مشروع يمهد لتوظيف 700 سعودية في أعمال صيانة وسباكة المدارس والمستشفيات
تعددت خلال السنوات الماضية القرارات الحكومية والأهلية المشجعة لفرص جديدة للمرأة على خريطة سوق العمل السعودي التي تحتل حاليا معظم مساحتها البطالة النسائية، حيث لا تتجاوز نسبة مشاركة المرأة الحقيقية 7 في المائة فقط ومعظمها في وظائف حكومية في قطاعي التعليم والصحة.
ورغم ما تضفيه هذه القرارات بين الحين والآخر من أمل لا يكاد ينتعش في نفوس الخريجات الجامعيات المتكدسات والباحثات عن عمل إلا أن الصعوبات في تنفيذ وإعاقة مشاريع حقيقية هو واقع وحال هذه القرارات التي تذهب معظمها بين طيات الروتين والأنظمة المتحجرة وترقد جدوى دراسات جادة لتفعيلها في أدراج موظفي الوزارات.
هذا العام مع حلول موسم الوظائف الجديدة الذي يتزامن مع العودة من الإجازة الصيفية في كل عام، اتخذت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني خطوة ينتظر نتائجها كثيرون لتأهيل كوادر نسائية في مجال الصيانة والسباكة والكهرباء وأجهزة الكمبيوتر في المدارس، وإيجاد بيئة محفزة وآمنة للعمل والتدريب. «المرأة العاملة» وقفت من خلال هذا التحقيق على دور الخطة الجديدة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في الحد من بطالة السعوديات، وتناولت تجارب من خضن مضمار تدريب الفتيات في مجال الصيانة منذ سنوات وما واجهتهن من صعوبات، وسألنا كذلك مسؤولات الأقسام النسائية ومراكز التدريب عن مدى أهمية القرار وتحديدا على جامعات ومدارس البنات، وتعرفنا على طموحات خريجات جدد يرغبن في الانخراط في برامج الصيانة في حال تنفيذها على أرض الواقع.
#2#
تجربة تستهدف 3 وزارات
البداية كانت مع مشروع وطني أطلقته مؤسسة أهلية تقودها سيدة سعودية لتدريب الفتيات على مهن السباكة والكهرباء وصيانة آلات التصوير وإعداد الوجبات لتوظيفهن في المدارس والكليات والجامعات بعقود تشغيل الصيانة قبل سنوات وما زال العمل جاريا عليه.
تقول بدور بنت عبد الحميد البطيني المدير التنفيذي للمشروع الوطني لتوظيف الكوادر النسائية السعودية من شريحة الأرامل والمطلقات في المنطقة الشمالية «إن المشروع يستهدف ثلاثة وزارات هي وزارة التربية والتعليم، والتعليم العالي، والصحة لكونها القطاعات التي يعمل فيها أكبر شريحة من العنصر النسائي في المملكة، مبينة أنه في حال فتح مجال التوظيف من خلال إنشاء مراكز صيانة نسائية متكاملة لصيانة الكهرباء والسباكة والحاسب الآلي والبروجكتر والشبكة التلفزيونية المغلقة للصوت والصورة، وآلات التصوير، والفاكس في هذه القطاعات الثلاثة، إضافة إلى إنشاء مقاصف وكافتيريات تعد السعوديات فيها الوجبات بدلا من العمالة الأجنبية ستوفر آلافا من الوظائف للنساء مشيرة إلى أن ذلك اعتمادا على دراسة أجرتها للمشروع.
وعن رحلة التدريب تقول البطيني أعددنا بشكل مبدئي مجموعة مدربات سعوديات تخصصن في الصيانة وأعمال الكهرباء والسباكة لتدريب 400 فتاة تقدمن للالتحاق بالبرنامج التدريبي ويجري العمل حاليا بالتنسيق مع الجهات المسؤولة لإنشاء أقسام الصيانة وتوظيف الخريجات بعد إتمام عملية التدريب العملي مع بداية الفصل الدراسي الثاني.
#3#
الروتين يحجر على المشروع
أضافت البطيني أن المشروع يتولى تدريب السيدات من شريحة الأرامل والمطلقات على أعمال الصيانة وإعداد الوجبات، مبينة أن هذا البرنامج من شأنه أن يوفر وظائف لشريحة من السيدات اللاتي بأمس الحاجة إلى العمل ولا يمتلكن مؤهلات علمية للانخراط في سوق العمل منوهة أن بعض الوزارات لم تتجاوب مع فكرة المشروع لاعتمادها على القوانين الروتينية السابقة المطبقة منذ زمن متناسين - على حد قولها - قرارات خادم الحرمين الشريفين ومجلسي الوزراء والشورى لتفعيل توظيف المرأة في الأماكن الملائمة لها.
