فجوات قانونية تهدّد بضياع حقوق حَمَلة صكوك «خليجيين» في شركة طاقة أمريكية

فجوات قانونية تهدّد بضياع حقوق حَمَلة صكوك «خليجيين» في شركة طاقة أمريكية
فجوات قانونية تهدّد بضياع حقوق حَمَلة صكوك «خليجيين» في شركة طاقة أمريكية

علمت «الاقتصادية» من أحد المصادر القانونية القريبة من شركة الطاقة المفلسة «إيست كاميرون»، أن هناك بوادر أولية، بحسب جلسات المحكمة التي تجري حاليا، بفقدان حملة الصكوك المتعثرة حقوقهم، وذلك عبر توجه القاضي نحو تفضيل حصول الدائنين أولا على حقوقهم قبل حملة الصكوك، وكذلك بسبب ظهور فجوات قانونية في هيكل السند الذي هيكلته شركات المحاماة، الأمر الذي أسهم في إضعاف موقف حملة الصكوك أمام القضاء «العلماني» الذي تكون له رؤية مختلفة عن الجوانب الشرعية لهذه الأدوات الإسلامية. وأكد لـ «الاقتصادية» مصدر موثوق وجود حملة صكوك خليجيين متورطين في قضية الصكوك المتعثرة الأمريكية (تبلغ قيمتها 165.67 مليون دولار)، إلا أن المصدر شدد على أن أعدادهم تعد «قليلة» نسبيا، مقارنة بالمستثمرين الأجانب الآخرين الذين لا يعرفون إذا ما كان الدائنون الآخرون سيسبقونهم في السيطرة على حقول النفط والغاز التي ارتكزت أصول الصكوك عليها.
وأعرب أحد القريبين من المحامين الذين حضروا وقائع جلسات الاستماع في لويزيانا، عن تحسره لفشلهم في الإثبات للمحاكم بشكل لا يقبل الشك ملكية حملة الصكوك للموجودات.

في مايلي مزيد من التفاصيل:

علمت «الاقتصادية» من أحد المصادر القانونية القريبة من شركة الطاقة المفلسة إيست كاميرون، أن هناك بوادر أولية، بحسب جلسات المحكمة التي تجري حاليا، بفقدان حملة الصكوك المتعثرة حقوقهم، وذلك عبر توجه القاضي نحو تفضيل حصول الدائنين أولا على حقوقهم قبل حملة الصكوك وكذلك بسبب ظهور فجوات قانونية في هيكل السند الذي هيكلته شركات المحاماة، الأمر الذي أسهم في إضعاف موقف حملة الصكوك أمام القضاء «العلماني» الذي تكون له رؤية مختلفة عن الجوانب الشرعية لهذه الأدوات الإسلامية.

#2#

في الوقت ذاته أكد لـ«الاقتصادية» مصدر موثوق وجود حملة صكوك خليجين متورطين في قضية الصكوك المتعثرة الأمريكية (تبلغ قيمتها 165.67 مليون دولار)، إلا أن المصدر شدد على أن أعدادهم تعد «قليلة» نسبيا، مقارنه بالمستثمرين الأجانب الآخرين الذي لا يعرفون إذا ما كان الدائنون الآخرون سيسبقونهم في السيطرة على حقول النفط والغاز التي ارتكزت أصول الصكوك عليها.

##فشل إثبات الملكية
ويعرب أحد القريبين من المحامين الذين حضروا وقائع جلسات الاستماع في لويزيانا عن تحسره لفشلهم في الإثبات للمحاكم وبشكل لا يقبل الشك ملكية حملة الصكوك للموجودات. حيث يقول: «يجب أن نكون قادرين على إثبات ملكية حملة الصكوك للموجودات على نحو تتعرف عليه وتدركه المحاكم في جميع أنحاء العالم وتدرك حقوق ملكيتهم للموجودات وتصدر أحكامها بناءً على ذلك. في الوقت الحاضر هذه المسألة غير واضحة، بمعنى أنه من غير الواضح إن كان حاملو الصكوك يتمتعون بالحقوق التعاقدية للموجودات (شأنهم في ذلك شأن حاملي السندات، أو الدائنين، وبالتالي فإن القضاة لن يحكموا بأنهم يتمتعون بحق الملكية)، أو إن كانوا يتمتعون بحقوق الملكية (وبالتالي تعتبرهم المحاكم أصحاب حق في الملكية)».

