أولوية الشركات البحث عن تحقيق النتائج الرقمية المستهدفة

أولوية الشركات البحث عن تحقيق النتائج الرقمية المستهدفة

لودو فان دير هايدن، أستاذ التكنولوجيا وإدارة العمليات ومدير برنامج الإدارة المتقدمة.
- توماس لمبيرج، طالب دكتوراه في كلية لايبزيج تحت إشراف الدكتور هايدن.

إن تحقيق أهداف العوائد الرقمية يعد أمراً بالغ الأهمية في كثير من الشركات الحديثة. ولكن كلما زاد تركيز المديرين على ما يحققونه من أهداف في هذا الإطار، قل اهتمامهم بالطريقة التي يحققون فيها ذلك. وتظهر الأبحاث الحديثة مدى أهمية العملية العادلة في تحقيق الإنجازات.
وهنالك شركات تكون أولويتها المتقدمة متمثلة في تحقيق النتائج المحددة بالأرقام، حيث ترى أن من واجب الإدارة التحديد الدقيق لتلك الأهداف الرقمية، وتزويد العاملين بالأدوات التي يحتاجون إليها في سبيل تحقيق تلك الأهداف.
من الجانب الآخر، نجد شركات ترى أن عملها يتعلق بجعل الناس الذين يتأثرون بقراراتها مشاركين في بيئة العمل، والمناقشات المفتوحة والنزيهة، حيث يمكن أن تبرز وسائل وطرق بديلة لإنجاز مهام النشاطات العملية. كما يتم في مثل هذه الشركات المنفتحة من الجانب الإدراي اقتراح خطوات التقدم إلى الأمام. وتشرح هذه الشركات آثار قراراتها المتوقعة لجميع الأطراف ذات العلاقة بتلك القرارات. وحين تنتهي مرحلة النقاش، يبدأ جميع المعنيين بالأمر في التنفيذ بصورة جادة، وبخطوات مدروسة. وتتم كذلك عمليات تقييم مرحلي متعددة للإنجازات، حيث يتم التعرف على أخطاء التنفيذ، وتتخذ بالتالي القرارات المناسبة لتصحيح المسيرة العملية، وإحداث كل التغيرات التي يتطلبها الموقف بأسلوب يتم تصميمه بهدف تجنب الوقوع في الأخطاء ذاتها مرة أخرى في المستقبل.
وإن مفهوم العدالة مفهوم متركز في الطبيعة البشرية، حيث إن الرد الطبيعي على التعامل العادل هو تصرف عادل، بينما الرد على عدم العدالة يكون في الغالب شعور في الرغبة بالقيام بتصرفات عدائية، بل والقيام بذلك في كثير من الأحيان. والحقيقة هي أن وجود العدالة هو الذي يعمل على توليد وترسيخ مفاهيم الثقة في ممارسة النشاط العملي. وإن من شأن وجود العدالة، وما ينجم عنها من ثقة، تعزيز روح العمل من خلال الفريق، وتشجيع روح الالتزام الجماعي في الأداء والإنجاز. وهذه الروح إنما هي العمود الأساسي لتحقيق الإنجاز رفيع المستوى.
وهنالك أهمية اقتصادية خاصة للتفاعل بين العدالة والثقة في إطار من الاستجابة الإنسانية السليمة، وذلك من حيث تأثير هذين العاملين في التعاون بين بني البشر. ويصبح الناس على استعداد للمخاطرة المحسوبة في ظل تفاعل هذين العاملين الإيجابيين. ومن شأنهما، في ظل بيئة إدارية سليمة للنشاطات العملية، تحريك حافز استثمار مزيد من الأموال والطاقات لتحقيق نتائج أفضل بصورة دائمة. ويميل الناس إلى الانكفاء، والابتعاد، والعزلة، إذا ما غابت أجواء الثقة والعدالة، بل قد يلجأ البعض، كرد فعل على ذلك، إلى القيام بأعمال تخريبية عن قصد مسبق.
من هنا نجد أن قضية العدالة في التعامل لاتزال تثير الكثير من الاهتمام في أوساط الباحثين التنظيميين. وأثبت كل من ثيباوت، وووكر في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، أن التوقعات الخاصة بالعدالة هي التي تحكم مدى قبول الأطراف المعنية بالأحكام القضائية، أو رفضهم لها. وعمل لينثال في الثمانينيات من القرن الماضي على توسيع هذه النتائج. وتوالت الأبحاث بعد ذلك، حيث قطعت خطوات واسعة بعد عام 1911 بوضع نماذج خاصة تصف ما يؤدي إليه انعدام العدالة والثقة من مشكلات للشركات ذات العلاقة، من حيث سوء الأداء، وتوتر أجواء العمل.
