تقرير: هيكلة التمويل العقاري بواسطة البنوك في حاجة إلى تعديلات
تناولت دراسة صدرت أخيرا عن شركة المركز المالي الكويتي «المركز» الهيكلة الحالية للتمويل العقاري، وعلقت على مخاطرها، إلى جانب اقتراح بدائل. ومن خلال بيانات مقتبسة يرى التقرير أن العقار يشكل نسبة مئوية كبيرة في الميزانيات العمومية للشركات في دول مجلس التعاون الخليجي وتمثل 6.5 في المائة، كما يمثل فئة أصول استثمارية، إذ يشكل 4 في المائة من إجمالي الثروات المستثمرة، وهو من الأهمية بمكان بحيث يجب ألا يترك ليتحمل بنفسه عبء احتياجات التمويل. إلى هذا، تشير تقديرات القطاع مستقبلاً إلى وجود مستوى من النشاط، ويحتاج تنفيذ هذه الأنشطة العقارية بفاعلية إلى نظام تمويل مناسب.
تحديات في هيكلة الإقراض الحالية
يقول التقرير إنه استناداً إلى هيكلة الإقراض الحالية، يعاني القطاع شح التسهيلات الائتمانية، التي يحتاج إليها كثيراً في هذه الفترة من الركود. ويعود السبب الرئيس في هذا إلى تغلغل الإقراض المصرفي المكنشف بنفسه على ثروات القطاع من خلال إقراض سلسة القيمة الكاملة، ويعود مصدر أموال البنوك الخليجية من ودائع المقيمين والتمويل الخارجي الذي لا يتطلب مشاطرة الاتجاه ذاته كما يحتاج إلى الإقراض.
وخلال انخفاض النشاط الاقتصادي، تضطر البنوك إلى تصيد الودائع مع انسحاب التمويل الخارجي, ما عطل قدرتها على توفير الائتمان. وتعاني البنوك أيضاَ مشكلة تقليدية في طول مدة الإقراض وقصر أجل الاقتراض في ميزانياتها العمومية، خاصة أن نحو 90 في المائة من آجال الودائع تستحق في أقل من عام كمعدل متوسط.
وبعيداً عن الإقراض المصرفي، تفتقد هيكلة الائتمان الحالية هيئة ادخار كبيرة مثل صناديق التحوط التي تتسم بهيكلة التزامات أطول أجلاً. من ناحيتها، تتجه صناديق الثروات السيادية إلى الاستثمار بشكل أكبر في الخارج، وهو ما يجعل من الصعوبة اكتشاف إمكانية استثماراتها بالكامل. لكن التدخل الحكومي أصبح ضرورة لا يمكن تجنبها في ظل جفاف الإقراض بسبب هيكلة الملكية أو الحجم الكبير للمشاريع. ومن بين المشكلات الأخرى المتعلقة بالهيكلة الحالية انكشاف أسواق السندات على الأزمة جزئياً، والتمويل المؤسساتي المحدود، وتقلب حقوق الملكية الخارجية في العقار في دول التعاون من قبل الوافدين الأثرياء.
بدائل مقترحة
لمعالجة القضايا المذكورة أعلاه يقترح تقرير «المركز» وجود نظام يمكن من خلاله تلبية احتياجات التمويل ذات المدى الأطول من قبل المؤسسات التي يمكن أن تتحمل الاستحقاقات الطويلة وتجعل عمل البنوك قاصرا على التمويل على مدى أقصر وتمويل رأس المال العامل.
ويصل متوسط مدة مشاريع المطورين الرئيسيين إلى عشر سنوات تقديريا، ويجب أن يكون التمويل مرناً بما يكفي لاجتياز انخفاض الدورات الاقتصادية. أما المستثمرون على المدى الأطول مثل صناديق الثروات السيادية وصناديق التحوط وغيرها ، فيجب دعوتهم إلى الاستثمار في عمليات التمويل ذات المدى الأطول إما من خلال أسواق السندات وإما مؤسسات تمويل مشاريع متخصصة تجعل عمل البنوك قاصراً على تمويل رأس المال العامل. وبالنسبة إلى المطورين، فإن متوسط مدى المشروع يجب أن يراوح بين سنتين وثلاث سنوات، وبالتالي يمكن للبنوك الاستمرار في تمويل هذا القسم من المشاريع القيمة. إلى جانب هذا يمكن تمويل المستثمرين من قبل البنوك في حال تم تأسيس مكتب ائتمان لتسهيل قرار البنوك في خوض المخاطر المتجذرة في القروض. ويجب أن يكون هناك إشراف تنظيمي مشدد للتحكم في إقراض البنوك لأغراض مضاربية.
وبالنسبة إلى التمويل النهائي، درس التقرير الهيكلات في الأسواق الناشئة في الدول النظيرة، ووجد أن الهيكلة تنتقل من تلك التي يمولها البنك بالدرجة الأولى إلى هيكلة توريق أكثر شمولاً بوجود أو من دون الاستعانة. أما العوامل التي تقود العملية نحو التوريق فهي مدى نفاذ الرهون العقارية، والفوائض القابلة للإقراض في البنوك، وتوجيه الإصلاح وتخفيف الأزمة.
بدائل لدول المنطقة
يقول التقرير إنه في حين يعد نفاذ أو اختراق الرهون العقارية ضئيلا, إذ يصل إلى 5.1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في حالة السعودية مثلاً، فإن معدل الائتمان إلى الودائع في البنوك يتجه إلى الصعود, أما إقراض الرهون العقارية فهو ثابت. ويشير الأمر هذا إلى أن إعادة التمويل حتمية، ويجب على قانون الرهن العقاري, الذي طال انتظاره, تمهيد الطريق لذلك إلى جانب توافر الرهون العقارية المتزايدة.
في السياق ذاته، من المتوقع نمو الحاجة إلى الإقراض واختراق الرهن العقاري في الإمارات نظراً إلى الخطط المستقبلية في أبو ظبي. ويعد معدل الائتمان إلى الودائع في البنوك مرتفعاً وتستلزم الحاجة إلى تجاوز الأزمة المالية برنامج إعادة تمويل مدعوماً من الحكومة الذي بالإمكان تحويله إلى تمويل سوق السندات الناضج. أما خطط التنمية ذات المدى الأطول في الكويت فتبدو غير واضحة، وقد تبادر الهيئة المشرفة على الائتمان بإصدار معايير تشريعية للسيطرة على زيادة اتساع الائتمان. أما احتياجات التمويل في قطر فيمكن تلبيتها من خلال إعادة تمويل حكومي منظم، على عكس إعادة التمويل المستندة إلى الأزمة الحالية، أما في البحرين فيجب عليها اللجوء إلى التمويل الخارجي، وهو ما سيكون أمراً استثنائياً على بنوكها التي تحتاج إلى النمو بما يكفي لتوفير الائتمان المطلوب.