..وشركات المحاماة الثلاث في موقف صعب وتحت التمحيص
سلطت الدعوى القضائية، التي تشق طريقها في المحاكم الأمريكية، الضوء على الدور الذي لعبته ثلاث شركات محاماة وملابسات ارتباط إحداها في هندسة هياكل صكوك «إيست كاميرون» المتعثرة. وبعد اتضاح وجود بوادر أولية على ضعف موقف حملة الصكوك لصالح الدائنين، على الأقل من وجهة نظر المحكمة، بدأ بعض المتعاملين مع المحامين في سرد ما وصفوه بـ «الحيل السهلة والرخيصة» التي يستعان بها في هيكلة الصك بسرعة. فضلا عن حالات «التضليل» التي تعرض لها الفقهاء بفعل «الحجج القانونية العلمانية» التي قدمها لهم المحامون الأذكياء.
وبالعودة إلى قضية شركة الطاقة الأمريكية، تظهر وثائق حصلت عليها «الاقتصادية» أن هناك بنكين عهد إليهما تنظيم إصدار صكوك «إيست كاميرون» الأول بنك لبناني باسم BSEC S.A والثاني بنك Merrill Lynch الأمريكي الذي نجا من الإفلاس بعد أن استحوذ عليه بنك أوف أمريكا. ولا يعرف أي من البنكين الذي نجح في إقناع المستثمرين الخليجيين بالدخول في هذه الصكوك. ويصف البنك اللبناني الاستثماري نفسه بأنه متخصص في هيكلة المنتجات الإسلامية.
معلوم أن بنك BSEC S.A قد فاز بثلاث جوائز عالمية من جراء الدور الذي لعبه في هذه الصكوك. وأبلغ «الاقتصادية» أحد المصادر الذي عمل مع هؤلاء المصرفيين الاستثماريين، أن بعضهم فقدوا وظائفهم بعد الأزمة المالية وعملية الاندماج.
##التمحيص القانوني
ووفقا لأحد المحامين في شركة المحاماة Vinson&Elkins LLP (التي قدمت النصح للبنوك المنظمة) فإن هناك شركتي محاماة أخريين. فشركة Baker Hostetler قدمت الاستشارة القانونية للشركة المصدرة للصكوك. في حين قدمت Walkers (Dubai) LLP الاستشارات القانونية لشركة الأغراض الخاصة SPV.
ولا يعرف حتى الآن في إذا ما كانت شركات المحاماة الثلاث المذكورة ملتزمة بتقديم خدماتها أو أنها فضلت الانسحاب بعد إفلاس الشركة الأمريكية وظهور بوادر أن المحاكم الأمريكية ستبدأ بتمحيص المستندات القانونية التي تمت صياغتها. في حين أصدرت Walkers Dubai LLP بيانا خاصا لدى إجابتها عن أسئلة «الاقتصادية»، قالت فيه إن شركتهم «لم تمثل حاملي شهادات الصكوك في أي وقت من الأوقات. وإن أية خسائر يتكبدها حاملو شهادات الصكوك هي نتيجة للتقلص في قيمة الموجودات التي تقوم عليها الصكوك». وعندما نقلت «الاقتصادية» لإحدى شركات المحاماة الثلاث أن هناك مؤشرات بأن حملة الصكوك قد يفقدون حقوقهم، قالت واحدة منهم: «كان عليهم أن يستعينوا بشركات القانون الخاصة بهم لمراجعة المستند. ونحن ليس لنا علاقة بهم».
##الحيل الرخيصة
إن الملاحظات التي بدأ القائمون في صناعة المال الإسلامية بتسجيلها على كل من كان له يد في تجريد حملة الصكوك من الجوانب القانونية التي تحميهم أمام القضاة، ما هي إلا جزء بسيط مما كان يوضع في طي الكتمان من قبل العاملين في شركات القانون العالمية. إلا أن قضية الصكوك المتعثرة، أجبرت بعض المحامين على كشف بعض الحقائق الغائبة.
يحاول روبرت مايكل، مؤسس شركة Robert E. Michael & Associates للمحاماة، تبرير قيام زملائه في المهنة بالاستعانة بالحيل الرخيصة من أجل مواكبة طفرة الصكوك الإسلامية قبل نحو سنتين. يقول روبرت: «نحن نعلم أنه كان هناك قدر كبير من الضغط التنافسي من وجهة نظر شركات المحاماة، وذلك بغية طرح الصكوك في الأسواق إبان التوسع الكبير في سوق السندات الإسلامية، وبالتالي ليس مفاجئا أن تلك الشركات لجأت إلى الحلول السهلة والرخيصة واتخذت مخاطر في هياكل ومستندات الصكوك.
