دراسة: 8 ملحوظات جوهرية على «انتخابات البلدية» أبرزها صدور اللائحة قبل النظام
كشفت دراسة تقييميّة حديثة عن وجود ثماني ملحوظات جوهرية تخص لائحة الانتخابات البلدية المعمول بها في المملكة حاليا, تبرز في مقدمتها سابقة خروج لائحة قبل النظام, وهي التي تأتي في العادة (اللائحة) شارحة لبنود وتفاصيل النظام.
ومعلوم أن مجلس الوزراء وافق أخيرا على نقل الأحكام المتعلقة بالمجالس البلدية الواردة في نظام البلديات والقرى وأفرادها في نظام خاص للمجالس البلدية يحقق تطلعات الدولة إلى توسيع مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون المحلية مع الاستفادة من نتائج الدراسات التي أجرتها وزارة الشؤون البلدية والقروية في هذا الشأن. كما أكدت وزارة الشؤون البلدية والقروية الإسراع في رفع مشروع نظام المجالس البلدية وفقاً للإجراءات النظامية المتبعة, على أن تستمر عضوية أعضاء المجالس البلدية الحالية لمدة سنتين أخريين اعتبارا من تاريخ 12/11/1430هـ.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
كشفت دراسة تقييميّة حديثة عن وجود ثماني ملحوظات جوهرية تخص لائحة انتخابات البلدية المعمول بها في المملكة حاليا, تبرز في مقدمتها سابقة خروج لائحة قبل النظام, وهي التي تأتي في العادة (اللائحة) شارحة لبنود وتفاصيل النظام.
ومعلوم أن مجلس الوزراء وافق أخيرا على نقل الأحكام المتعلقة بالمجالس البلدية الواردة في نظام البلديات والقرى وإفرادها في نظام خاص للمجالس البلدية يحقق تطلعات الدولة في توسيع مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون المحلية مع الاستفادة من نتائج الدراسات التي أجرتها وزارة الشؤون البلدية والقروية في هذا الشأن. كما أكد على وزارة الشؤون البلدية والقروية الإسراع في رفع مشروع نظام المجالس البلدية وفقاً للإجراءات النظامية المتبعة, على أن تستمر عضوية أعضاء المجالس البلدية الحالية لمدة سنتين أخريين اعتبارا من تاريخ 12/11/1430هـ. وجاء قرار مجلس الوزراء بعد الاطلاع على ما رفعه وزير الشؤون البلدية والقروية بشأن دراسة تجربة انتخابات أعضاء المجالس البلدية ومراجعة الإجراءات والنظم الانتخابية وتقويم أداء تلك المجالس للاستفادة من نتائج هذه الدراسة في الدورات الانتخابية المقبلة.
إلى ذلك قال الخبير القانوني الدكتور محمد براك الفوزان معد الدراسة، إن إعلان مجلس الوزراء الأخير يؤكد وعي السلطة التشريعية بواقع الحال القائم حاليا فيما يخص التنظيم الاجتماعي وضرورة التحرك تجاه ضبطه وسن الأنظمة القانونية المنظمة لنشاطه، مفيدا أن ذلك يلقي بالمسؤولية على السلطة التنفيذية لتسريع القيام بمشروع النظام في الوقت المحدد له.
وكشفت الدراسة من بين رصدها أن النظام الذي صدر في عام 1397هـ (البلديات والقرى) تجنب عدم الالتزام بإصدار اللائحة كما هو متبع في ذيل كل نظام، فأصبح النظام دون لائحة تنفيذية بالمعنى الفني لعمل اللوائح، مشيرة إلى أن اللائحة التنفيذية التي صدرت عام 1425هـ لا ترقى إلى المعنى الفني لوظائف اللوائح التنفيذية، إضافة إلى أنها صدرت في موضوع واحد فقط من موضوعات اللائحة العديدة لنظام البلديات والقرى وهو انتخاب أعضاء مجالس البلديات. ووصفت الدراسة لائحة النظام بأنها لائحة أحكام خاصة أو (لائحة مؤقتة) إلى حين صدور اللائحة الدائمة التي تتناول جميع موضوعات النظام وتضم بين طياتها اللائحة السابقة وما تتناوله من أحكام خاصة بانتخابات أعضاء المجالس البلدية، منتهية إلى أنها خرجت عن الوظائف الأساسية التي تحكم عمل اللوائح التنفيذية عموما من شرح وتفصيل لأحكام النظام برمته. إلى تفاصيل أدق فيما يخص اللائحة في متن عرض الدراسة التالية:
محمد السلامة من الرياض
انطلقت الدراسة في بادئها بتعريف لـ "اللائحة" وكذلك اختصاصاتها، قبل أن تركز على العملية الانتخابية التي تنظمها اللائحة والخاصة بالبلديات في المملكة من حيث إنها أول الطريق لممارسة الديمقراطية ومشاركة المرأة السعودية في الحياة السياسية.
