تعثر الصكوك سلاح اليمين الأمريكي لمواجهة إقبال مواطنيهم على شراء السندات الإسلامية

تعثر الصكوك سلاح اليمين الأمريكي لمواجهة إقبال مواطنيهم على شراء السندات الإسلامية

الإقبال ''المفاجئ '' للمستثمرين الإمريكان على شراء السندات الإسلامية لا يجد ترحيبا بين الجهات اليمينية.

تسارعت بعض مواقع الإعلام اليمينية في نقل تصريحات جو برايتون، خريج إدارة الأعمال في جامعة كولومبيا، التي زعم فيها بأن '' المصرفية الإسلامية ما هي إلا جزء من فئة المشتقات السامة.''

جاء ذلك التصريح في تحقيق صحافي أجرته أليسا لابين بمناسبة وصول حالات التعثر في الصكوك إلى تسع حالات ، منها ست حالات لصكوك تعثرت بشكل قانوني وثلاث حالات لصكوك تعثرت بشكل فني. وتزامن ذلك ''التشويش'' الإعلامي عقب أن نشرت ''فاينانشال تايمز'' مقالا لمحمد داود، مدير أسواق مال الدين في بنك HSBC Amanah، الذي ذكر فيها مفاجأة العاملين في بنكه بالإقبال المفاجئ للمستثمرين الأمريكيين على شراء الصكوك الإندونيسية، التي قام البنك البريطاني بترويجها في الولايات المتحدة.

خلافة الموجودات السامة

كان مجلة'' فرونت بايج مقزيين'' قد نشرت تحقيقا صحافيا حول الصكوك التي تعثرت أخيرا و عنونته بـ'' خلافة الموجودات السامة'' . وفي تعليقها على ما تفاخر به الاقتصاديون والفقهاء العرب على أن صناعة الصيرفة الإسلامية بإمكانها التصدي لتبعات الأزمة المالية من دون أن تصاب مؤسساتها بحالات تعثر، يقول التحقيق:'' في الوقت الذي تصاعد فيه الأثر المدمر لأزمة القروض السكنية لضعاف الملاءة في السنة الماضية،تم طمأنة المستثمرين بأن المصرفية الإسلامية مأمونة أكثر بكثير من البنوك وبيوت الاستثمار الأخرى.

مع ذلك فإن قطاع المصرفية الإسلامية، الذي يفترض أنه قطاع مأمون، لم ينْجُ من الأنباء الاقتصادية السيئة. الأوراق المالية الإسلامية يمكن هي الأخرى أن تصاب بالتعثر (شأنها في ذلك شأن جميع فئات الموجودات الأخرى).''

الصورة القاتمة

تستغل كاتبة التقرير بعض حالات التعثر، التي أصابت الصكوك من أجل رسم صورة قاتمة عن الأداة الاستثمارية التي كانت توصف بأنها استثمار آمن.

تقول أليسا لابين: '' حاملو الصكوك ''المأمونة''، التي أصدرتها شركة إيست كاميرون للنفط والغاز، يصطفون الآن في طوابير أمام قاضي محكمة الإفلاس في لويزيانا، إلى جانب جميع الدائنين سيئي الحظ لهذه الشركة التي مقرها ولاية تكساس، التي تقدمت إلى المحكمة في تشرين الأول (أكتوبر) بطلب لإعادة تنظيمها بموجب الفصل الحادي عشر من قانون الإفلاس الأمريكي. وتتابع ''كذلك فإن تعثر صكوك شركة إيست كاميرون ليس مجرد حادثة شاذة منعزلة في عالم المصرفية الإسلامية. في أيار (مايو) الماضي تعرضت دار الاستثمار الكويتية، التي تمتلك 50 في المائة من أسهم شركة أستون مارتن، وهي الشركة التي تصنع السيارة الفاخرة من طراز لاجوندا، تعرضت للإعسار وتخلفت عن تسديد التزامات على الصكوك بقيمة 100 مليون دولار''.

عندها تزعم الصحافية الأمريكية أن السندات الإسلامية من أكثر أدوات المال تعقيدا في هيكلتها، نظرا لتحويِلها حركات النقد السائلة لتجعلها موجودات غير سائلة، على نحو لا يمكن معه إرجاعها إلى وضعها الأصلي.