##تضليل الفقهاء
وعن البنود القانونية المعقدة التي صيغت بذكاء من قبل المحامين والتي قد يستصعب فهم فحواها من قبل الفقهاء، والتي على هذا الأساس تم تضليلهم، يقول بول ووترز، محام لدى Office Bener Law،»سيكون من المفيد أن نعلم المزيد من التفاصيل حول الفتاوى (التي تبقى معظم الوقت غير منشورة) التي أجازت بعض هياكل الصكوك التي تبدو للوهلة الأولى أن هناك خلافا حولها، إلى جانب الهياكل الأخرى التي شككت في صدقيتها هيئة المحاسبة. هل هناك فقهاء متساهلون تعرضوا للتضليل بفعل الحجج القانونية العلمانية المقدمة من بعض المحامين في الصناعة؟ أم أن الصناعة حاولت فقط أن تركض قبل أن تستطيع المشي؟».وهنا تقول فارميدا بي، شريكة لدى نورتون روز للمحاماة، يشعر الفقهاء بخيبة الأمل بالنسبة للتلاعب بالأحكام الشرعية على يد مصرفيين ومحامين أذكياء، يريدون خلق منتجات لا تستند إلى مبادئ التمويل الإسلامي التي تقوم عليها تلك العقود، ولكنها مع ذلك تنسجم مع أنموذج يمكن فهمه بسهولة من قبل المستثمرين التقليديين الذين كان يغلب عليهم حتى الآن أن يكونوا هم المستثمرين الرئيسيين في الصكوك».
##نقص الدراية الشرعية
وكشف لـ «الاقتصادية» مصدر قانوني بريطاني كيف أسهم نقص الدراية الشرعية لبعض المحامين في تعريض العميل لما يعرف بـ «المخاطر الكامنة» للصك. يقول المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، «رأَينا كثيراً من الأمثلة التي حدثت فيها مشكلات بسبب عدم دراية المحامين بالأحكام الشرعية، ما أدى إلى زيادة المخاطر بالنسبة لحملة الصكوك. إذا لم يكن هؤلاء المحامون على دراية بالأحكام الشرعية، فكيف سيفهمون المخاطر التي تنطبق على هيكل الصكوك؟» ويتابع: «قبل وقت ليس بالطويل سألني عدد من «المحامين المختصين بالمالية الإسلامية» عن معنى الاختصار AAOIFI (أي هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية)».
##ميثاق المهنة
ولوحظ كذلك إخلاف أحد المحامين بميثاق الشرف المهني، عندما خرج على وسائل الإعلام، بدلا من أن يكون محايدا، وهو يعطي توصياته غير المباشرة لشراء صكوك، تحتفظ «الاقتصادية» باسمها، مدرجة في إحدى البورصات الخليجية. مع العلم أن شركة المحاماة الخاصة به، تتخذ من لندن مقرا لها، قد أسهمت في هيكلة تلك الصكوك الني تعثرت في وقت لاحق. يعلق على ذلك ووترز، محام متخصص في المالية الإسلامية، «كانت شركات تزويد الخدمة في جميع القطاعات (القانونية والمحاسبية والمصرفية) تدق صدرها بقوة، لتبدو من الناحية العملية على أنها هي التي عقدت الصفقات وليس عملاء هذه المؤسسات».
ويتابع المحامي التركي: «حصلت هذه الشركات على جوائز من الصناعة وعرضت هذه الجوائز حتى يراها الجميع. كانت هذه المؤسسات ترمي بثقلها حتى تقف بحزم وراء الشركات الاستثمارية ذات الأغراض الخاصة التي ساعدت في إنشائها، وتدافعت لمساندة الأطراف ذات العلاقة. بل إنها في بعض الأحيان، أعطت اسمها وسمعتها لتستخدَم في العروض التسويقية المتنقلة (الخاصة بالصكوك). وذلك بهدف تسويق تلك المنتجات المالية التي ساعدت في تصميمها. وعززت تلك الجهود بالبيانات الصحافية التي أصدرتها. فهل كانت هذه المؤسسات تعزز من صدقية المؤهلات الشرعية لهذه الصفقات المهيكلة»؟