خبراء دوليون: إحداث ثورة في مهارات السعوديين الصناعية أهم تحديات الاستراتيجية
تصر المملكة ممثلة في وزارة التجارة والصناعة على منح الخبراء العالميين والمحليين الأولوية في رسم استراتيجية وطنية صناعية طموحة، ومن ثم قيادة تنفيذها على أرض الواقع، عبر العشرات من الورش المتخصصة التي تضم نخب صناعية عالمية وسعودية، بهدف الكشف عن التحديات التي قد تواجه تطبيق تلك الاستراتيجية والفرص الهائلة التي يمكن أن تحققها للاقتصاد الوطني، والاتفاق على أهم النقاط الرئيسة في خطط التنفيذ بمشاركة كافة القطاعات المعنية.
الخبراء الذين شرعت الوزارة في الاستعانة بهم منذ انطلاق فكرة الاستراتيجية، اتفقوا على أن أهم التحديات التي يجب العمل عليها لتحقيق الأهداف النهائية لتلك الاستراتيجية الضخمة هو إحداث ثورة في مجال تدريب وصقل المهارات الوطنية الصناعية، والتغلب على العوائق البيروقراطية في تنفيذ مراحل الاستراتيجية.
وهنا أكد خبراء عالميين شاركوا أمس ضمن أعمال ورشة عمل موسعة تستهدف استعراض ونقاش الخطط التنفيذية للاستراتيجية بعد أن تمت الموافقة عليها من قبل مجلس الوزراء مطلع العام الجاري، أكدوا أن المملكة أمام فرصة تاريخية مدعومة بثقل حكومي غير مسبوق، لجعل الصناعة رافدا مهما من روافد الاقتصاد الوطني، مشيرين إلى أن التجارب العالمية في هذا المجال مثال حي على أن العوائق لا يمكن أن تقف في سبيل تحقيق الأهداف.
الورشة التي عقدت في الرياض وتستمر إلى الأربعاء المقبل، انطلقت أمس بمشاركة العشرات من الخبراء الدوليين والمحليين، وعدد كبير من المسؤولين الحكوميين وعلى رأسهم وزير التجارة والصناعة، حيث بدأ النقاش بالتعريف بالاستراتيجية، ثم ركزت النقاش في القسم الأول على محورين أساسيين هما الموارد البشرية وبيئة الأعمال، حيث تناول المشاركون في تلك الجلسة مدى تأثير هذين المحورين في الخطط التنفيذية للاستراتيجية.
وفي هذا الإطار انتهز عبد الله زينل، وزير التجارة والصناعة فرصة وجود هذا الكم من الخبراء والصناعيين السعوديين للتأكيد على الدور الذي تضطلع به تلك الورش في تحقيق الاستراتيجية.
وقال» هذه فرصة تاريخية فعلا لتبادل الخبرات مع العديد من الخبراء الذين نفذوا العشرات من المشاريع الصناعية وقادوا الكثير من الخطط الصناعية في عدد من بلدان العالم، أنا سعيد بهذا التواجد والتفاعل بين الطاقات الكبيرة لتحقيق الأهداف العظيمة التي تتطلع المملكة وقيادتها لتحقيقه».
#2#
#3#
ضمت الجلسة الأولى جيمس كارتي، من مجموعة مونيتر العالمية، ورياض الربيعة، نائب الرئيس والمدير التنفيذي للشركة السعودية للأنابيب، والدكتور آلن كانتراو، مدير مركز سكول كوفو للدراسات، إلى جانب نيل سبونر، متخصص في السياسات الاستراتيجية، رضوان العلمي، رئيس مجموعة العلمي ماليزيا، ورونان ديجنان، مدير مشروع استراتيجية التطوير في أيرلندا.
تناول المشاركون في هذه الجلسة أهمية رفع كفاءة الموارد البشرية و تحسين بيئة الأعمال في دفع الخطط نحو الأمام، مؤكدين في هذا الصدد أن من شأن التركيز على هذين العاملين توفير بيئة ومحيط ملائم لتنفيذ الخطط المرسومة، دون أي عقبات حقيقية.. وتطرق المشاركون في هذا الصد للدراسات والتجارب المماثلة.
حيث أكدوا أن البيئة التنظيمية عنصر رئيسي لنجاح الأعمال التجارية، وهي عبارة عن مجموعة من القواعد التي يمكن التنبؤ بها و الاعتماد عليها بما يسمح للشركات بالمنافسة العادلة وزيادة حجم الاستثمار والإنتاجية في القطاع الخاص.
