الصناديق العقارية تمزج بين المخاطر والعوائد

الصناديق العقارية تمزج بين المخاطر والعوائد

إن زيادة عدد المعاملات التي تتم عبر الحدود هي أحد المظاهر المهمة والرئيسة للعولمة، وتتضح تلك الزيادة في النمو الكبير والمطرد في عدد المعاملات في مجال الخدمات المالية كما هو الحال في الميادين الاقتصادية الأخرى. ويمكن تعريف العولمة على أنها عملية انفتاح الأسواق والاقتصادات الوطنية، ومن أهم إفرازاتها أنها تمكن من توسيع قاعدة المعرفة، وتسهل انتقال التكنولوجيا وتبادل الأفكار والخدمات, كما أنها تساعد رأس المال على التحرك بسهولة وسرعة من بلد إلى آخر، وبلا شك فهي توسع من نطاقه وهي شكل من أشكال الأنشطة العابرة للحدود. وفي هذا الصدد يمكن التمييز بين العولمة والتدويل. ويمكن النظر إلى العولمة باعتبارها حافزاً للتغيير، وعلى الشركات والمؤسسات أن تكون أكثر استجابة لهذا النهج في عملياتها، فالخدمات المالية الإسلامية واحدة من أبرز الشركات الرائدة في هذه العمليات، كما أنها تعد من أكثر المستفيدين من نمو المعاملات التي تتم عبر الحدود بسبب التوسع الكبير في صناديق الاستثمار الإسلامية.
إن إدارة الصناديق بهذا الشكل والحجم أصبحت جزءا مهماً من النمو للقطاع المالي الإسلامي، كل ذلك لأن أكثر البنوك الاستثمارية الإسلامية (على عكس الغربي) تقوم على كثير من عمليات الاندماج والشراء أو الأعمال التجارية، وهذا النوع من النشاط جعل من إدارة الثروات والصناديق المشتركة محوراً رئيساً في نشاط تلك المؤسسات وفي صميم عملها.
أما على الصعيد العالمي كما يقول آلان غرينسبان: إن التوسع في مثل هذا الشيء أخذ في الانخفاض في العقدين الماضيين، وإن زيادة معدلات الاستثمار عبر الحدود في نشاط صناديق الاستثمار بما يتسق مع تعويض تناقص الخطر على الاستثمارات الأجنبية، إن هذا التوجه بلا شك مستمد من توجهات المستثمرين واعترافاً بأهمية التنويع في المحفظة الاستثمارية لتقليل المخاطر.
أما صناديق الاستثمار الإسلامية فهي واحدة من فئات الأصول أيضاً لديها القدرة على توليد رأس المال من المستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء لاستثمارها في الأسواق المختلفة، فهي تستفيد من اختلاف أداء النمو في مختلف الأسواق والأدوات المالية. وبهذه الطريقة فإن الأموال يمكن أن تعزز القيم الأخلاقية في أسواق رأس المال في جميع أنحاء العالم مع التوسع في مختلف المناطق ومنها الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ وأمريكا الشمالية وأوروبا.
فصناديق الاستثمار الإسلامية تفتح آفاق الاستثمار عبر هذه المناطق وغيرها من الأسواق العالمية.
كما أنها توسع من الاستثمار في مختلف البلدان ومع مختلف الثقافات والنظم القانونية فضلاً عن أنها قادرة من الاستفادة من تقلبات الأسواق المالية، ولكن يجب على مديري الصناديق الإسلامية أن يتأكدوا من أن استثمارات صناديق الاستثمار في رأس المال محمية بشكل جيد. فحماية الاستثمارات الرأسمالية لهذه الأموال وكسب ثقة أصحاب الأموال من بين التحديات التي يجب أن تواجهها هذه الصناديق لتشجيع التوسع في الاستثمار.
اتجاهات النمو من صناديق الاستثمار في العالم الإسلامي