وذكر الفوزان معدّ الدراسة أنها مجرد قواعد فرعية ينحصر دورها في خدمة ما هو أهم ألا وهو النظام ذاته الذي تدور كل اللوائح في فلك أحكامه, ترغب وتنشد هدفا واحدا هو تفسير الغامض من النظام وتفصيل عموم أحكامه، مستفهما "هل سلكت اللائحة الجديدة هذا المسلك أم نصبت نفسها نظاما يناطح نظام البلديات والقرى الصادر عام 1397 هـ؟".
#2#
تاريخ الصدور والوظائف
وذكر الفوزان في أولى الملحوظات على اللائحة تاريخ صدور النظام وتاريخ صدور اللائحة, حيث صدر نظام البلديات والقرى عام 1397هـ, مفيدا بالقول إنه كأي نظام في المملكة من المنطقي أن تعقبه لائحته بعد سنة أو سنتين على الأكثر ولكن مضت هذه الفترة دون أن يهتم أحد بإصدار لائحة له حتى عام 1425هـ أي منذ 27 عاما حينها - وفقا للفوزان - تذكر المختصون أن ثمة نظاما في المملكة تنقصه لائحة، متسائلا أين كانت اللائحة؟ وما أثر تأخيرها في نصوص النظام وأحكامه التي علق نفاذها على صدور تلك اللائحة ومن ذلك (البلديات)؟
ويضيف في ملحوظته الثانية أن البلدية بما نصت عليه المادة الأولى من نظام البلديات والقرى (البلدية شخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري تمارس الوظائف الموكولة إليها بموجب هذا النظام ولوائحه التنفيذية), حيث يرى أنه من هذا النص يستخلص أن اللائحة التنفيذية التي تصدر يجب أن تحدد وظائف البلديات فهل فعلت ذلك اللائحة الصادرة عام 1425؟ مفيدا بأنها تجاهلت البلديات, واهتمت بأعضائها, فأين الوظائف من اللائحة الجديدة؟ وهل يحتاج النظام إلى لائحة ثانية تفصل أحكامه وتنفذها؟
الوزير والأعضاء
وأبان الفوزان في الملاحظة الثالثة تجاهل أهمية ودور الوزير للشؤون البلدية والمهام الجسيمة التي يتولاها, خصوصا أن من بينها ما يخص مراكز أعضاء المجالس بل منها ما يخول الوزير إنشاء وتعيين لجان تمارس الاختصاصات والصلاحيات المخولة للمجلس البلدي لمدة سنتين (وذلك عند نشأة البلدية)، بل أجاز النظام للوزير إذا تعذر تشكيل المجلس البلدي تمديد هذه المدة.
ويزيد: "اقتصرت اللائحة على المجلس المنتخب فقط دون شرح لهذه اللجان التي من الممكن أن تمحو عملية الانتخاب برمتها حيث يمكن أن تخضع لها أيضا البلديات القائمة حين صدور هذا النظام, كما توضحه المادة الثانية من النظام، وهو اختصاص في غاية من الخطورة كان على اللائحة إيراد تفصيله في نصوصها".
أما رابع الملاحظات على اللائحة فهو أعضاء المجالس البلدية والقروية، حيث يفيد الفوزان بأن هناك دليلا على ابتسار اللائحة ووصفها بأنها ذات جناح واحد, وهو الجناح المنتخب, إذ يجد من يدقق في قراءة مواد النظام بصورة متأنية أن أعضاء المجالس البلدية ينقسمون إلى قسمين أساسيين، الأول الأعضاء المنتخبون والأعضاء المعينون من قبل وزير الشؤون البلدية والقروية, كما جاءت به المادة التاسعة من النظام.