وتم خلال هذه الجلسة طرح بعض التوصيات والتي منها تصميم نافذة واحدة لكل تعاملات الصناعيين (وضع صحيح = نافذة واحدة)، ضمان أن عبء البيروقراطية تدنى إلى أدنى حد، إنشاء نظم الحكومة الإلكترونية للمساعدة على إصدار التراخيص والتصاريح، إصلاح تلك المناطق من البيئة التنظيمية التي لم يتم إصلاحها حتى الآن، مشيرين هنا إلى أن البحوث الثانوية تشير إلى أن تقدما كبيرا قد أحرز في تهيئة البيئة التنظيمية التي يكون من الأسهل القيام بأعمال تجارية فيها.
التجمعات الصناعية كانت واحدة من محاور الجلسة الأولى والتي شارك فيها كلا من ديرين جاربديان، رئيس مجموعة مونيتر العالمية في لندن، ومبارك الخاطر، من مجموعة الصناعات الورقية السعودية، وجاك كولن مستشار استراتيجي، حيث ركزت على أهمية تنفيذ التجمعات الصناعية وتهيئة البنى التحتية الملائمة والمتطورة لطبيعة الصناعات المستهدفة.
بعد فترة استراحة للغداء والصلاة واصل الخبراء جلساتهم بعد الظهر بالتركيز على علاقة الحكومة بتنفيذ تلك الاستراتيجية من خلال توفير التجمعات الصناعية الملائمة ودعم جهود الشركات المتوسطة والصغيرة في تطوير أعمالها والأفكار الجديدة، المستندة إلى الصناعات الحديثة.
شارك في أعمال هذه الجلسة كلا من بيتي جورجيو من مديري مجموعة مونيتر العالمية، وعزام شلبي مدير التجمعات الصناعية في المملكة، وجوزيف فولير، الرئيس التنفيذي لمجموعة مونيتر، حيث اتفق المتحدثون على أن الدور الحكومي محوري في تحقيق أهداف الصناعيين فعلاقات الحكومة مع مشاريع التطوير الصناعي تكاد تكون المحفز الأساس لقيام القطاع الخاص بأدواره.
يقول فولير» إن سهولة تعامل وأداء الحكومة مع المشاريع الصناعية وفي إطار منظومة واحدة يحقق لها مزايا تنافسية مع غيرها من التجمعات في العالم.. وهنا لا نتحدث فقط عن الإجراءات الإدارية بل وتحديث المعلومات اللازمة وسبل تطوير العمل والشركات».
شلبي من ناحيته أكد أن محدودية المهارات الصناعية لدى العمالة السعودية والداخلين الجدد تحد يجب التنبه له والعمل على تطويره لرفع نسبة السعوديين العاملين في تلك التجمعات الصناعية.
جون فليمنج، كبير الاختصاصيين في « بي إل سي»، ونيس برالي ( «سي أر أي «، وعبد الحافظ المكينزي، من الكلية التقنية في الدمام، تطرقوا خلال القسم الثاني من الجلسة إلى دور الشركات المتوسطة والصغيرة في رفع مستوى الناتج الصناعي للمملكة، وأهميتها على الصعيد العالمي في مجال الصناعة.
الصناعات الجديدة كانت محورا رئيسيا ضمن أجندة الورشة حيث تناول كلا من شيرس سوم، خبير ومستشار صناعي والدكتور مايكل ميلر من « BIoME من البحرين والدكتور دينيس جايفرو، المدير التجاري في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية « كاوست»، حيث شددوا على أن التركيز على الصناعات الجديدة يمثل ميزة تنافسية على المملكة الانطلاق منها.
يقول جايفرو هنا» إن انطلاقة العمل في جامعة الملك عبد الله وبكل تلك الإمكانيات سيساعد المملكة على تحقيق تلك الاستراتيجيات الضخمة المعتمدة على الصناعات الجديدة».
وتابع يقول» إن من أهم أولويات «كاوست» في مرحلة لاحقة هو مد السوق المحلية بأساليب التصنيع المبتكرة والجديدة .. المملكة في منطقة جيدة من العالم لا تزال الصناعة فيها لم تبلغ مداها..من هنا فإنها فرصة».
الابتكار الصناعي والبنية التحتية والخدمات الصناعية كانت آخر محاور جلسات الورشة في يومها الأول، حيث شارك فيها كلا من المهندس عمر الشريف، من جامعة تكساس، والدكتور جين جونيت، كبير الاستشاريين في « أو أي سي دي»، وأدورد شاكريان، متخصص في التكنولوجيا من آسيا، والذين أكدوا بدورهم أن تحقيق المنافسة والحصة الأكبر من السوق على المدى البعيد تعتمد على القدرة على الابتكار في المجال الصناعي، والذي لا يتأتى إلا من خلال توفير بنية تحتية سليمة وخدمات صناعية متكاملة ومترابطة.