ولا يتردد المصدر الذي أسهم في هيكلة الصكوك الأمريكية في الاعتراف بندمه وتقصيره تجاه حملة الصكوك: حيث يقول: «لا بد لي من الاعتراف بأنني أقضي وقتاً طويلاً مع المحامين في مناقشة المواضيع المتعلقة بالتعزيزات الائتمانية (أي حماية البنوك). لم يخطر على بالي قط أن حملة الصكوك سيعانون مصاعب في محاولة إثبات حقوقهم. لكن بعد هذه التطورات أتمنى لو أنني أمضيت المزيد من الوقت في التفكير حول ما يمكن أن يحدث لهم في حالة تعثر صكوكهم. كل ما أتمناه هو أن نتعلم جميعاً من هذه التجربة، حتى لا نعود لمثلها أبداً».

ويكشف المصدر، الذي كان يتحدث وهو يشعر بتأنيب الضمير، بعض الخفايا القانونية التي تم ضخها في الصكوك، من أجل جعلها مشابهة للسندات التقليدية، الأمر الذي يسهم في صعوبة اعتراف المحاكم بحقوق حملة الصكوك. حيث يقول: «عملت جهات الإصدار المختلفة على إخفاء معالم الفرق بين الدَّين وحق الملكية، وأدى هذا إلى صعوبات بالنسبة لحاملي الصكوك. جهات الإصدار أمضت وقتاً طويلاً حول موضوع التعزيزات الائتمانية (حماية البنوك) ووقتاً لا يكاد يُذكر على حماية حقوق المستثمرين».

##أسوة الغرماء
يعلق محمد القري، الفقيه السعودي العالمي، على الموقف الضعيف لحملة الصكوك بقوله «أحد الإشكاليات التي ظهرت هي مسألة الإلزام بالشراء. فبعض (مستندات الصكوك) تقول إنه إذا تعثر مصدر الصكوك في دفع الأجرة في وقتها المحدد، فإنه يلتزم بشراء الأصول. وكان يظن أن هذا الشرط في صالح حملة الصكوك لأنه يخرجهم من المشكلات المرتبطة بالتعثر». ويواصل «فعلى سبيل المثال، عندما تعثر أحد مصدري الصكوك في دفع الإجارات للأصول التي يملكها حملة الصكوك، فإنه بادر بشراء هذه الأصول وأصبح حملة الصكوك دائنين لمصدر الصكوك. وبطبيعة الحال أصبحوا أسوة الغرماء مع دائنيه الآخرين. مع أن موقع حملة الصكوك هو أقوى من الدائنين الآخرين، نظرا للأصول التي يملكونها. وبدلا من أن تقوي هذه النقطة موقع حملة الصكوك في حالة تعثر المصدر، أسهمت في إضعاف مراكزهم أمام المصدر عندما تعثر».

##التهرب من المسؤولية

ويرى العديد من المراقبين ضرورة تحمل شركات المحاماة مسؤوليتها في إضعاف موقف حملة الصكوك في المحاكم الدولية. يقول الشيخ نظام يعقوبي أحد أبرز فقهاء الصيرفة الإسلامية: «90 في المائة من الأمور (الخاصة بتعثر الصكوك) تتعلق بالمحامين والقانونيين والأنظمة الرقابية. فمعظم هذه التعثرات هي عبارة عن مديونيات ثابتة في الذمة. فالحكم الشرعي فيها هو 10 في المائة من الموضوع».وبعد أن غفلت بعض شركات المحاماة عن الطابع الذي تتسم به الموجودات التي تقوم عليها الصكوك، وعما إذا كانت تعد نوعاً من الديون أو حقاً من حقوق الملكية، يعيش معظم حملة الصكوك هاجس قلق لعدم معرفتهم كيف ستنظر المحاكم الأمريكية لهم. فهل هم يعتبرون دائنين أو أن لهم حقوق ملكية.
يقول لـ «رويترز» منير خان، رئيس قسم المالية الإسلامية لدى شركة المحاماة سيمونز آند سيمونز: «المحاكم العلمانية غير الشرعية التي تؤيد هذه الهياكل ستعتبر على الأرجح أن حاملي الصكوك لديهم حقوق تعاقدية، أي حقوق تختلف عن حقوق الملكية، ونتيجة لذلك تعتبرهم دائنين وليسوا أصحاب حقوق في الملكية وعليه يخشى المصدر- الذي طلب من «الاقتصادية» عدم نشر اسمه لأسباب تتعلق بالسرية – عن احتمالية «حصول الدائنين أولا على حقوقهم قبل حملة الصكوك».