ولفت الفوزان، إلى أنها تطرقت فقط للنصف المنتخب فحددت الشروط التي يجب أن تتوافر في العضو والدوائر واللجان الانتخابية ولجان قيد الناخبين وقيد المرشحين ولجان الفرز والتظلمات .. إلخ لكن لم توضح اللائحة كيف يتم تعيين المعينيين ولا سيما أنه إذا كان جميع أعضاء المجالس مصدر عضويتهم من العملية الانتخابية فقط لا تصلح بمفردها، مفيدا أن المجلس البلدي في السعودية من خلال الانتخاب والتعيين, حيث يعدان جناحي قيام تلك المجالس.
#3#
التعيين والانتخاب
ويشير الفوزان إلى الملاحظة الخامسة بتساؤله: أين اللائحة التنفيذية للشروط الواجب توافرها في أعضاء المجالس البلدية حيث نصت المادة 11 من نظام البلديات والقرى ثمانية شروط واجب توافرها في عضو المجلس البلدي لأنه جاء عاما, أي لم يحدد الأعضاء الخاضعين لتلك الشروط هل هم المعينون أم المنتخبون، فيمكن القول إن تلك الشروط هي الشروط العامة الواجب توافرها في العضو داخل المجلس البلدي سواء كان معينا أو منتخبا، مبينا أنه لماذا اللائحة تخصصت في طائفة المنتخبين دون المعينين بينما كان الأولى أن تحظى هذه الشروط التي ينبغي أن تتوافر في عضو مجلس بلدي - بنوع من التفصيل والاستفاضة بل التحليل والشرح.
وشملت الملاحظات سادسا آلية عمل المجلس البلدي على اللائحة ومسؤولية تحديدها كما تنص المادة 22 من نظام البلديات والقرى على أن (تتضمن اللوائح التنفيذية إجراءات سير العمل الداخلي للمجلس وتسجيل محاضره وصياغة قراراته)، حيث يرى الخبير القانوني الفوزان أنه بالنظر إلى نصوص اللائحة نجدها لم توضح أحكام هذا النص الذي صرح وبصفة مباشرة على دور اللوائح التنفيذية لهذا الشأن الداخلي من شؤون المجالس البلدية, والسؤال: ما الآلية التي تحكم أعمال أعضاء المجالس البلدية عموما؟ وما البيانات الواجب توافرها في محاضر اجتماعه؟ وشكل اتخاذ القرار وصياغته لم توضحها اللائحة.
ووفقا للدكتور الفوزان فإن اللائحة لم توضح وظيفة رئيس البلدية كما يرصده في الملاحظة السابعة حينما اعتمد على نص المادة السادسة من النظام (يتولى السلطات في البلدية 1- المجلس البلدي ويمارس سلطة التقرير والمراقبة، 2- رئيس البلدية ويمارس سلطة التنفيذ بمعاونة أجهزة البلدية)، مبينا ما معنى سلطة التقرير والمراقبة التي يمارسها المجلس البلدي وكذلك ما معنى سلطة التنفيذ التي يمارسها رئيس البلدية، في وقت كان لا بد من بيان تلك المصطلحات من قبل لائحة تهتم بكامل جوانب النظام.
#4#
اللائحة: مادة واحدة
وذكرت دراسة الفوزان في الملاحظة الثامنة والأخيرة أن اللائحة التنفيذية صدرت لخدمة مادة واحدة فقط من مواد النظام وهي المادة 14 (تحدد اللائحة التنفيذية طريقة انتخاب أعضاء المجالس البلدية والشروط الخاصة بالناخبين وإجراءات الاقتراع والطعن) حيث حظيت بالشرح والتفصيل من قبل اللائحة فلقد تمت تسميتها باسمها حيث جاءت بعنوان "لائحة انتخاب أعضاء المجالس البلدية" فلم تصدر للنظام بأكمله بل من أجل هذه المادة فقط دون بقية المواد.
