أجبريهم يا وزارة الصحة!
قبل أيام غادر هذه الدنيا أول مواطن صالح من أبناء هذا الوطن بعد أن فتك به فيروس إنفلونزا الخنازير في المنطقة الشرقية، وبالطبع لا يجوز لمؤمن أن يعترض على أقدار الله فلكل منا أجل مسمى وساعة سيغادر فيها هذا العالم، لكن السؤال المهم الآن هو ما مدى إمكانية التعامل مع الإهمال والتهاون في تشخيص المرض على أنه حالة جنائية تستلزم المحاكمة وفتح ملف الأخطاء الطبية الناتجة عن سوء التشخيص في مستشفياتنا بشكل عام؟
لقد ظل صالح الشهري - رحمه الله - يراجع أحد المستشفيات الخاصة طوال أسبوع كامل قبل رحيله دون أن يفكر الطبيب الذي أشرف على علاجه في إجراء تحليل يكشف عن وجود الفيروس اللعين في دمه.. هذا رغم كل الضجة العالمية التي أثارها إنبعاث الفيروس القاتل من مرقده ورغم كل البيانات التي أصدرتها وزارة الصحة عن الإصابات بالمرض في المملكة.. هكذا وضع الطبيب رجلاً على رجل وسحب ملف صالح ووصف حالته بـ «الالتهاب الرئوي» والسلام، رغم أن الالتهاب الرئوي ليس سوى أحد مضاعفات الإصابة بالمرض.
وقد تحركت أخيراً وزارة الصحة بعد دفن جثمان المواطن الذي لا أعرف مدى إمكانية وصفه بالشهيد كونه قد توفي بطاعون العصر، وشكلت لجنة مهمتها تحويل كامل الأوراق الخاصة بالحالة إلى لجنة المخالفات الطبية فيالمنطقة الشرقية لإجراء التحقيق الطبي والتأكد من طرق التشخيص والعلاج الذي قُدم للحالة ومدى ملاءمة الإجراءات التي تمت لها، بما في ذلك تحويل الحالة إلى اللجنة الطبية الشرعية إذا اقتضى الأمر لإصدار القرارات اللازمة بحسب ما تقتضيه نتائج التحقيق.
لكن حتى في حالة تجريم الطبيب والمستشفى الذي تسبب في رحيل صالح، فإن ذلك لن يعيده إلى الحياة ولن يوقف مسلسل تهاون الكثير من المستشفيات الحكومية والخاصة في تشخيص الحالات المصابة التي تصل إليها.
أحد الأصدقاء السعوديين المقيمين في الكويت زار المملكة قبل أسبوعين لأداء العمرة وقد أصيب بالتهاب في الحلق وارتفاع درجة الحرارة أثناء وجوده في مكة فهرع لمراجعة أحد المستشفيات هو وأطفاله الذين انتقلت إليهم العدوى، وخرج الرجل من المستشفى خلال أقل من نصف ساعة دون أن يجرى له أي تحليل، فقط.. كتب له الطبيب مضادا حيويا ومسكن حرارة.. يقول صاحبي: «لو كنت مصاباً بإنفلونزا الخنازير – لا سمح الله - فكيف كنت سأعرف طالما أن الموضوع مجرد صرف أدوية تختزن ذاكرة الطبيب أسماءها لا أكثر؟؟.. لقد اضطررت إلى مراجعة مستشفى خاص على حسابي وطلبت إجراء تحليل دم للتأكد من عدم إصابتي بالمرض قبل عودتي للكويت والحمد لله جات سليمة!».
وأنا من هنا أوجه رسالة إلى وزارة الصحة باسم كل مواطني هذا البلد أطالبها فيها بأن تجبر جميع المستشفيات الحكومية والخاصة على إجراء تحليل طبي لكل مراجع يعاني من أعراض الإنفلونزا للتأكد من خلوه من الفيروس اللعين، هذا بجانب فرض عقوبات صارمة على أي مستشفى يثبت أنه لم يجر تحليلاً لمراجع مصاب بارتفاع درجة الحرارة والتهاب الحلق، فأرواح الناس ليست لعبة ولا يجدر بنا التهاون بها بهذا الشكل..
رحم الله صالح الشهري وعظم أجر ذويه.