أسواق التأمين الإسلامــي غير محصّنة من تأثير الأزمة العالمية الراهنة
على الرغم من التحذيرات التي أطلقها اقتصاديون حول مستقبل قطاع التأمين التكافلي في ضوء الأزمة المالية العالمية إلا أن خبراء التأمين التكافلي قللوا من تداعيات الأزمة المالية العالمية على القطاع، معتبرين أنه نجح في أن ينأى بنفسه عن التأثر بالتراجعات التي شهدتها شركات التأمين التقليدية، لافتين إلى أن ''الأزمة'' أوجدت لشركات التكافل فرصا أفضل على المديين القريب والبعيد.
لكنهم أكدوا خلال أعمال المؤتمر السادس للاتحاد العالمي لشركات التكافل والتأمين الإسلامي الذي افتتح في منتصف حزيران (يونيو) 2009 في العاصمة الأردنية تحت عنوان ''التأمين الإسلامي رؤى لحلول اقتصادية'' ونظمته شركة التأمين الإسلامية أن أسواق التأمين الإسلامي غير محصنة كليا من تأثير الأزمة العالمية الراهنة.
وخلال فعاليات المؤتمر السادس للاتحاد العالمي لشركات التكافل والتأمين الذي افتتحه الدكتور باسل الهنداوي مدير عام هيئة التأمين قال الهنداوي إن أهمية هذا الحدث تكمن في بحث التحديات الراهنة لأسواق التأمين العربية والإسلامية في ظل الأزمة المالية العالمية، مبينا أن كثيرا من الاقتصاديين حول العالم يتفقون بأن النظام المالي العالمي يمر حاليا بمرحلة حاسمة تُراجَع فيها السياسات ويُعاد النظر في الخيارات الاقتصادية والمالية التي اتبعت في ما مضى من أعوام وقادت إلى ما قادت إليه من تباطؤ في النمو وانكماش عانت منه معظم اقتصادات العالم ومواطنيه.
وتابع الهنداوي أنه تم تشكيل مجموعة عمل بين مجلس الخدمات المالية والجمعية الدولية لمشرفي التأمين التي خلصت إلى أن عددا من المبادئ الصادرة الأخيرة قد يتطلب بعض المراجعة للتوافق مع الطبيعة الخاصة بأعمال التكافل، إضافة إلى عدد من القضايا التي تحتاج إلى جهد أكير من الجمعية والتي تشمل الحاكمية المؤسسية والتدابير الرقابية والاحترازية والتقارير المالية وممارسات السوق والإجراءات الرقابية الخاصة بشركات التكافل، حيث أصدر مجلس الخدمات المالية الإسلامية المعايير الخاصة بالحاكمية المؤسسية".
وبحسب الهنداوي فإن التحديات تتمثل في اختلاف تطبيقات التكافل باختلاف منهجيات العلماء في الاجتهاد والتفسير، موضحا أنه وعلى الرغم من التنوع المثري الذي يتيحه هذان المصدران الشرعيان المهمان إلا أنه يستوجب في الوقت ذاته إنشاء سلطة شرعية عليا توحد القرارات الشرعية، مستندة إلى أفضل الممارسات التوافقية.
وأشار إلى أن التحدي الثالث والذي لا يجوز، وفقا للدكتور الهنداوي إغفاله في ضوء انفتاح الأسواق وتحريرها وعضوية معظم الدول العربية الإسلامية في منظمة التجارة العالمية واشتداد حمى التنافس بحيث لم يعد يوجد باب من أبواب الاستثمار إلا وطرقته الشركات الكبرى حتى يبدو أن شركات التأمين العالمية قد غدت على أعتاب طرح التأمين التكافلي للمسلمين ولغير المسلمين؛ ما يعني ذلك ضرورة استعمال التكافل لذات معايير الأداء المستعملة في التأمين التقليدي.
وأوضح الدكتور الهنداوي أن العمليات التكافلية مبنية على استثمار الأموال وتقاسم الأرباح إلا أن لهذه العملية بُعدا آخر ينبغي الاهتمام به يتمثل في ضرورة تعريف أوجه الاستثمار المتوافقة مع الشريعة وهي حتى الآن محدودة؛ ما يُوجِب تطوير أوجه استثمار جديدة متنوعة، مشددا على أهمية عدم إغفال الحاجة إلى تعزيز خبرات العاملين في التكافل من خلال التدريب وتطوير المهارات الفنية والاكتوارية والمالية والتسويقية وغيرها.
ويوجد حاليا في السوق المحلية ثلاث شركات تقدم خدمات تكافل مميزة وتسعى لتعزيز سوق التكافل من خلال تطوير نماذج العمل وقنوات التوزيع ومهارات الموظفين في شركات التأمين التكافلي.
وأعرب عن أمله في تعزيز دور التأمين التكافلي وذلك من خلال إقناع الناس بأهمية التأمين وتقديم حلول تأمينية ملبية لقناعاتهم الشرعية والتي قد تكون ساهمت في إحجام العديد منهم عن الإقبال على الخدمات التأمينية التقليدية.
من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة "شركة التأمين الإسلامية الأردنية" موسى شحادة أهمية الاقتصاد الإسلامي ودوره الفاعل في معالجة الأزمات المالية والعالمية والتغلب عليها، داعيا إلى المزيد من تضافر الجهود بين رجال المال والأعمال في المؤسسات المالية الإسلامية وهيئات الإشراف عليها لإنجاح تلك المؤسسات والارتقاء بها لبناء اقتصاد إسلامي عالمي منشود.
وأكد أن شركات التأمين الإسلامية تعتبر من الركائز الأساسية للاقتصاد الإسلامي وركنا من أركانه، مشيرا إلى أن أول شركة تأمين إسلامية بدأت في جمهورية السودان التي تحتضن مقر الاتحاد العالمي لشركات التكافل والتأمين الإسلامي. وأضاف أن عدد شركات التأمين الإسلامية في أسواق التأمين العربية والإسلامية والعالمية زاد على سبعين شركة، مشيرا إلى أن عددها الإجمالي في جميع أسواق التأمين يزيد على مئتي شركة.
وأشار شحادة إلى عدد من الأسباب التي أدت إلى نجاح شركات التأمين الإسلامية منها التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية، الخدمة الجيدة والمعاملة الحسنة من قبل موظفيها للعملاء.
وقد تسلم مدير عام شركة التأمين الإسلامي الأردنية أحمد الصباغ رئاسة الاتحاد العالمي لشركات التكافل والتأمين الإسلامي للدورة الجديدة للسنتين القادمتين، ويذكر أن الاتحاد تأسس عام 1986م ، ويتكون من مجلس إدارة مكون من خمسة عشر عضواً يمثلون أسواق التأمين الإسلامي في شرق آسيا وغرب آسيا وأوروبا والخليج وإفريقيا، بالإضافة إلى الأسواق العربية.
وعلى الرغم من الخشية من آثار الأزمة العالمية التي عرضت على المؤتمرين حيال قطاع التأمين التكافلي إلا أن تقريرا أصدرته '' أرنست أند يونغ'' لعام 2009 توفع أن يصل حجم سوق التكافل على مستوى العالم إلى 7,7 مليار دولار بحلول عام 2012، فيما يقدر معدل نمو صناعة التأمين الإسلامي على مستوى العالم بما يزيد عن 25 في المئة سنوياً، وبين عامي 2004 و2007 نمت مساهمات التكافل من 4,1 مليار دولار إلى 4,3 مليار دولار ولا يتجاوز حجم سوق التكافل في الوقت الحالي 20 في المئة من إجمالي حجم سوق التأمين العالمي.
واستند الخبراء في توقعاتهم لنمو صناعة التكافل إلى عدة عوامل:
انتشار الوعي وتزايد أعداد شركات القطاع ودخولها إلى أسواق جديدة. كما أن منتجات التكافل باتت في الوقت الحالي أكثر طلبا سواء للمسلمين وغير المسلمين، خصوصا فيما يتعلق بمبدأ المشاركة في الأرباح.
وأشاروا إلى الجهود التي بذلت لتأهيل الأردن ليغدو حاضنا لسوق متقدمة للخدمات التأمينية، التقليدية والتكافلية. موضحين أن هذه الجهود تركزت على تحسين كفاءة نظام التأمين الإسلامي في الأردن بحيث يصبح مساهماً فعالاً في قطاع الخدمات المالية الأردني ويلبي احتياجات المواطنين وإقبالهم على هذا النوع من التأمين إلى جانب التأمين التقليدي.