صناديق الاستثمار الإسلامية ووحدة الصناديق الائتمانية وصناديق الاستثمار على أساس مجلس الخدمات المالية الإسلامية (مجلس الخدمات المالية الإسلامية) توضع تحت نظام الاستثمار الجماعي الإسلامي ICIS. كما أن هناك عديدا من أنواع الصناديق الاستثمارية الإسلامية بما فيها صناديق المتاجرة بالأسهم وصناديق المتاجرة بالسلع الأساسية والصناديق العقارية وصناديق المرابحة وصناديق سوق المال والصناديق المختلطة. هذه الصناديق المختلفة تجسد أنماطاً مختلفة للغاية من أنواع الاستثمار، وهي سمة لها أهمية كبيرة في أوقات الاضطراب المالي.
أما صناديق المرابحة فهي ذلك النوع من الصناديق الذي يعتمد على تقديم عائدات ثابتة تقريباً على أساس ثابت, وتعتمد إيراداتها على رسوم تأجير المعدات الرأسمالية على الشراء والاستئجار من حيث التكلفة زائداً الربح كما تشمل أنواعاً مختلفة من أنشطة التمويل والتأجير، وعليه فإن المستثمرين بها يحصلون على حد كبير من الأمان في مقابل عائدات أقل، في حين أن المستثمرين في صناديق الاستثمار في الأسهم قد يتعرضون لمزيد من تقلبات السوق في المدى القصير وعليهم فهم ذلك قبل الدخول في تلك الصناديق واعتبار استثماراتهم استثمارا على المدى الطويل. أما الصناديق التي تتخصص في تطوير العقارات (تنظم عديدا من الأسهم الخاصة) فهي تقدم مزيجاً من مختلف التوازنات ما بين المخاطر والعوائد.
أما ما يخص صناديق التحوط فقد أصبحت واحدة من الفئات المستهدفة المستقبلية للصندوق في هذه الصناعة رغم أن هناك عديدا من الحجج على جواز العمل بها بين أهل العلم.
وبالنظر إلى أنواع الاستثمارات المختلفة من الصناديق الاستثمارية الإسلامية ، نجد أنها تشمل الاستثمار في الأسهم في أكثر من 50 في المائة من إجمالي رؤوس أموال تلك الصناديق. ففي السوق المحلية يظهر الاتجاه الواضح بالتوسع في هذه الأنواع من المركبات المالية منذ تنميتها في عام 1980م. أما عن القطاع المالي في جميع أنحاء العالم فقد ظهر اهتمام كبير بين المستثمرين بالمشاركة في سوق رأس المال عبر صناديق الاستثمار الإسلامية المختلفة.
إن هذا النمو الهائل يوازي التوسع الكبير في السوق المالية الإسلامية عموماً, ويندرج ذلك تحت إدارة الأصول الإسلامية, كما أن المؤسسات المالية الإسلامية كانت تدير مبلغاً يزيد على 360 مليار دولار أمريكي في عام 2006. وعلاوة على ذلك فإن الخدمات المالية الإسلامية تقدم في 70 بلداً من بلدان العالم بما فيها البلاد غير الإسلامية. وبناء على هذا التطور الكبير في وقتنا الراهن فإن هناك احتمالا بأن الاستثمارات الإسلامية يمكن توسيعها لتشمل أسواق رأس المال العالمية وليس بالضرورة فقط التركيز على السوق المحلية، وعلى الرغم من الظروف الحالية في أسواق الأسهم في العالم فمن المرجح أن يتقاطع هذا الاتجاه على المدى الطويل في مسار عمل صناديق الاستثمار الإسلامية.
والخدمات المالية عبر الحدود بين الدول الإسلامية ليست مجهولة في الصناعة المالية الإسلامية, ففي ماليزيا على سبيل المثال عبر الحدود يمكن رؤية ذلك جلياً مع افتتاح فروع بيت التمويل الكويتي (أكبر بنك إسلامي في دولة الكويت) وأيضاً مصرف الراجحي وهو أكبر بنك إسلامي في المملكة العربية السعودية) في عامي 2005 و2006 على التوالي، إن هذا الاتجاه يمكن أن يشاهد أيضاً في الاستثمار عبر الحدود من جانب صناديق الاستثمار الإسلامية، وكذلك الأموال التي تستثمر في السوق الرأسمالية الدولية.
إن العامل المشترك بين الحكومات يقوم على الاتفاق على مبادلة الاستثمار عبر الحدود مع بروز أهمية أنشطة صناديق الاستثمار الإسلامية. فنجد أن هناك اتفاقاً بين لجنة الأوراق المالية الماليزية (المحكمة العليا) وإمارة دبي ممثلة في (سلطة دبي للخدمات المالية) وذلك لتعزيز أنشطة صناديق الاستثمار الإسلامية من خلال توزيع المعاملات الاستثمارية بين البلدين، مع تسهيل الإجراءات التنظيمية والبيروقراطية.
ومع ذلك فإن تعزيز الاستثمار قد لا يتحقق إذا كان المستثمرون (أصحاب الأموال) ليسوا واثقين بأن رؤوس أموالهم محمية جيداً وأن الاستثمارات تتماشى مع المبادئ الإسلامية.
إن مثل هذه التطورات ولا سيما بين الدول الإسلامية لديها القدرة على مزيد من التوسع في صناديق الاستثمار الإسلامية (من خلال مديري الصناديق) كما يمكن أن تقوم بدور نشط في تشجيع نمو رأس المال، وعلى ضخ مزيد من الأموال واستثمارها في السوق الدولية. وبهذه الطريقة وعلى كمية كبيرة من رؤوس الأموال يمكن انتقالها من الدول الغنية من الدول الإسلامية إلى دول أخرى, كما يمكن أن توفر لمستثمريها الأرباح العالية، وخير دليل على ذلك أداء الاستثمارات التي تمت في أعقاب إرساء المبادئ الإسلامية في الاستثمار.

مرفين كاف لويس
أستاذ العلوم المالية والمصرفية

وآيني محمد نور- الحاصل على الدكتوراه
جامعة جنوب أستراليا - أديلايد

(المصدر: مجموعة كسب المالية)

الأكثر قراءة