الجمعة, 2 مايو 2025 | 4 ذو القَعْدةِ 1446


أسعار العقارات

في حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله هو المسعر، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً جاء فقال: يا رسول الله سعّر، فقال (بل ادعوا) ثم جاء رجل فقال: يا رسول الله سعّر فقال (بل الله يخفض ويرفع وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة)، أخرجه أبو داود الجزء التاسع، صفحة 319. وهو حديث حسن.
هذا الحديث استوقفني وجعلني أتأمل كيف أن أسعار السلع بما فيها العقار لا تخضع لسطوة حكومة أو جهة تشريعية، فقاعدة العرض والطلب كانت ولا تزال موجودة وهي بيد الله وحده، فكلما زاد العرض وقل الطلب انخفضت الأسعار والعكس صحيح، ومن الخطأ الشائع تحميل أي جهة السبب في زيادة أو خفض الأسعار وإلا كان قد حمل الرسول - عليه الصلاة والسلام - جهة معينة في التسعير.
عزيزي القارئ، إن أي مطالب لخفض أسعار العقارات على سبيل المثال يجب أن يعلم أن انخفاض الأسعار لا يأتي بإقرار أنظمة أو بإجبار ملاك العقارات على تحديد سعر لعقاراتهم كما اقترح البعض، فالانخفاض يأتي لأسباب خارجية كما الارتفاع وإلا ما انخفضت أسعار عقارات دبي إلى النصف رغم الدعم الهائل الذي تقدمه الحكومة هناك.
صدقوني إن كل ما يطالب بإقرار لأنظمة لخفض سعر العقار آراء خاطئة ولو طبقت قد تكون نتائجها عكسية ومن يرغب في تقديم حلول لخفض أسعار العقارات يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أمورا منطقية وواقعية وليست عاطفية فمن خبرتي الطويلة في تقييم العقارات محلياً ودولياً أرى أن أكثر ما يخفض سعر العقار هو ما يلي:
* توافر كبير لشركات تطوير عقاري لبناء الوحدات السكنية.
* توافر التمويل العقاري لمشاريع بناء الوحدات السكنية.
* تنوع الوحدات العقارية لتغطية جميع المستويات.
وللأسف جميع ما ذكر نفتقده في السوق العقارية السعودية منذ فترة وهذا ما جعل أسعار الوحدات العقارية ترتفع عما كانت عليه في السابق (رغم إنني أعتقد أن السعر لا يزال أقل من مثيلاتها من الدول المجاورة)، حيث كانت الشركات العقارية في السعودية في الغالب تعتمد فقط على المضاربة وليس تطوير المشاريع العقارية ولو حسبنا الشركات حالياً المتخصصة في التطوير العقاري لوجدنا أن عددها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة ومشاريعها أقل بكثير من حجمها والحجم الإعلامي الذي حظيت به.
فكنت مثلاً أتوقع أن تهبط أسعار عقارات دبي في حال فقدت الطلب عليها من قبل الأجانب فهي كانت تعتمد عليهم فبمجرد أن حصلت الأزمة العالمية وأثرت في استثمارات الأجانب انخفض الطلب على العقارات هناك، وبالتالي انخفضت الأسعار ولكن ما يحصل في السوق العقارية السعودية هو أن الوحدات العقارية أقل من حجم الطلب الذي يزيد بشكل كبير مقارنة بحجم العرض، وبالتالي لو توافر حجم عرض كبير وذلك بتوافر مشاريع عقارية ضخمة أتوقع أن الأسعار ستنخفض بشكل سريع.
وأختم بمقولة الرسول الكريم (بل الله يخفض ويرفع وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي