عائدات النفط الخليجية تنخفض إلى 280 مليار دولار عام 2009 والفائض الجاري 16 مليار دولار

عائدات النفط الخليجية تنخفض إلى 280 مليار دولار عام 2009 والفائض الجاري 16 مليار دولار

توقع تقرير جديد للبنك الدولي انخفاض عائدات النفط لدول مجلس التعاون الخليجي من 670 مليار دولار عام 2008 إلى 280 مليار دولار عام 2009، وهذا الانخفاض يمثل 38 في المائة من الناتج المحلي لدول المجلس.
وقال التقرير الذي يصدر تحت اسم «تمويل التنمية العالمية» إن نمو الناتج المحلي لدول المجلس سوف يتراجع من نحو 6 في المائة عام 2008 إلى 3.1 في المائة عام 2009 بسبب التراجع في الإيرادات النفطية، والمضاعفات السلبية للأزمة على القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة.
وأوضح أن ذيول الأزمة طالت بالفعل أسواق الأسهم وأرباح البنوك، مما أثر في كلفة رؤوس الأموال للشركات وتكبد خسائر كبيرة للمدخرات الفردية والاستثمارات الخاصة. وتشير البيانات إلى أن أسواق الأسهم الخليجية خسرت نحو 58 في المائة من قيمتها بين أيلول (سبتمبر) 2008 وآذار (مارس) 2009، في حين تشير التقديرات إلى خسارة صناديق الثروة الحكومية نحو 27 في المائة من قيمتها منذ كانون الأول (ديسمبر) 2008، منها نحو 40 في المائة خسائر في الأسواق الناشئة.
وتوقع التقرير أن تتحول الحسابات الجارية في دول المجلس من فائض بلغ 292.3 مليار دولار تقريبا عام 2008، إلى فائض مقداره 16.2 مليار دولار في 2009 مشيرا إلى إمكانية احتواء هذا التدهور ضمن حدود مريحة بالنظر إلى مخزون الاحتياطات الكبير الذي تمكنت هذه الاقتصادات من تكوينه. ويقدر البنك حجم الاحتياطيات الرسمية الخليجية بنحو 494.5 مليار دولار عام 2009 (511.4 مليار دولار عام 2008). بينما ترتفع المديونية الحكومية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بصورة طفيفة من 11.9 في المائة عام 2008 إلى 12.5 في المائة عام 2009.
واعتبر البنك أن اقتصادات دول المنطقة عانت تداعيات الأزمة المالية وآثار تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي على أسعار النفط. إلا أن الاستجابة السياسية للسلطات، والاحتياطيات الدولية الضخمة، واستمرار الإنفاق الحكومي الاستثماري؛ أسهمت في تعزيز مناعة اقتصادات المنطقة لآثار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
وبين التقرير أن وضع الحسابات الجارية سوف يتأثر بمدى قدرة تلك البلدان على تخفيض الواردات أيضا، خاصة بالنسبة إلى الدول الأكثر تعرضا للعجز مثل البحرين وسلطنة عمان. غير أنه أشار إلى أن الحفاظ على مستويات الواردات بالنسبة إلى الدول الأكبر مثل السعودية والإمارات سوف يسهم في تنشيط الطلب العالمي، وهو الأمر الضروري لعودة الانتعاش للأسواق العالمية.
من جهة أخرى، أوضح التقرير أن الإنتاج العالمي هبط بنسبة 2.9 في المائة والتجارة العالمية هبطت بنسبة 10 في المائة، وصاحب ذلك هبوط تدفقات رأس المال من القطاع الخاص، حيث من المرجّح هبوطها من 707 مليارات دولار أمريكي في عام 2008 إلى مستوى متوقع عند 363 مليار دولار أمريكي في عام 2009.
وأضاف أنه مع ازدياد صعوبة الحصول على رأس المال والارتفاع الشديد للاحتمالات المجهولة فيما يتعلق بجانب الطلب في المستقبل، حدث هبوط حاد في إنتاج السلع الصناعية وفي التجارة العالمية بهذه السلع. وهبط مستوى الإنتاج الصناعي في البلدان الغنية بواق - ماعد ع 15 في المائة منذ آب (أغسطس) 2008، بينما هبط في البلدان النامية ا الصين - بواقع 10 في المائة.
