تعثر صكوك بـ100 مليون دولار يثير «زوبعة» داخل أروقة صناعة السيارات الفاخرة
تساءلت مواقع إعلامية غربية خلال الأسابيع الماضية عما إذا كانت المتاعب المالية التي تمر بها صكوك وسندات دار الاستثمار الكويتية كفيلة بأن تؤثر بشكل سلبي في شركة أستون مارتن والتي هي الأخرى تمر بضائقة مالية شديدة. وقال أحد محرري موقع News24: ''هذا يجعلنا نتساءل إن كان جيمس بوند سيجد سيارة يركبها في فيلمه المقبل''. معلوم أن شركة أستون مارتن تملك عقدا مع الشركة السينمائية المنتجة لسلسلة أفلام جيمس بوند تقوم فيه بتزويد جاسوس الفيلم البريطاني بسياراتها. وغالبا ما تقدم مثل هذه الشراكات فرصة ترويجية لسيارات الشركات المصنعة.
ما مشكلة ''أستون مارتن''؟
شركة فورد باعتها في عام 2007 إلى ديف ريتشاردز، صاحب مشاريع السباق. . بعدها جاء المزيد من السيولة إلى هذه الصفقة عن طريق بنك استثمار كويتي (دار الاستثمار). في عام 2007 تمكنت دار الاستثمار من إقناع عدد من البنوك الخليجية بتمويل جزء من حصتها البالغة 51 في المائة في الصفقة التي تبلغ قيمتها 925 مليون دولار.
ثم في عام 2007 كان العالم يسبح في بحر من خطوط الائتمان الميسر والسهل، وكانت السيارات تتطاير حرفياً من أماكن العرض.. لكن ماذا حدث بعد سنتين؟ لنقل فقط إن الإنفاق أصبح عسيراً إلى حد ما. ''دار الاستثمار'' هي الآن تعاني ضائقة مالية وتمر بوضع عسير.
أسعار النفط أصبحت الآن تقريباً نصف ما كانت عليه من أسعار الذروة في عام 2008، وفي نيسان (أبريل) أصيبت ''دار الاستثمار'' بالتعثر وعجزت عن سداد التزاماتها المترتبة على إصدار للصكوك بقيمة 100 مليون دولار، التي هي جزء من قرض إسلامي بقيمة 393 مليون دولار حصلت عليه الدار في الأصل لتمويل شراء حصتها في شركة أستون مارتن من فورد. . في أواخر السنة الماضية، حاولت ''دار الاستثمار'' الحصول على ائتمان بقيمة مليار دولار لإعادة تمويل التزاماتها في السندات، لكنها لم تتمكن من ذلك رغم أن بنك كريدي سويس كان مستشار الشركة.
من جانب آخر تعاني ''أستون مارتن'' من الصعوبات والمشاق التي تعانيها شركات السيارات الأخرى بسبب الركود الاقتصادي العالمي، حيث اضطرت إلى تسريح 600 عامل في مصنعها الموجود في منطقة جايدون، ويشكل هذا العدد تقريباً ثلث القوة العاملة للشركة.
ما زاد في تعقيد المشكلة أن البنك المركزي الكويتي علَّق التداول في أسهم ''دار الاستثمار'' منذ الأول من نيسان (أبريل)، بعد أن أخفقت الشركة في تقديم بياناتها المالية لعام 2008 في الموعد المحدد.
يقول موقع News24 : ''في تموز (يوليو) اعترضت ''دار الاستثمار'' على قرار البنك المركزي الكويتي حين قرر عدم الموافقة على مجموعة البيانات المالية التي قدمتها الشركة عن عام 2008. وحين لا يكون باستطاعة الشركة إصدار أسهم جديدة فإن جمْع رأس المال يصبح قضية شبه مستحيلة. الوضع الحالي للشركة هو أنها حصلت على فترة سماح من الدائنين حتى نهاية هذا العام. وهذا يعني من الناحية العملية إعطاء ''دار الاستثمار'' (وبالتالي شركة أستون مارتن) مهلة مدتها ثلاثة أشهر لتأمين مبلغ كبير من المال في وقت يرفض فيه الجميع إعطاء القروض''.
