قضية AIG تتطور: وزارة الخزانة الأمريكية تخسر دعوى قضائية اتهمت وزيرها بترويج ثقافة التمويل الإسلامي
أكدت مصادر قضائية خسارة وزارة الخزانة الأمريكية دعوى قضائية رفعت ضدها من قبل جندي مارينز سابق، ارتكز في حجته، التي تتبناها الجهات اليمينية، إلى أن عملية الإنقاذ المالية التي تم ضخها في شرايين مجموعة التأمين الأمريكية AIG تساعد على الترويج لثقافة التمويل الإسلامي. وبهذا حقق كيفن مَري الأسبوع الماضي فوزا قضائيا "مبكرا" ومفاجئا للمراقبين عندما طعن قانونيا في مبالغ الإنقاذ التي أقرتها الحكومة الفيدرالية، ممهدا الطريق لاستمرارية الدعوى القضائية المرفوعة ضد تيموثي جايثنر، وزير الخزانة، بعد أن تم رفض طلب وزارة العدل في إدارة أوباما بإسقاطها.
وبينت لـ "الاقتصادية" شركة محاماة أمريكية أنه من الأرجح أن تستأنف وزارة الخزانة قرار محكمة مقاطعة ميتشجن في محكمة الاستئناف من أجل تبرير موقفها تجاه شركة التأمين AIG التي أوشكت أن تنهار بسبب سوء الإدارة والتهور في الاستثمارات الخطرة والجشع.
وكان الحكم القضائي مفاجئاً لكثيرين من أساتذة القانون وعلى رأسهم روبرت مايكل رئيس اللجنة الفرعية للشريعة الإسلامية في نقابة المحامين في مدينة نيويورك.
وعزا مايكل الأسباب التي أدت إلى صدور هذا القرار القضائي إلى احتمالية عدم أخذ وزارة العدل القضية على محمل الجد، وذلك عبر تقديمها محاججة ضعيفة. إلا أن مؤسس شركة Robert E. Michael & Associates، أشار إلى أن القاضي ربما "حاول أن يتحاشى انتقادات اليمين في كونه لم يكن منصفا لهم بعدم إعطائهم جلسة عادلة عبر إسقاط القضية. إلا أن المحامي الأمريكي رجح احتمالية "تحيز" قاضي محكمة ميتشجن أو أنه ضعيف الكفاءة. حيث يوضح في مقابلته مع "الاقتصادية" أن القاضي درس القانون في جامعة ديترويت ميرسي التي "لم أسمع بها أبداً" ولكن حسب موقعها الإلكتروني، فإنها جامعة ترعاها جهة مسيحية متدينة ومتحفظة. ويتابع "وأسهم كونه طاعن في السن، بدلالة أنه يعد شبه متقاعد منذ عام 2004، في جعل جهة الادعاء تختاره بسبب تلك الخلفية".
ملابسات القضية
يشار إلى أنه عندما تم رفع القضية، أخذت الحكومة الأمريكية حصة بلغت نحو80 في المائة تقريباً في شركة التأمين المتعثرة التي يوجد مقرها في نيويورك. حيث منحت الحكومة AIG نحو 182.5 مليار دولار على شكل مساعدات للحيلولة دون إفلاسها. تأتي تلك التطورات الحديثة بعد أن قام كيفن مَري - خدم فترة عسكرية في العراق - برفع دعوى قضائية على وزير الخزانة الأمريكي والبنك الفيدرالي في السنة الماضية بحجة أن عملية الإنقاذ المالية تساعد على الترويج لثقافة التمويل الإسلامي.
الحجة الأولى
ويرتكز أساس الدعوى القضائية على حجتين. الأولى هي أن شركة AIG قامت بتخصيص 40 مليار دولار من الأموال الاتحادية المخصصة لإنقاذها من أجل إنشاء شركة تكافل جديدة. وهذا ما تطرق إليه القاضي عندما حاول تبرير حكمه القضائي قبل أن ينطق به. في إشارة من القاضي إلى إعلان AIG في كانون الأول (ديسمبر) الماضي أنها تنوي تأسيس شركة جديدة تطرح من خلالها في الأسواق الأمريكية منتجات تأمين إسلامية لأصحاب المساكن، في محاولة لتخليص الأمريكيين العاديين من تبعات المنتجات التقليدية التي جلبت معها أزمة الرهن العقاري في المقام الأول. إلا أن بعض الجهات اليمينية استشاطت غيظا بعد أن أعلنت AIG أن هذه السلسلة الأولى من المنتجات، التي تمت هندستها في الخليج، ما هي إلا غيض من فيض من منتجات إسلامية أخرى في الطريق.
كيف تورطت وزارة الخزانة؟
وتتمحور الحجة الثانية التي تتبناها الجهات اليمينية في إعلامها في أنه منذ اللحظة التي اشترت فيها وزارة الخزانة حصة من مجموعة AIG تبلغ 80 في المائة تقريباً، فإن المواطن الأمريكي أصبح مالكا لأسهم هذه الشركة. ونظرا لأن عملاق التأمين الأمريكي يرفض مبدأ التخلص من شركات تكافل التابعة له، فإن الشعب الأمريكي من الناحية العملية "أصبح الآن مالكاً لشركات قائمة على الأحكام الشرعية".
وهنا يقول القاضي لورانس زاتكوف، الذي تعين في ولاية رونالد ريجان، "إن ظروف هذه القضية تاريخية، وهناك ضغط شديد على الحكومة لتجاوز هذه الأزمة المالية، بيد أن أوقات الأزمة لا تبرر الحياد عن الدستور".
وكان من الطبيعي أن تتفاعل الجهات اليمينية المتشددة مع نتائج الدعوى القضائية التي رأوا أنها جاءت لمصلحتهم. في حين قام كاتب العمود دانيال جرينفيلد بتذكير الشارع الأمريكي أن وزارة الخزانة باتت تملك حصة ضخمة في مجموعة سيتي جروب التي تندرج تحت مظلتها نوافذ مصرفية تبيع المنتج الإسلامي. إلا أن جرينفيلد حاول التلميح إلى أن دافعي الضرائب أصبحوا مساهمين في ثالث أكبر منظم للصكوك عالميا.
وهنا أشار يحيى عبد الرحمن، مؤسس شركة لاربا الأمريكية، إلى أن وزارة الخزانة كانت على علم بعلاقة مجموعة سيتي جروب بترتيب إصدارات الصكوك، مستدركا أن الجهات المالية في أمريكا لا تتحرك إلا في حالة تسجيلها حالات احتيال أو التهرب من تسديد الضرائب.