رغم خسارة 350 مليار دولار..الصناديق السيادية الخليجية صمام أمان والسعودية الأقل مخاطرة
تمثل الصناديق السيادية التي تحظى بمئات مليارات الدولارات شبكة أمان لدول الخليج بالرغم من خسائرها في الأزمة المالية العالمية ومن قيام الحكومات بالغرف منها لدعم الإنفاق العام. وقال الخبير الاقتصاد اكهارت وورتس من مركز الخليج للأبحاث الذي مقره دبي، أن الصناديق السيادية "تضع دول الخليج في موقع مريح لمواجهة الأزمة". والصناديق السيادية الكبيرة في المنطقة هي جهاز أبو ظبي للاستثمار (اديا) والمؤسسة الكويتية العام للاستثمار وجهاز قطر للاستثمار فضلا عن الاستثمارات السعودية العامة التي تديرها مؤسسة النقد العربي السعودية.
وكان تقرير للأمم المتحدة نشر الشهر الماضي أشار الى تكبد هذه الصناديق خسائر فادحة في 2008 بسبب الأزمة الاقتصادية. إلا أن التقرير أشار الى أن حكومات المنطقة قامت بضخ أموال إضافية لتعويض هذه الخسائر.
وقال التقرير أن قيمة هذه الصناديق انخفضت من 1165 مليار دولار في 2007 الى 1115 مليار دولار في نهاية 2008. وذكر التقرير أن خسائر الصناديق بلغت 350 مليار دولار في 2008. إلا أن الحكومات الخليجية ضخت في صناديقها 300 مليار دولار إضافية ما عوض بشكل كبير الخسائر القاسية.
وعن استثمارات هذه الصناديق، قال وورتس "إنها طويلة الأمد في الأسواق العالمية وهذه الاستثمارات في غالبيتها ليس لها مردود على المدى القصير بل هي مخصصة ليتم إنفاقها بعد نفاد العائدات النفطية".إلا أن إدارة هذه الصناديق تبقى غامضة لدرجة كبيرة. فالدول المعنية لا تكشف أبدا عن الخسائر أو الأرباح.
كما أن القيمة الحقيقية لموجودات هذه الصناديق تبقى غير معروفة وتخضع لشتى أنواع التقديرات التي تتفاوت بدرجات كبيرة أحيانا، لا سيما بالنسبة لجهاز أبو ظبي للاستثمار الذي كان يعرف قبل الأزمة بأنه الأكبر في العالم مع موجودات كانت تقدر أحيانا ب800 مليار دولار أو أكثر.
وفي هذا السياق، كشف مقال "لمجلس العلاقات الخارجية" الذي مقره الولايات المتحدة نشر مطلع هذا العام أن "حجم موجودات جهاز أبو ظبي للاستثمار ضخم ووصلت نسبة التضخيم في بعض الأحيان الى 100%". وقدر المقال حجم الصندوق ب453 مليار دولار في نهاية 2007.
من جهته، نفى مسؤول كويتي ما جاء في تقرير الأمم المتحدة حول تكبد الصندوق السيادي الكويتي خسائر بلغت 94 مليار دولار في 2008، إلا أنه لم يشر الى أرقام محددة. ويرى المراقبون أن استثمارات هذه الصناديق في أسواق المال العالمية تبرر الخسائر الكبيرة التي أشار إليها تقرير الأمم المتحدة.
وبحسب مقال مجلس العلاقات الخارجية فان "العوامل التي استفاد منها جهاز ابوظبي للاستثمار بين 2004 و2007، أي العوائد المرتفعة على الاستثمار والأسواق الناشئة، هي نفسها التي أضرت بالصندوق في 2008". ويبدو أن مؤسسة النقد العربي السعودية كانت الأكثر محافظة في ما يتعلق بإدارة الاستثمارات السعودية العامة.
وتشير تقديرات الى أن هذه الاستثمارات السعودية العامة ارتفعت من 385 مليار دولار في نهاية 2007 الى 501 مليار دولار في نهاية 2008 وذلك بفضل ضخ الحكومة السعودية 162 مليار دولار إضافية مقابل خسائر بلغت 46 مليار دولار.
وتشير أرقام وزارة المالية السعودية الى أن الموجودات التي تديرها مؤسسة النقد العربي بلغت 443,2 مليار دولار في نوفمبر 2008.
ويرى الخبير الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون أن الصناديق السيادية الخليجية باستثناء السعودية "خاطرت بشكل كبير" عبر القيام "باستثمارات ذات طبيعة سياسية" في شركات غربية تعاني من مشاكل في خريف 2008، وذلك بهدف القول بان الدول الخليجية تساهم في مواجهة الأزمة المالية العالمية. وتسيطر المؤسسة الكويتية العامة للاستثمار على 6% من مجموعة سيتي غروب المصرفية الأميركية وعلى 6,9% من أسهم "دايملر ايه جي" و1,75% من أسهم بريتيش بتروليوم (بي بي).
ويملك جهاز أبو ظبي للاستثمار 4,9% من أسهم سيتي غروب و5,1% من شركة التكنولوجيا الأميركية زيوفارم اونكولوجي. أما جهاز قطر للاستثمار فيسيطر على 27,8% من أسهم شبكة المتاجر البريطانية سينزبري وعلى 15,1% من بورصة لندن وعلى 7,4% من بنك باركليز وعلى 14,8% من اسهم شركة سونغبيرد العقارية و9,9% من مصرف كريديت سويس السويسري. وكانت قطر اشترت 6,78% من أسهم شركة فولسفاغن الألمانية مقابل عشرة مليارات دولار.
لكن بعض الدول تغرف من هذه الصناديق لتمويل الإنفاق على البنى التحتية أو للحد من العجز في الموازنة. فالسعودية مثلا اعتمدت موازنة للعام 2009 مع عجز ب17,3 مليار دولار، إلا أن هذا العجز سيكون اصغر حجما مع انتهاء العام بفضل تحسن أسعار النفط، وبذلك بحسب دراسة أعدتها شركة جدوى للاستثمار.
وبحسب هذه الشركة، انخفضت الاستثمارات السعودية الخارجية بمقدار 56 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من 2009. وانتقد السعدون هذه السياسية مؤكدا أن هذه الصناديق يجب أن تترك لتستفيد منها الأجيال القادمة في مرحلة ما بعد النفط.