وفي صورة رمزية تعبر عن عدم رضا المعجبين بسيارات أستون مارتن، فضل محرر التقرير إنهاء ما كتبه بصورة ضخمة عن إحدى سيارات جيمس بوند كتب تحتها سؤالا قال فيه: ''هل هناك من سيتفضل بإنقاذ ''أستون مارتن'' من الشركات الاستثمارية محدثة النعمة قبل أن تتعرض الشركة التي تصنع أجمل السيارات في العالم للمهانة مرة أخرى''؟
هل يحصل حملة الصكوك على السيارات؟
من جانبها، قدمت مجلة ''بزنس إسلاميكا'' تقريرا مفصلا عن تعثر صكوك ''دار الاستثمار'' حيث تقول: ''معظم الصكوك تعطي المستثمرين حق الرجوع إلى الأصول التي ارتكز عليها الصك. وهذا يعطي المستثمرين منافع ويحمِّلهم تبعات من جانب آخر، هناك أحد الأصول الذي يمكن للمستثمرين بيعه لاستعادة جزء من رأس المال، والذي يكون معزولاً ومحمياً من المطالبات التي تترتب للدائنين الآخرين على الشركة المصدرة للصكوك. من جانب آخر، معظم الصكوك مهيكلة على نحو لا يعطي المستثمرين الحق بالرجوع على الموجودات الأخرى التابعة لجهة الإصدار، ولا يستطيع المستثمر استعادة رأس المال إلا من خلال قيام جهة الإصدار بإعادة شراء الصكوك، أو من خلال بيع الموجودات التي تقوم عليها الصكوك. إن الواقع الفعلي حول ما إذا كان بإمكان المستثمرين فعلاً ممارسة هذه الحقوق والاستحواذ على الموجودات التي تقوم عليها الصكوك، هذا الواقع لم يتعرض للاختبار حتى الآن.
وتتابع: ''من الناحية النظرية تمثل شهادات الصكوك ملكية غير مجزأة لأصول المشاركة''، وهو ما يعطي المستثمرين الحق بالمطالبة بالموجودات التي تقوم عليها الصكوك، وفي حالة صكوك ''دار الاستثمار'' فإن هذه الموجودات هي عبارة عن 11903 سيارات. تقول المجلة الأمريكية التي يبدو أنها اطلعت على نشرة الإصدار: ''اشتمل هيكل ''المشاركة'' على مساهمة ''دار الاستثمار'' بالسيارات، إلى جانب 100 مليون دولار من المستثمرين، على نحو يؤدي إلى اقتسام الملكية بين المستثمرين (بنسبة 25.6 في المائة) ودار (بنسبة 74.4 في المائة). وتكون ''دار الاستثمار'' ملزمة كل ستة أشهر بإعادة شراء 10 في المائة من أسهم المستثمرين إلى جانب اقتسام الأرباح المتحصلة من تأجير السيارات، مع فوائد لغاية ستة أشهر من سعر الفائدة ليبور على قروض الدولار زائداً 200 نقطة أساس، حيث تُدفَع أية مبالغ زائدة عن ذلك إلى ''دار الاستثمار'' كرسم حوافز.
كيف تعمل ''دار الاستثمار''؟
ذكرت ''دار الاستثمار'' الكويتية الأسبوع الماضي أنها ستمنح الدائنين والمستثمرين مزيدا من الوقت للانضمام إلى اتفاق لتجميد المطالبات مؤقتا.
وقالت ''دار الاستثمار'' في بيان:'' سيسهم تمديد الجدول الزمني على النحو المذكور في منح الوقت الكافي لهؤلاء المستثمرين وخاصة أولئك الممثلين بوسطاء مثل حاملي الصكوك والمستثمرين من خلال وكالات الاستثمار وذلك لدراسة اتفاقية تجميد الأوضاع''.
وكانت تقارير صحافية قد ذكرت أن بعض دائني ''دار الاستثمار'' رفضوا الانضمام إلى اتفاق التجميد ويتخذون إجراءات قانونية بحق الشركة.
وفي أيلول (سبتمبر) قالت شركة الاستثمار الإسلامية إنها وقعت الاتفاق مع دائنين ومستثمرين، وتخلف ''دار الاستثمار'' عن السداد هو الأول من نوعه في أداة استثمار إسلامية عامة في المنطقة.
وفي وقت سابق هذا الشهر عينت ''دار الاستثمار'' مايك جرانت رئيسا لعملية إعادة الهيكلة لمساعدة الشركة على إعادة جدولة ديونها والتوصل إلى اتفاق مع المقرضين.
وتقول الشركة التي تملك نصف شركة السيارات البريطانية الفاخرة أستون مارتن أنها قد تبيع بعض الأصول للوفاء بالتزاماتها.
وفي الشهر الماضي عين بنك الكويت المركزي مشرفا مؤقتا لمراقبة إعادة هيكلة الديون وتجميع النتائج المالية للشركة.