجرد من علائق الدنيا وفوارق الرتب والمناصب وحواجز الكبر والأنانية وسكرة الشهوات والأهواء ثم تتلاقى في ساحة العبودية الصادقة لله ـ عز وجل.
وانتقل فضيلته للحديث عن دور الخطبة في التربية والإعداد والتثقيف والتوجيه حيث قال: إن ا لخطابة لا تزال هي أكثر الوسائل فاعلية في نشر الدعوة الإسلامية، حيث إنها تتبوأ في الإسلام مركزا ممتازا بالنسبة إلى نشر الدعوة وتبليغها للناس منذ بدء الرسالة المحمدية، والسر في ذلك أن الخطابة على العموم كانت ولا تزال أكثر الوسائل فاعلية في نشر الدعوات وبث الأفكار وإيصالها إلى أكبر عدد ممكن من مختلف الطبقات والمستويات, فالخطبة أسرع إلى فهم العامة وأبلغ في التأثير في الجميع ولها مفعول مباشر وسريع في توجيه الرأي العام.
وقال: إنه لهذا ينبغي أن تهدف خطبة الجمعة إلى تحقيق عديد من الأهداف ومنها ما يلي:
#2#
* الوعظ والتذكير بالله تعالى واليوم الآخر، وبالمعاني التي تحيى بها القلوب، والدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
* تفقيه المسلمين وتعليمهم حقائق دينهم من كتاب الله وسنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع العناية بسلامة العقيدة من الخرافات، وسلامة العبادة من المبتدعات، وسلامة الأخلاق والآداب من الشطط والانحراف.
* تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام ورد الشبهات والأباطيل التي يثيرها خصومه لبلبلة الأذهان بأسلوب مقنع حكيم بعيدا عن المهاترة والسباب ومواجهة الأفكار الهدامة بتقديم الإسلام الصحيح.
* ربط الخطبة بالحياة وبالواقع الذي يعيشه الناس وعلاج أمراض المجتمع وتقديم الحلول لمشكلاته في ضوء الشريعة الإسلامية الغراء.
* مراعاة المناسبات الإسلامية كرمضان والحج والنوازل المختلفة وغيرها بما يشوق المستمعين إلى معرفة تنير لهم الطريق بشأنها.
* تثبيت معنى أخوة الإسلام ووحدة أمته الكبرى، ومحاربة النزعات والعصبيات العنصرية والمذهبية، وغيرها من الأمور التي تفرق وحدة الأمة والتركيز على ما يربط المسلم فكريا وشعوريا بإخوانه المسلمين.
* ينبغي أن تنزه خطبة الجمعة عن أن تتخذ أداة للدعاية أو نيلا من شخص، وأن تكون خالصة لله ـ تعالى ـ ولدينه وتبليغ دعوته وإعلاء كلمته.
وشدد السدلان على ضرورة أن يضع العلماء والدعاة الأكفاء أمثلة رفيعة لموضوعات إسلامية متنوعة لتكون في أيدي الخطباء ليستعينوا بها في إعداد الخطبة, كما يجب أن تعتمد الخطبة على مصادر المعرفة الإسلامية الموثقة وتترفع عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة والإسرائيليات المدسوسة والحكايات المكذوبة والمبالغات المذمومة وكل ما لا يقره نقل صحيح أو عقل صريح.

الأكثر قراءة