وبينت أنها خاطبت وزارة الشؤون الاجتماعية لإنشاء مركز صيانة نسائي لتدريب الأرامل والمطلقات وطالبات العمل ووجدت تجاوبا من الصندوق الخيري الذي أبدى موافقته المبدئية على اقتراح وإنشاء شراكة معهم.
وأضافت البطيني عملنا كذلك تنسيقا مع المدير الإقليمي لمنطقة المدينة المنورة والمنطقة الشمالية لصندوق عبد اللطيف جميل باب رزق لتأهيل وتدريب وتوظيف 100 موظفة كمرحلة أولى من خطط التدريب.
#4#
إمارات المناطق تتجاوب
وجد المشروع، بحسب البطيني، تجاوبا من إمارة منطقة عسير تحت مظلة الغرفة التجارية لمدينة أبها لتطبيق المشروع في مدينتي أبها وخميس مشيط كمرحلة أولى في 100 مدرسة حكومية وفتح المجال لتوظيف 700 سعودية و50 شابا مضيفة بقولها «وجدنا تجاوبا من إمارة وجامعة الباحة التي طلبت عقد دورات داخل الحرم الجامعي وتبرعت بتحمل نصف تكاليف كل متدربة وكذلك إمارة مكة المكرمة التي طلبت دراسة أولية للمشروع لتطبيقه على 100 مدرسة في المنطقة».
وأبان عبد العزيز الجمال مدير عام مشروع «كفتريات أبشر داخل ساحات كليات التربية للبنات» ومؤسس المشروع، أن فكرة مشروعه تتناول عديدا من الجوانب التي تطرح فرصا وظيفية يمكن إيجادها في الجامعات ومدارس البنات، وفي الوقت ذاته توفير خدمات عالية الجودة لهذه المؤسسات فضلا عن كون المشروع سيخدم اقتصاد هذه المؤسسات لأنه يعد مربحا بناء على دراسات جدوى اقتصادية متوقعا أن المشروع من شأنه أن يوفر وظائف لأكثر من عشرة آلاف متدربة في مراحله الأولية في المناطق التي استجاب المسؤولون فيها لفكرة المشروع، وذلك من خلال مراكز نسائية متكاملة لإعداد الوجبات وأعمال الصيانة في المستشفيات والمدارس والكليات والجامعات كون الأخيرة برأيه ما زالت تعتمد على عدد ضئيل من الموظفات الأجنبيات لأعمال الصيانة.
لافتا إلى أنه على استعداد لتزويد أي قسم نسائي يحتاج إلى كوادر متخصصة بمستوى عال من التدريب والتأهيل، وسيستمر بطرح مشروعه على جميع الجهات ذات العلاقة لتحقيق أهداف المشروع الاجتماعية والاقتصادية.
#5#
سعودية تمتهن الصيانة
تحدثت عن تجربتها هبة عبد العزيز جمال مدربة صيانة سعودية والمشرفة على قسم صيانة الكهرباء في المشروع قائلة إنها متخصصة في تدريب السيدات على أعمال الصيانة الكهربائية والسباكة وتعريفهن بكيفية تركيب الأفياش والأسلاك وأنواعها وكيفية التعامل مع الحوادث الطارئة والأعطال الكهربائية وطرق السلامة العامة وفصل التيار في حال حدوث طارئ أو خطر.
وأفادت مدربة الصيانة، بأن هناك إقبالا من عدد كبير من السيدات السعوديات للتدريب على أعمال الكهرباء والسباكة للحصول على فرص وظيفية جديدة تمكنهن من الانخراط في سوق العمل، مشيرة إلى أن هذا النوع من التدريب جديد بالنسبة للفتاة السعودية وقد يحقق لها فرص عمل كثيرة في الأقسام النسائية، وخاصة المدارس والجامعات كونها من أكثر الأماكن التي تحتاج إلى فرق للصيانة ومع ذلك لم تتوافر إلى الآن.
