حملة الصكوك يهيئون أنفسهم لمرحلة "ما بعد التعثر" ويبحثون مع المحامين بيع الموجودات لأخذ المستحقات
أكدت مصادر قانونية أنه مع حالات التعثر المؤكدة و المنتظرة، بدأ حاملو الصكوك يهيئون أنفسهم لمرحلة "ما بعد التعثر" ويتساءلون مع الشركات القانونية الغربية في إمكانية بيع الموجودات ،التي تقوم عليها هذه السندات، للحصول على مستحقاتهم في خطوة احترازية، ولا سيما في حالة ثبات إفلاس الجهة المصدرة للصك (شركة تابعة مملوكة 100 في المائة للشركة الأم SPV). إلا أن روبرت مايكل، رئيس اللجنة الفرعية للشريعة الإسلامية بنقابة المحامين في مدينة نيويورك، قد أكد لـ "الاقتصادية" أنه ربما لا يكون من السهولة تسويق الصكوك المدعومة بالموجودات أو حتى تحويلها إلى أموال لتسديد الدفعات المستحقة لحاملي تلك الصكوك من المستثمرين، وذلك بالنظر إلى تعَرُّضِ تلك الأصول للخسارة في قيمتها. وترى "موديز" على لسان أنور حسون، كبير محلليها الائتمانيين، أن الأمر المثير للاهتمام في حالة الصكوك، هو أن المحاكم ستجد أن عليها أن تنظر للمرة الأولى للفصل في قضايا تتعلق بوضع "ما بعد" التعثر لهذه الأدوات الاستثمارية".
وكنتيجة طبيعية لذلك، بدأ حاملو الصكوك في الخليج بمراجعة شهادات الصكوك التي لديهم، بمعية شركات القانون، للبحث عن البند الخاص بالإجراء القانوني "في حالة التعثر".
وهنا طمأن أحد أبرز مديري صناديق الصكوك في المنطقة أن هناك إجراءات منظمة تضمن حصول جميع المرتبطين بالصكوك على حقوقهم. وقال محيي الدين قرنفل، العضو المنتدب في شركه الجبرا كابيتال: "سيتم المحافظة على جميع حقوق المستثمرين، فهناك طرق قانونية منظمة لتحقيق ذلك". واستبعد محيي الدين، الذي كان يتحدث لـ "الاقتصادية" بثقة مطلقة، إقامة حاملي الصكوك دعاوى قضائية على الشركات التي تتعثر صكوكها، ومطالبا في الوقت نفسه أن تطبق الشركات التي من الأرجح أن تتعثر صكوكها مبدأ الشفافية مع المستثمرين.
وكانت "الاقتصادية" قد رصدت في الأسبوع الماضي خمس حالات تعثر للصكوك سجلت في الخليج وآسيا وأمريكا الشمالية، في حين أكد محمد داود بكر، رئيس مركز أماني لتعليم المالية الإسلامية في دبي، أن هناك بعض الشركات المهددة بالإعسار ستنجو من الإفصاح بشكل رسمي عن تعثر صكوكها من خلال إصدار مزيد من السندات لتسديد الدفعات السابقة من الصكوك، وعليه سيكون لدينا عدة صكوك متعثرة من الناحية "الفنية"، ورصدت "الاقتصادية" حالتين من هذا النوع في الإمارات والكويت.
ويرى مراقبون أنه من الأمور الأساسية في المجال القانوني هو موضوع الكيفية التي ستتم بها معاملة حاملي شهادات الصكوك حين تمر الشركات بالإعسار العام، فيما يتعلق بجميع ديونها. وهنا يقول روبرت، مؤسس شركة Robert E. Michael & Associates للمحاماة: "وبالتالي، سواء وقعت أم لم تقع حالات إعسار في الموجودات نفسها التي تقوم عليها الصكوك، فإن صافي قيمة الموجودات "التي تقوم عليها الصكوك" يرجح لها أن تكون أو تصبح دون قيمة الصكوك المستحقة. وبالنظر إلى أن الصكوك هي أوراق مالية مدعومة بالموجودات (من حيث تصميمها ومن حيث ضرورة التزامها بالأحكام الشرعية)، فإن تسديد الالتزامات المترتبة على الصكوك لا بد أن يأتي من الموجودات التي تقوم عليها هذه الصكوك".
استرداد الموجودات
وعن كيفية تصرف حاملي الصكوك في حالة وجود تعثر، يقول لـ "الاقتصادية" حسون، "ستحاول (المحاكم) تقرير ما إذا كان يحق للمستثمرين النفاذ إلى هذه الموجودات الأساسية التي تم توريقها مالياً من قبل. وسيكون ذلك اختباراً في الحياة الواقعية تستطيع الصناعة بأكملها أن تبني عليه في المستقبل". معلوم أن هناك تساؤلات جارية تدور حول السرعة التي سيتمكن بها حاملو الشهادات الخاصة بالصكوك من المطالبة بحقهم في الموجودات.
