خبير اقتصادي: لا سيطرة على التضخم في المملكة دون معالجة الإسكان
رسم كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي جون سفاكياناكيس أمام جمع من الكتاب والاقتصاديين السعوديين يوم الأحد الماضي صورة شبهها بـ «الجوية» لمسار الاقتصاد السعودي في المرحلة المقبلة منتهيا إلى وصفه بـ «صحو طوال العام إلى غائم جزئي»، ولكن «غير ممطر»، وذلك بعد مرور نحو عام على اندلاع الأزمة المالية العالمية، فيما كان عدد من الدول المجاورة في الصورة يغلب عليها الغيوم الممطرة بفعل تداعيات الأزمة.
الخبير الاقتصادي الذين فتح مع العشرات من الاقتصاديين السعوديين نقاشا ساخنا، حول شكل الاقتصاد السعودي في المرحلتين الراهنة والمقبلة، ضمن ندوة خاصة نظمها «نادي الاقتصادية الصحفي»، قال إن اللغة الاقتصادية «لغة الأرقام» التي ينتجها الاقتصاد السعودي جيدة ومريحة رغم أنها ليست ممتازة، خصوصا على مسار أداء القطاع الخاص، طارحا مكامن الخلل - حسب رأيه - وسبل معالجته.
وتنبأ كبير الاقتصاديين في «السعودي الفرنسي» بأن التضخم سيعود إلى النمو في المملكة بدءا من منتصف 2010 تبعا لتحركات المستهلكين، وقال» هذا طبيعي.. ولديّ اعتقاد أن التضخم المستورد أقل مما يصوره بعض الاقتصاديين.. بل لدي قناعة أن المملكة يمكن أن تتعامل مع كل عناصر التضخم باستثناء عنصرين مهمين هما الإسكان والتوظيف.. إن معالجة مشكلة الإسكان كفيلة بخفض التضخم إلى مستويات مقبولة».
في مايلي مزيد من التفاصيل:
رسم مدير عام وكبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون سفاكياناكيس أمام جمع من الكتاب والاقتصاديين السعوديين يوم الأحد الماضي صورة ''جوية'' لمسار الاقتصاد السعودي في المرحلة المقبلة منتهيا إلى وصفه بـ ''صحو طوال العام إلى غائم جزئي''، ولكن ''غير ممطر''، وذلك بعد مرور نحو عام على اندلاع الأزمة المالية العالمية، فيما كان عدد من الدول المجاورة في الصورة يغلب عليها الغيوم الممطرة بفعل تداعيات الأزمة.
الخبير الاقتصادي الذين فتح مع العشرات من الاقتصاديين السعوديين نقاشا ساخنا، حول شكل الاقتصاد السعودي في المرحلة الراهنة والمقبلة، ضمن ندوة خاصة نظمها '' نادي الاقتصادية الصحفي''، قال إن اللغة الاقتصادية '' لغة الأرقام'' التي ينتجها الاقتصاد السعودي جيدة ومريحة رغم أنها ليست ممتازة، خصوصا على مسار أداء القطاع الخاص، طارحا مكامن الخلل ـ حسب رأيه ـ وسبل معالجته.
#2#
#3#
ودعا في هذا الصدد الخبير الاقتصادي السلطات المالية والنقدية السعودية إلى انتهاج أسلوب مجموعة العشرين في التعامل مع التطورات المالية والنقدية في البلاد على اعتبار أن المملكة باتت عضوا في أهم مجموعة اقتصادية في العالم، ويجب أن تكون سياستها وأرقامها المالية والنقدية واضحة للعيان.
قال سفاكياناكيس إن الاقتصاد السعودي في مرحلة الشكل «U» وليس V، وإن المحرك الرئيس لهذا الشكل هو إيرادات النفط التي تشكل ثقلا كبيرا في اقتصاد المملكة، وزاد'' استفادت المملكة من الهدوء الكبير الذي تعاملت به عندما هبطت أسعار النفط إلى مستوى 36 دولارا بداية العام.. ولم تستجب للأصوات التي طالبت بمزيد من خفض الإنتاج.. فكانت المحصلة أن عادت أسعار النفط إلى المستويات التي حددتها المملكة كأكبر مصدر للنفط في العالم ''أسعارا معقولة'' إلى مابين 60 و80 دولارا.. وهذا انتصار حكيم وعظيم''.
وقسم سفاكياناكيس استعراضه للاقتصاد السعودي إلى عدة جبهات، منطلقا من النفط وأثره في الاقتصاد السعودي.. وهنا أضاف'' أود التأكيد أن المملكة ستحقق هذا العام فائضا في الميزانية حتى وإن ظل متوسط الأسعار عند 65 دولارا للبرميل.. وفي هذه النقطة أود التحذير من بعض التوقعات الدولية التي تشير إلى أن النفط سيتجاوز المائة دولار في 2010.. لن يفعل ذلك''.
حذر الخبير الاقتصادي من الأضرار التي ستلحق بالاقتصاد الوطني من جراء استمراره في الاعتماد على النفط كدخل رئيسي، ونمو حجم استهلاك المملكة من الطاقة، مشيرا إلى أن السعودية تستهلك يوميا 2.1 مليون برميل من الوقود يوميا .. وتساءل هنا'' ماذا ستصنع السعودية عندما يصبح عدد سكانها 50 مليون نسمة في 2030 بحسب الإحصائيات.. على المدى البعيد هناك خطر حقيقي من هذا الاستهلاك للطاقة''.