وأضاف الفوزان أن عنوان اللائحة تضمن خصوصية الموضوع والأحكام على عكس ما هو متبع من قبل اللوائح فتصدر باسم النظام حيث كان من الطبيعي أن تسمى هذه اللائحة "اللائحة التنفيذية لنظام البلديات والقرى" وليس كما هو عليه الحال أن تصدر من أجل موضوع انتخاب أعضاء المجالس البلدية دون سائر الموضوعات التي يتناولها النظام، متسائلا: هل من المنطقي أن تصدر لائحة تتكون من 31 مادة من أجل تفصيل مادة أو مادتين من النظام؟ وقال: "هذه اللائحة تحتاج إلى لائحة مكملة تتناول ما تجاهلته الأولى من أحكام النظام ليصبح الاثنان بمثابة اللائحة التنفيذية لنظام البلديات والقرى الذي يحتاج حتى الآن إلى مثل هذه اللائحة, حيث يمكن القول إن هذا النظام منذ طلوعه لم تصدر بشأنه لائحة تنفيذية توضح أحكامه وتحدد معالمها وأن ما صدر من لوائح هي من قبل اللوائح الخاصة التي تقتصر على بيان جزئيات في مواده لا تشفي ولا تروي الظمأ".
نوايا مسبقة
كان مجلس الوزراء قد دعا إلى الإسراع في رفع مشروع نظام المجالس البلدية وفقا للإجراءات النظامية المتبعة. ويأتي هذا الإجراء بعد اطلاع مجلس الوزراء على الدراسة التي رفعها وزير الشؤون البلدية والقروية السعودي، عن تجربة انتخابات أعضاء المجالس البلدية.
ومعلوم أن وزارة الشؤون البلدية والقروية أعلنت في أكثر من مناسبة توجهها نحو إصدار نظام متخصص, حيث أكد الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز نائب وزير الشؤون البلدية والقروية في كانون الثاني (يناير) الماضي بذل جهود لتطوير نظام المجالس البلدية والانتخابات، يشارك فيها خبراء من الأمم المتحدة والقانون الإداري وبيوت خبرة عالمية لإعادة صياغة بعض مواد النظام لتلافي العموميات والملاحظات التي واكبت تطبيقها خلال الدورة الأولى. ورفض في محاضرة ألقاها في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة بداية العام تحت عنوان "المجالس البلدية بين الواقع والمأمول" أن يكون هناك نص في النظام استثنى المرأة من المشاركة في المجالس البلدية سواء بالانتخاب أو التعيين أو الاستشارة، وبيَّن أن لفظ (المواطنة) الواردة في النظام يشمل الرجل والمرأة على حد سواء، واستدرك أن الدورة الأولى، ولأسباب وصفها باللوجستية والتنظيمية، استُثنيت مشاركة المرأة فيها.
ودافع الأمير منصور عن نسبة التعيين في المجلس, حيث لفت إلى أنها تمثل توازنا في الخبرة ودعما لأداء المجلس ليكمل ما قد يعتريه من نقص في جانب الأعضاء المنتخبين، في وقت عد ما تحقق من إنجاز للمجالس البلدية التي يبلغ عددها 179 مجلسا ويضم 1212 عضوا في الدورة الأولى بنسبة 61 في المائة ممَّا هو مأمول منها، كاشفا أن هناك لجنة ستعقد لمناقشة الظواهر السلبية التي رصدت وواكبت الحملات الانتخابية سواء من ناحية البرامج الانتخابية وما تضمنته برامج المرشحين من آليات لشرح وجهة نظرهم.
وفي الثاني والعشرين من أيار (مايو) الماضي، أكد نائب وزير الشؤون البلدية والقروية أن نظام البلديات والقرى ولائحة المجالس البلدية الذي سيعلن عنه قريباً جاء بعد ظهور بعض السلبيات في النظام السابق، حيث سيتميز النظام الجديد بفاعلية أداء قطاع المجالس البلدية، كما سيوسع قاعدة المشاركة، إضافة إلى تقديمها مستوى أفضل في الخدمات والكفاءات البلدية، وذلك بعد الاستعانة بخبرات محلية وخارجية.
وأضاف في تصريح صحافي، أنه تم تقييم نظام المجالس البلدية في تجربته الحالية تقييما موضوعيا بعد أن عملت المجالس البلدية وأعضاؤه، حيث إنهم مشاركون في هذا التقييم، وستؤخذ رؤيتهم في النظام الجديد الذي سيعمل به. وذكر الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز أن التمديد الذي أقره مجلس الوزراء لعضوية أعضاء المجالس البلدية الحالية لمدة سنتين مقبلتين في دورتها المقبلة، سيعالج كثيراً من السلبيات في النظام الحالي.