ولم يخف أحد المحامين الذي تحدثت معه «الاقتصادية» «قلقه» من كون هذه الصكوك، قد لا تصمد أمام المحاكم العلمانية الغربية، إلا أنه استطرد بأنهم سيصححون الوضع في الصكوك الجديدة المقبلة، وذلك عبر « استخدام هيكل أكثر وضوحاً بكثير من ذي قبل وصياغة عقود ومستندات أكثر دقة». أي أن حملة الصكوك سيصبحون مجرد «تجربة» في نظر المحامين لكي يتعلموا من أخطائهم التي ارتكبوها في المستندات الخاصة بالصك الإسلامي.
يشرح أحد المصادر الضبابية التي تحيط بموقف حملة الصكوك: «السندات الإسلامية هي أوراق مالية مهجنة، ولا يعلم أحد على وجه اليقين ما الذي ستقرره المحكمة، لأن بعض السمات تشير إلى أن الصكوك هي أدوات استثمارية لحقوق الملكية (أي الأسهم)، في حين أن بعض الصكوك الأخرى ينظر إليها على أنها أدوات للدين».

##ضعف الهياكل
أحد المحامين لم يتردد في تصريحات صحافية نشرت له أخيرا، بالقول إن كثيرا من الهياكل التي تقوم عليها الصكوك تم تصميمها «بسرعة» ولم تتعرض حتى الآن للاختبار. يقول هذا المصدر: «عقود التمويل الإسلامي بصورة عامة لم تكن دائماً مصممة بصورة جيدة، ويعود بعض السبب في ذلك إلى أن عمليات المراجعة الخاصة بالمتانة القانونية والتجارية للعقود لم تكن عميقة وشاملة بما فيه الكفاية. لذلك حين تكون لدينا حالة تعثر فإن الناس يشعرون بالحيرة حيال ذلك ولا يعرفون ماذا يجب عليهم أن يفعلوا». وتتوافق تلك التصريحات مع ما ذهب إليه أليكس صالح، وهو شريك لدى DLA Piper , عندما ذكر لصحيفة «ناشونال» أنه لو كان بإمكاننا العودة (يقصد نحن المحامين) وإحداث بعض التغييرات في طرق هيكلة الصكوك، فإننا سنقوم بذلك لكن هذا هو السبيل الذي نتعلم من خلاله».

##آليات للإنذار المبكر

وألقى طارق حميد، محام لدى Simmons & Simmons، باللائمة على الجهة المصدر للصك وغياب مسألة الشفافية. حيث يرى أن بعض الصكوك التي تعثرت لم يكن بها ما يعرف بـ «آليات للإنذار المبكر»، والتي من شأنها لفت أنظار المستثمرين إلى إمكانية حدوث تعثر. يقول طارق «إحدى هذه الآليات هو وجود إلزام على المصدر بتقديم تقارير مالية بصورة شهرية، والتي من شأنها أن تبين مدى السلامة المالية الخاصة به. ويواصل «كذلك يجب على المصدر أن يخطر مجلس الوصاية على هذه السندات إذا كان يتوقع حدوث تغير سلبي وجوهري في وضعه المالي».

##لوم الفقهاء

ويدافع الفقهاء عن دورهم في الصكوك المتعثرة وكونه يتمحور فقط في الجانب الشرعي. إلا أن أحدهم قد اعترف بأنهم مع هذا يتحملون «جزءا بسيطا من اللوم». يقول هذا الفقيه الذي فضل التحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن لدى الفقهاء مهمة أخرى وهي «الدفاع عن حقوق المستهلكين وحمايتها. لماذا؟ لأن المستهلكين والمستثمرين هم بالضبط الجهة المعنية حين ندرس مدى الالتزام الشرعي للصكوك». ويتابع «هؤلاء الناس يعتمدون علينا وعلى ما نفتي فيه من حلال أو حرام».

وحاول محيي الدين قرنفل، العضو المنتدب في شركة الجبرا كابيتال، التماس العذر لشركات المحاماة التي بدأت في تلقي اللوم عن الهياكل الضعيفة لبعض الصكوك المتعثرة، حيث يقول «يجب أن نضع في الحسبان أن تلك الشركات قد اضطرت للعمل في بيئة كانت قوانينها المحلية (يقصد في الخليج) غير مؤهلة لسوق السندات والصكوك. ولكن مع الذي كان موجودا، تمكنت هذه الشركات من عمل أفضل شيء ممكن. ولم يستبعد محيي الدين وجود بعض التحفظات على بعض هياكل الصكوك والتي تم تصميمها من قبل بعض شركات المحاماة المحلية التي يعزوها الخبرة في هذا المجال.

الأكثر قراءة