الجمعيات تحاكي التجربة
من جانبها، اعتبرت ندى الحمد مديرة مركز النهضة للتدريب، التابع لجمعية النهضة النسائية الخيرية في الرياض، أن قرار المؤسسة العامة للتدريب التقني لتأهيل السعوديات للعمل في الصيانة والسباكة والكهرباء قرار صائب يواكب احتياجات الأقسام النسائية ويوفر فرص عمل حقيقية للفتيات في حال اتخاذ جميع الإجراءات الحقيقية لتطبيقه على أرض الواقع.
وقالت إن مركز التدريب في الجمعية تمكن من تدريب وتأهيل 30 سعودية للعمل في مصانع الإنارة مؤكدة أنهن حققن نجاحا مبهرا في خطوط الإنتاج ما أسهم بإنشاء قسم نسائي في المصنع يستقطب الكفاءات النسائية من خلال الجمعية ويدربهن للعمل مبينة أن المركز سينسق مع المؤسسة العامة للتدريب التقني لإعداد برامج تؤهل الفتيات على أعمال الصيانة في مختلف المجالات في المستقبل القريب.
3 خطوات تمهد لإنجاح القرار
وعن مدى نجاح القرار وإقبال الفتيات على هذا النوع من البرامج الجديدة تؤكد الحمد أن نجاح تأهيل الكوادر النسائية في مجال الصيانة يعتمد على ثلاث خطوات مهمة وهي إعداد فريق تدريب متمكن من تأهيل الفتيات، والخطوة الثانية الإعداد النفسي للفتيات قبل بدء برامج التدريب في الصيانة التي تعدهن إعدادا جيدا للرغبة في العمل في هذا القطاع، وعدم التخوف مما يسمى بنظرة المجتمع، معتبرة أن كثيرا من الفتيات تجاوز هذه النظرة بانخراطهن في العمل في مختلف البرامج التدريبية، كما لاحظت في الجمعية.
وأبانت مديرة مركز النهضة للتدريب، أن الخطوة الثالثة التي تضمن نجاح التجربة وتعميمها توفر بيئة عمل جيدة تطبق شروط الأمن والسلامة وتضمن حقوق العاملات بحسب أنظمة العمل والعمال الموجودة ضمن لوائح وزارة العمل.
#6#
الصيانة النسائية حاجة ملحة
من جانبها بينت «مديرة مدرسة سابقة» فضلت عدم ذكر اسمها أن فرق الصيانة النسائية حاجة ملحة للغاية، وخاصة في الجامعات والمدارس التي تعاني يوميا مشكلات في الصيانة والكهرباء ومنها ما هو خطر على حياة الطالبات.
وأضافت خلال فترة عملي تعرضت المدرسة بسبب المكيفات لأكثر من مرة لتماس كهربائي تسبب في حرائق منها ما كانت خانقة أدت إلى إصابة الطالبات بالغيبوبة، مضيفة أنه مع الأسف الشديد في حال طلب فرق الصيانة من الوزارة وهم رجال لا يمكن لهم الدخول إلى مدرسة الطالبات خلال ساعات الدوام، ولا بد من إخلائها مباشرة لإجراء الصيانة في الحالات الخطرة، ما يعني ذلك المرور بإجراءات روتينية، وتتابع وصف معاناة المدارس مع أعطال الكهرباء بقولها «لذلك اضطر على مسؤوليتي الخاصة في إلغاء اليوم الدراسي والاتصال بأولياء الأمور ليأخذوا بناتهم، ما يتسبب في إرباك للمدرسة، والطالبات والأهالي، ويضيع الوقت دون فائدة إلى أن يتم إخلاء المبنى.
وزادت أن المدارس الكبيرة، خاصة التي تحتوي على ثلاث مراحل دراسية يجب أن تزود بفريق عمل نسائي مؤهل للصيانة والتعامل مع الحرائق وتصليح الأعطال المستمرة في مباني المدارس المستأجرة التي تعاني ضغطا على مولدات الكهرباء جراء ارتفاع الاستخدام في الوقت ذاته، لافتة أن مشكلات السباكة أيضا ليست بالقلية، حيث إن عطلا في أحد خزانات الماء تسبب في إغراق المدرسة بالماء، وكثيرا ما اضطررت المدرسات لمتابعة الحصص في الهواء الطلق.
