دراسة: شح شديد في أعضاء الهيئات الشرعية

دراسة: شح شديد في أعضاء الهيئات الشرعية

قالت دراسة حديثة إن الصناعة المالية والمصرفية الإسلامية تعاني شحا شديدا في علماء الشريعة ممن لديهم خبرة بالجوانب المالية، مضيفة أنه من المقلق أن يوجد ما يقارب 100 عالم مؤهلين للعمل في الهيئات الشرعية؛ ما يجعل هؤلاء العلماء يعملون بأكثر من مؤسسة، ويتحملون مسؤوليات كبيرة تجعلهم غير قادرين على أداء مهامهم كما يجب. وقالت إنه من بين أكبر 20 فقيها وعالما شرعيا يوجد عدد منهم يعملون في 46 مؤسسة مختلفة بدول مجلس التعاون الخليجي وعلى المستوى الدولي، وبالتالي لا نتوقع منهم الرد على كل سؤال دون تأخير. وتابعت أن هذه الصعوبة تثير إمكانية تقييم هؤلاء العلماء تقييمات غير ملائمة للحقائق قبل إقرار المعاملات.

تكرار المنتجات التقليدية
ولفتت إلى أن العلماء الظاهرين على الساحة يحتكرونها دون إتاحة الفرصة لجيل الشباب، منوهة إلى أنهم يحصلون على أجور هائلة بمتوسط يتراوح بين 100 إلى 250 ألف دولار.
ورأت الدراسة ضرورة منح الثقة للعلماء الجدد، مع توظيفهم بدوامات تكون كاملة، بمعنى أن يكونوا متفرغين لعملهم، بدلا من الوضع الحالي لكبار العلماء؛ الذين لا يجدون الوقت لمؤسساتهم، كما طالبت بمنحهم صلاحيات أكثر في قبول أو رفض المعاملات التي تتم استشارتهم بها.
ورأت الدراسة التي أعدتها شركة "أدفانتج" للاستشارات الإدارية والاقتصادية ونشرت اليوم الاثنين 22-6-2009، أن النمو الهائل لحجم الصناعة المصرفية الإسلامية والازدياد الكبير في الطلب على منتجاتها المختلفة التي تم توفيرها للجمهور، سمح بتقليد وتكرار المنتجات التقليدية، مستشهدة بصناديق الملكية الخاصة الإسلامية؛ التي تقدم للمستثمرين محفظة استثمارات متنوعة وتدار بطريقة مهنية تسمح لهم باختيار استثمارات متوافقة مع أحكام الشريعة.
وأضافت أنه مع إنشاء مؤشرات داو جونز و"فايننشال تايمز" الإسلامية، أتيحت الفرصة لمديري الاستثمار لتوحيد الممارسات، ووضع معايير لمقارنة منتجاتهم، واستطاع المديرون مقارنة منتجاتهم بها وتوحيد الممارسات، ما أتاح خطوة مهمة ساعدت على إضفاء الصبغة الشرعية للتمويل الإسلامي في عالم المال التقليدي.