شاشات الرادار

هنا تأخذ المجلة الأمريكية تعليقا من جو برايتون يقول فيه ''هناك جيل جديد من الموجودات السامة لم يشاهده أي شخص على شاشة الرادار.'' وفي حين أن الدعايات الطنانة تقول إن الأوراق المالية الإسلامية مأمونة ومحصنة ضد الإعسار إلا أنها ليست كذلك. ومن المرجح أن يتهاوى عدد كبير أكثر من ذي قبل من الإصدارات الإسلامية مع تردي أوضاع الاقتصاد العالمي.

'' ويتابع : ''المصرفية الإسلامية هي جزء من فئة المشتقات السامة.'' كل اتفاقية مع الطرف الآخر في ''صناديقها'' المعقدة من مخاطر الطرف الآخر المتشابكة، هي عقد يقضي ''بتسديد'' و ''تسليم وتسلم الأموال''. تخلق جهات الإصدار مشتقات حين ''تقشر القطع وتعيد بيعها'' من الأوراق المالية الفردية، التي تحتوي على عقود متعددة الأطراف فإذا تعرض أحد الأطراف المتعاقدة للإعسار ضمن سلسلة العقود المتشابكة في ''صندوق'' معين، فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى انهيار الهيكل الاستثماري بأكمله. ''

فقيه يرد

حول ما يتداوله الإعلام الغربي اليميني حول الصكوك المتعثرة، يقول لـ ''الاقتصادية'' الشيخ حسين حامد حسان، رئيس هيئة الفتوى والرقابة الشرعية في بنك دبي الإسلامي،:''لقد تأثرت جميع دول العالم بالأزمة، والآن بعد أن تعثرت بعض الصكوك، يتم أخذ ذلك على النظام الإسلامي بأكمله''.

ورصدت ''الاقتصادية'' في جولتها على بعض المواقع اليمينية تفاعلها مع هذه المزاعم حول صناعة الصيرفة الإسلامية.

وكانت ''فاينانشال تايمز'' قد نقلت مقالا لمحمد داود أكد فيه أن أمريكا ستصبح هدفاً رئيسياً لمصدري الصكوك، شريطة زيادة معرفتها بفئات هذه الموجودات، التي ستوسع قاعدة المستثمرين فيها، حيث يقول :'' من الناحية التاريخية، لم يكن للولايات المتحدة وجود بارز في قوائم المستثمرين، الذين تتمنى الجهات المصدرة وجودهم.

ذلك أن عملية التوعية المطلوبة لإقناع المستثمرين الأمريكيين بشراء فئة الموجودات هذه كانت مستهلكة للوقت ومكلفة جداً، دون أن يكون هناك ضمان لنجاحها.

دوفي أوقات الرخاء، كان هناك طلب كبير على هذه الصكوك من منطقة الشرق الأوسط ومن آسيا، إذن من كان في حاجة للمستثمر الأمريكي؟ هكذا مضت الحكمة المتصورة. ورغم ذلك، عندما كان بنك HSBC يسوّق الصكوك السيادية الإندونيسية هذا العام، تلقى طلباً قوياً من المؤسسات الأمريكية دون أي توعية مسبقة بالصكوك.

ويواصل : ''وما كان ينبغي لهذا الطلب أن يكون مفاجئاً فقد صدرت الصكوك متقيدة بأحكام المادة A144، التي تسمح بتسويق العملاء الخارجيين في الولايات المتحدة. وعبر تقيد الصكوك بالمادة A144، تصبح مساوية للسندات التقليدية من حيث التوثيق، والإطار القانوني، ومستويات الإفصاح. .

والولايات المتحدة ليست قطاع المستثمرين الجديد الوحيد الذي دخل على الخط فقد أصبحت البنوك الاستثمارية الخاصة مهتمة هي الأخرى، خاصة إذا علمنا أن 10 في المائة من إصدارات الصكوك تكتتب فيها هذه الفئة.

ولعله من غير المفاجئ أن يجد المستثمرون أن هناك جوانب مغرية في الصكوك، في ضوء تذبذب فئات الموجودات الأخرى. لكن على غرار قاعدة المستثمرين الأمريكيين، فقد ظهرالطلب فجأة.

الأكثر قراءة