وتتفق المديرة السابقة، إنه لا يمكن أن نتجاهل حاجة الأقسام النسائية إلى فرق نسائية للصيانة، سواء على مستوى الكهرباء والسباكة أو على مستوى الأجهزة والكمبيوترات والمعامل والفاكسات وأجهزة التصوير فمجرد تعطل أحدها تعطل العمل كاملا ذلك اليوم.
وحثت وزارة التربية لاستحداث أقسام نسائية مؤهلة للعمل في مجال الصيانة للرقي بأداء المدارس البنات التي تعاني مشكلات كثيرة في مبانيها قد تكون سببا لحدوث كارثة مفاجئة تضر بمنسوبات المدرسة أو الطالبات ولا يفيد في ذلك الحين البحث عن سبل الوقاية.
طموح كهربائيات المستقبل
قالت ندى القحطاني خريجة ثانوية عامة إنها لم تقبل بأي جامعة في الرياض رغم حصولها على درجات جيدة غير أنها تتمنى أن تلتحق ببرامج المؤسسة المهنية العام المقبل، وتحديدا الصيانة متسائلة هل حقا سيتم تأهيل السعوديات بشكل عملي وليس نظريا على الصيانة كون خريجي بعض المعاهد الذكور لا يجيدون أبسط الإمكانات للتعامل مع الأجهزة وصيانتها، ويتجهون إلى العمل في وظائف لا علاقة لها بتخصصهم الفني، و يعدون شهادات المعاهد التقنية طريق عبور للعمل في شركات القطاع الخاص.
وتساءلت نجود عبد الله خريجة حديثة من قسم الحاسب الآلي إذا كانت الوزارات ستفعل القرار بعد تخريج الطالبات وتأهيلهن؟ وهل ستقدم لهن رواتب ومزايا أم سيبقى القرار عالقا، وتستمر الأوضاع على ما هي عليه؟ منوهة أنه في حال تأهيل السعوديات على إعمال الصيانة لا بد من تطبيق توظيفهن من قبل الجهات المعنية كالمدارس والجامعات والكليات المستوصفات النسائية والمراكز التجارية وجميع الأقسام النسائية في القطاع الخاص حتى لا تضيف هذه البرامج أعدادا جديدة من البطالة من الخريجات كونه لا يوجد آلية لتنفيذ القرار على أرض الواقع.
مرحلة التصنيع بعد الصيانة
اقترحت أن يتم تأهيل طالبات الحاسب الآلي على برامج صيانة أجهزة الكمبيوتر لتحقيق فائدة أعلى متمنية أن تصل البرامج إلى مرحلة تأهيل السعوديات لتصنيع الأجهزة مثل أجهزة التلفاز والكمبيوتر والتسجيل.
وتمنت أن يكون لخريجات هذه التخصصات وضع وظيفي، حيث لا ينظر إلى هذه المهن أنها دونية، وبالتالي لا تحصل الموظفة على راتب جيد، خاصة أن طبيعة أعمال الصيانة خطرة، وتحتاج إلى جهد فلا بد أن يقدر الجهد حتى تستمر الفتيات في هذه المهن.
وقال الدكتور علي الغفيص محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في وقت سابق إن المؤسسة تسعى إلى بناء شراكات استراتيجية مع قطاع الأعمال وإيجاد بيئة محفزة وآمنة للعمل والتدريب في الكليات والمعاهد تهتم بالمدرب والمتدرب، وذلك ضمن خطتها الاستراتيجية التي اعتمدتها حتى عام 1452هـ, والتي تهدف إلى استيعاب أكبر عدد من المتدربين والمتدربات الراغبين في التدريب التقني والمهني. وتأمين التدريب التقني والمهني للقادرين من أبناء وبنات الوطن بالجودة والكفاية التي تتطلبها سوق العمل، وتحقيق التميز في مجال تطوير وتقديم التدريب التقني والمهني بما يكفل الاستقلالية والاكتفاء الوطني الذاتي.
وأكد أن تطبيق نظام التدريب الثلثي سيرفع مقدار ما يتلقاه المتدرب من مهارة وتدريب خلال اليوم ليصل إلى ثماني ساعات وستزيد أيام التدريب إلى 210 أيام، ما يعني زيادة في المهارة والإجادة والسلوك للتخصص أو المهنة التي يميل إليها المتدرب، إلى جانب ربط البيئة التدريبية بالبيئة العملية والاستفادة القصوى من الطاقة البشرية في وحدات التدريب، إلى جانب الاستفادة من المنشآت والتجهيزات بما يتواكب مع سوق العمل.