صناديق سيادية خليجية تتحرّك لتحويل أجزاء من أصولها إلى إسلامية

صناديق سيادية خليجية تتحرّك لتحويل أجزاء من أصولها إلى إسلامية
صناديق سيادية خليجية تتحرّك لتحويل أجزاء من أصولها إلى إسلامية

أبلغت ''الاقتصادية'' مجموعة عقارية كندية متخصصة في تقديم خدمات الرهون العقارية المتوافقة مع الشريعة والقريبة من التنفذيين القائمين على أحد الصناديق السيادية الخليجية أن أحد هذه الصناديق ينوي بالفعل تغيير استراتيجيته الاستثمارية وذلك عبر ''تحويل 5 إلى 15 في المائة من هذه الأصول لتصبح متوافقة مع الشريعة.

وقال عمر كلاير، المؤسس والمدير التنفيذي لمجموعة  UM Financial للاستثمارات الإسلامية، إن هذا الصندوق السيادي لديه ''تفويض'' للقيام بعملية التحويل هذه، مفضلا عدم الكشف عن اسم الدولة التي يعود إليها هذا الصندوق السيادي، نظرا لأنهم ما زالوا في طور التفاوض - على حد قوله - متوقعا التوصل لاتفاقية معهم خلال السنة المقبلة.

وتأتي تلك التطورات لتعكس مدى الضغوط الشعبية على الصناديق السيادية الخليجية للتوجه نحو الاستثمارات المتطابقة مع الشريعة. وينتظر أن تدعم هذه الخطوة رساميل المؤسسات المالية الإسلامية التي تمكنت إلى حد ما من الصمود في وجه الأزمة الاقتصادية العالمية، فضلا عن أن هذا التوجه قد يتبعه تغير ملحوظ من الصناديق السياسية الأخرى لتنويع جزء من محافظها وتحويله إلى أصول إسلامية، بحسب ما ذكر عمر.

معلوم أن تقريرا صدر أخيرا من الأمم المتحدة ذكر أن الصناديق السيادية التابعة لأربع حكومات خليجية خسرت نحو 350 مليار دولار في 2008 بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية على استثماراتها. إلا أن الحكومات عوضت هذه الخسائر إلى حد بعيد مع نهاية 2008 من خلال تغذية صناديقها بعائدات النفط الذي بلغت أسعاره مستويات قياسية خلال 2008 قبل أن تتراجع على وقع الأزمة، وذلك بحسب التقرير الذي وزعه مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.

## تفويض خليجي
وعن كيفية بداية هذه المفاوضات، يقول عمر، خريج جامعة ويلفريد في إدارة الاقتصاد، ''في السنة الماضية دعيت شركتنا من قبل وزارة المالية لإحدى الدول الخليجية التي تمتلك صندوقا سياديا تصل قيمته إلى بضع مئات من مليارات الدولارات. فقد كان لديهم تفويض بمحاولة تغيير (أصوله) حتى تصبح هذه الأصول ملتزمة بالأحكام الشرعية على المدى الطويل .. وهنا يقول ''إننا نرى أن هناك ''إرادة سيادية'' لجعل هذه الاستثمارات متوافقة مع الشريعة ''، مشيرا إلى أنهم ينوون تحويل 5 إلى 15 في المائة من هذه الأصول لتصبح متوافقة مع الشريعة.

وتوقع عمر، الذي اختاره البرلمان الكندي كأحد رواد رجال الأعمال المسلمين، أن تقوم الصناديق السيادية الخليجية الأخرى بتحويل جزء من أصولها إلى إسلامية خلال المستقبل القريب. يقول عمر: '' ونظرا لكون صناعة المال الإسلامية لا تزال في مهدها فإنك سترى المزيد من البلدان الإسلامية التي لديها مثل هذه الصناديق، تراها تحول جزءا كبيرا من استثماراتها لتكون موجودات مالية إسلامية.

##
## الأجندة الإسلامية
يذكر أن ''ستاندرد آند بورز'' سبق لها أن استبعدت وجود ''أجندة لزرع الصيرفة الإسلامية'' في شرايين كبرى المؤسسات المالية في النظام المصرفي الغربي عقب عمليات الاستحواذات الضخمة التي قامت بها الصناديق السيادية الخليجية والسنغافورية.

وأكدت ''ستاندرد'' أن الجدوى الاستثمارية لهذه الصناديق هي اقتصادية بحتة، مستبعدتا استغلال تلك الصناديق ميزة دخول المجالس الإدارية لهذه البنوك الغربية من أجل فرض آلية صريحة لتحويل تلك البنوك إلى إسلامية أو حتى زيادة أعداد النوافذ الإسلامية لدى تلك البنوك الأمريكية والأوروبية. وقال فاروق سوسة، رئيس فريق تصنيف الصناديق السيادية في ''ستاندرد آند بوز،'' ليس لدينا من سبب يدعونا للشك في أن هناك أي أجندة غير الأساس الاقتصادي وراء أي من عمليات الشراء التي جرت في الآونة الأخيرة''.