ازاء ذلك رأى المؤتمرون في عمان أن الفرصة مواتية لإيجاد اهتمام متزايد في النظام المالي الإسلامي والمبني على التكافل والقيم والأسس الإسلامية السليمة، علما بأن أسواق التأمين الإسلامية غير محصّنة كليا من تأثير الأزمة العالمية الراهنة.
ورأى المشاركون ضرورة إنتاج رؤية متكاملة لطرح الخيار الإسلامي في التأمين بالتزامن مع بمراجعة وتأمل ما وصل إليه القطاع من تطور في الخدمات المالية الإسلامية في بلداننا العربية والإسلامية، بالإضافة إلى معرفة التحديات التي تواجه مسيرة النمو والتطوير والذي يعتبر تَحديا للمنافسة من أهمها خصوصا في ضوء انفتاح الأسواق وتحريرها وعضوية معظم الدول الإسلامية في منظمة التجارة العالمية والذي يزيد من التنافس.
إلى ذلك قال الهنداوي إن شركات التأمين العالمية قد غدت على أعتاب طرح التأمين التكافلي للمسلمين ولغير المسلمين؛ ما يعني ذلك ضرورة استعمال التكافل لذات معايير الأداء المستعملة في التأمين التقليدي. وفيما يخص الأردن بين الهنداوي أن المملكة لم تنفكُّ تسعى منذ سنين للقيام بكل ما يلزم لتأهيل الأردن ليغدو حاضناً لسوقْ متقدمْ للخدمات التأمينية، التقليدية والتكافلية، وعليه تركزت الجهود لتحسين كفاءة نظام التأمين الإسلامي في الأردن بحيث يصبح مساهماً فعالاً في قطاع الخدمات المالية الأردني ويلبي احتياجات المواطنين وإقبالهم على هذا النوع من التأمين إلى جانب التأمين التقليدي.
خبراء التأمين المجتمعون في عمان أكدوا ضرورة تسليط الضوء على التأمين بوصفه أحد ركائز الاقتصاد الإسلامي، خاصة بعدما حقق هذا القطاع نقلة نوعية خلال العقود الثلاث الماضية من خلال اتساع دائرة انتشار شركات التأمين الإسلامية في أسواق التأمين العربية والعالمية.
إلى ذلك تشير الارقام إلى أن شركات التأمين أصبح عددها في الأسواق العربية يزيد على 70 شركة، فيما يزيد عددها الاجمالي في جميع أسواق التأمين على مئتي شركة.
ويذكر أن "تقرير التكافل العالمي "2009 والصادر عن Ernst & Young يُقدرُ معدل نمو صناعة التأمين الإسلامي على مستوى العالم بما يزيد على 25 في المئة سنوياً ، وبين عامي 2004 و2007 نَمَت مساهمات التكافل من 1,4 مليار دولار أمريكي إلى 3,4 مليار دولار أمريكي ويتوقع أن تصل إلى 7,7 مليار دولار أمريكي بنهاية عام 2012، ما يبشًّر بإمكانيات نمو هائلة في قادم الأعوام ويستحضر بذات الوقت أهمية تمهيد الطريق كي يحقق التكافلُ الغايات التي صُمم لأجلها في ضوء وجود تحديات كبيرة ينبغي التنبه لها والتعامل معها.
ورجح الخبراء مواصلة قطاع التأمين التكافلي النمو بمعدلات أفضل من التأمين التقليدي خلال الفترة المقبلة، نظرا لارتفاع الطلب على هذا القطاع؛ ما حدا بالشركات التقليدية إلى التحول إما للتكافل بشكل كامل أو فتح نوافذ للتأمين التكافلي لديها.
وفي ضوء التقرير دعا خبراء إلى مراجعة التطور في الخدمات المالية الإسلامية في البلدان العربية والإسلامية، مشيرا إلى تزايد مؤسسات التأمين الإسلامي في العالم الإسلامي والدول التي تضم مجتمعات إسلامية كبيرة نتيجة لتطور الوعي العام بمبادئ المعاملات المالية الإسلامية.
ويرى الخبراء أن أهم التحديات الماثلة أمام مزيد من التطور والانتشار لصناعة التأمين هو التحدي التنظيمي المتمثل في تصميم إطار تنظيمي راسخ يمكن السلطات الوطنية المعنية من تنظيم التعاملات التكافلية والإشراف عليها للتحقق من توافقها مع الأصول التأمينية من جهة والمبادئ الشرعية من جهة أخرى .