السينما عروس تزف لدعم الاقتصاد الوطني !
تابع سكان الرياض خلال الأسبوع الماضي عروض فيلم مناحي في مركز الملك فهد الثقافي بعد نحو 35 سنة من غياب الفن السابع عن مدينتهم, وهو غياب اتضح أنه لم يكن قسرياً كما افترض كثير من المتابعين, أي أنه لم يكن هناك قرار رسمي بمنع مشاهدة الأفلام السينمائية عبر شاشات كبيرة في أماكن مهيأة لذلك، وهذا ما كشفته تجربة عرض فيلم مناحي في عدد من مدن المملكة قبل أن يقدم عروضه بشكل منظم دون مخالفة قوانين البلد في العاصمة الرياض.
لم تُجبر شركة روتانا على انتظار صدور قرار يلغي قراراً سابقاً (لا وجود له) لأن الأمر ببساطة ليس كما تم تصويره من قبل بعض الأصوات التي ظلت لسنوات طويلة تردد أن العروض السينمائية ممنوعة في المملكة بناء على اجتهادات شخصية تحولت مع الوقت إلى ما يشبه القرار لكن في أذهان كثير من الناس لا في الواقع!
وما سبق يكشف لنا جانباً آخر من قضية غياب العروض السينمائية في المملكة طوال السنوات الماضية وهو غياب صنّاع السينما المحترفين وشركات الإنتاج القادرة على تقديم أفلام سينمائية سعودية جيدة, بجانب غياب الجهات الاستثمارية في هذا الجانب.
إن صناعة السينما عملية استثمارية بالدرجة الأولى, ولطالما تقاطع الفن مع الاقتصاد في مختلف أنحاء العالم, وهذا ما جعل المهرجانات الفنية العالمية مهرجانات اقتصادية أيضاً, فمهرجان كان السينمائي كمثال يجذب سنوياً مئات الآلاف من محبي السينما ويشكل رافد اقتصادياً وسياحياً لفرنسا، وهو الدور نفسه الذي يلعبه مهرجان برلين ومهرجان فينيسيا وغيرهما.
وفي العام الماضي بلغت حصيلة مبيعات التذاكر لحضور العروض السينمائية في أمريكا 4.2 مليار دولار, بعد أن سجل صيف عام 2002 أعلى معدلات الدخل في صناعة السينما الأمريكية، حيث بلغ 4.36 مليار دولار بحسب ما أوردته إحدى شركات متابعة الأفلام, ومن المعروف أن الاستوديوهات الكبرى في هوليوود تحصل على نحو 40 في المائة من دخل شباك التذاكر السنوي، وفي كثير من دول العالم تعود ملكية الاستديوهات إلى الحكومات، بشكل يدعم ميزانيات تلك الدول، ويوفر كثير من الفرص الوظيفية لمواطنيها.
أما بالنسبة للسينما السعودية التي زُفت كعروس في العاصمة الأسبوع الماضي فيبدو أن الطريق طويل أمامها لجني الأرباح ودعم الاقتصاد الوطني، لكن هذا لا يعني أننا لم نبدأ فعلياً في دخول سوق الاستثمار السينمائي ولو على خجل، فهذه ليست سوى الخطوة الأولى ومن المتوقع أن يلتفت المستثمر السعودي مستقبلاً لهذه السوق المربحة بشكل يسهم في نموها وتوهجها وتسابق رؤوس الأموال إليها.