ويمكن تلخيص مفهوم العدالة في العمل في :
اتساق الإجراءات بين الأشخاص، والابتعاد عن التحيز المقيت.
الشفافية التي تتعلق في هذا الإطار بالشرح الكامل لعملية اتخاذ القرار، والمنطق الذي يقف وراء تلك العملية.
مشاركة أولئك الذين يمكن أن يصلهم أثر القرارات، واحترام آراء، ووجهات نظر الأطراف الأخرى، وجعل صوت تلك الأطراف مسموعاً، وإتاحة الفرصة الكاملة أمامها إذا كان لديها من المقترحات التي تعمل في كثير من الأحيان على تغيير القرارات.
إتاحة إمكانية التعديل والتصحيح على الدوام، وهو الأمر الذي يمكن أن يحدث نتيجة لبروز معلومات جديدة.
الحرص دوماً على الجوانب الأخلاقية، واستمرار انسجام القرارات والعمليات مع المبادئ الأخلاقية الرفيعة.
وهنالك تفاعل يتم بين تصميم الخطط، واتخاذ القرارات، وممارسة التنفيذ، حيث تمر عملية العدالة بعدة خطوات تتعلق بالرؤية والمشاركة، وتحديد الأطر، أولاً، ثم الانتقال إلى مرحلة الاستكشاف، وتفحص الخيارات، واستبعاد غير الصالح منها، ثم نصل بعد ذلك إلى مرحلة اتخاذ القرارات، والتفسير، وتحديد التوقعات. وأما المرحلة الرابعة، فتتعلق بالتنفيذ، ثم نصل في النهاية إلى مرحلة التقييم، والتعلم، وتبني الأفكار، والتكيف.
إن العدالة تساعد في إصباغ صفة العدل على النتائج، الأمر الذي يساعد على الابتعاد عن الخلافات والصراعات حول من يحصل على ماذا، وكم يجب أن يكون نصيبه من نتائج العمل. ومن الأمور المساعدة على انسجام هذه العملية الحرص على توضيح وتحديد التوقعات في مرحلة مبكرة، بحيث يعرف الجميع بصورة دقيقة من يجب أن يفعل ماذا. ويقال في هذا المقام إنه بينما تتولى المعامل صنع المنتجات، فإن العمليات العادلة تصنع وترسخ المفاهيم العميقة للثقة. وبالتالي فإن العمليات العادلة تعد أمراً في صميم التعاون الفعال. ومع ذلك، فإن كثيراً من مديري الشركات يواصلون مقاومتهم للعمليات العادلة.
وإذا كانت العملية الإنتاجية تتم على عدة مراحل، فإن من الضروري إجراء بعض التقييم لمسيرة العمل بعد كل مرحلة، وذلك من خلال فرق عمل، أو لجان إدارية وعملية خاصة بهذه الأمور. ووجدت الأبحاث ذات العلاقة بالتسلسل الإداري أن عقد اجتماعات تنسيقية بين اللجان المتعددة يفيد كثيراً في تحقيق درجة الانسجام الكامل في عمليات الإنتاج، سواء تعلق الأمر بإنتاج البضائع، أو الخدمات.
غير أن الأمر الأهم هو شعور المشاركين في عمليات الإنتاج بجو من العدالة التي هي المكون الرئيسي لترسيخ الثقة، والتعاون المثمر.
والحقيقة هي أن كل هذه المفاهيم ليست مجرد دعوات إلى الكمال، ولكنها أمور ضرورية على صعيد الحياة العملية. ولابد من تحقيق الانسجام في جميع مراحل عمليات الإنتاج، والتزويد، حيث أثبتت التجارب أن المبالغة في بعض الأحيان في إدخال تحسينات على المنتجات، بأكثر مما يتوقعه الزبائن، أدت إلى نتائج عكسية تماماً على صعيد المبيعات.
إن الشعور بالعدالة أمر مهم لتعزيز الثقة، حيث تعملان جميعاً على زيادة مستوى الانسجام، الأمر الذي يصب في تحقيق أهداف الشركات، مع المحافظة على بيئة من العلاقات المتعاونة والمتوازنة.

الأكثر قراءة