عمالة هاربة تجوب شوارع العاصمة تحت دائرة النظام

عمالة هاربة تجوب شوارع العاصمة تحت دائرة النظام

يشتكي كثير من أرباب العمل في العاصمة الرياض من هروب عمالتهم وعملهم في أماكن أخرى من العاصمة, وذلك بعيدا عن أعين الرقابة ، وفي أحضان من يأويهم وبشكل غير نظامي، ورغم عدم نظامية ما يقومون به، إلا أنهم يحاولون مد غطاء النظام ليبقوا أنفسهم تحت مظلته عن طريق تقديم شكوى ضد كفلائهم لدى مكتب العمل والعمال، وهو ما يستوجب التحقيق النظر في القضية لمدة قد تصل إلى ثلاثة أشهر وربما أكثر، وأثناء تلك المدة، فإنهم يتنقلون في أعمالهم المخالفة تحت مظلة النظام بذريعة وجود شكوى لهم لم يتم الفصل فيها بعد.
«الاقتصادية» رصدت هذه الظاهرة، واطلعت على أبرز المواقع التي تحتضن هذه العمالة السائبة بعيدا عن النظامية، حيث كانت البداية في التواجد في شارع الأمير متعب بن عبد العزيز في «الربوة»، وهناك على أحد التقاطعات يصطف الكثير من العمالة التي تبحث عن عمل لمدة ساعات، وتحدثنا مع العامل «أرشد مرتضى» والذي يقول «أعمل بمهنة سباك، وأتواجد هنا يوميا بعلم من كفيلي والذي يقبض مني شهريا ألفي ريال، نظير تركه لي أعمل حرا، فهذا العمل أفضل من العمل تحت إدارة مؤسسة، كوني أكون حرا في تحديد ساعات العمل، وأستطيع أن أقوم بأكثر من نشاط، وحين سؤاله عن عنوان كفيله رفض، وذهب لأحد السيارات التي وقفت بحثا عن مثل هذه العمالة.
في جانب آخر كان لـ «الاقتصادية» لقاء مع عامل آخر يدعى نذير أحمد، والذي امتهن حرفة النجارة، ليقول «وتتراوح ساعات وقوفي هنا مابين ثماني ساعات إلى 12 ساعة يوميا، وأقبض يوميا 150 ريالا ففي كل يوم يأتي زبونان على الأقل»، وعن علم كفيله يقول «كفيلي امرأة، ويأتي ابنها كل شهر إلى هذا المكان ويقبض مني 2500 ريال نظير عملي، فأجد في هذا العمل الكثير من الراحة والحرية ، بعيدا عن أعين المدير والإدارة والذي أكون ملزوما فيه بعدد ساعات عمل معينة، إضافة إلى ضعف الراتب الشهري.
أما علي الشهري وهو المواطن الذي التقيناه في مكان تجمع العمالة أثناء بحثه عن أحدهم لإصلاح أعمال السباكة في منزله، فأوضح أنه يتجه إلى هذا المكان كلما احتاج إلى عمالة تنهي بعض الأعمال الصغيرة في منزله، وقال «أجد في هذا المكان مبتغاي بعيدا عن أسعار شركات المقاولات المبالغ فيها، فخمسون ريالا من الممكن أن تنهي عملا مدته ساعة كاملة، وبالتالي فإنني وفرت على نفسي ضعف هذا المبلغ فيما لو أنني توجهت إلى إحدى الشركات»، ويضيف «لا يهمني شرعية العامل، وما إذا كان لديه مرجع أم لا، فإنني لا يمكن أن أتعامل معه بشكل مستمر، فلديه عمل إن أنجزه بالشكل المطلوب فإنني أعطيه حقه، وإن كان هناك تقصير فإنه لا يقبض مني أي شيء»، واستطرد قائلا «في إحدى المرات قمت باستقطاب أحد العمالة لتركيب مغسلة، واستلزم الأمر أن نحتاج إلى بعض الأغراض، فقمت بإعطائه 200 ريال ، ليجلب هذه الأغراض حسب معرفته، ولكنه ذهب ولم يعد على الرغم من أنني اتفقت معه على إنهاء تركيب المغسلة بـ 100 ريال».
في الجانب الآخر يقول محمد القاضي صاحب إحدى شركات المقاولات «هناك الكثير من العمالة الهاربة والتي تفضل العمل خارجا على العمل داخل المؤسسات، وهذا يكلف المؤسسة مبالغ طائلة في جلبهم واستخراج أوراقهم الثبوتية، ولكن لا يلبث العامل سوى أشهر حتى يتغيب عن العمل»، ولفت القاضي إلى أمر خطير تلجأ إليه تلك العمالة وأصبح دارجا بينهم، حيث يتجه العامل الهارب إلى مكتب العمل لتقديم شكوى على كفيله، ومن ثم يذهب للعمل خارج المؤسسة، وبالتالي فإن الكفيل لا يستطيع تقديم بلاغ الهروب على العامل إلا بعد أن تنتهي القضية التي قام برفعها، وقد تحتاج القضية إلى أكثر من شهرين ذهابا وإيابا بين مكتب العمل والشرطة، وبالتالي فإن وقوفه على رأس العمل يكون نظاميا بوجود رخصة الإقامة، وعدم انتهاء مدة صلاحيتها، ويضيف القاضي «قد يتسبب العامل بأي مشكلة وبالتالي، فإن السؤال يعود للكفيل فيما لو ارتكب جرما، فالعامل يعتبر هاربا من المؤسسة ولكن دون أوراق تثبت هربه من قبل الجهات المعنية وهذا ما نعانيه كثيرا، لذا تجد غالبية هؤلاء العمال يعملون بشكل غير شرعي، ولكن تحت إطار النظام».
من جهته قال مسؤول في مكتب العمل رفض ذكر اسمه «إن قانون العمل والعمال يقتضي أنه إذا ثبت أن العامل يعمل في مكان آخر بعيدا عن كفيله وقد تقدم بشكوى على كفيله فإنه يحق للكفيل أن يقدم بلاغ هروب على المكفول وإثبات مكان عمل العامل»، مؤكدا أن هناك لجنة مختصة تكشف على مثل هؤلاء العمالة وتغرم من يعولها، وتقدمه للجهات المعنية.

الأكثر قراءة