البيانات وكيفية استخراجها من الشبكة الدلالية

البيانات وكيفية استخراجها من الشبكة الدلالية

إنها بالفعل ثورة تكنولوجية، وهي إحدى الثورات التي ستغيّر طريقة عمل الإنترنت بصورة راديكالية، وعلى الأرجح أن تُمسك بمعظم العالم بعيداً عن الحراسة. إنها تشمل «الشبكة الدلالية – Semantic Web»، وهي طريقة لتنظيم، وعرض محتوى الإنترنت ليس على شكل وثائق، ولكن كبنود من البيانات المترابطة من حيث المعنى، والعلاقة.
وإن نسبة مئوية مرتفعة بصورة كبيرة من الناس الذين يعملون في النشاطات العملية لم تسمع من قبل بالشبكة الدلالية، التي تنذر بعجزها عن مركزة مؤسساتها من أجل التكيّف مع دلالاتها أو استغلال فرصها.
وتم تصوّر الشبكة الدلالية قبل نحو 15 عاماً من قبل السير تيم بيرنيرز لي، مبتكر الشبكة العالمية – WWW، ويتم تطويرها ضمن اتحاد الشبكة العالمية – World Wide Web Consortium – W3C، الذي يوجهه بيرنيرز لي. وبالفعل، تم تشفير نحو 23 مليار علاقة بيانات منذ عام 2000، (ما يزيد على نصفها تم تشفيرها خلال العام الماضي وحده)، باستخدام بروتوكول يُدعى «إطار وصف الموارد - Resource Description Framework - RDF.
إن هذه الأجزاء من البيانات التي تشكّل الوثائق المرتكزة إلى تشفير HTML والتي نراها في وقتنا الراهن لا تعني (لعدم وجود مصطلح أفضل لوصفها) بالعلاقات مع الأجزاء الأخرى من البيانات الموجودة على الوثيقة (أو البيانات في وثائق أخرى). إن الشبكة الدلالية على أي حال، مبنية على معايير وبروتوكولات تحدد بوضوح علاقة كل بند بالبنود الأخرى، وليس فقد داخل الوثيقة نفسها، ولكن أينما كان هذه البيانات على الشبكة بأكملها. وفي الوقت الحاضر، على الناس أن يخوضوا فيها، وأن يلتمسوا الحس المنطقي من نتائج البحث. وعلى الشبكة الدلالية أن تمكن الكمبيوترات من التفاعل مع الكمبيوترات الأخرى لجمع بنود البيانات الحساسة بدقة للأسئلة المحددة بصورة بالغة.
افترض أنك مهتم بالإشارات العدة في أدب شكسبير. فبينما البحث التقليدي سيعود عليك بآلاف الوثائق المنفصلة، التي عليك بعدئذٍ أن تفتشها بدقة للبحث عن المواد التي تريدها بالضبط، فإن وضع سؤال على محرك بحث على الشبكة الدلالية سيستخرج البيانات من تلك الآلاف من الوثائق، ويجمع مجموعة منفردة، ومتناسبة من كافة المراجع ذات العلاقة.
وهذا يعني، من بين الأمور الأخرى، أن محركات البحث المتوافرة اليوم (ونماذج النشاطات العملية التي تدعمها) لابد من إعادة تجهيزها ثانيةً بالأدوات، أو استبدالها بهدف العمل على الشبكة الدلالية. ففي العالم المجهّز ثانية بالأدوات، يمكن للمستخدمين بسهولة تكرار الأداء الوظيفي، والمرونة الكاملة للأمام لموقع الفيسبوك، ومايسبيس، أو لينكدإين، باستخدام نهج مفتوح مرتكز على إطار وصف الموارد المعياري. وبالتالي، فإن الشبكة الدلالية ستحد من الوساطة، وتحيي سيطرة المعلومات الشخصية للأفراد الذين هم مالكوها الحقيقيون.
إن بائعي التجزئة على الإنترنت، ومتاجر الموسيقى، ووكلاء السفر، ومواقع الألعاب، وناشري الإعلام، وغيرهم من الأعداد الوفيرة بحاجة إلى استيعاب دلالات العيش في عالم ناشئ بصورة سريعة للبيانات المفتوحة والمترابطة. وعلى قادة النشاطات العملية أولا فهم ما يدور من حولهم، وأن يتأكدوا من أن هنالك شخصاً في مؤسستهم مهتما بقضايا الشبكة الدلالية، ويأخذ دلالتها بعين الاعتبار.
وإذا سألت الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في شركتك عن الشبكة الدلالية، ونظر أو نظرت إليك بانشداه، عندها تكون قد وقعت في مشكلة. وسيكون على فريقك التكنولوجي أن يبتكر خريطة طريق هندسية للشبكة الدلالية على مدار الأعوام الثلاثة أو الخمسة المقبلة، وأن يتعهد بالعمل الصعب للانتقال.
ربما الأهم من ذلك، أن تحاول النظر إلى الشبكة الدلالية من وجهة نظر زبائنك. فلن يهتموا بلقبها، ولكن فقط بما يمكنها أن تقوم به. وإن تجربة الزبائن المعززة الناتجة عن الخدمات التي ترسم شبكة عالمية من البيانات المترابطة إلى حدٍ كبير سوف تتخلى عن العديد من مواقع الشبكة التي تُعتبر اليوم الأفضل في فئتها.

* توم إليوب مؤسس مشارك، والرئيس التنفيذي لجارليك، وخدمة إدارة الهويات على الإنترنت مقرها المملكة المتحدة. ولُقّب بالرائد التكنولوجي في المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2008.

الأكثر قراءة