ومن المتوقع أن يشهد معدل نمو إجمالي الناتج المحلي في البلدان النامية تباطؤاً شديداً، من 5.9 في المائة في عام 2008 إلى 1.2 في المائة في العام 2009. غير أن أداء البلدان النامية يفوق أداء البلدان الغنية التي من المتوقع هبوط إجمالي ناتجها المحلي الجماعي بواقع 4.5 في المائة في عام 2009. ومن الجدير بالذكر أنه عند استبعاد الهند والصين من المجموع، ستشهد البلدان النامية كمجموعة انكماش إجمالي ناتجها المحلي بواقع 1.6 في المائة، وهذا ما يُشكل انتكاسة لجهود تقليص الفقر وتخفيض أعداد الفقراء.
كذلك من المتوقع انتعاش معدل نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي إلى 2 في المائة في العام 2010 و3.2 في المائة بحلول العام 2011. وفي البلدان النامية، من المتوقع أن يكون معدل النمو أعلى من ذلك عند مستوى 4.4 في المائة في عام 2010 و5.7 في المائة في عام 2011، ولو أنه أداء أدنى نسبياً من الأداء القوي قبل الأزمة الحالية.
كما بين التقرير أنه من المُرجّح أن تشهد البلدان النامية سوء مناخ التمويل الخارجي في عام 2009 حسبما يفيد تقرير تمويل التنمية العالمية. فمع الهبوط الكبير والسريع الذي تشهده تدفقات رأس المال من القطاع الخاص، سيجد عديد من البلدان أن من الصعب الوفاء باحتياجاتها من التمويل الخارجي الذي تبلغ تقديراته تريليون دولار أمريكي.
ومن المُرجح أيضا عدم وفاء تدفقات الديون والاكتتابات من القطاع الخاص في أسهم رأسمال الشركات باحتياجات البلدان النامية من التمويل الخارجي، حيث ستقلّ عن اللازم بنسبة كبيرة تبلغ ما يراوح بين 350 مليار دولار أمريكي و635 مليار دولار أمريكي. ومع أن تدفقات رأس المال من مصادر رسمية مضافة إليها الاحتياطيات من العملات الأجنبية ستساعد على سد تلك الفجوة في بعض البلدان، ستضطر بلدان أخرى إلى إجراء عمليات تكييف حاد ومفاجئ لاقتصادها الكلّي.
ويشدد التقرير على أنه على الرغم من قيام الحكومات بتنفيذ إجراءات من حيث تغييرات سياساتها النقدية، والمُحفّزات من المالية العامة، وبرامج الضمان الرامية لتعزيز النشاط المصرفي. ولكن مازال هنالك عديد من التحديات، وما زال العمل المتسق على الصعيد العالمي حاسم الأهمية طالما بقيت الأزمة الحالية.
ويُبرز تقرير تمويل التنمية العالمية أهمّية الاتفاق العريض القاعدة فيما بين حكومات البلدان الرئيسية بشأن الإصلاح والابتعاد عن سياسات إفقار الآخرين. علماً بأن دواعي تنسيق سياسات المالية العامة - وهو عادة ضعيف نظراً لتفاوت التحديات التي يواجهها كل من البلدان - قوية جداً الآن لأن العالم يواجه الآفاق المشتركة المتمثّلة في عدم كفاية جانب الطلب على الصعيد العالمي. كما يتوجب أن تتخلى الحكومات عن حصتها من النظام المالي وإفساح المجال أمام القطاع الخاص. ومن الضروري أيضاً تخفيض التوسّع الكبير لمجموع النقد المتداول، كما ينبغي في الأمد المتوسط تخفيض عجوزات المالية العامة. ومن شأن ذلك المساعدة في الحفاظ على القدرة على تحمّل الديون وتفادي أزمة ديون أخرى كالتي حدثت في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي .
أخيراً، من الضروري جداً إدراك أن البلدان الفقيرة التي كانت تعاني فعلاً من ضغوط - ولاسيما من جراء أزمة الغذاء والمحروقات - يجب أن تلقى الاهتمام على نحو سريع. فقدرة تلك البلدان على الحصول على رأس المال الأجنبي ولو في أوقات الرخاء معدومة أو ضئيلة، وهي إلى حد كبير معتمدة على البلدان والجهات المانحة من أجل الموارد اللازمة للوفاء بالأهداف الإنمائية للألفية الجديدة التي موعدها النهائي هو عام 2015.

الأكثر قراءة