وهنا يقول بين فاولكس، كبير المحللين الائتمانين لدى ''ستاندرد''، تعمل هذه الصناديق على وقاية بلدان الخليج من الهزات المالية وتساعد على توليد إيرادات لا تعتمد على أسعار النفط أو الغاز, فضلا عن تأمين هذه الصناديق غطاءً واسعاً لمستويات الدين المنخفضة لمنطقة الخليج .

معلوم أن الأغلبية العظمى من صناديق الثروة السياسية التابعة لبلدان مجلس التعاون الخليجي تملك حصصاً كبيرة في البنوك الأمريكية والأوروبية الرئيسية. وهذا ما يؤهلها لأن تمتلك نفوذا واسعا في العملية التصويتية داخل المجالس الإدارية لهذه المؤسسات المالية. وحول إمكانية استخدام الصناديق السيادية الآسيوية والخليجية هذه البنوك الغربية كرأس حربة لتوسعة حمى الصيرفة الإسلامية, خاصة أن النظام المصرفي الإسلامي أثبت أنه قادر على المنافسة في ظل أزمة الشح الائتماني. يقول سوسة ''إننا نرى أن صناديق الثروة السيادية تتخذ قراراتها الاستثمارية من منطلق اقتصادي بحت. وعندما تتخذ هذه القرارات من منطلق استراتيجي أيضاً، فإن الجوانب الاقتصادية للعملية ينبغي أن تكون معقولة''.

وبصورة عامة، تصنف ''ستاندرد آند بورز'' صناديق الثروة السيادية إلى مجموعتين. حيث تستثمر صناديق النوع الأول بصورة رئيسية في الأوراق المالية القابلة للتسويق بغرض رئيسي يتمثل في توليد عائد كاف على الأموال، كما أنها تحافظ على الثروة النفطية من أجل الأجيال القادمة، وتنوع موارد الإيرادات وتعمل كي تصبح واقية من الهزات المالية. وفي بلدان مجلس التعاون الخليجي، فإن عدم وجود أصول قابلة للتسويق بالنسبة لحجم هذه الصناديق يعني أن هذه الصناديق تعتبر جهات استثمارية كبيرة في الأصول المالية الأجنبية كالأسهم والسندات والعقارات العالمية. أما المجموعة الثانية من صناديق الثروة السيادية فتتملك حصصاً في الشركات المحلية والإقليمية. وهي تختلف عن صناديق النوع الأول في أن هذه الحصص تكون كبيرة، وتشارك هذه الصناديق عادة بنشاط في إدارة المؤسسات التي تستثمر فيها. ولهذه الصناديق أغراض عديدة: فهي توفر مصدراً مالياً للاقتصاد المحلي غير النفطي، وتساعد في تنويع الاقتصاد عبر تأسيس وتوسعة الشركات المحلية، وبقدر ما تستثمر وتشارك في المشاريع مع الشركات الأجنبية، فإنها تساعد الاقتصاد المحلي على الاندماج بصورة أكمل مع الاقتصاد العالمي.

## معضلة إدارة ثروات البترودولار
بيد أن مراكمة بلدان مجلس التعاون الخليجي أصول العملات الأجنبية تشكل لها معضلة لا تحسد عليها: وهذه المشكلة هي كيف يمكن إدارة هذه الثروة الهائلة على أفضل نحو. ولهذه الغاية، عمدت دول مجلس التعاون الخليجي إلى تأسيس صناديق الثروة السيادية، وهي عبارة عن صناديق مملوكة للدول تستثمر في الأصول المالية الأجنبية أو في الاقتصاد المحلي من خلال الشركات المملوكة للدول. وعادة ما يكون قياس حجم صناديق الثروة السيادية مهمة صعبة لأن عديدا من الصناديق الكبيرة ترفض الإفصاح عن بياناتها.
وقد استقطبت هذه الصناديق قدراً كبيراً من الاهتمام ليس فقط بسبب ضخامة حجمها، ولكن أيضاً بسبب طبيعة استثماراتها كالحصص الكبيرة التي قامت بشرائها أخيرا جهات مثل سلطة الاستثمار الكويتية وسلطة أبو ظبي للاستثمار في بنوك دولية عريقة منيت بخسائر كبيرة جراء تعرضها لسوق عدم الملاءة المالية .

الأكثر قراءة