انتقل سفاكياناكيس بعد ذلك إلى تداعيات الأزمة على العالم العربي فرسمها في صورة جوية حيث كانت الغيوم ممطرة في بعض الدول الخليج المجاورة وممطرة مع عواصف في دولة مثل اليمن بحكم الوضع السياسي، فيما كانت صافية تماما في سورية لعدم ارتباطهما بالاقتصاد العالمي أصلا، وصحوة على المملكة طوال العام باستثناء الغيوم المحملة بالأمطار غير الممطرة بفعل الأثر الذي تركه تعثر بعض الشركات العائلية.
وقال هنا'' لقد أثر ذلك في مستوى موثقية الاقتصاد المحلي بين أوساط البنوك الدولية بطريقة أو أخرى.. كما أنه رفع من حالة التردد والتأهب بين البنوك المحلية في مسألة الإقراض رغم عدم معاناة القطاع المصرفي السعودي من أي شح في السيولة''.
عرج الخبير بعد ذلك على قطاع السوق المالية السعودية والذي قال إنه لا يزال يعيش تحت وطأة '' صدمة 2006'' والتي وصفقها بالقوية بعد أن نتج عنها انسحاب مئات الآلاف من صغار المتعاملين اليوميين من السوق، وأضاف'' السيكولوجيا عنصر مهم في هذا السوق.. وفي أداء الاقتصاد السعودي.. ولعل أحداث جازان خير دليل فقد أفقدت السوق في أول يوم 1.5 من قيمته..''.
السياسة النقدية للمملكة كانت محط إعجاب سفاكياناكيس فقال عنها'' أجزم أنها النجمة التي أضاءت طريق المملكة خلال عاصفة الأزمة.. لن أتحدث عن رأيكم في ارتباطها بالدولار الضعيف أو أن ذلك إنقاذ للعم سام.. أو أنها السبب في التضخم..إنها نجمة ..الحفاظ على سيولة عالية للأوقات الصعبة ورؤية مستقرة سياسة حكيمة..''.
وهنا تنبأ كبير الاقتصاديين في ''السعودي الفرنسي'' أن التضخم سيعود إلى النمو في المملكة بدءا من منتصف 2010 تبعا لتحركات المستهلكين، وقال'' هذا طبيعي.. ولدي اعتقاد أن التضخم المستورد أقل مما يصوره بعض الاقتصاديين.. بل ولدي قناعة أن المملكة يمكن أن تتعامل مع كل عناصر التضخم باستثناء عنصرين مهمين هما الإسكان والتوظيف.. إن معالجة مشكلة الإسكان كفيلة بخفض التضخم إلى مستويات مقبولة''.
وتابع'' إن مزاحمة ملايين العمال الأجانب للسعوديين على الوظائف إشكال حقيقي لم تتم معالجته بصورة فاعلة حتى الآن..إن تحويلات نحو ثمانية ملايين عامل فاقت 85 مليار ريال سنويا وهي أرقام تكفي لبناء دول..ولعل سيطرة بنجلادش على حصة كبيرة من هذا الرقم خير دليل على ما يمثله من ثقل مقارنة بميزانية تلك الدولة..'' واتفق بحماسة مع الطرح القائل إن قطاع الخدمات في المملكة يكاد يكون '' مختطفا'' من قبل العمالة الأجنبية إذ إن نسبة السعوديين فيه ضعيفة ومقتصرة على قطاعات معينة منها الاتصالات.
الوحدة النقدية الخليجية كانت ضمن أهم النقاط التي أشعلت سجالا بين الاقتصاديين والخبير، بعد أن قال ''هناك طريق طويل نحو العملة الخليجية واحتمال طرحها سيكون بعد ثلاث إلى أربع سنوات، مؤكدا أن العملة الموحدة ستجعل الاقتصاد الخليجي قوة ضاربة ومنافسا بامتياز''.
بعد استعراض ساخن ومشوق فتح الخبير المجال للكتاب والاقتصاديين السعوديين المجال للاستفسار الذي تحول في بعض جوانبه إلى تصحيح أو اعتراض، ما زاد اللقاء حيوية وفائدة أكدها معظم الحاضرين.
حيث انبرى له عدد من الحضور للتأكيد على أن الضرر الناتج عن ارتباط المملكة بالدولار كعملة ربط ومسعر للنفط السعودي أكبر من الفوائد الناجمة عنها، مشيرين في هذا الجانب إلى الأضرار التي طالت الريال السعودي وتراجع قيمته خلال الفترة الماضية، ومساندة للعوامل الأخرى في رفع التضخم.
فيما ناقش آخرون مسيرة الوحدة النقدية الخليجية، مؤكدين أن رؤيتها وأهدافها واضحة, وأنها هدف نبيل لنقل الاقتصاد الخليجي نحو مرحلة أقوى على الصعيد الإقليمي والعالمي.في المقابل اتخذ بعض الاقتصاديين جانب الخبير المحاضر في التأكيد على أن مشكلة العمالة باتت من أهم المخاطر التي قد تضر بالاقتصاد السعودي مستقبلا، إلى جانب أن الإسكان معضلة لا تزال عالقة..واستمروا في تجاذب الحديث حول العديد من النقاط التي طرحها الخبير.