وكانت وكالة موديز قد ذكرت في تقرير صدر الشهر الماضي أن حقوق الملكية على الموجودات التي تقوم عليها الصكوك لا تكون في العادة قابلة للتحويل إلى مالكي الصكوك، وتساءلت كذلك عما إذا كان بمقدور حاملي الصكوك استرداد استثماراتهم في حالة الإعسار. وهنا توضح وكالة التصنيف الدولية "إذا أثبت تحليلنا وجود شكل معين من ملكية الموجودات أو الضمان، فإن المخاطرة والربح بالنسبة للصكوك ستكون مدفوعة بقدر أكبر من قيمة الموجودات والحركات النقدية لهذه الموجودات. حتى لو عجزت الجهة المنشئة للصك عن السداد أو أفلست، فإن المستثمرين في الصكوك سيكونون في وضع جيد يؤهلهم لاسترداد معظم استثمارهم، وإن كان هذا يعتمد بطبيعة الحال على نوعية الموجودات، أي إذا كانت البناية أو الأرض بيعت بالفعل للصكوك، وفي هذه الحالة فإن قيمة البناية أو الأرض هي التي ستحدد المقدار الذي يستطيع المستثمرون استرداده من الصكوك". وتتابع "لكن إذا كان الضمان هو أحد الممتلكات وكانت الجهة المنشئة للصك هي إحدى شركات المشاريع السكنية، فإن هناك فرصة لا يستهان بها بأن الجهتين ستتعرضان للضرر في الوقت نفسه. في معظم حالات الصكوك القائمة، تهدف الجهة المنشئة في الواقع إلى الاحتفاظ قانوناً بالعقار الذي يقوم عليه الصك، وهذا هو دور الصك، حيث يتم هيكلته على هذا الأساس".
صكوك غير مؤمنة
وعن الصكوك غير المؤمنة، يقول أليكس صالح، وهو شريك لدى شركة DLA Piper، "إنه بالنسبة لبعض الصكوك غير المؤَمَّنة يظل من غير الواضح ما طبيعة المطالبات والحقوق المترتبة لحاملي الصكوك على موجودات الشركة، أو حتى ما إذا كان لهم أصلاً ادعاءات ملموسة بالحق في أية موجودات في حالة الإعسار". وواصل في تصريحات نقلته عنه صحيفة "ذا ناشونال": "سينشأ من عدم الوضوح بعض المواقف التي نجد فيها أن مجموعة من الدائنين تدعي لنفسها الحق في موجودات الشركة بعد الإعسار. وهنا يطرح تساؤل حول الجهة التي لها الأحقية في الموجودات من بينهم".
عامل الاستحالة
وبين المحامي الأمريكي روبرت أنه لا يزال هناك بعض الاختلافات حول كونه أنه ليس من السهولة "تسويق الصكوك المدعومة بالموجودات أو حتى تحويلها إلى أموال لتسديد الدفعات المستحقة لحاملي تلك السندات من المستثمرين، وذلك بالنظر إلى تعَرُّضِ تلك الأصول للخسارة في قيمتها أو في طبيعتها كموجودات طويلة الأجل أو موجودات لأغراض خاصة".
مبينا أن أحد الجوانب الرئيسة في الإرشادات الجديدة لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، ولا سيما (الفقرة الرابعة) منها، تقول إنه يتعين على المستثمرين أن يتحملوا المخاطرة بخسارة قيمة الموجودات. وتابع "في حين أن المخاطرة والربح بالنسبة للصكوك يكون مدفوعاً إلى حد كبير بقيمة الموجودات والحركات النقدية لهذه الموجودات على نحو أكبر مما يحدث في السندات العامة والأدوات الاستثمارية للأغراض الخاصة SPV، فإن الجانب الآخر الضروري لهذا الأمر هو أن الخسائر من الصكوك مدفوعة هي الأخرى بقيمة الموجودات والحركات النقدية لهذه الموجودات الكامنة".
وعند سؤاله عن الذين ستكون لهم الأولوية في استرداد الأموال قبل مالكي الصكوك، أوضح أن ذلك يعتمد على صياغة العقود الخاصة بإصدارات الصكوك، واعتمادا على منطقة الاختصاص والقانون الذي يتم بموجبه فرض الأحكام وقواعد الإفلاس، وعليه، فإن "الدائنين" الآخرين للجهة المصدرة للصكوك ربما تكون لهم الأولوية في استرداد أموالهم قبل مالكي الصكوك. ومن الممكن أن يكون السبب في ذلك هو قواعد الترتيب في التوزيع المنصف أو بكل بساطة لأن الناس الذين جمَّعوا الصكوك لم يتخذوا جميع الخطوات القانونية الضرورية واللازمة لتثبيت حق الأولوية لصالح حاملي الصكوك.
ويعني روبرت "بالدائنين" هنا، أولئك المسؤولين عن أصول شركة SPV التي تقول عليها الصكوك، حيث تحدد علاقتهم عبر تأجير تلك الموجودات وإدارتها، وهذا ما يستوجب تخصيص بعض المصروفات لهم.