نمو سريع
وقارنت الدراسة بين الحوكمة التقليدية والحوكمة الإسلامية، مبينة أن أهم مشكلة تزعج صناعة التمويل الإسلامي النمو السريع بخطى تسبق ظهور فقهاء يتمتعون بخبرة في التمويل الإسلامي.
ورأت الدراسة أن المشكلة المزعجة التي تواجه التمويل الإسلامي اليوم، تتمثل في النمو السريع بخطى تسبق ظهور فقهاء يتمتعون بخبرة في التمويل الإسلامي. ومع قيام العديد من المؤسسات المالية في العالم بالكشف عن بدائل للتمويل التقليدي، ومع تحول الغالبية إلى التمويل الإسلامي، نجد وجود طلب ضخم على خدمات الفقهاء الشرعيين الأكفاء؛ للتوجيه الملائم للمؤسسات المالية، في إطار السعي وراء المنتجات والخدمات المطابقة للشريعة.
واعتبرت أن الصناعة غير قادرة على زيادة العدد المناسب من الفقهاء، ويرجع ذلك أساسا لفترة التطوير الطويلة المطلوبة لإيجاد عالم إسلامي مؤهل. يتعين على المرشحين أولا دراسة القانون الإسلامي أو الشريعة لسنوات عديدة، وبعد ذلك إجادة التمويل. لقد لوحظ في العقد الماضي أو نحو ذلك أن مجموعة صغيرة من الفقهاء يتمتعون بخبرة مناسبة يعملون في المؤسسات المالية من أجل اعتماد منتجاتها وخدماتها.
لفتت إلى أنه على الرغم من زيادة عدد الفقهاء المختصين خلال السنتين أو الثلاث سنوات الماضية، لا تزال هناك مشاركة غير كافية للعلماء في معاملات التمويل ومنتجات وخدمات التمويل الإسلامي المقدمة من قبل المؤسسات المالية إلى عملائهم، موضحة أنه من الممكن استغراق ما يزيد عن عقد من الزمان في تدريب مزيد من العلماء، ولكن حتى أكثر المتفائلين لا يتوقع جيلا جديدا من الفقهاء على الأقل لمدة خمس سنوات.
تقييم غير ملائم للمعاملات
وقالت إنه من الطبيعي أن يطوف علماء الشريعة حول العالم من أجل تقديم خدماتهم، حيث إن الفقهاء الجدد غير مدربين بشكل سريع ليحلوا محلهم. كما أن هناك عائقا آخر يتمثل في وجود مشكلة لغوية قوية؛ حيث يصر معظم علماء الشريعة على العمل باللغة العربية فقط، لغة الإسلام، ومع ذلك تحتاج السوق العالمية إلى علماء ذوي مهارة في اللغة العربية ولغات مثل الإنكليزية أو الفرنسية. كما أن هناك نقصا أيضا في الإجماع على تحديد المؤهلات والخبرات المطلوبة للقيام بهذا الدور.
وأكدت أنه مع اتساع الطلب على التمويل الإسلامي، حيث إن ما يزيد على 1.3 مليار مسلم في العالم يسعون إلى الاستثمارات التي تتوافق مع عقيدتهم، فمن المقلق أن يوجد ما يقارب 100 عالم مؤهلين للعمل في الهيئات الشرعية.
وأوضحت الدراسة أن هناك نقدا واسعا لحقيقة أن بعض العلماء الشرعيين يتواجدون في عدد كبير من الهيئات الشرعية، ويتحملون مسؤولية كبيرة، وغير قادرين على الاهتمام بالمؤسسات المالية، حيث إنهم ينتشرون بشكل ضعيف. وعلى الرغم من أن الفقهاء الشرعيين المتاحين يعملون بجد لتلبية الطلب المتزايد، فإن النقص في عدد الفقهاء يوجد عائقا حادا لتطوير الأعمال والأنشطة بالمؤسسات المالية. وفي الوقت الحالي يوضع علماء الشريعة تحت ضغوط غير منطقية؛ من أجل الرد على الاستفسارات الشرعية، ومن ثم تزداد المشكلة بشأن إمكانية الوصول لعلماء الشريعة، وهي مشكلة بحاجة لمعالجتها عاجلاً وليس آجلاً.
وأفادت الدراسة التي أعدتها "أدفانتج" بأن النقص الحاد في علماء الشريعة أدى إلى عمل الفقهاء في العديد من المؤسسات دون قيد. فمن بين أكبر 20 فقيها وعالما شرعيا الذين يعملون بنشاط في عدة مؤسسات مالية، يوجد عدد من الفقهاء يعملون في ما يزيد على 46 مؤسسة مختلفة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى المستوى الدولي. ومن الصعب أن نتوقع منهم الرد على كل سؤال بدون تأخير وتحملهم مسؤولية تأخر المعاملات. لا تتمثل الصعوبة في تصديق تلك الاستشارات فقط، ولكنها أيضا تترك إمكانية التقييم غير الملائم للحقائق قبل إقرار المعاملات.

الأكثر قراءة